جريدة الوطن:
2024-10-02@22:19:21 GMT

أجمل العلاقات!

تاريخ النشر: 21st, August 2023 GMT

أجمل العلاقات!

عاش ذلك القرد، كشقيق من ستَّة أشقَّاء ـ ثلاثة بنين، وثلاث فتيات ـ وأدرك حينها وهو في خضمِّ مَرَضه معنى الأُسرة الكبيرة، وأنَّ الجميع مِنْهم قَدْ لاحظ شخصيَّاتهم المختلفة. على الرغم من أنَّه لَمْ يَرَ عائلته بعد انتقاله بعيدًا عن مسقط رأسه، إلَّا أنَّ الذهاب إلى العلاج كشخص بالغ ساعده على فهم مقدار الملجأ الذي لا يزال من المُمكن أن يظلَّ فيه الأشقَّاء، ربَّما بسبب سياقهم العميق والتاريخ المشترك كإخوة.


وفي هذا السِّياق، نعي جميعًا أنَّه يتمُّ تضمين اتِّصال الأطفال في نظام الأُسرة ويتشكَّل من قِبل والديهم. ثم يبدأون في أن يصبحوا مستقلِّين، وفي النهاية يبدأ هؤلاء الإخوة ببناء حياتهم الخاصَّة. وحقيقة عِندما ننظر بعُمق في هذا الترابط وفي عصرنا هذا، نراه في تلكم السنوات اللاحقة لهذه العلاقة، خصوصًا كيف كان رباط الأخوَّة مزيجًا مثيرًا للفضول من غير الطوعي، فلا أحد يختار أشقَّاءه، بل ـ إن استطعت القول أيضًا ـ والطوعي، حيث إنَّ الابتعاد عن الأشقَّاء يُعدُّ عمومًا أقلَّ أهمِّية من الطلاق أو القطيعة مع أحد الوالدين.
ولعلَّه هنا ـ وبنظرة نفسيَّة ـ يتمُّ إجبار الأشقَّاء معًا، وفجأة لا يفعلون ذلك. فاستقلال مرحلة البلوغ عِندما لا يكُونُ القرب مطلوبًا وتقلُّ الالتزامات المرتبطة ـ كما يعتقد ـ بالأُسرة الكبيرة. ثمَّ يخلق فرصًا للأشقَّاء لبناء علاقات الشَّباب ومراحل الحياة المختلفة، وهناك يظلُّون للبقاء عالقين في الأدوار التي أدَّوها كأطفال أو التحرُّر مِنْها. بلا شك معظم الذكريات الأساسيَّة التي نمتلكها هي عِندما كنَّا صغارًا، حيث نلعب في الخارج، نذهب إلى الشاطئ، ونذهب للتخييم، ولا نتحمَّل مسؤوليَّات الكبار هذه. ومهما يكُنْ أيضًا من ظروف الحياة، لا يزال بإمكان أولئك الأشقَّاء إنشاء ذكريات أساسيَّة على الرغم من أنَّ بعض الأشخاص الذين يحبُّونهم ليسوا هنا. فعلى الأقلِّ لدَيْهم بعضهم البعض، وهي ـ بلا أدنى شك ـ تجلب حياة جديدة إلى عالَمهم.
وهناك حقيقة أرى نَفْسي مع تساؤل، غالبًا ما أراه حاضرًا، عِندما أنظر لتلك العلاقة، ألَا وهي عمليَّة اجتماع الأشقَّاء معًا في وقت لاحق من الحياة لإعادة تقييم الرابطة وإعادة كتابتها ـ إن صحَّ القول ـ. فخلال مرحلة الطفولة، يرى الأطفال والدَيْهم على أنَّهما محور الأُسرة، لذا فإنَّ إعادة التمركز، تشير حتمًا إلى تمركز رابطة الأخوَّة بدلًا من ذلك. وهنا يأتي العامل المُهمُّ لبناء تلك العلاقة ـ ومن وجهة نظر متواضعة ـ لعلَّ الدفء هو أساسها؛ فمهما تشاحن الأطفال أمام والدَيْهم، وكثر الصراع فهو ليس بالضرورة مُشْكِلة إذا كان هنالك أيضًا دفء مرتفع! ناهيك وأنَّ أحداث وتحوُّلات الحياة الكبرى، مِثل الزواج والإنجاب والموت، يُمكِن أن تهزَّ الأُسرة أحيانًا، وربَّما الضغوط المرتبطة بها يُمكِن أن تفرِّقَ النَّاس أيضًا، ولذلك استمرار ذلك الدفء يجعلها قائمة ومستمرَّة.
وحقًّا رسالتي هنا ـ لأولئك الأشقَّاء الذين أرهقهم الشقاق ـ تذكَّروا أنَّ روابط الأشقَّاء هي بالنسبة لكثير من النَّاس أطول العلاقات في حياتنا. نحن نعرف الأشقَّاء قَبل أن نلتقيَ بشركائنا (وقَبل أن ننجبَ أطفالنا)، وسنعرفهم بعد وفاة والدينا. أوَلَيس الأشقَّاء هم جزءًا حيًّا من تاريخ شخص ما وشكلًا من أشكال الذاكرة التي تعيش خارج أنفُسِنا؟
ختامًا، الطبيعة المتغيِّرة للعلاقة تقدِّم للأخوَّة خيارًا: السماح لهذا التاريخ بتعريف الرابطة أو استخدام الماضي كأساس يُمكِن أن تنموَ مِنْه طريقة جديدة للتواصل. لذلك دائمًا ما أُحيي تلك الروابط المستمرَّة والتي تكبر بَيْنَ الأشقَّاء يومًا بعد، مهما عكَّرتها الظروف. فاسْعد عِندما تردِّد تلك الكلمات: أُحبُّكِ أختي.. أُحبُّكَ أخي؛ لأنَّه بالحقيقة هناك شخص واحد فقط كان هناك منذ البداية!
د. يوسف بن علي الملَّا
طبيب ـ مبتكر وكاتب طبي
dryusufalmulla@gmail.com

المصدر: جريدة الوطن

إقرأ أيضاً:

من وحي مسلسل برغم القانون.. أسس اختيار شريك الحياة المناسب

مسلسل برغم القانون، يدور في إطار درامي، ويحظى بمتابعة جيدة سواء على الشاشة، أو من خلال مواقع التواصل الاجتماعي، وتدور قصته حول سيدة تدعى «ليلى» تعمل بالمحاماة، تستيقظ في إحدى الليالي لتجد نفسها وحيدة، بعد اختفاء زوجها بشكل مفاجئ، تاركا طفلين وهما ليلى وهاشم، لتتحمل الزوجة التي تؤدي دورها الفنانة «إيمان العاصي» مسئوليتهما كاملة، في خط درامي شيق، لذا تقدم «الوطن» بعض النصائح لاختيار الشريك المناسب.

عند اختيار شريك الحياة لا يشترط أن يكون ثريًا، أو ذو مكانة اجتماعية عالية جدًا، بل يكفي أن يكون قادرًا على تلبية الاحتياجات الأسرية العادية من مأكل وملبس، ويمتلك مهنة تعيله وأسرته بشرف دون الاضطرار للجوء لأحدهم، وقادرًا على مواجهة أعباء الحياة، حتى لا يهرب من مسئوليته يومًا ما وتكوين أسرة ناجحة، بحسب نهال الشيمي خبيرة علم الاجتماع الأسري، في حديثها لـ«الوطن».

القدرة على التواصل بشكل فعال

القدرة على التواصل بشكل فعّال، أحد أهم الأسس التي يجب أن تتوفر في الشريك، حتى يتمكن من التعبير عن نفسه واهتماماته، فالمشاركة تعمل على تحسين المشاعر بين الشريكين، وبشكل عام لابد من التواصل الدائم بين الزوجين، لكن الخطوات تختلف من شخص لآخر.

الاحترام أهم الصفات المطلوبة في شريك الحياة

الاحترام أهم الصفات المطلوبة في شريك الحياة، مع وضع الحدود الشخصية بين الشريكين، إذ يجب أن يتفق كل شريك على عدم تجاوز تلك الحدود، بغض النظر عن المرور بظروف صعبة، مثل الإحباط وخيبة الأمل أو جرح المشاعر، إذ أن الاحترام وتبادله أمرًا حيويًا في الحفاظ على استقرار الأسرة، وفق خبيرة علم الاجتماع الأسري.

القدرة على إظهار التعاطف

يجب أن يكون الشريك قادرًا على إظهار التعاطف، لأنه يعني تعرفه على مشاعر واحتياجات الطرف الآخر، وهو أمر بالغ الأهمية لنجاح العلاقة، لأنه يؤدي إلى الشعور بمزيد من التفاهم بين الزوجين ومن ثمّ وصول سفينة الحياة الزوجية لبر الأمان، وفق نهال الشيمي خبيرة علم الاجتماع الأسري.

مقالات مشابهة

  • من وحي مسلسل برغم القانون.. أسس اختيار شريك الحياة المناسب
  • أبين تغرق في الظلام: انقطاع الكهرباء المتكرر يشل الحياة ويفاقم معاناة المواطنين
  • برج القوس.. حظك اليوم الأربعاء 2 أكتوبر 2024: حنين لشريك الحياة
  • الإحباط وصراعات الحياة
  • « قزم أبيض» يستشرف مستقبل الحياة على الأرض
  • إلّا شريان الحياة!
  • شاهد بالفيديو.. أسطورة كرة القدم المصرية: (قضيت أجمل أيام حياتي في السودان وحزين لما يحدث فيه والخير كله موجود بالسودان)
  • ملامح من الحياة في كندا (4)
  • درك تسلطانت يداهم مصنع لتقطير ماء الحياة بدوار زمران
  • ”صراع الحياة: الألغام الحوثية وخرائط الموت في اليمن”