جريدة الوطن:
2024-11-23@22:30:16 GMT

أجمل العلاقات!

تاريخ النشر: 21st, August 2023 GMT

أجمل العلاقات!

عاش ذلك القرد، كشقيق من ستَّة أشقَّاء ـ ثلاثة بنين، وثلاث فتيات ـ وأدرك حينها وهو في خضمِّ مَرَضه معنى الأُسرة الكبيرة، وأنَّ الجميع مِنْهم قَدْ لاحظ شخصيَّاتهم المختلفة. على الرغم من أنَّه لَمْ يَرَ عائلته بعد انتقاله بعيدًا عن مسقط رأسه، إلَّا أنَّ الذهاب إلى العلاج كشخص بالغ ساعده على فهم مقدار الملجأ الذي لا يزال من المُمكن أن يظلَّ فيه الأشقَّاء، ربَّما بسبب سياقهم العميق والتاريخ المشترك كإخوة.


وفي هذا السِّياق، نعي جميعًا أنَّه يتمُّ تضمين اتِّصال الأطفال في نظام الأُسرة ويتشكَّل من قِبل والديهم. ثم يبدأون في أن يصبحوا مستقلِّين، وفي النهاية يبدأ هؤلاء الإخوة ببناء حياتهم الخاصَّة. وحقيقة عِندما ننظر بعُمق في هذا الترابط وفي عصرنا هذا، نراه في تلكم السنوات اللاحقة لهذه العلاقة، خصوصًا كيف كان رباط الأخوَّة مزيجًا مثيرًا للفضول من غير الطوعي، فلا أحد يختار أشقَّاءه، بل ـ إن استطعت القول أيضًا ـ والطوعي، حيث إنَّ الابتعاد عن الأشقَّاء يُعدُّ عمومًا أقلَّ أهمِّية من الطلاق أو القطيعة مع أحد الوالدين.
ولعلَّه هنا ـ وبنظرة نفسيَّة ـ يتمُّ إجبار الأشقَّاء معًا، وفجأة لا يفعلون ذلك. فاستقلال مرحلة البلوغ عِندما لا يكُونُ القرب مطلوبًا وتقلُّ الالتزامات المرتبطة ـ كما يعتقد ـ بالأُسرة الكبيرة. ثمَّ يخلق فرصًا للأشقَّاء لبناء علاقات الشَّباب ومراحل الحياة المختلفة، وهناك يظلُّون للبقاء عالقين في الأدوار التي أدَّوها كأطفال أو التحرُّر مِنْها. بلا شك معظم الذكريات الأساسيَّة التي نمتلكها هي عِندما كنَّا صغارًا، حيث نلعب في الخارج، نذهب إلى الشاطئ، ونذهب للتخييم، ولا نتحمَّل مسؤوليَّات الكبار هذه. ومهما يكُنْ أيضًا من ظروف الحياة، لا يزال بإمكان أولئك الأشقَّاء إنشاء ذكريات أساسيَّة على الرغم من أنَّ بعض الأشخاص الذين يحبُّونهم ليسوا هنا. فعلى الأقلِّ لدَيْهم بعضهم البعض، وهي ـ بلا أدنى شك ـ تجلب حياة جديدة إلى عالَمهم.
وهناك حقيقة أرى نَفْسي مع تساؤل، غالبًا ما أراه حاضرًا، عِندما أنظر لتلك العلاقة، ألَا وهي عمليَّة اجتماع الأشقَّاء معًا في وقت لاحق من الحياة لإعادة تقييم الرابطة وإعادة كتابتها ـ إن صحَّ القول ـ. فخلال مرحلة الطفولة، يرى الأطفال والدَيْهم على أنَّهما محور الأُسرة، لذا فإنَّ إعادة التمركز، تشير حتمًا إلى تمركز رابطة الأخوَّة بدلًا من ذلك. وهنا يأتي العامل المُهمُّ لبناء تلك العلاقة ـ ومن وجهة نظر متواضعة ـ لعلَّ الدفء هو أساسها؛ فمهما تشاحن الأطفال أمام والدَيْهم، وكثر الصراع فهو ليس بالضرورة مُشْكِلة إذا كان هنالك أيضًا دفء مرتفع! ناهيك وأنَّ أحداث وتحوُّلات الحياة الكبرى، مِثل الزواج والإنجاب والموت، يُمكِن أن تهزَّ الأُسرة أحيانًا، وربَّما الضغوط المرتبطة بها يُمكِن أن تفرِّقَ النَّاس أيضًا، ولذلك استمرار ذلك الدفء يجعلها قائمة ومستمرَّة.
وحقًّا رسالتي هنا ـ لأولئك الأشقَّاء الذين أرهقهم الشقاق ـ تذكَّروا أنَّ روابط الأشقَّاء هي بالنسبة لكثير من النَّاس أطول العلاقات في حياتنا. نحن نعرف الأشقَّاء قَبل أن نلتقيَ بشركائنا (وقَبل أن ننجبَ أطفالنا)، وسنعرفهم بعد وفاة والدينا. أوَلَيس الأشقَّاء هم جزءًا حيًّا من تاريخ شخص ما وشكلًا من أشكال الذاكرة التي تعيش خارج أنفُسِنا؟
ختامًا، الطبيعة المتغيِّرة للعلاقة تقدِّم للأخوَّة خيارًا: السماح لهذا التاريخ بتعريف الرابطة أو استخدام الماضي كأساس يُمكِن أن تنموَ مِنْه طريقة جديدة للتواصل. لذلك دائمًا ما أُحيي تلك الروابط المستمرَّة والتي تكبر بَيْنَ الأشقَّاء يومًا بعد، مهما عكَّرتها الظروف. فاسْعد عِندما تردِّد تلك الكلمات: أُحبُّكِ أختي.. أُحبُّكَ أخي؛ لأنَّه بالحقيقة هناك شخص واحد فقط كان هناك منذ البداية!
د. يوسف بن علي الملَّا
طبيب ـ مبتكر وكاتب طبي
dryusufalmulla@gmail.com

المصدر: جريدة الوطن

إقرأ أيضاً:

تأثير الإنفلونسرز على مفهوم الحياة المثالية لدى المراهقين

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

تؤثر منصات التواصل الاجتماعي بكافة أشكالها في تشكيل مفهوم الحياة المثالية لدى المراهقين، حيث يسعى العديد من المراهقين إلى تقليد أسلوب حياة الإنفلونسرز الذين يبدون وكأنهم يعيشون حياة مليئة بالرفاهية والنجاح والمغامرات المثيرة، إلا أن هذه الصورة المثالية التي يتم عرضها على منصات التواصل الاجتماعي مثل الانستجرام أو التيك توك أو حتى اليوتيوب، ماهي إلا لقطات يتم انتقاؤها بعناية شديدة بعد أن يكون قد تم تعديلها بأكثر من وسيلة لتصل إلى الكمال، وهذه الصورة غير واقعية قد تشكل مفهوم الحياة المثالية للمراهقين من خلال مايتم عرضه في ارتداء ملابس فاخرة، وامتلاك سيارات فخمة، والسفر  إلى أماكن سياحية مختلفة، وصولا إلى علاقات اجتماعية وعاطفية مثالية وكأنها خالية من المشاكل أو التحديات، كل ذلك يعزز الانطباع لدى المراهقين بأن هذه هي المعايير التي يجب أن يسعوا إليها، حيث أنهم في تلك المرحلة العمرية يكونون في عملية تطوير لهويتهم الشخصية، وأكثر عرضة للتأثر بهذه الصور المثالية، فعندما يقوم المراهقون بمقارنة حياتهم مع الحياة التي يعرضها الإنفلونسرز يشعرون بعدم الرضا أو الدونية، وتلك المقارنات المستمرة قد تؤدي إلى شعورهم بعدم الثقة في النفس وأنهم لا يستطيعون الوصول إلى نفس المعايير أو النجاح الذي يظهر في صور الإنفلونسرز.
كما أن بعض المراهقين لا يتوقفون عند مجرد مشاهدة هذه الصور فقط، بل يتفاعلون مع الإنفلونسرز على منصات التواصل الاجتماعي بشكل يومي، وهذا التفاعل المستمر يعزز لديهم تأثير الإنفلونسرز لدرجة ان يصبحوا بالنسبة لهم قدوة ومثل أعلى يحتذون به. ومع كل مشاركة لصورة أو حدث جديد، قد يزداد الضغط على المراهقين لتحقيق مظهر أو نمط حياة مشابه، مما يفقدهم القدرة على قبول أنفسهم كما هم، ويصبح هدفهم الرئيسي هو أن يظهروا كما يظهر الإنفلونسرز، بدلًا من التركيز على تطوير مهاراتهم الشخصية أو التعبير عن أنفسهم بطريقة إيجابية تتناسب مع هويتهم الحقيقية. لكن هناك بعض النصائح التي من شأنها أن تقلل من هذا التأثير السلبي على المراهقين، ويتثمل ذلك في أن يتعلموا كيفية تقبل الاختلاف من حولهم سواء كان هذا الاختلاف في المظهر الخارجي أو في المستوى الاجتماعي أو في أسلوب الحياة، بالإضافة إلى تحديد المعايير الخاصة بهم بعيدًا عن الصور المثالية التي تعرضها منصات التواصل الاجتماعي، كذلك يوجد للأهل وللبيئة الاجتماعية المحيطة بالمراهقين دور في تعزيز وعيهم بالتأثيرات السلبية لمنصات التواصل الاجتماعي، وتوجيههم نحو استخدام تلك المنصات بشكل واعٍ ومتوازن.

 

مقالات مشابهة

  • الإشارة «صفارة».. حراس الشواطئ في مهمة للحفاظ على «الحياة»
  • تأثير الإنفلونسرز على مفهوم الحياة المثالية لدى المراهقين
  • في غزة فقط.. كسرة خبز تساوي الحياة!
  • واجهات إعلانية أم لاعبات .. حقائق صادمة حول أجمل لاعبات الكرة النسائية
  • بينها هدف صلاح.. الكشف عن قائمة أجمل أهداف الموسم الحالي للدوري الإنجليزي
  • أجمل دعاء ليوم الجمعة .. ردده الآن يرزقك من حيث لا تحتسب
  • العمدة صالح كوري: احرص على الموت توهب لك الحياة
  • اليوم.. الفنان عبد الرحيم حسن ضيف برنامج "الحياة انت وهى"
  • الفنان عبد الرحيم حسن ضيف برنامج «الحياة أنت وهي» على قناة الحياة اليوم
  • النجمة الملكية.. أجمل 5 مخلوقات بحرية في أعماق المحيطات