تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

أعلن تنظيم "حراس الدين" التابع لتنظيم القاعدة، حل نفسه في سوريا، عقب أكثر من شهر ونصف على سقوط نظام بشار الأسد. وقال التنظيم في بيان له صادر في ٢٤ يناير ٢٠٢٥، إن "الثورة السورية المباركة انطلقت من مساجد المسلمين، وصدحت حناجرهم بعبارات إسلامية تدفع الظلم عن المظلومين في وجه سلطان جائر ظالم".

 

وأضاف أن "أبناء تنظيم قاعدة الجهاد هبوا لنصرة أهل الشام، ومساندتهم في إزاحة الظلم عنهم، حتى أذن الله أن ينتصر هذا الشعب المسلم السني على طاغية من أظلم طواغيت العصر الحديث، ما يعلن عن اكتمال مرحلة من مراحل الصراع بين الحق والباطل".
وتابع البيان: "نظرا لهذه التطورات على الساحة الشامية، وبقرار أميري من القيادة العامة لتنظيم قاعدة الجهاد؛ نعلن لأمتنا المسلمة ولأهل السنة في الشام: حل تنظيم حرّاس الدّين (فرع تنظيم قاعدة الجهاد في سوريا)".
ورغم قرار الحل، وجه التنظيم نصيحة لـ"أهل السنة في الشام؛ بعدم ترك سلاحهم، وليجهزوا للمراحل القادمة التي أخبرنا بها نبينا محمد (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ)، فأرض الشام أرض الملاحم الكبرى، ومقبرة للطغاة والمستعمرين، وفسطاط للمسلمين في قتالهم لليهود ومن يلونهم من أعداء الدين".
وشدد التنظيم على أن أعضاءه سيبقون "محافظين على ثوابتنا الشرعية دون تغيير أو تبديل أو تمييع، فإقامة الدين ونصرة المظلومين والحفاظ على دماء المسلمين هي من أولى ثوابتنا التي ندين الله بها". كما وجه نصيحة إلى الإدارة السورية بإقامة الدين وتحكيم الشريعة، مطلقا عليها مسمى "وجهاء الشام ومن يتصدرون المشهد اليوم".
في سياق متصل؛ أعلنت القيادة المركزية الأمريكية فى ٣٠ يناير ٢٠٢٥ عن تمكنها من تصفية القيادى البارز أبو دجانة التركستاني، أحد قادة تنظيم "حراس الدين" التابع لتنظيم "القاعدة"، خلال غارة شنتها فى شمال غرب سوريا. وهذه العملية تأتى بعد أيام من إعلان تنظيم "حراس الدين" عن حل نفسه في خطوة يعتقد أنها تهدف إلى إنهاء وجوده العسكري في المنطقة.
إن خطوة حل تنظيم حراس الدين في سوريا تثير تساؤلات عديدة حول دلالاتها وتوقيتها. يأتى هذا القرار عقب أكثر من شهر ونصف على سقوط نظام بشار الأسد، بحسب بيان التنظيم، وهو توقيت غير معهود فى تاريخ الحركات الجهادية التى عادة ما تتكيف مع التحولات السياسية بدلًا من التفكك الذاتى السريع. 
بدأ بيان حل التنظيم بمقدمة شرعية تذكر بـ"الثورة السورية المباركة" وأهدافها الإسلامية، في محاولة لتأكيد أن حل التنظيم لا يعنى تخليه عن مشروعه الجهادي.
لكن اللافت في البيان هو تركيزه على أن سقوط الأسد يمثل "اكتمال مرحلة من الصراع بين الحق والباطل"، وكأن التنظيم يرى أن دوره قد انتهى. هذه القراءة تتناقض مع أدبيات الحركات الجهادية التي تؤمن بأن الصراع لا ينتهى إلا بإقامة "الدولة الإسلامية الحقيقية".
كما يوجه البيان رسائل متعددة:
١) تحريض المسلحين على عدم تسليم أسلحتهم، ما يعكس خوف التنظيم من تفكيك بنيته القتالية.
٢) تحذير من "تمييع الثوابت الشرعية"، في إشارة ضمنية إلى الخلافات مع هيئة تحرير الشام، التي تبنت نهجًا براغماتيًا مقارنة بحراس الدين.
٣) نصيحة للإدارة السورية بإقامة الشريعة، وهو خطاب مزدوج، قد يُفسَّر كنوع من محاولة التقرب من الفاعلين الجدد في المشهد السوري، بعد انهيار النظام السابق.
ولا شك أن الغارة الأمريكية الأخيرة التي قتلت محمد صلاح، أحد قادة التنظيم، تعكس استمرار استهداف الولايات المتحدة لبقايا التنظيمات الجهادية في سوريا. فمنذ عام ٢٠٢٠، تعرض "حراس الدين" لسلسلة من الضربات الجوية، مما أدى إلى إضعاف قيادته بشكل متكرر. وبالتالي، قد يكون إعلان الحل محاولة للحفاظ على ما تبقى من عناصره من خلال تفكيك الهيكل التنظيمي الرسمي، دون إنهاء النشاط الجهادى بشكل فعلي. خصوصا بعدما عانى التنظيم من تضييق شديد من قبل هيئة تحرير الشام، التى تحولت إلى قوة مهيمنة فى دمشق. ومنذ عام ٢٠٢٠، قامت الهيئة باعتقال عدد من قيادات "حراس الدين"، وضغطت على فصائل جهادية أخرى للاندماج أو القبول بحكمها العسكري.
وبالنظر إلى أن هيئة تحرير الشام أصبحت أكثر انفتاحًا على القوى الإقليمية والدولية، فإن قرار حل "حراس الدين" قد يكون نتيجة لانعدام خيارات البقاء في ظل هذا الواقع الجديد.
وإذا ما درسنا تجارب سابقة، نجد أن الحركات الجهادية نادرًا ما تحل نفسها نهائيًا، بل تلجأ إلى إعادة التشكيل أو الاندماج في كيانات أخرى. ومن المحتمل أن يكون حل "حراس الدين" مقدمة لظهور خلايا جهادية جديدة أكثر مرونة، ربما تحت مسميات مختلفة، أو بالانضمام إلى شبكات لا مركزية مرتبطة بالقاعدة.
في هذا السياق، يمكن تفسير البيان بأنه إعلان ظاهري لحل التنظيم، لكنه لا يعنى بالضرورة انتهاء مشروعه الجهادي. بل قد يكون خطوة استباقية لحماية أفراده من الاستهداف المباشر، مع البقاء ضمن المشهد الجهادى بطرق مختلفة، مثل الاندماج مع مجموعات أخرى أو العمل ضمن خلايا صغيرة.
ويبقى السؤال الأهم: ما مصير الحركات الجهادية فى سوريا بعد انهيار النظام؟. رغم أن سقوط الأسد يمثل تغيرًا جذريًا في المعادلة، فإن الفراغ الأمني والسياسي قد يوفر بيئة خصبة لظهور كيانات جهادية جديدة، خصوصًا إذا لم تتمكن السلطة الجديدة من تحقيق الاستقرار أو استيعاب الجماعات المسلحة.

المصدر: البوابة نيوز

كلمات دلالية: تنظيم حراس الدين لتنظيم القاعدة حراس الدین فی سوریا

إقرأ أيضاً:

قلق متزايد وارتباك كبير.. مخاوف من هروب عناصر داعش من سجون سوريا بعد تجميد المساعدات الأمريكية.. مخاطر أمنية بعد توقف التمويل البالغ 10 ملايين دولار شهريًا لدعم عمليات الحراسة

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

أثار القرار المفاجئ الذي اتخذه الرئيس الأمريكي دونالد ترمب بتجميد جميع مدفوعات المساعدات الخارجية مخاوف بين الذين يخشون أن يتمكن مقاتلو تنظيم الدولة الإسلامية وعائلاتهم من الفرار من معسكرات الاعتقال والسجون في شمال شرق سوريا. وقد تسبب تعليق التمويل، الذي قطع على الفور الدعم المالي لقوات سوريا الديمقراطية التي يقودها الأكراد، في حدوث اضطرابات بالفعل، مما أدى إلى مخاوف أمنية في المنطقة.
تحذير رسمى
حذرت مذكرة سرية متداولة داخل وزارة الخارجية البريطانية من أن وقف المدفوعات الأمريكية للحراس الأكراد لمدة ٩٠ يومًا قد يؤدي إلى انهيار أمني. وفي أعقاب التجميد، ورد أن بعض الحراس هجروا مواقعهم، واضطرت المنظمات الإنسانية التي تقدم خدمات أساسية مثل الغذاء والماء إلى وقف عملياتها.
ورغم أن وزارة الخارجية الأمريكية أصدرت إعفاء يسمح باستئناف المدفوعات لمدة أسبوعين، فإن حالة من عدم اليقين لا تزال قائمة بشأن ما إذا كانت رواتب موظفي المخيم ستُدفع بعد تلك الفترة. ووصف عامل إغاثة في مخيم الهول، أكبر منشأة تحتجز أعضاء داعش وعائلاتهم، الوضع بأنه "فوضى وارتباك"، محذراً من تصاعد المخاطر الأمنية.
تحتجز المعسكرات والسجون السورية حالياً ما يقرب من ٩٥٠٠ من مسلحي داعش و٤٠ ألف امرأة وطفل مرتبطين بالجماعة. ومن بينهم حوالي ٢٠ امرأة بريطانية و١٠ رجال بريطانيين و٣٥ طفلا محتجزين في مناطق يسيطر عليها الأكراد. ويحتجز الرجال في السجون، بينما تظل النساء والأطفال في معسكرات شديدة الحراسة مثل الهول وروج.
حذرت تسنيم أكونجي، المحامية التي تمثل عائلة الإرهابية البريطانية شميمة بيجوم التى انضمت إلى داعش عندما كانت مراهقة، من أن تجميد المساعدات قد يؤدي إلى إطلاق سراح جماعي. وقالت أكونجي لصحيفة التايمز "إذا انهار التمويل، فلن يكون هناك حراس ولا طعام ولا خدمات" و"لن يقوم الأكراد بإعدام هؤلاء الأشخاص؛ بل سيطلقون سراحهم ببساطة لينتشر عشرات الآلاف إلى المناطق الداخلية فى سوريا".
الإعادة للوطن
يزداد الوضع تعقيدًا بسبب التحولات الجيوسياسية الأوسع نطاقًا. في أعقاب انهيار نظام الأسد، انخرطت القوات الكردية في صراعات مع مقاتلين تدعمهم تركيا. كانت الولايات المتحدة لفترة طويلة الداعم المالي الأساسي لقوات سوريا الديمقراطية، حيث خصصت حوالي ١٠ ملايين دولار شهريًا لدعم العمليات الأمنية. ومع ذلك، أدى تجميد التمويل الأخير إلى تفاقم التوترات وترك الإدارة الكردية تكافح من أجل الحفاظ على السيطرة.
سلط تشارلز ليستر، مدير برنامج مكافحة الإرهاب والتطرف في معهد الشرق الأوسط، الضوء على شدة الأزمة. وأشار ليستر عبر وسائل التواصل الاجتماعي إلى أن "تجميد المساعدات العالمية من قبل ترامب أدى إلى خفض رواتب العديد من حراس السجون والمعسكرات، مما أدى إلى التغيب وتدهور الوضع الأمني".
وأعربت جماعات المساعدة البريطانية والدولية عن قلقها المتزايد إزاء الانهيار المحتمل لمرافق الاحتجاز. وكشف مصدر مرتبط بمشاريع المساعدة السورية أن إحدى شركات الأمن الخاصة المسئولة عن تقديم الخدمات الأساسية بدأت بالفعل في تقليص عملياتها.
وأدان النائب الديمقراطي جريجوري ميكس، العضو البارز في لجنة الشئون الخارجية بمجلس النواب، هذه الخطوة، قائلاً إن تجميد المساعدات من قبل ترامب يعرض أمننا وأمن حلفائنا وشركائنا للخطر بالفعل.
وحذرت منظمات حقوق الإنسان، بما في ذلك منظمة ريبريف، من أن الأزمة تتسارع بشكل خطير. ووصف دان دولان، نائب المدير التنفيذي للمجموعة، الأزمة بأنها "أزمة بطيئة الحركة تتقدم الآن بسرعة". وأكد أن خبراء الأمن والسلطات الكردية حذروا منذ فترة طويلة من أن معسكرات الاحتجاز هذه غير مستدامة. وأكد دولان أن الإعادة إلى الوطن تظل الحل الوحيد القابل للتطبيق. وقال "لقد اعترفت الحكومات الأمريكية المتعاقبة بأن السبيل الوحيد للمضي قدماً هو أن تستعيد البلدان مواطنيها. والآن، مع رحيل الأسد وتصاعد عدم الاستقرار الإقليمي، أصبحت مخاطر التقاعس عن هذا العمل أخطر من أي وقت مضى".
تهديد وشيك 
إن احتمال هروب المعتقلين خلال فترات الفوضى ليس أمراً غير مسبوق. ففي عام ٢٠١٩، تمكنت توبا جوندال، وهي بريطانية في تنظيم داعش، من الفرار من معسكر اعتقال والوصول إلى تركيا أثناء هجوم في المنطقة. ونظراً للاضطرابات الحالية، يخشى خبراء الأمن تكرار مثل هذه الحوادث على نطاق أوسع بكثير.
إن وجود القوات الخاصة الأمريكية والبريطانية في سوريا يظل رادعًا رئيسيًا ضد عودة ظهور داعش. ومع ذلك، مع وجود ٩٠٠ جندي أمريكي فقط منتشرين إلى جانب قوات سوريا الديمقراطية، فإن قدرتهم على منع هروب واسع النطاق من السجن لا تزال غير مؤكدة.
وقال متحدث باسم وزارة الخارجية البريطانية: "إن المملكة المتحدة تعمل بشكل وثيق مع حلفائها، بما في ذلك الولايات المتحدة، لمنع عدم الاستقرار في شمال شرق سوريا. ونحن نظل يقظين وسنتخذ جميع التدابير اللازمة لحماية الأمن الوطني".
ومع بقاء مستقبل الدعم المالي الأمريكي معلقا في الميزان، يظل مصير الآلاف من مقاتلي داعش المعتقلين وعائلاتهم غير مؤكد. ومع صراع المنطقة مع هذه الأزمة المتصاعدة، تواجه الحكومات الغربية ضغوطاً متزايدة لإعادة تقييم سياساتها وضمان عدم خروج المخاوف الأمنية عن السيطرة.
 

مقالات مشابهة

  • مسؤولة كردية في قسد تعارض رفع العقوبات عن سوريا وتطالب بدور إسرائيلي هناك
  • السيد القائد .. نستلهم من ذكرى استشهاد الصماد القيم الايمانية والروح الجهادية
  • أول زيارة خارجية لرئيس سوريا.. الشرع يصل الرياض وهذه أبرز الملفات التي سيبحثها مع محمد بن سلمان
  • هل يختار حكام سوريا الجدد الديمقراطية أم الثيوقراطية؟
  • قلق متزايد وارتباك كبير.. مخاوف من هروب عناصر داعش من سجون سوريا بعد تجميد المساعدات الأمريكية.. مخاطر أمنية بعد توقف التمويل البالغ 10 ملايين دولار شهريًا لدعم عمليات الحراسة
  • مجلس المستشارين بالمغرب يصادق على مشروع قانون تنظيم الإضراب.. هل انتهى الجدل؟
  • ماذا وراء حل حراس الدين فرع تنظيم القاعدة في سوريا نفسه؟
  • البيت الأبيض: ترامب يحتفظ بالحق في دراسة خيار سحب القوات الأمريكية من سوريا
  • إشراقات من مسيرته الجهادية ومشروعه القرآني: أبرز ملامح شخصية الشهيد القائد حسين بدر الدين الحوثي