” #قارئة_الفنجان “
د. #هشام_عوكل، أستاذ إدارة الأزمات والعلاقات الدولي
في هذه اللحظات، تعيش المنطقة على وقع صفقة تبادل الأسرى بين الجانب الفلسطيني، ممثلًا بحركة حماس والجهاد الاسلامي ، وإسرائيل. مشهد تاريخي يعيد إلى الأذهان الصفقات السابقة، لكنه هذه المرة يأتي في سياق مختلف تمامًا، حيث تبدو إسرائيل وكأنها تتعامل مع الصفقة كمرحلة مؤقتة، بانتظار اللحظة المناسبة لقلب الطاولة رأسًا على عقب.
بالنسبة لإسرائيل، إطلاق سراح الأسرى ليس تنازلًا بقدر ما هو خطوة محسوبة ضمن مخطط أكبر. فهي ترى أن الوقت ليس في صالح الفلسطينيين، وأن عملية التبادل قد تكون مجرد استراحة قصيرة قبل العاصفة. بينما تتابع الأنظار مشهد عودة الأسرى الفلسطينيين إلى بيوتهم، ربما يكون هناك سيناريو أكثر قتامة يُرسم في الكواليس، حيث تستعد إسرائيل لاجتياح كامل الضفة الغربية وقطاع غزة، متذرعة بأي ذريعة ممكنة، سواء كانت أمنية أو عسكرية أو حتى سياسية.
هل هي صفقة حرية أم تمهيد لإعادة الاحتلال؟ هذه هي المفاجأة الكبرى التي قد لا ينتبه لها الكثيرون: أن إسرائيل قد لا تكتفي بإعادة ترتيب الأوراق، بل ربما تستغل اللحظة لإنهاء ما تبقى من أي مشروع فلسطيني مستقل، بحجة أن الحل العسكري هو السبيل الوحيد لإنهاء هذا الصراع المستمر منذ عقود.
لبنان وسوريا ومصر والأردن: كيف تغيّرت المعادلة؟
لبنان: لم يعد ينظر إلى القضية الفلسطينية كأولوية، ليس بسبب اللاجئين أو الضغط الدولي، بل لأن الأزمات الداخلية استحوذت على كل الاهتمام. الاقتصاد المتعثر، الفساد المستشري، وإعادة ترتيب التوازنات السياسية جعلت فلسطين مجرد ملف تاريخي في أرشيف الحكومة، يُذكر في المناسبات الرسمية فقط.
سوريا: بعد انهيار نظام بشار الأسد ووصول أحمد الشرع إلى الحكم، اتخذت دمشق موقفًا جديدًا من القضية الفلسطينية. بدلاً من الخطابات الرنانة التي كانت تُستخدم كذريعة لقمع الداخل، باتت سوريا تتعامل مع فلسطين ببراغماتية باردة. لم تعد المقاومة ورقة سياسية، ولم يعد دعم الفصائل أولوية، بل بات الحديث يدور حول “تسوية تاريخية” تضمن مصالح سوريا الإقليمية أولًا، حتى لو كان الثمن تنازلات لم يكن النظام السابق ليجرؤ على طرحها علنًا!
مصر: تمر بمرحلة “واقعية سياسية”، حيث الأولوية أصبحت تأمين الاستقرار الداخلي وليس الدخول في مغامرات كبرى.
الأردن: يعيش حالة من القلق الدائم، بين الضغوط الأميركية والإسرائيلية من جهة، وبين الوضع الداخلي الحساس من جهة أخرى
إلى أين تتجه القضية الفلسطينية؟
بكل بساطة، نحن أمام مشهد تتداخل فيه المصالح، وتتغير فيه المواقف وفقاً للرياح الدولية. لا أحد يريد مواجهة إسرائيل، ولا أحد يريد حربًا جديدة، ولا أحد يريد أيضاً الاعتراف بأن فلسطين يتم اختزالها تدريجياً إلى مجرد “فكرة” وليس وطناً!
نتنياهو في واشنطن: عشاء سياسي بلمسة ترامب!
انطلق نتنياهو إلى واشنطن بجدول مزدحم: لقاء مع ترامب وسهرة عشاء! يبدو أن مصير التهدئة في غزة يعتمد على مزاج ترامب وكأن الأمر مجرد حفلة نخب بلدي.
بينما يتحدث نتنياهو عن “تغيير الشرق الأوسط”، فمن يدري؟ ربما الوجبة الشهية تُحل كل المشاكل! إذا لم تسر الأمور كما أراد، فقد نرى حرباً جديدة مستمرة لعام آخر. كل شيء بيد ترامب، وكأن السلام يُصنع بين طبقين بدلاً من طاولات المفاوضات!
الخاتمة: هل بقيت فلسطين قضية؟
بين مشاريع التهجير وخرائط التوسع الإسرائيلي، وبين تخاذل الأنظمة العربية وتراجع المقاومة، يبدو أن القضية الفلسطينية أصبحت أقرب إلى مسلسل درامي طويل، يتغير أبطاله، لكن نهايته باتت شبه محسومة: المزيد من التنازلات، المزيد من التهجير، والمزيد من البيانات العربية الفارغة.
هل فلسطين لا تزال قضية العرب؟ الإجابة تعتمد على تعريفك لكلمة “قضية”، فإن كنت تراها مجرّد شعار للاستهلاك السياسي، فهي باقية، أما إن كنت تراها معركة وجود، فقد تكون قد دخلت في أرشيف الماضي!
المصدر: سواليف
كلمات دلالية: قارئة الفنجان القضیة الفلسطینیة
إقرأ أيضاً:
4 بدائل “قاتمة” تنتظر إسرائيل في غزة
#سواليف
حددت دراسة أمنية إسرائيلية 4 #بدائل وصفتها بالقاتمة أمام #تل_أبيب للتعامل مع قطاع #غزة تمثلت في #حكم_عسكري مطول أو #تهجير_السكان أو إقامة #حكم_فلسطيني “معتدل” أو بقاء الوضع القائم.
وقال معهد دراسات الأمن الإسرائيلي (غير حكومي) في دراسة بعنوان ” #البدائل_الإستراتيجية لقطاع غزة” إنه بعد مرور عام ونصف العام تقريبا على #الحرب على قطاع غزة تقف إسرائيل عند مفترق طرق، وعليها صياغة إستراتيجية مناسبة لمستقبل القطاع.
وأعد الدراسة الباحث في معهد دراسات الأمن القومي عوفير غوترمان الذي عمل سابقا محللا أول في جهاز الاستخبارات الإسرائيلية.
مقالات ذات صلة “أونروا”: نفاد إمدادات الدقيق في قطاع غزة 2025/04/24ومنذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023 ترتكب إسرائيل بدعم أميركي مطلق إبادة جماعية في غزة خلفت أكثر من 168 ألف شهيد وجريح -معظمهم أطفال ونساء- ونحو 11 ألف مفقود، وتفرض حصارا مطبقا على جميع الإمدادات والمساعدات الإنسانية، مما تسبب بمجاعة قاسية.
بدائل “قاتمة”
وترى الدراسة أن إسرائيل “تواجه مجموعة من البدائل القاتمة، جميعها إشكالية في آثارها وجدواها، وأول تلك البدائل: تشجيع الهجرة الطوعية، وهو خيار لم تُدرس عواقبه الإستراتيجية بدقة في إسرائيل، وإمكانية تحقيقه ضعيفة”.
أما البديل الثاني فهو “احتلال القطاع وفرض حكم عسكري مطول، ومع أن ذلك قد يُضعف حماس بشدة لكنه لا يضمن القضاء عليها وينطوي على خطر تعريض الأسرى الإسرائيليين المحتجزين لدى حماس للخطر، وتكبد تكاليف باهظة أخرى طويلة الأجل”.
وعن البديل الثالث أوضحت الدراسة “إقامة حكم فلسطيني معتدل في القطاع بدعم دولي وعربي، وهو خيار تكاليفه على إسرائيل منخفضة، لكنه يفتقر حاليا إلى آلية فعالة لنزع سلاح القطاع وتفكيك قدرات حماس العسكرية، وأخيرا احتمال فشل مبادرات الاستقرار السياسي والعسكري، مما يترك حماس في السلطة”.
كما أشارت إلى البديل الرابع، وهو “استمرار الوضع الراهن، وينبع هذا البديل أساسا من واقع تمتنع فيه إسرائيل عن الترويج لمبادرات عسكرية أو سياسية في قطاع غزة، أو تفشل في المبادرات التي تسعى إلى تنفيذها”.
وقال غوترمان إن قائمة البدائل الإستراتيجية لقطاع غزة صممت من خلال دراسة استقصائية شاملة لمختلف الخيارات المطروحة في الخطاب الإسرائيلي والعربي والدولي، سواء مبادرات عملية طرحتها جهات رسمية أو اقتراحات من معاهد بحثية ومحللين.
إستراتيجية ثنائية الأبعاد
وتوصي الدراسة بتنفيذ إستراتيجية ثنائية الأبعاد تجمع بين العمل العسكري والسياسي، وهي “جهد عسكري مكثف ومتواصل لا يهدف فقط إلى تقويض حماس وقدراتها، بل أيضا إلى إرساء أسس استقرار بديل حاكم لحماس، وبالتوازي مع ذلك، مبادرة سياسية لبناء بديل حاكم معتدل تدريجيا في قطاع غزة من شأنه أيضا دعم وتسريع نجاح الجهد العسكري”.
ورأت الدراسة أن هذه الإستراتيجية “تتطلب تعاونا وثيقا مع الدول العربية، وينبغي أن تكون جزءا من اتفاق إقليمي يشمل التطبيع مع المملكة العربية السعودية وخطوات نحو إنهاء الصراع العربي الإسرائيلي”.
وقالت إنه بالنسبة للفلسطينيين فإن الأفق السياسي المتوخى في هذه الإستراتيجية هو “أفق استقلال وسيادة محدودين”.
أما بالنسبة لإسرائيل -وفقا للدراسة ذاتها- فتحافظ الخطة على الحرية الأمنية والعملياتية والجهود المستمرة للقضاء على حماس وإحباط التهديدات الناشئة في القطاع من خلال مزيج من التدابير العسكرية والاقتصادية والقانونية والسياسية.
واعتبرت الدراسة أن “هذه الإستراتيجية المقترحة أكثر تعقيدا في التنفيذ مقارنة بالبدائل أحادية البعد التي تناقش حاليا في إسرائيل، ولكنها واقعية من حيث جدواها العملية، وعلى النقيض من البدائل الأخرى”.
حماس متجذرة
ولفتت الدراسة إلى أنه “من المهم الإدراك أن حماس ليست ظاهرة خارجية أو جديدة أو عابرة في التجربة الفلسطينية -خاصة بقطاع غزة- بل هي متجذرة بعمق وجوهر فيه”، وفق تعبيرها.
وقالت إن حماس وُلدت في قطاع غزة، وأعضاؤها محليون لا يعملون من خلال شبكات تنظيمية فحسب، بل أيضا من خلال شبكات عائلية.
وأشارت إلى أنه على مدار عقود من وجودها نجحت حماس بترسيخ وعيها السياسي الديني والقومي في المجتمع الفلسطيني من خلال نشاط مكثف في جميع مجالات الحياة.
وأضافت الدراسة أن الجيل الذي نشأ في قطاع غزة على مدى العقدين الماضيين لا يعرف بديلا لحماس.
واعتبرت أن الوضع المدني في قطاع غزة غير قابل للاستمرار دون إعادة إعمار واسعة النطاق، لكن مستقبل إعادة الإعمار غير واضح، وفق تعبيرها.
ورأت الدراسة أن إسرائيل قادرة على قمع حماس في غزة بالوسائل العسكرية وحدها، لكنها لن تقضي عليها.
وفي بداية حرب الإبادة التي ترتكبها إسرائيل بقطاع غزة منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023 حددت حكومة بنيامين نتنياهو أهدافا لها، أبرزها: تفكيك قدرات “حماس” وحكمها للقطاع، وإعادة الأسرى الإسرائيليين، لكنها لم تنجح في تحقيق أي من الأهداف التي وضعتها.
وتقول المعارضة الإسرائيلية إن حكومة نتنياهو لم تنجح بالحرب ولا تملك إستراتيجية لليوم التالي لها.