سواليف:
2025-04-26@16:14:16 GMT

المشروع العربي الغائب

تاريخ النشر: 3rd, February 2025 GMT

#المشروع_العربي_الغائب

د. #حفظي_اشتية

الاعتداء الصهيوني الغربي على فلسطين والمشرق العربي خلال الفترة الماضية الأخيرة، وما سبقها منذ قرن من الزمان، يهيّج المشاعر، ويبعث الأسى، ويعصف بالوجدان، فتثور في النفس أسئلة قديمة تتجدد وتشتعل في قلب كل حرّ عربي يرفض الهوان.

وعنوانها الرئيس: أين مشروعنا العربي الموحَّد مما جرى ويجري وسيجري؟؟

مقالات ذات صلة التراشقات لا تمنع مخططات التهجير للأردن 2025/02/02

خمسة عشر شهرا كل شهر منها يعادل دهرا مرت علينا نعاني كابوسا عليه نصحو وننام، ونحن نرى نظاما غربيا ظالما يؤازر نظاما صهيونيا غاصبا معتديا في هجمة إبادية لم تشهد الدنيا مثيلا لها حتى في الحروب العالمية، ضحيتها فئة مقاومة محدودة العدد والعتاد، صدورها عامرة بالإيمان، غير مزيَّنة بالنياشين، وشعب أعزل محاصر برا وبحرا وجوا، وذنبهم أنهم صامدون في أرضهم، ثاروا على ظالمهم وناهب حقهم يوما واحدا من الزمان ليذيقوه نزرا يسيرا مما أذاقهم عبر قرن، وليعيقوا مخططاته العدوانية، وليذكّروا العالم بعدالة قضيتهم المغيّبة المنسيّة.

فأين كان دور المشروع العربي في كل ما جرى وكان؟

مع التقدير بلا حدود للمقاومة الشريفة في لبنان النبيل واليمن الوفيّ، لا بدّ أن نعترف بعجزنا عن الوفاء بأبجديات الواجب تجاه إخواننا.

نعم،تحركنا دبلوماسيا، تعاطفنا معهم، قدمنا المساعدات الغذائية والدوائية، بكينا، جافانا المنام، فقدنا طعم كل فرحة، تمسمرنا أمام الشاشات يقتلنا القهر وتغمرنا الحسرة، دعونا بصدق وحرقة….إلخ، لكن، هل يكفي هذا؟ هل يغطي عجزنا الفاضح عن نصرة إخواننا في موقف جليّ جريء واضح بأنّ ما يتعرضون له هو ظلم وعدوان وطغيان؟

سارع بعضنا إلى لوم الشعب المظلوم لأنه ثار على الاحتلال والذل والسجن والألم والحصار، لكنه لم يقدم له الحل البديل عن ذلك بعد سبع وسبعين سنة من نكبته وسرقة وطنه، وبعد غرقه في سراديب المفاوضات العبثية العقيمة التي لم تحقق له إلا مزيدا من ضياع الأرض والمقدسات والفرقة والانقسام.

يلام هذا الشعب المظلوم لأنه تقبَّل اليد التي امتدت إليه لمساعدته وتدريبه وتسليحه وتمكينه من أدنى أساسيات العدة لمواجهة عدوه، فيعاب عليه ذلك، ويُتّهم بأنه أصبح أداة تنفيذية لمشارع الآخرين، وينسى اللائمون أن يتساءلوا عن المشروع العربي البديل الذي كان يمكن أن يُغني هذا الشعب عن التطلع إلى غيره، فلو تُرك القطا ليلا لنام، ولو وجد هذا الشعب عدلا في هذا العالم، وأملا في تحقيق السلام لجنح إليه، وقد فعل، لكنه لم يجنِ من لهّاية حل الدولتين إلا اليباب والسراب.

نشعر بالغصّة نحن العرب، ونحن نرى أنفسنا وبلادنا المقدسة مجرد حشائش تدوسها فِيَلة أصحاب المشاريع التي تصطرع فوق أجسادنا المفرقة الممزقة المتهالكة.

فهل كان هواننا هذا من قلة عدد؟ أو صغر مساحة؟ أو ضعف إمكانات وضآلة ثروات؟!

14 مليون كم2 ، وحاولي نصف مليار من البشر، وموقع هو قلب الدنيا، ومجمع بحارها ومحيطاتها، وعقدة طرقها وتجارتها، وثروات هائلة لا تكاد تنضب، وفوائض مالية تستعصي على الحصر تسكن في بلاد الأعداء وتستقر، وأرض رسالات سماوية، ودين خُتمت به أديان البشرية، وتاريخ مجيد طبع دنيا العالم القديم كلها بطابعه الفريد…. ألا يكفي هذا، وغيره كثير، ليكون لنا مشروعنا الذي ينافس وينادد المشاريع الأخرى في منطقتنا وعلى أرضنا المنهوبة المتناهشة؟!

ألا يكفي كل هذا ليكون لنا صوت مسموع يصيح في وجه الظالمين: كفّوا أيديكم عن أهل فلسطين، وأعطوا هذا الشعب حقه السليب بدلا من الدعوة إلى تهجيره وتشريده من بقايا وطنه مجددا  بالمكر والألاعيب؟!

ألا يكفي كل هذا ليكون لنا زعيم مهيب يصرخ في وجه الرئيس الأمريكي: قف عند حدك. كفاك ظلما؛ فالشعب الذي تتباكى عليه، أسلحتكم هي التي دمرت بلاده، وأنتم ملزمون بإعمارها حقا وعدلا، وربيبتكم ــ بالتنسيق معكم ــ هي التي أمعنت فيه قتلا وجرحا وحرقا وأسرا وجوعا وعطشا وتشريدا وحصارا….. وأذاقته كل أنواع العذاب، وحمّلته أثقالا تنوء بحملها رواسي الجبال، ومنظمتكم الأممية التي اخترعتموها لخدمة مصالحكم هي التي أصدرت عشرات القرارات تنص على حقه في أرضه، وأنتم الذين أفشلتموها ورفضتم تنفيذها!!!

كفاك مَنّاً علينا بأن بلادك قدمت الكثير إلينا؛ فما قدّمتم إلينا إلا تدمير أوطاننا، وتشتيت شملنا، وبثّ الفرقة بيننا، واحتلال عواصمنا، وابتزازنا العلني السمج المهين، ونهب ثرواتنا لشراء أسلحتكم الكاسدة، وفي مشاريعكم التي لا يعود نفعها إلا عليكم.

أما فُتات مساعداتكم المجبول بالمنّ والأذى، فوالله ما حلّ لنا مشكلة مادية، ولا أقام اقتصادا، ولا سدّ ثغرا، ولا وفى بِدَين، طحينكم الأبيض خلاف لون قلوبكم هو الذي جعلنا نتخلّى عن زراعة أرضنا بقمحنا، فزرعناها مساكن تصطف أمامها سيارات مصانعكم، وطالما ظللنا نعتمد عليكم فلن نزداد إلا ذلا وفقرا.

مساعداتكم المقيتة المذلّة سنعيدها إليكم على “الجزمة” كما قالها زعيم عربيّ أبيّ لسابقيكم ذات لحظة عزّ، مضيفا حينها بصوت مجاهر على الملأ في رابعة النهار: إنّ من يتحدث معنا منكم بكلمة واحدة غير لائقة سنقطع لسانه.

نأمل ألّا نفارق الدنيا قبل أن نرى لحظة عزّ عربية، ونسمع كلمات مدوّية كهذه شرط أن تكون ناتجة عن مواقف راسخة، حساباتها دقيقة عميقة لا رجعة عنها؛ لتعيد لنا شرفا، وتجعل لحياتنا طعما، وتعالج فينا كرامة جريحة، فلقد عيل صبرنا من هذا الاستهتار والاستبداد بنا، والاستقواء والاستعلاء علينا.

لا حلّ لنا إلا بمشروع عربي صادق نقيّ قويّ، نقف فيه موحَّدين أمام “هولاكية” العالم الغربي الجديد. والامتحان الأول أمامنا هو تعزيز صمود الأردن ومصر اقتصاديا وسياسيا في وجه المطامع الخطيرة الزاحفة القادمة، فقد قدّم هذان البلدان لهذه القضية القومية الدينية منذ بداية الصراع تضحيات عزّ نظيرها من دماء أبنائهما واقتصادهما واستقرارهما، ولا ينكر ذلك إلا جاحد حاقد، أو جاهل غافل. ودعمهما الآن فيما يواجهان أصبح واجبا قوميا مقدسا، فهما البوابتان الأخيرتان أمام الاجتياح الطاغي الجارف للعروبة في آسيا وإفريقيا. ولا يظننَّ أحدٌ منا أنه بمنأى عنه، معصوم منه.

أما شعب فلسطين العظيم، النادر المثال، الذي نباهي به الأمم؛ لأنه علّمنا كيف تُصان الأوطان، وكيف نواجه المستكبرين غير هيّابين، فهو قطب الرحى في الصراع، وهو صامد رغم كل الأهوال، عصيّ المنال. وتمكينه في الثبات على أرضه بكل وسيلة ممكنة هو سبيل نجاتنا جميعا إن أردتم أن يبقى للعروبة بقايا مكان ومكانة تحت الشمس وفوق الثرى.

المشروع العربي الغائب

د. حفظي اشتية

الاعتداء الصهيوني الغربي على فلسطين والمشرق العربي خلال الفترة الماضية الأخيرة، وما سبقها منذ قرن من الزمان، يهيّج المشاعر، ويبعث الأسى، ويعصف بالوجدان، فتثور في النفس أسئلة قديمة تتجدد وتشتعل في قلب كل حرّ عربي يرفض الهوان.

وعنوانها الرئيس: أين مشروعنا العربي الموحَّد مما جرى ويجري وسيجري؟؟

خمسة عشر شهرا كل شهر منها يعادل دهرا مرت علينا نعاني كابوسا عليه نصحو وننام، ونحن نرى نظاما غربيا ظالما يؤازر نظاما صهيونيا غاصبا معتديا في هجمة إبادية لم تشهد الدنيا مثيلا لها حتى في الحروب العالمية، ضحيتها فئة مقاومة محدودة العدد والعتاد، صدورها عامرة بالإيمان، غير مزيَّنة بالنياشين، وشعب أعزل محاصر برا وبحرا وجوا، وذنبهم أنهم صامدون في أرضهم، ثاروا على ظالمهم وناهب حقهم يوما واحدا من الزمان ليذيقوه نزرا يسيرا مما أذاقهم عبر قرن، وليعيقوا مخططاته العدوانية، وليذكّروا العالم بعدالة قضيتهم المغيّبة المنسيّة.

فأين كان دور المشروع العربي في كل ما جرى وكان؟

مع التقدير بلا حدود للمقاومة الشريفة في لبنان النبيل واليمن الوفيّ، لا بدّ أن نعترف بعجزنا عن الوفاء بأبجديات الواجب تجاه إخواننا.

نعم،تحركنا دبلوماسيا، تعاطفنا معهم، قدمنا المساعدات الغذائية والدوائية، بكينا، جافانا المنام، فقدنا طعم كل فرحة، تمسمرنا أمام الشاشات يقتلنا القهر وتغمرنا الحسرة، دعونا بصدق وحرقة….إلخ، لكن، هل يكفي هذا؟ هل يغطي عجزنا الفاضح عن نصرة إخواننا في موقف جليّ جريء واضح بأنّ ما يتعرضون له هو ظلم وعدوان وطغيان؟

سارع بعضنا إلى لوم الشعب المظلوم لأنه ثار على الاحتلال والذل والسجن والألم والحصار، لكنه لم يقدم له الحل البديل عن ذلك بعد سبع وسبعين سنة من نكبته وسرقة وطنه، وبعد غرقه في سراديب المفاوضات العبثية العقيمة التي لم تحقق له إلا مزيدا من ضياع الأرض والمقدسات والفرقة والانقسام.

يلام هذا الشعب المظلوم لأنه تقبَّل اليد التي امتدت إليه لمساعدته وتدريبه وتسليحه وتمكينه من أدنى أساسيات العدة لمواجهة عدوه، فيعاب عليه ذلك، ويُتّهم بأنه أصبح أداة تنفيذية لمشارع الآخرين، وينسى اللائمون أن يتساءلوا عن المشروع العربي البديل الذي كان يمكن أن يُغني هذا الشعب عن التطلع إلى غيره، فلو تُرك القطا ليلا لنام، ولو وجد هذا الشعب عدلا في هذا العالم، وأملا في تحقيق السلام لجنح إليه، وقد فعل، لكنه لم يجنِ من لهّاية حل الدولتين إلا اليباب والسراب.

نشعر بالغصّة نحن العرب، ونحن نرى أنفسنا وبلادنا المقدسة مجرد حشائش تدوسها فِيَلة أصحاب المشاريع التي تصطرع فوق أجسادنا المفرقة الممزقة المتهالكة.

فهل كان هواننا هذا من قلة عدد؟ أو صغر مساحة؟ أو ضعف إمكانات وضآلة ثروات؟!

14 مليون كم2 ، وحاولي نصف مليار من البشر، وموقع هو قلب الدنيا، ومجمع بحارها ومحيطاتها، وعقدة طرقها وتجارتها، وثروات هائلة لا تكاد تنضب، وفوائض مالية تستعصي على الحصر تسكن في بلاد الأعداء وتستقر، وأرض رسالات سماوية، ودين خُتمت به أديان البشرية، وتاريخ مجيد طبع دنيا العالم القديم كلها بطابعه الفريد…. ألا يكفي هذا، وغيره كثير، ليكون لنا مشروعنا الذي ينافس وينادد المشاريع الأخرى في منطقتنا وعلى أرضنا المنهوبة المتناهشة؟!

ألا يكفي كل هذا ليكون لنا صوت مسموع يصيح في وجه الظالمين: كفّوا أيديكم عن أهل فلسطين، وأعطوا هذا الشعب حقه السليب بدلا من الدعوة إلى تهجيره وتشريده من بقايا وطنه مجددا  بالمكر والألاعيب؟!

ألا يكفي كل هذا ليكون لنا زعيم مهيب يصرخ في وجه الرئيس الأمريكي: قف عند حدك. كفاك ظلما؛ فالشعب الذي تتباكى عليه، أسلحتكم هي التي دمرت بلاده، وأنتم ملزمون بإعمارها حقا وعدلا، وربيبتكم ــ بالتنسيق معكم ــ هي التي أمعنت فيه قتلا وجرحا وحرقا وأسرا وجوعا وعطشا وتشريدا وحصارا….. وأذاقته كل أنواع العذاب، وحمّلته أثقالا تنوء بحملها رواسي الجبال، ومنظمتكم الأممية التي اخترعتموها لخدمة مصالحكم هي التي أصدرت عشرات القرارات تنص على حقه في أرضه، وأنتم الذين أفشلتموها ورفضتم تنفيذها!!!

كفاك مَنّاً علينا بأن بلادك قدمت الكثير إلينا؛ فما قدّمتم إلينا إلا تدمير أوطاننا، وتشتيت شملنا، وبثّ الفرقة بيننا، واحتلال عواصمنا، وابتزازنا العلني السمج المهين، ونهب ثرواتنا لشراء أسلحتكم الكاسدة، وفي مشاريعكم التي لا يعود نفعها إلا عليكم.

أما فُتات مساعداتكم المجبول بالمنّ والأذى، فوالله ما حلّ لنا مشكلة مادية، ولا أقام اقتصادا، ولا سدّ ثغرا، ولا وفى بِدَين، طحينكم الأبيض خلاف لون قلوبكم هو الذي جعلنا نتخلّى عن زراعة أرضنا بقمحنا، فزرعناها مساكن تصطف أمامها سيارات مصانعكم، وطالما ظللنا نعتمد عليكم فلن نزداد إلا ذلا وفقرا.

مساعداتكم المقيتة المذلّة سنعيدها إليكم على “الجزمة” كما قالها زعيم عربيّ أبيّ لسابقيكم ذات لحظة عزّ، مضيفا حينها بصوت مجاهر على الملأ في رابعة النهار: إنّ من يتحدث معنا منكم بكلمة واحدة غير لائقة سنقطع لسانه.

نأمل ألّا نفارق الدنيا قبل أن نرى لحظة عزّ عربية، ونسمع كلمات مدوّية كهذه شرط أن تكون ناتجة عن مواقف راسخة، حساباتها دقيقة عميقة لا رجعة عنها؛ لتعيد لنا شرفا، وتجعل لحياتنا طعما، وتعالج فينا كرامة جريحة، فلقد عيل صبرنا من هذا الاستهتار والاستبداد بنا، والاستقواء والاستعلاء علينا.

لا حلّ لنا إلا بمشروع عربي صادق نقيّ قويّ، نقف فيه موحَّدين أمام “هولاكية” العالم الغربي الجديد. والامتحان الأول أمامنا هو تعزيز صمود الأردن ومصر اقتصاديا وسياسيا في وجه المطامع الخطيرة الزاحفة القادمة، فقد قدّم هذان البلدان لهذه القضية القومية الدينية منذ بداية الصراع تضحيات عزّ نظيرها من دماء أبنائهما واقتصادهما واستقرارهما، ولا ينكر ذلك إلا جاحد حاقد، أو جاهل غافل. ودعمهما الآن فيما يواجهان أصبح واجبا قوميا مقدسا، فهما البوابتان الأخيرتان أمام الاجتياح الطاغي الجارف للعروبة في آسيا وإفريقيا. ولا يظننَّ أحدٌ منا أنه بمنأى عنه، معصوم منه.

أما شعب فلسطين العظيم، النادر المثال، الذي نباهي به الأمم؛ لأنه علّمنا كيف تُصان الأوطان، وكيف نواجه المستكبرين غير هيّابين، فهو قطب الرحى في الصراع، وهو صامد رغم كل الأهوال، عصيّ المنال. وتمكينه في الثبات على أرضه بكل وسيلة ممكنة هو سبيل نجاتنا جميعا إن أردتم أن يبقى للعروبة بقايا مكان ومكانة تحت الشمس وفوق الثرى.

المصدر: سواليف

كلمات دلالية: حفظي اشتية المشروع العربی من الزمان هذا الشعب یکفی هذا هی التی فی أرضه لکنه لم ما جرى فی هذا فی وجه

إقرأ أيضاً:

أحدث إصدارات سلطان تكشف الأطماع البرتغالية في الخليج العربي

كشف صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى، حاكم الشارقة، الأطماع البرتغالية في الخليج العربي وأساليبهم الرامية إلى إضعاف اقتصاد عمان عبر اتفاقيات كانت تعقد بين البرتغاليين وسلاطين الهند.
جاء ذلك في مقدمة أحدث إصدارات سموه، بعنوان «البرتغاليون في بحر عُمان.. أحداث في حوليات من 1497 إلى 1757م»، الصادر عن منشورات القاسمي وقام سموه بتوقيع هذا المنجز التاريخي الجديد خلال معرض مسقط الدولي للكتاب، الذي يقام تحت شعار «التنوع الثقافي ثراء الحضارات».
صدر هذا السفر الكبير في واحد وعشرين مجلداً باللغة العربية ومثلها باللغة الإنجليزية ويتراوح عدد صفحات المجلد الواحد بين 400 و600 صفحة، بمجموع كلي يصل إلى 10500 صفحة ويحتوي كل مجلد على مجموعة من الوثائق والرسائل، حيث بلغ مجموع الوثائق في الحولية 1138 وثيقة، تم جمعها من مراكز الوثائق حول العالم.
ولا يقتصر الكتاب الذي جاء مرتباً حسب التسلسل الزمني، على إيراد الرسائل فحسب، بل يضم كتباً كاملة ومؤلفات نادرة لمؤلفين برتغاليين تنشر للمرة الأولى، ما يجعله كنزاً تاريخياً لا يقدر بثمن، يرصد أحداثاً مهمة وحيوية وأحداث معارك وقعت في تلك الفترة وامتدت إلى 260 سنة، دارت وقائعها في بحر عمان الذي شهد تحركات الأساطيل البرتغالية وهي تشق طريقها إلى الهند.
ويميط صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، اللثام عن حقائق تاريخية تذكر للمرة الأولى، مع تحقيق علمي رصين، ودراسة مستفيضة موثقة بالأدلة وبجهود حثيثة وسعي دؤوب وسلك سموه فيه منهجاً فريداً، حيث استطاع اقتناء مجموعة كبيرة من المخطوطات البرتغالية والهولندية والبريطانية، استغرق جمعها مدة طويلة.
وغاص سموه في بطون المخطوطات، بمراحل من العمل العلمي الجاد، بدءاً من فرزها حسب السنوات وتصنيفها، ثم ترجمتها، لذا فإن القارئ عندما يقلب صفحات الكتاب سينتقل في رحلة عبر الزمن لوقائع وأحداث تاريخية سطرتها أقلام البرتغاليين في مراسلاتهم وخطاباتهم ومؤلفاتهم، كما سيشعر القارئ، أيضاً تُجلَى طبيعة الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والظروف والأحوال التي شهدتها منطقة بحر عمان في تلك الفترة.
ويعد هذا الإصدار إضافة نوعية وإثراءً قيماً للمكتبة العربية والعالمية ومرجعاً هاماً للباحثين والمهتمين بتاريخ العرب، حيث يقدم معلومات وحقائق ظلت لفترة طويلة بعيدة عن متناول القراء.
واعتمد صاحب السمو حاكم الشارقة، منهجاً اعتمده المؤرخون في الإسلام لسرد قصص وأخبار من سبق من الأمم، حيث وصف سموه مواقع وأمكنة بتفاصيلها مكانيّاً وزمانيّاً وبإيضاح المعنى الدقيق والفهم العميق للأحداث الرئيسة.
وممّن كان له السبق في هذا المنهج المؤرخان الكبيران، الهيثم بن عدي بن عبد الرحمن الكوفي وأبو عبد الله محمد بن عمر الواقدي، حيث إن الحوليات نوعان، أولهما مسلك سرد الأحداث في سنة من السنوات دون التقيد بذكر منطقة معينة أو مكان معين والثاني يتناول أحداث منطقة معينة وفق تسلسل زمني دقيق.
بالعودة إلى التفاصيل التي جاءت في كتاب «البرتغاليون في بحر عُمان»، فقد كانت التجارة بين الشرق والغرب ومنذ الأزمان البعيدة، تسلك طريقين رئيسين، الأول طريق البحر الأحمر ومصر، والآخر طريق الخليج العربي والعراق والشام وكلاهما تحت السيطرة العربية، لكن تلك الطرق كان يتم إغلاقها بسبب الخلافات السياسية والنزاعات وعندما تغلق تنقطع البضائع المترفة عن الوصول إلى أوروبا، عدا ما كان يصل إليها عن طريق أواسط آسيا.
ويسرد الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، تفاصيل حركة وصول البضائع إلى أوروبا في بداية القرن الخامس عشر عن طريق «جنوة» والبندقية «فينيسيا»، لكن جنوة خسرت موقعها التجاري بعد احتلال الأتراك للقسطنطينية عام 1453، كما أن الصراع بين البندقية والمماليك في مصر أبعد البندقية من المنافسة، لذا كان البحث عن طريق يوصل أوروبا بالهند مطلب جميع الدول الأوروبية، لأنه سيجلب لها الشهرة والمال الوفير.
ووفقاً لما حملته سطور الكتاب، فقد وصل الأسطول البرتغالي بقيادة «فاسكو دا غاما»، عبر رأس الرجاء الصالح بجنوب إفريقيا، إلى شرقي إفريقيا ومن ثم إلى الهند وذلك عام 1497، ثم تتالت الأساطيل الحربية البرتغالية لتحتل أجزاء من الهند وبلداناً على شاطئ بحر عُمان وسواحل فارس واستمر ذلك الاحتلال والتسلط على خيرات تلك البلدان حتى عام 1757.
وكشف سموه، أنه جمع الوثائق الخاصة بذلك الاحتلال الذي دام مئتين وستين عاماً، من جميع مراكز الوثائق في العالم وقد استغرق ذلك خمسة عشر عاماً وبعد ذلك الجهد قام سموه بترجمة تلك الوثائق من اللغة البرتغالية إلى اللغة الإنجليزية ومن ثمّ إلى اللغة العربية وكانت تحتوي على جميع الأحداث التي جرت والتي كانت توثق تلك الحوادث من مصادر مختلفة.
ولفت سموه إلى أنه صنف تلك الوثائق في مجلدات، باللغة العربية وباللغة الإنجليزية، راجياً أن يكون هذا العمل عوناً للدارسين والباحثين الذين يهمهم تاريخ عُمان والبلدان المجاورة له، سائلاً الله أن يجزى النفع بما أدى من واجب وأن يكون العمل خالصاً لوجه الله تعالى.

مقالات مشابهة

  • انتخاب ميّ الرشيد رئيسًا للاتحاد العربي للريشة الطائرة
  • ???? الحقيقة التي يعلمها هذا التائه أن معركة الكيزان ليست مع أشباه الرجال !!
  • أحدث إصدارات سلطان تكشف الأطماع البرتغالية في الخليج العربي
  • عبد الحميد.. خطاط من الأنبار يُعيد للحرف العربي وهجه بشغف لا ينطفئ (صور)
  • الراهب: السومة يركز على التسجيل وعسيري يعلق: ما يقدمه لا يكفي لبقاء العروبة.. فيديو
  • حزنت جدا للمصيبة التي حلت بمتحف السودان القومي بسبب النهب الذي تعرض له بواسطة عصابات الدعم السريع
  • نهال عنبر تستعيد ذكرياتها مع عائلتها بكلمات مؤثرة
  • الخطُّ العربيُّ.. الجماليّاتُ الفلسفيَّة والسحرُ الخفيّ
  • دارفور التي سيحررها أبناء الشعب السوداني من الجيش والبراءون والدراعة ستكون (..)
  • وزير الخارجية البولندي لروسيا: أليس لديكم ما يكفي من الأراضي؟