كل يوم تتضح أهمية الاختراق الاستخباراتي للمليشيا الذي قضى بعودة كيكل وانحيازه لصفوف القوات المسلحة، وأكبر ثمرات ذلك ولادة درع السودان، بهيئته الحالية المنضبطة، وتفاعل أهل الجزيرة معه، ومنحه أعز ما يملكون، أولادهم، حتى أصبح تعداده نحو ٥٠ ألف مقاتل. قوة من طينة الجروف، فراسة وشهامة، دخلت الحرب، وغيرت موازينها،

كما أظهرت تلاحم الوسط وقوة فرسانه وإيمانهم بقضيتهم، فهبوا للدفاع عن الأرض والعرض، لدرجة رفد الدرع بالأموال والسيارات والسلاح وشعر الحماسة.

فأصبح لدينا قوة احتياطية هائلة يمكن أن تقاتل في كل المحاور، ولذلك انهارت المليشيا في ولاية الجزيرة وسنار، لأنها كانت تراهن على ضعف الجيش وإمكانية انهياره بالضغط العنيف، فحدث العكس، والأهم من ذلك أن درع السودان، الذي انخرط تحت قيادة عسكرية بدا أكثر انضباطاً وحيوية، يتحرك بتعليمات غرفة السيطرة، يهاجم وينسحب ويتخندق وينفتح وفقًا لما هو مخطط له، وهذا بالضرورة منح الجيش ميزة خيارات وافرة في التعامل مع التحديات، ونسفّ أيضًا دعاية أن الجيش ليس لديه مشاة بعد تمرد الدعم السريع، ولا يستطيع أن يتفوق هجومياً، وهذا الأمر أيضاً ينسحب كذلك على بقية القوات المساندة.

التحية للدراعة ولأهلى في البطانة، رجال الحوبة، ولعموم ناس الجزيرة في القرى والفرقان
عزمي عبد الرازق

إنضم لقناة النيلين على واتساب

المصدر: موقع النيلين

إقرأ أيضاً:

اتفاق المنامة السوداني الذي يتجاهله الجميع

"إذ نؤمن بضرورة رفع المعاناة عن كاهل شعبنا والتوصل إلى حلول للأزمة السودانية، تنهي الحرب التي بدأت في الخامس عشر من إبريل 2023، والتي يستلزم وقفُها تكاتف أبناء الشعب السوداني بمختلف مكوناته وانتماءاته. وإذ نقرّ بأن الأزمة السودانية منذ الاستقلال هي أزمة سياسية، وأمنية، واقتصادية، واجتماعية، وثقافية شاملة يجب الاعتراف بها وحلّها حلاً جذرياً. وإذ ندرك أنّ الحرب الحالية قد سبّبت خسائر مروّعة في الأرواح ومعاناة إنسانية لم يسبق لها مثيل، من حيث اتّساع النطاق الجغرافي، وأنها دمّرت البنيات التحتية للبلاد، وأهدرت مواردها الاقتصادية، لا سيّما في الخرطوم ودارفور وكردفان. وإذ نؤكد رغبتنا الصادقة في تسوية النزاع المستمر على نحوٍ عادل ومستدام عبر حوار سوداني/ سوداني، يُنهي جميع الحروب والنزاعات في السودان بمعالجة أسبابها الجذرية، والاتفاق على إطار للحكم يضمن لكل المناطق اقتسام السلطة والثروة بعدالة، ويعزّز الحقوق الجماعية والفردية لكل السودانيين" ... بهذه الديباجة، وأكثر، تبدأ اتفاقية المنامة الموقّعة بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، في 20 يناير/ كانون الثاني 2024، وجاءت بعد خمسة أيام من رفض قائد الجيش الفريق أول عبد الفتاح البرهان لقاء قائد قوات الدعم السريع محمد حمدان دقلو (حميدتي)، وتأكيده أنه لا حاجة لأيّ تفاوض جديد، بل يجب تنفيذ نتائج قمة "الإيقاد"، التي عُقدت في جيبوتي في ديسمبر/ كانون الأول 2023، على نحوٍ طارئ لمناقشة حرب السودان. وخلصت إلى التزام من قائد الجيش وقائد "الدعم السريع" بالاجتماع الفوري ووقف الأعمال العدائية.

في خطابه إلى القمة العربية الطارئة، أكد البرهان أن أولوليات حل الأزمة (الحرب) هي الالتزام بإعلان جدّة للمبادئ الإنسانية، ووقف إطلاق النار، وإزالة معوقات تقديم المعونات الإنسانية، وتعقب ذلك عملية سياسية شاملة للتوصل إلى توافق وطني لإدارة المرحلة الانتقالية ثم الانتخابات، لكن في 20 يناير 2024، وفي يوم توقيع اتفاق المنامة الذي وقّعه عن القوات المسلّحة الفريق أول شمس الدين كباشي نائب القائد العام للجيش، وعن الدعم السريع "الفريق"(!) عبد الرحيم دقلو، شقيق حميدتي، الذي حصل مثله ومثل غيره من قادة المليشيات على رتب عسكرية من الجيش السوداني، في اليوم نفسه، جمّد السودان عضويته في منظمة الإيقاد! وتحوّلت المنظمة التي كانت قبل أيام "صاحبة دور مهم في الوصول إلى السّلام" إلى "منظمة الجراد" في الخطابات الشعبوية التي تطلقها السلطة العسكرية.

مرّ اتفاق المنامة من دون ضجيج. وربما لو لم يتسرّب خبر التفاوض الذي أكده بعد ذلك تصريح أميركي، لظلّ الأمر في دائرة الشائعات. رغم الحضور الدولي والمخابراتي في التفاوض.

اتفق الطرفان، في البند السابع من وثيقة المنامة، على "بناء وتأسيس جيش واحد مهني وقومي، يتكوّن من جميع القوات العسكرية (القوات المسلحة، وقوات الدعم السريع، وحركات الكفاح المسلح)، ولا يكون له انتماء سياسي أو أيديولوجيّ، يراعي التنوع والتعدّد، ويمثل جميع السودانيين في مستوياته كافّة بعدالة، وينأى عن السياسة والنشاط الاقتصادي"، واتفق الطرفان في البند 11 على "تفكيك نظام الثلاثين من يونيو 1989 في مؤسسات الدولة كافّة"، أما البند 19 فقد نصّ على "حوار وطني شامل للوصول إلى حل سياسي، بمشاركة جميع الفاعلين (مدنيين وعسكريين)، دون إقصاء لأحد، عدا حزب المؤتمر الوطني المحلول والحركة الإسلامية التابعة له وواجهاته، بما يؤدي إلى انتقال سلمي ديمقراطي".

بمقارنة اتفاق المنامة بين الجيش و"الدعم السريع" مع إعلان أديس أبابا الموقّع بين تنسيقية القوى الديموقراطية والمدنية و"الدعم السريع" في 2 يناير 2024 (قبل 18 يوم من توقيع اتفاق المنامة) يصعب فهم إدانة الجيش إعلان أديس أبابا! فالإعلان نصّ على أن التفاهمات الواردة فيه "ستطرح بواسطة تنسيقية القوى الديموقراطية والمدنية لقيادة القوات المسلحة لتكون أساساً للوصول إلى حل سلمي ينهي الحرب"، وهو الحل السلمي نفسه الذي نصّت عليه اتفاقية المنامة قائلة: "نجدّد قناعتنا بأن التفاوض هو السبيل الأفضل والأوحد للتوصل إلى تسوية سياسية، سلمية شاملة للنزاعات والحروب في السودان"، وهو ما أكده قائد الجيش في خطابه إلى قمة "الإيقاد"، قبل أن ينقلب على المنظمة ويجمّد عضوية السودان فيها، مدّة قاربت العام.

... سيبقى ما حدث لغزاً للسودانيين فترة طويلة، ضمن ألغاز أخرى تحيط بهذه الحرب. كيف دار هذا التفاوض؟ لماذا لم يجرِ الإعلان عنه، لماذا وقّع عليه نائبا البرهان وحميدتي ثم تجاهله الجميع؟

نقلا عن العربي الجديد  

مقالات مشابهة

  • من أشعل الحرب في السودان؟ ما الذي حدث قبل 15 أبريل؟
  • مشكلة مشروع الجزيرة في أمثال هؤلاء الجبناء المنحازين للظلم
  • في بيانٍ ثانٍ لها.. القوات المسلحة تعلن تنفيذ 3 عمليات عسكرية جديدة.. وهذا ما حدث (تفاصيل + فيديو)
  • عاجل من صنعاء.. القوات المسلحة تعلن عن بيان ثان بشأن تنفيد عملية عسكرية جديدة
  • اتفاق المنامة السوداني الذي يتجاهله الجميع
  • ذخائر غير منفجرة في الحدت - بعبدا... وهذا ما سيفعله الجيش
  • مواقع عسكرية روسية تكشف اسم المسئول الذي قتل في انفجار موسكو
  • حزب مصر القومي: الجيش المصري السند الذي لا يتخلى عن وطنه
  • مقتل أكثر من 40 مسلحا بعد مهاجمتهم قاعدة عسكرية في الصومال
  • رئيس الدولة يزور قيادة لواء خليفة بن زايد الثاني المحمول جواً