زعيم حركة "إم 23" (23 مارس) الثورية المعارضة في جمهورية الكونغو الديمقراطية، ولد عام 1972 في مدينة بوكافو شرق البلاد، درس القانون في مدينة غوما وتخرج محاميا. شارك في عدد من حركات التمرد ضد حكم الرئيس الراحل موبوتو سيسي سيكو الذي استمر 32 عاما، ثم ضد حكومتي لوران ديزيريه كابيلا وجوزيف كابيلا.

انتخب رئيسا لحركة "إم 23" عام 2013، وهي حركة سياسية عسكرية كونغولية تأسست في 6 مايو/أيار 2012، بعد إخفاق تنفيذ اتفاقية السلام الموقعة في 23 مارس/آذار 2009 بين الحكومة الكونغولية والمتمردين.

بعد هزيمة قواته في نوفمبر/تشرين الثاني 2013 على يد الجيش الكونغولي، مدعوما بلواء التدخل التابع للأمم المتحدة هرب إلى أوغندا وعاش في المنفى بمدينة كمبالا، ثم ما لبث أن استأنف القتال ضد حكومة كينشاسا عام 2021.

تقدمت قواته عام 2024 في مناطق شاسعة شرق الكونغو، واستولت في يناير/كانون الثاني 2025 على مدينة غوما، الواقعة على الحدود مع رواندا، والتي يفوق عدد سكانها مليون نسمة.

وبينما تتهمه حكومة كينشاسا بتلقي الدعم من الحكومة الرواندية لزعزعة استقرار البلاد، يقول بيسيموا إن حركته تقاتل من أجل الحفاظ على حقوق المواطنين من قبائل التوتسي وضمان مساواتهم مع بقية المواطنين.

الولادة والنشأة

ولد برتراند بيسيموا في سبتمبر/أيلول 1972 بمدينة بوكافو الواقعة شرق جمهورية الكونغو الديمقراطية وهي عاصمة إقليم كيفو الجنوبي.

ينحدر من قبائل موشي، ولا يعرف الكثير عن عائلته وظروف نشأته.

المسار التعليمي

درس القانون في مدينة غوما، عاصمة إقليم كيفو الشمالي، في شرق البلاد، وتخرج محاميا.

إعلان التجربة السياسية والعسكرية

انضم عام 1996 إلى تحالف القوى الديمقراطية من أجل تحرير الكونغو، وهو التحالف الذي خاض تمردا أنهى حكم موبوتو سيسي سيكو، الذي استمر 32 عاما (1966-1997).

في عام 1998 انضم إلى التجمع الكونغولي من أجل الديمقراطية، الذي تمرد ضد حكومتي لوران ديزيريه كابيلا الأب (1997-2001)، ثم جوزيف كابيلا الابن (2001-2019).

التحق بعد ذلك بمنظمة المؤتمر الوطني للدفاع عن الشعب، بزعامة الجنرال لوران نكوندا، الذي انشق عن الحكومة الكونغولية عام 2004، وأعلن الحرب ضدها بعد المجازر التي ارتكبت في حق عرقية التوتسي التي ينتمي إليها.

تولى بيسيموا مهمة المتحدث الرسمي باسم المؤتمر الوطني للدفاع عن الشعب، ثم انضم لاحقا إلى حركة "إم 23″، التي تأسست في 12 أبريل/نيسان عام 2012، وهي حركة سياسية عسكرية كونغولية تضم خلفيات عرقية متنوعة.

مسلحون من حركة "إم 23" في مدينة غوما شرق الكونغو الديمقراطية (أسوشيتد برس)

والحركة واحدة من مكونات تحالف أكبر يدعى تحالف نهر الكونغو، وانشقت عن المؤتمر الوطني للدفاع عن الشعب، وكانت رد فعل على إخفاق تنفيذ اتفاقية السلام الموقعة في 23 مارس/آذار 2009 بين الحكومة الكونغولية والحركات المسلحة.

انتخب في 7 مارس/آذار 2013 رئيسا للحركة عقب مؤتمرها الذي عقد في منطقة بوناجانا على بعد 60 كيلومترا شمال شرق غوما، وخَلَف جان ماري رونيجا، الذي أقيل من أسبوعين قبل انعقاد المؤتمر، في حين تولى سلطاني ماكينجا مهام القائد العسكري للحركة.

في نوفمبر/تشرين الثاني 2013 تعرضت الحركة لهزيمة قوية على يد الجيش الحكومي المدعوم من لواء التدخل التابع للأمم المتحدة، وانسحب مع قواته إلى أوغندا عبر معبر بوناجا الحدودي وعاش في المنفى بمدينة كمبالا.

وأعلن برتراند حينها في بيان أنه أمر كافة قوات "الجيش الثوري الكونغولي" بالوقف الفوري للمعارك مع الجيش الجمهوري لمنح فرصة لمحادثات السلام مع الحكومة.

إعلان

جرت محادثات سلام بين الحركة والحكومة الكونغولية في أوغندا انتهت بالتوصل إلى اتفاق سلام تم توقيعه في 12 ديسمبر/كانون الأول 2013 في نيروبي عاصمة كينيا وتوقفت الحركة على إثره عن القتال، غير أن تنفيذ بنود الاتفاق تم بوتيرة بطيئة.

اتهم بيسيموا الحكومة في كينشاسا بنسيان سكان شرق الكونغو والفساد ومنع السلام والتنمية في البلاد.

وفي عام 2021 عادت الحركة بقوة إلى المشهد السياسي بعد أن استولت على مناطق عدة في شرق البلاد، وقالت إن تحركاتها العسكرية جاءت ردا على هجمات تعرضت لها مواقعها من القوات الحكومية.

ارتفعت وتيرة الأنشطة المسلحة لحركة "إم 23" في عام 2022، إذ تضاعفت مساحة المناطق التي سيطرت عليها 3 مرات بين مارس/آذار وديسمبر/كانون الأول من العام نفسه.

وأدت المواجهات المسلحة بين الحركة والحكومة إلى نزوح نحو 1.5 مليون شخص وفق المنظمة الدولية للهجرة.

برتراند بيسيموا ولد في مدينة بوكافو شرق جمهورية الكونغو الديمقراطية (الفرنسية) عقوبات ومحاكمات

في يونيو/حزيران 2024 فرض مكتب مراقبة الأصول الأجنبية التابع لوزارة الخزانة الأميركية عقوبات مالية على بيسيموا بدعوى دوره في "زعزعة استقرار إقليم شمال كيفو الكونغولي والمسؤولية عن انتهاكات حقوق الإنسان".

في 10 أغسطس/آب 2024، أصدرت المحكمة العسكرية في كينشاسا، حكما غيابيا بالإعدام في حقه إلى جانب 25 شخصا بينهم كورني نانغا، رئيس اللجنة الوطنية للانتخابات سابقا، والذي شارك في تأسيس حركة "تحالف نهر الكونغو"، وسلطاني ماكينغا القائد العسكري للحركة، والمتحدثين باسمها ويلي نغوما ولورنس كانيوكا.

ووجهت له المحكمة تهم الخيانة وارتكاب جرائم حرب والمشاركة في حركة متمردة، وأدانته بالتورط في الهجوم على مخيم للاجئين بالقرب من مدينة غوما في شهر مايو/أيار 2024، قتل فيه نحو 30 مدنيا وفق ما أعلنت عنه السلطات الكونغولية.

إعلان

في يناير/كانون الثاني 2025، اتهم بيسيموا في حوار مع الجزيرة نت الحكومة بالمسؤولية عن استمرار القتال، ودعا إلى حوار مباشر بين حركته والحكومة الكونغولية للتوصل إلى حل دائم للصراع، وذلك في إطار اتفاق السلام الموقع في نيروبي.

وبينما تتهمه الحكومة بتلقي الدعم من رواندا لزعزعة استقرار البلاد والسيطرة على مناجم المعادن النادرة المستخدمة في صناعة الإلكترونيات الدقيقة في شرق البلاد، قال بيسيموا إن حركته تأسست للدفاع عن حقوق مواطني قبائل التوتسي الذين تعاملهم الحكومة وكأنهم مواطنون من الدرجة الثانية.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات الکونغو الدیمقراطیة الحکومة الکونغولیة شرق البلاد مدینة غوما مارس آذار للدفاع عن فی مدینة

إقرأ أيضاً:

لماذا دفعت السفارات الغربية في الكونغو الديمقراطية ثمن سقوط غوما؟

تشهد أزمة شرق الكونغو الديمقراطية منذ أيام تطورات سريعة وخطيرة شملت قطع الحكومة الكونغولية علاقاتها مع رواندا؛ فقد زحف مقاتلو حركة "مارس 23" (أو "إم 23") المتمردة إلى غوما -عاصمة وأكبر مدينة في مقاطعة شمال كيفو في المنطقة الشرقية من الكونغو الديمقراطية- واستولوا على مطارها بعد هجومٍ خلف جثثاً في الشوارع، وخرج شباب كونغوليون محتجين فهاجموا سفارات دول مختلفة. ويشكل هذا التطور التصعيد الأسوأ منذ عام 2012 للصراع المستمر منذ ثلاثة عقود بسبب تداعيات الإبادة الجماعية في رواندا والصراع من أجل السيطرة على الموارد المعدنية الثمينة في الكونغو الديمقراطية.

تصعيد خطير للصراع

تكمن خطورة استيلاء متمردي حركة "إم 23" على غوما في موقع المدينة الاستراتيجي؛ إذ هي واقعة قرب الحدود الرواندية وتؤدي دورا بالغ الأهمية كمركز للتجارة والمساعدات الإنسانية. وقد أدى الاستيلاء عليها إلى تصاعد المخاوف بين السكان البالغ عددهم نحو مليونين، كما عطل الخدمات الأساسية، كالكهرباء والمياه والإنترنت مع وقوع أعمال نهب وجرائم أخرى.

ويضعف استيلاء المتمردين على غوما سيطرةَ الحكومة الكونغولية على الوضع في شرق الكونغو الديمقراطية، كما يحدّ من تحكّمها في عمليات التعدين والاقتصادات في المنطقة، الأمر الذي يعزّز إمكانية تحالف حركة "إم23" مع جماعات مسلحة أخرى لإجبار الحكومة الكونغولية على الإذعان لشروطها، كما سيمنح الحركة المتمردة الفرصة لتعزيز عائداتها عن طريق التعدين أو التجارة غير المشروعة في الكولتان والذهب، عبر الدول المجاورة التي تدعمها.

إعلان

سقوط غوما كذلك، يزيد من احتمال زحف المتمردين نحو "بوكافو" – ثاني أكبر مدينة في شرق الكونغو الديمقراطية – أو أجزاء أخرى من شرق البلاد. في ضوء فشل الجيش الكونغولي (رسميا القوات المسلحة للكونغو الديمقراطية) حتى الآن في صد المتمردين رغم الدعم الذي يحصل عليه من القوات الإقليمية والميليشيات المحلية الموالية للحكومة.

وفي ضوء اعتبار الحكومة الكونغولية أن توغل حركة "إم 23" في أراضيها هو بمثابة "إعلان حرب" من جانب رواندا التي تتهمها بدعم الحركة، فإن دولتي أوغندا وبوروندي، المجاورتين والطامعتين في مصالح عسكرية بشرقها، قد تقدمان على اتخاذ موقف عسكري في المنطقة، وهو ما قد يزيد من رقعة الصراع والتصعيد العسكري الإقليمي.

ويمكن إدراك العامل الإقليمي لهذا التطور في سياق أن القوة الإقليمية لجماعة شرق إفريقيا، التي نُشِرت بين نوفمبر 2022 وديسمبر 2023 لتحقيق الاستقرار في شرق الكونغو الديمقراطية، لم تتمكن من احتواء القتال. بينما بدأ العديد من الكونغوليين اليوم ينتقدون ما يرونه عدم فاعلية من بعثة "مجموعة تنمية الجنوب الإفريقي" (سادك) منذ نشرها.

فسقوط غوما بيد المتمردين وقع بعد أن قرّرت "سادك" في نوفمبر الماضي تمديد مهمتها في الكونغو الديمقراطية لمدة عام. وفي يناير من هذا العام قُتِل تسعة من قوات حفظ السلام الجنوب أفريقية بعد يومين من القتال العنيف مع متمردي "إم 23" في غوما. وكان سبعة من المقتولين جنودا من قوة "سادك"، بينما كان اثنان من بعثة حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة (مونوسكو). وأصبح مقتلهم موضوع نقاش وطني حادّ داخل جنوب إفريقيا، الأمر الذي يهدد بتوتر العلاقات بين جنوب إفريقيا والدول الإقليمية المتهمة بدعم المتمردين الذين يزعزعون استقرار شرق الكونغو الديمقراطية.

لماذا طالت الاحتجاجات سفارات بعينها؟

وإثر سقوط المدينة، خرجت مجموعات غاضبة من المحتجين أغلبهم من الشباب في كينشاسا عاصمة الكونغو الديمقراطية، فأحرقوا الأعلام وهاجموا سفارات رواندا وأوغندا وكينيا وفرنسا وبلجيكا وهولندا والولايات المتحدة. ولهذه المظاهرات والسفارات المستهدفة مؤشرات متعددة يمكن إيجازها في النقاط التالية:

رواندا وأوغندا والاتهام بدعم المتمردين:

إحراق المتظاهرين الأعلام الرواندية وصورَ الرئيس بول كاغامي نابع عن الاعتقاد السائد بأنه يدعم متمردي حركة "إم23". وهو الاتهام نفسه الذي كشفت الأمم المتحدة عنه وأكدت أن الجيش الرواندي "يسيطر بحكم الأمر الواقع على عمليات حركة إم 23" مع تدريب مجندي الحركة تحت إشراف رواندي وبدعم من أسلحة رواندية عالية التقنية. وفي حين تنفي رواندا تورطها في أزمة شرق الكونغو وترفض تهمة دعم حركة "إم 23″؛ فإن استيلاء الحركة على غوما يرجح كفة الاتهام، ليس فقط لأن غوما تقع على الحدود مع رواندا، بل لأن تقارير أخيرة أظهرت أن بعض جنود الجيش الكونغولي في غوما استسلموا يوم الاثنين بعبور الحدود إلى رواندا.

إعلان

ومن الملاحظ في الموقف الرواندي أنه تغيّر على مرّ السنوات الماضية من نفي التهمة إلى تبرير التدخل؛ إذ يرى الرئيس الرواندي "كاغامي" أن ميليشيا إثنية هوتو المتورطة في قتل حوالي 800 ألف شخص – معظمهم من إثنية التوتسي – أثناء الإبادة الجماعية الرواندية عام 1994 تستقرّ في الكونغو الديمقراطية، ويشكل بعضها حركة "القوات الديمقراطية لتحرير رواندا" المسلحة التي تسعى إلى الإطاحة بحكومة الرئيس "كاغامي". ولذلك يرى "كاغامي" -الذي ترأس قوة التوتسي التي أنهت عمليات الإبادة الجماعية- أن بقاء ميليشيا الهوتو قرب حدود رواندا يشكل تهديدًا وجوديًا لإدارته، الأمر الذي دفع حكومته لغزو الكونغو الديمقراطية مرتين بدعوى مكافحة المليشيا المتمردة.

من ناحية أخرى، فإن حركة "إم 23″، تقودها غالبية من توتسي (الإثنية نفسها التي ينتمي إليها "كاغامي"). ويمكن اعتبار حرق الكونغوليين للعلم الرواندي ومهاجمة سفارتها وقطع كنشاسا علاقاتها معها ردة فعل لجرأة كيغالي غير المسبوقة، وخاصة بعد مقتل الحاكم العسكري لشمال كيفو (الذي اتهمته رواندا بالتعاون مع "القوات الديمقراطية لتحرير رواندا" المسلحة) أثناء القتال الأسبوع الماضي.

كينيا وتصورات الانحياز:

ويعبر الهجوم على السفارة الكينية عن الشعور المتزايد في الكونغو الديمقراطية بانحياز كينيا إلى رواندا وأوغندا في الصراع، وخاصة أن تقريرا للأمم المتحدة في عام 2024 لوّح إلى احتمال دعم كينيا لمتمردي "إم23" أو حفاظها على صلة بالحركة. ويتوافق الرئيس الكيني "ويليام روتو" مع موقف رواندا من الأزمة، حيث صرّح في مايو 2024 أن الصراع لا يمكن حله إلا من خلال الحوار، وهو الموقف نفسه الذي يعبر عنه الرئيس الرواندي.

وقد ساهمت كينيا في جهود حفظ السلام في شرق الكونغو الديمقراطية؛ إذ نشرت أكثر من 900 عسكري في نوفمبر 2022 ضمن إطار "جماعة شرق إفريقيا". ومع ذلك قررت الحكومة الكونغولية عدم تجديد تفويض القوة الإقليمية بسبب اتهامات بعدم الفاعلية وانحياز بعض المشاركين فيها. ولذلك لم يكون من المستغرب أن دعت كينيا – بعد استيلاء حركة "إم23" على غوما – إلى عقد قمة طارئة لجماعة شرق أفريقيا في نيروبي، داعية الرئيسين الرواندي "كاغامي" والكونغولي "فيليكس تشيسكيدي" إلى التوصل إلى هدنة وإنهاء الصراع، ولكن الصحف المحلية في الكونغو الديمقراطية تقول إن الرئيس الكونغولي "تشيسكيدي" يرفض المشاركة في محادثات السلام مع نظيره "كاغامي".

إعلان السفارات الغربية وتكثيف الضغط:

تؤشر الهجمات على سفارات دول غربية إلى الرأي السائد في الكونغو الديمقراطية بأن الغرب لا يفعل ما يكفي لردع رواندا عن دعم حركة "إم 23" أو اختراق السيادة الكونغولية، وخاصة أن كثيرين يعتبرون الرئيس الرواندي حليفاً للغرب، ويتلقى دعما ماليا من الاتحاد الأوروبي للعمليات العسكرية الرواندية في موزمبيق في إطار جهود مكافحة الإرهاب.

ويرتبط هذا الرأي أيضا بحقيقة أن شرق الكونغو الديمقراطية محور رئيسي للمصالح الغربية بسبب ثرواتها المعدنية الوفيرة والبالغة الأهمية للصناعات الغربية مثل الإلكترونيات والمركبات الكهربائية. وقد واجهت الأنشطة الغربية في المنطقة انتقادات بسبب اتهامات حول استغلال الموارد، والفساد، والفشل في معالجة أسباب الصراع.

وعلى سبيل المثال:

يتهم الكونغوليون فرنسا بدعم رواندا. وقد يكون هذا مدفوعًا بالجهود التي تُبذَل منذ عام 2011 لإصلاح العلاقات الثنائية بين باريس وكيغالي، أو بسبب الدور المتنامي لرواندا في الأمن الإقليمي، والذي تجسد في مشاركتها العسكرية في موزمبيق، والعقود الأمنية اللاحقة مع شركات مثل "توتال إنيرجيز" الفرنسية. ومع ذلك، دعت فرنسا في العام الماضي رواندا إلى وقف أي دعم لمتمردي حركة "إم 23" وسحب قواتها من شرق الكونغو الديمقراطية. بل واتهمت كل من فرنسا وألمانيا في ديسمبر 2022 رواندا بدعم المتمردين المسلحين في شرق الكونغو المجاورة. وفي حالة بلجيكا، فقد كان تورطها في الكونغو الديمقراطية متعدد الأوجه لارتباطه بديناميكيات تاريخية ومعاصرة؛ إذ استعمرت بلجيكا الكونغو الديمقراطية منذ أواخر القرن التاسع عشر حتى عام 1960. وشهد الكونغو الديمقراطية بعد الاستقلال فترة اضطرابات سياسية لعب تدخل بلجيكا فيها -عبر الإجراءات العسكرية والتأثير السياسي – دوراً حاسماً في تشكيل مسار الدولة المستقلة. كما حافظت بلجيكا على مصالح اقتصادية كبيرة في الكونغو الديمقراطية، وخاصة في قطاع التعدين الذي تشارك الشركات البلجيكية في استخراج الموارد المعدنية الغنية.
واليوم، تعد بلجيكا من بين الدول الغربية التي تواجه اتهامات من الكونغوليين بدعم رواندا، حتى وإن كانت بلجيكا قد حثّت كيغالي على وقف جميع المساعدات المقدمة لـ "إم 23" وإقناع مقاتلي الحركة بالعودة إلى عمليات نزع السلاح وإعادة الإدماج. وامتنعت بلجيكا عن التصويت في الاتحاد الأوروبي على الموافقة على تقديم 20 مليون يورو كمساعدات للقوات الرواندية، مشيرة إلى مخاوف بشأن دور رواندا في شرق الكونغو الديمقراطية. كما اقترح سفير بلجيكا لدى الكونغو الديمقراطية أن تقدم كنيشاسا شكوى ضد رواندا أمام محكمة العدل الدولية بشأن انتهاكات الحدود ودعم تمرّد "إم 23". وتواجه الولايات المتحدة اتهامات مماثة بالتقاعس والتواطؤ والتنافس على المصالح الاقتصادية في شرق الكونغو الديمقراطية، وخاصة أن هناك مشاريع وتحركات أميركية في الشهور الأخيرة في منطقة حزام النحاس وممر لوبيتو. ومع ذلك، أعلنت واشنطن عن إدانتها للوجود غير القانوني للقوات الرواندية داخل الكونغو الديمقراطية، داعية كيغالي إلى إنهاء دعمها لحركة "إم 23″، ومؤكدة عن استعدادها لتأييد جهود السلام الإقليمية والمبادرات الرامية إلى حل الصراع. إعلان

وعلى ما سبق، فإن مهاجمة السفارات الغربية من قبل المحتجين الكونغوليين قد تضغط على الغرب للتحرك بشأن الصراع، دفاعا عن مصالحه التجارية والاقتصادية في الكونغو الديمقراطية. كما يسلط استيلاء متمردي حركة "إم 23" على مدينة غوما وما أعقبه من احتجاجات في كينشاسا، الضوء على مدى الارتباط بين المظالم المحلية وديناميكيات المصالح الإقليمية والدولية في أزمة شرق الكونغو الديمقراطية.

الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.

aj-logo

aj-logo

aj-logo إعلان من نحناعرض المزيدمن نحنالأحكام والشروطسياسة الخصوصيةسياسة ملفات تعريف الارتباطتفضيلات ملفات تعريف الارتباطخريطة الموقعتواصل معنااعرض المزيدتواصل معنااحصل على المساعدةأعلن معناابق على اتصالالنشرات البريديةرابط بديلترددات البثبيانات صحفيةشبكتنااعرض المزيدمركز الجزيرة للدراساتمعهد الجزيرة للإعلامتعلم العربيةمركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسانقنواتنااعرض المزيدالجزيرة الإخباريةالجزيرة الإنجليزيالجزيرة مباشرالجزيرة الوثائقيةالجزيرة البلقانعربي AJ+

تابع الجزيرة نت على:

facebooktwitteryoutubeinstagram-colored-outlinersswhatsapptelegramtiktok-colored-outlineجميع الحقوق محفوظة © 2025 شبكة الجزيرة الاعلامية

مقالات مشابهة

  • حركة"إم 23" تدعو حكومة الكونغو الديمقراطية للحوار المباشر
  • القتال في الكونغو الديمقراطية يثير «حالة طوارئ صحية»
  • وزراء خارجية مجموعة السبع يدينون هجوم حركة 23 مارس في شرق الكونغو الديمقراطية
  • وزراء خارجية مجموعة السبع يدينون هجوم حركة "23 مارس" في شرق الكونغو الديمقراطية
  • إم 23 تواصل زحفها شرق الكونغو الديمقراطية
  • المتمردون يخططون للتوجه إلى عاصمة الكونغو الديمقراطية
  • كيف يؤثر الصراع على المعادن في الكونغو الديمقراطية على دول المنطقة والعالم؟
  • مقتل المئات في الكونغو الديمقراطية جراء المعارك
  • لماذا دفعت السفارات الغربية في الكونغو الديمقراطية ثمن سقوط غوما؟