شفق نيوز/ صدر كتاب جديد تحت عنوان "العراق ضد العالم" للمؤلف صاموئيل هيلفونت الذي يعتبر فيه أن كيفية الاستجابة لحرب الخليج الأولى، هي التي ساهمت بشكل حاسم في إعادة تشكيل النظام الدولي بعد الحرب الباردة، وليس فقط الغزو الأمريكي للعراق عام 2003 برغم أهميته بالنسبة إلى الولايات المتحدة والعراق والسلام والأمن العالميين.

وذكر موقع "واشنطن ريبورت" الأمريكي، في تقرير ترجمته وكالة شفق نيوز، أن الكتاب الصادر من دار نشر جامعة اوكسفورد عام 2023، يعتمد على محفوظات عراقية من عهد صدام حسين، لم تتم ترجمتها من قبل، وتعود إلى حزب البعث وجهاز المخابرات العراقي السابق، إلى جانب مصادر عربية أخرى، وذلك من أجل تقديم معلومات جديدة حول كيفية استخدام العراق لعمليات التأثير السياسي بهدف تغيير السياسة والسياسات في الدول الأجنبية.

سجلات البعث والمخابرات

وبحسب التقرير فإن المؤلف هيلفونت يشير إلى أن الاعتماد على سجلات حزب البعث والمخابرات، يغفل وجهة نظر وزارة الخارجية التي لم تنجو سجلاتها من حرب ما بعد عام 2003.

وبرغم ذلك، يقول التقرير؛ إن هذه السجلات توفر نظرة عميقة ومهمة حول كيفية سعي العراق للخروج من زاوية العزلة والإدانة الدولية، بالإضافة إلى ما توفره من نظرة نادرة على طبيعة عمليات التأثير السياسي، والتي تعد جزءاً غير مدروس في السياسات الخارجية للعديد من الدول ويصعب التحقيق فيها بالتفصيل من دون إمكانية الوصول إلى عدد كبير من الوثائق الداخلية.

وتابع التقرير الأمريكي أنه بالإضافة إلى أن الكتاب يوفر لمراقبي شؤون الشرق الأوسط رؤى جديدة مذهلة، فإنه يساعد القراء عموماً أيضاً على فهم أفضل للدسائس المحيطة بحملات التدخل المستمرة التي تنفذها روسيا والصين والولايات المتحدة وغيرها.

غزو الكويت

وذكر التقرير أنه يجب رؤية العالم من خلال منظار الحكومة العراقية من أجل فهم التصرفات العراقية ما بين عامي 1990 إلى 2003، موضحاً أنه بالنسبة لبقية العالم، فإن غزو العراق للكويت في العام 1990 فرض تهديداً على النظام الدولي بعد الحرب الباردة وانتصار الديمقراطية الليبرالية عالمياً، وسيادة القانون الدولي.

وتابع التقرير "باختصار، فإن العالم كان متحداً ضد العراق حيث أنهكت القوى الكبرى العراق بالعقوبات وعمليات التفتيش على الأسلحة ومناطق حظر الطيران من خلال القوة الشرعية التي تتمتع بها الأمم المتحدة".

مجلس الأمن الدولي

وأضاف أن عراق صدام حسين، حاول كسر هذه الجبهة الموحدة والتصدي لما يعتبر أنه نظام فرضته الولايات المتحدة من خلال عمليات التأثير التي تمارسها، والتي تضمنت نشر تقارير إخبارية معينة ودفع رواتب لنشطاء ينتحلون صفة مواطنين عاديين وذلك بهدف إثارة الانقسام بين أعضاء مجلس الأمن الدولي.

وأشار التقرير إلى أنه لا بد من الإشارة إلى أن حزب البعث لم يخلق بمفرده توترات بين دول التحالف، فيما يجادل الكتاب بشكل مقنع بأن أعمال الحزب عززت من الاحتكاكات السياسية القائمة وساهمت في إثارة خيبة أمل العديد من الناس والحكومات من العقوبات المفروضة على العراق.

وبحسب هيلفونت في كتابه، فإن خطة بغداد كانت ناجحة  بدرجة كبيرة، مضيفاً أنه في حين واجه العراق خلال أوائل تسعينيات القرن الماضي موقفاً موحداً من جانب مجلس الأمن الدولي، فإنه بحلول أواخر التسعينيات كان مجلس الأمن وحتى حلفاء أمريكا أنفسهم، قد صاروا أكثر انقساماً حول أهمية وحكمة الاستمرار في معاقبة العراق بعقوبات مدمرة.

قلب الطاولة الأمريكية

ويعتبر كتاب "العراق ضد العالم" ان العراق كان قادرا على كسر الإجماع على العقوبات وقلب الطاولة على الأمريكيين، إذ انه مع حلول وقت غزو العام 2003،  كانت الولايات المتحدة تسير وحدها تقريبا في نهجها المتشدد تجاه العراق.

ويرى هيلفونت في كتابه أن عراق صدام حسين، شكل التحدي الكبير الاول للنظام الدولي الليبرالي الجديد فيما بعد الحرب الباردة وساهم في التشققات التي بدأت تظهر فيه في اواخر التسعينيات واوائل القرن الـ21.

وبعدما اشار التقرير الى انقسام التحالف المناهض للعراق، وشن الولايات المتحدة حربها الوقائية على العراق، قال انه من خلال العمل بدون تفويض من الأمم المتحدة ومن دون موافقة معظم الدول الاخرى، فان واشنطن وجدت نفسها على خلاف مع النظام الدولي الليبرالي الذي يفترض انها بطلته الرئيسية.

وختم التقرير بالقول إن رواية تاريخ انهيار نظام ما بعد الحرب الباردة، غالبا ما يتم سرده من خلال الاخفاقات في البلقان ورواندا والصومال، إلا أن كتاب "العراق ضد العالم" يقدم تصحيحا مفيدا، إذ يظهر أن الشروخ الاولى في هذا النظام، ظهرت فيما يتعلق بالعراق، وان العراق نفسه حاول بنشاط تعزيز هذه الانقسامات.

واضاف التقرير ان الاساليب التي حاول العراق من خلالها القيام بذلك، تقدم رؤى جديدة تحديدا حول السياسة الخارجية لصدام حسين، والتفكير القائم في هذه الدول المنبوذة والمارقة بشكل عام. وخلص الى القول ان خطوط التحقيق هذه توفر رؤية جديدة لعراق صدام حسين، ونجاحات وتناقضات النظام الليبرالي العالمي.

ترجمة: وكالة شفق نيوز

المصدر: شفق نيوز

كلمات دلالية: محمد شياع السوداني السوداني العراق نيجيرفان بارزاني بغداد ديالى الحشد الشعبي تنظيم داعش النجف السليمانية اقليم كوردستان اربيل دهوك إقليم كوردستان بغداد اربيل العراق اسعار النفط الدولار سوريا تركيا العراق روسيا امريكا مونديال قطر كاس العالم الاتحاد العراقي لكرة القدم كريستيانو رونالدو المنتخب السعودي ديالى ديالى العراق حادث سير صلاح الدين بغداد تشرين الاول العدد الجديد غزو الكويت حزب البعث النظام العالمي الولايات المتحدة الامريكية الولایات المتحدة النظام الدولی مجلس الأمن صدام حسین من الدول من خلال إلى أن

إقرأ أيضاً:

المستجدات ومنطق السياسة

 

حركة التوازنات في المنطقة العربية والعالم تتغير وبشكل متسارع وسوف تترك التداعيات من جراء اغتيال سيد المقاومة الشهيد السيد حسن نصرالله – أمين عام حزب الله في لبنان، واقعا جديدا ومتغيرا، كما أن ملامح المرحلة التي يوحي بها الواقع اليوم تقول أن القوة ستكون هي الفيصل في رسم معالم المستقبل وبالتالي فقواعد اللعبة السياسية ستأخذ مسارات لم نكن نتوقعها، فقادة المرحلة وأبرز رموز محور المقاومة الإسلامية يتعرضون للاغتيالات والتصفية الجسدية وهذا في حد ذاته مؤشر خطير وسياسة قمعية غير مسبوقة ونقول غير مسبوقة لأنها تحدث بشكل متواتر وبمباركة النظام الدولي وتحت مظلة الصمت العربي والعالمي، فالذين فرحوا باغتيال هنية وسيد المقاومة وقادة الصف الأول للمقاومة في لبنان هم في قائمة التصفيات المؤجلة، فإسرائيل تتحرك بجنون لبلوغ غايتها في دولة إسرائيل الكبرى .

وتحت سماء اليمن ثمة شيء قد تغير اليوم، وفهم أبعاد التغير والتبدل يجعلنا على أعتاب الصناعة، وبعدنا عن فهم مجريات الأحداث يجعلنا في ذات الدائرة دون الوصول إلى غاية، لذلك فالمرحلة تتطلب فهم التداعيات والأبعاد من كل جانب حتى نتمكن من صناعة التوازن لتحقيق المصالح العامة والمرسلة .

السياسة صناعة نستطيع توفير خاماتها من الفرص التي تتركها بين أيدينا، ونحن فيها أمام خيارين: إما الاقتناص واستغلال اللحظات، أو التفويت، ومن فاتته الفرص ولم يستغلها ترمد في ميدان السياسة .

اليوم نحن أمام واقع جديد في اليمن وفي الوطن العربي وفي العالم كله، فالذي حدث ويحدث هو تحول كبير في المسارات، وتلك التحولات سوف تترك آثارا عميقة في البناءات وفي مسارات اللحظة والمستقبل، تترك آثارا على اللحظة من خلال ما تتركه من ظلال على النظام العام والطبيعي، وتترك ظلالا على المستقبل من خلال ما تقوم به اللحظة من تأسيس لقضايا ستكون هي ملامح المستقبل، ولذلك فالصناعة تبدأ من اللحظة التي نعيش ونشهد تبدلاتها وتحولاتها العميقة سواء في المسار اليمني أم في المسار العربي والدولي، فكل المسارات تتكامل وتترك أثرا واضحا على الصناعة وعلى المستقبل .

فحين تفرد النظام الرأسمالي بحكم العالم والتحكم بمصالحه سعى جاهد على القضاء على حركات التحرر أو ذات النزعة الاستقلالية في العالم أو في الوطن العربي وبالرغم من جهوده الحثيثة في هذا الاتجاه إلا أنه لم يتوقع أو لم يدر في بال قادة النظام العالمي الرأسمالي أن ثمة صانع وثمة قوة خفية عظمى تدير العالم وتحفظ مصالح العباد بقدر كاف من التدافع خوف الفساد في الأرض، وهو الأمر الذي نشأ بالتوازي مع حالة التفرد بعد انهيار الاتحاد السوفيتي في تسعينيات القرن الماضي وهو اليوم يسير في نفس المسار وقد يبلغ غايته.

حاولت أمريكا ومن شايعها القضاء على الحركات القومية وتفكيك النزعة الاستقلالية وعلى هدم المثاليات وهدم الإسلام من داخله من خلال الحركات الأصولية التي تصنع في الجامعة الإسلامية في إسرائيل والتي تتبع الموساد مباشرة فيكون أفرادها قادرين على السيطرة على الوجدان العام من خلال خطاب العصبية الدينية الذي تنتهجه وتسيطر به على عامة المسلمين، وقد رأينا كيف سيطروا على موجهات الإخوان وما تناسل عن الإخوان من جماعات مثل الجهادية والقطبية وغيرهما من الجماعات الذين نشطوا في اغتيال الكثير من رموز التنوير في الوطن العربي خوف الوعي واليقظة، فالنظام الرأسمالي يعتبر التظليل وتسطيح الوعي بالقضايا المصيرية للأمم طريقا للوصول إلى غاياته .

ومن الملاحظ منذ سقط المعسكر الشرقي بيد الغرب سقطت في المقابل المدارس النقدية والفكرية والفلسفية والثقافية فالصراع المحموم الذي شهده العالم وكانت من نتائجه الكثير من المدارس الفكرية والفلسفية والأدبية والثقافية اختفى فجأة مع رغبة الرأسمالية في تسطيح الوعي، ولذلك خلقوا بدائل تلامس القشور وتلهي العالم وفي ذات اللحظة تدر مالا كثيرا مثل البرامج والمسابقات التي يسمح بتعميم تجاربها في الفضائيات مثل مسابقات الشعر ومسابقات الصوت أو مسابقات المعلومات وهي أعمال تديرها في الوطن العربي قنوات(mbc) ويمكن مراجعة قائمة البرامج التي تبثها أو بثتها ومقارنتها مع مماثل لها يخرج أو خرج من غرف الاستخبارات العالمية والقيام بدراسة ولو محدودة ليكتشف المرء الدور الذي يقوم به النظام الرأسمالي الذي تقوده أمريكا في استغلال الشعوب وتسطيح وعيها واستغلال مقدراتها دون أن تدرك حجم الكارثة .

بالمختصر المفيد.. ما وصل إليه العرب والمسلمون اليوم من ذبول وهوان وانكسار كان بسبب حالة الاستغلال والغبن الذي مارسته أمريكا ونظامها الرأسمالي القذر الذي خدع الناس بالقيم ومبادئ الحقوق والحريات فكان أبشع وأفظع من انتهكها، ومع التداعيات الجديدة التي سوف تسفر عن واقع جديد في العالم لا بد من الانتباه إلى فكرة الصناعة فهي الأقدر على التحكم بمقاليد المستقبل، ولا ننسى نظام التفاهة الذي يدار اليوم عبر منصات التواصل الاجتماعي حيث نجد التفاعل مع السطحي والمبتذل وكل فكرة غير ذات قيمة كبيرا في مقابل تقييد الحسابات الجادة ذات القيمة وذات المعنى والحد من التفاعل معها عبر نظام الخوارزميات .

العالم اليوم يتعرض لمؤامرة كبرى من قبل الصهيونية العالمية والتعامل مع هذا العالم لا بد أن يكون وفق منطقه، فالدواء في الغالب لا يكون إلا من عنصر الداء.

 

 

 

 

مقالات مشابهة

  • باحثة سياسية: الولايات المتحدة الأمريكية هي التي تسير الأمور في الشرق الأوسط
  • بعد المباشرة بتسجيلهم بالمدارس العراقية.. هل بإمكان شمول الطلبة اللبنانيين الذين لايملكون وثائق؟
  • المستجدات ومنطق السياسة
  • ارتفاع أسعار السلع وتوقعات بالمزيد.. صعود معدلات التضخم على أساس شهري
  • مجلس الأمن الدولي يدرس تبني وثائق جديدة حول لبنان
  • مباريات الأهلي خلال شهر أكتوبر.. صدام قوي ضد الهلال والاتحاد
  • العالم يتخلى عن بايدن ويتجاوزه.. مايكل هيرش: خطاب الرئيس الأمريكى حول النظام العالمى عكس فشل دبلوماسية واشنطن فى الشرق الأوسط
  • كاتب صحفي: النظام الدولي الحالي غير قادر على حل الأزمات
  • أستاذ علوم سياسية: النظام الدولي ينهار بكل قواعده ومؤسساته
  • سيف بن زايد: الإمارات ملتزمة بتعزيز التعاون الدولي لتحقيق الأمن المستدام في مختلف أنحاء العالم