"ذاكرة الطفولة" زاوية نضيء فيها على طفولة أديب من الإمارات، نصغي لأولى تجاربه ورؤاه، أولى أفراحه وأحزانه، نمخر عباب مرحلة، بصماتها خالدة في أعماق الذات، وتتسرب لأطراف الأصابع، عبر النتاج الأدبي بين لحظة وأخرى.

جدتي الملاذ الأول والأخير لي ولأخوتي

أول كتاباتي قصيدة عن الصلاة

تتحدث الكاتبة والملحنة الإماراتية إيمان الهاشمي عن علاقاتها بوالديّها وجديّها أثناء الطفولة قائلة: "لن أنسَى أبداً جدي وجدتي رحمهما الله، كيف كانا يجمعانا أنا وأخوتي في مجلسهما، نجلس والشوق والحماس ينطلقان من أعيننا، ونحن نستمع منهما لقصص من القرآن الكريم، وفي كل قصة عبرة عميقة صالحة لكل زمان ومكان، كما أتذكر والدايّ وهما يسعدان بهذه اللحظة، ويجلسان معنا لينصتا إلى تلك القصص الرائعة، ثم يضيفان بدورهما بعض التفاصيل الشيقة التي لازالت محفورة في ذاكرتي، ثم يطرحان علينا أسئلة كي يتأكدا من فهمنا لما سمعناه، وأعتقد أن نشأتي في هذه البيئة، لعبت دوراً جوهرياً في قدرتي على الكتابة الأدبية الدقيقة، والحرص على وصف أدق التفاصيل، والأمر سيّان حين أرسم لوحاتي الفنية، حيث تأسرني الدقة قبل كل شيء، كما أثرت تلك النشأة على تكوين شخصيتي الموسيقية، مع امتداد ألحاني التي أهتم جداً بكل نوتة أعزفها".

ملاذ أول وأخير

وتضيف: "جدتي الملاذ الأول والأخير لي ولأخوتي حين تتفجر شقاوة الأطفال فينا، فتزعزع صبر والدايّ علينا، وللأمانة كنت طفلة مدللة بالنسبة لجدتي، تميزني عن إخوتي بشعلة من الأحاسيس والعواطف المفعمة بالبراءة، وكانت تشجعني على الرسم حين ألجأ إليها باكية أو شاكية، وكانت أمي تسعد حين وجدتني أصيغ ألحاني منذ نعومة أظافري، عوضاً عن المشاكسات الطبيعية مع إخوتي في البيت، وكذلك والدي الذي طالما عبّر عن فخره بي، وبكيفية توجيهي لطاقاتي ولجميع ما أشعر به، وتحويله إلى تحف فنية سواء بالرسم أو بالكتابة أو بالعزف على آلة البيانو والتلحين".
 وتتابع: "أحمد الله كثيراً على نعمة الأصدقاء، فالصديق الوفيّ يقال إن وجوده من الخرافات الثلاث، وهذا غير حقيقي لأن الرحمن منَّ عليّ بأجمل وأقوى صداقة، ربما على مرّ التاريخ، وأنا متأكدة أن هذه النعمة العظيمة لا يستطيع أن يحصل عليها الجميع في هذا الزمن، ولذلك أجدني في كل ركعة وسجدة ودعاء أحمد الله عز وجل على نعمة أصدقائي الأوفياء، الذين تشاركت معهم طفولتي ومراهقتي وشبابي، وأدعوه أن نظل معاً حتى آخر العمر، ونجتمع في الجنة أيضاً".

هوّيتي وهوايتي

وبالنسبة للهوايات التي مارستها، تذكر الهاشمي: "لم أدرك أن شغفي بالموسيقى والكتابة والرسم كان هواية، فأنا أجد نفسي في الفن وأعتبره هويتي وليس هوايتي، فقد بدأت العزف منذ سن الخامسة وقبله الرسم طبعاً مذ تعلمت أن أمسك القلم بيدي الصغيرتين، ومنذ أن تعلمت لغة القرآن الكريم وجدت لذة في لغة الضاد لا تفوقها سعادة على الأرض، فاللغة العربية لها سحر جميل لا ينضب جماله، وهي بحد ذاتها موسيقى ولوحة فنان في قلبي".
وعن علاقتها بالمدرسة تقول: "كنت تلميذة نجيبة ومحبّبة ومقرّبة من جميع أساتذتي ولا أزال أذكر معلمتي (صباح) التي كانت تثق بي جداً لدرجة أنها كانت تأخذني معها لصفوف أعلى من صفي لأجيب عن أسئلة صعبة لا يعرف إجابتها طلبة ذلك الصف، وتجعل مني قدوة حسنة لمن هم أكبر مني، كما أتذكر معلمي (عماد) الذي كان يغدق علينا الكثير من النصح والإرشاد أنا وزملائي، وكثيرون غيرهم من المعلمين الأجانب مثل (مستر ماكفرسن)، حيث أنني تتلمذت على يد نخبة مذهلة من الهيئة التدريسية طوال حياتي الأكاديمية، وما أزال أتعلم إلى يومنا هذا بعد حصولي على شهادة الماجستير واستعدادي لتحضير رسالة الدكتوراه، ولا أنسى مطلقاً فضل الدكتور (فؤاد الشعيبي) الذي ما زلت أتتلمذ وأنهل من علمه الذي لا ينضب".

قمة السعادة  

وحول علاقتها مع القراءة توضح: "القراءة بالنسبة لأبناء جيلي كانت تمثل قمة السعادة، لا سيما حين يحثّ الوالدان فلذات أكبادهما عليها،  ولا أنسى والدي وهو يعود كل يوم أربعاء حاملاً في يده مجلة ماجد التي كنت أنتظرها وأخوتي بشوق رهيب، ولا أنسى عيناي وهما تتلألآن كلما نظرت إلى المكتبة المنزلية وغرفة القراءة، التي تفوح منها رائحة الصفحات اللذيذة، وفي سن صغيرة قرأت بعض الكتب التي يصعب فهمها آنذاك، فمثلاً قرأت (كتاب الحيوان) للجاحظ قبل سن العاشرة، وأيضاً (العبقريات) لعباس محمود العقاد، والعديد من الكتب والدواوين الشعرية، وحينها لم أفهم شعر المتنبي وبقي تحدي في قلبي إلى أن كبرت وفهمته حد العشق، وقبل بضعة سنين كنت أتابع أحد الكتّاب على حسابه بوسائل التواصل الاجتماعي، وكان يعرض كتاباً سيبدأ في قراءته بعنوان (كفاحي) قصة حياة هتلر، فكتبت له في التعليق أنني قرأت الكتاب في عمر 13 عاما، مما أثار حفيظة الكاتب دون قصد مني! ولاحقا وضّحت له ولم يصدق أنني قرأته في ذاك العمر الصغير! وكل ما قرأته أخذ حيزاً من روحي لتتشكل على ما هي عليه اليوم". 
وبالنسبة لبداية رحلتها مع الكتابة تقول: "أول كتاباتي كانت قصيدة عن الصلاة بعد أن وبختني أمي لعدم انتظامي بالصلاة حينها، وكنت تقريباً في العاشرة من عمري، ولا أتذكر كم مرة نشرت مجلة ماجد أقوالي، التي كنت أختارها وأصوغها بنفسي وبطريقتي الخاصة، ولكن أتذكر أني كنت متميزة في حصة التعبير، وكان أستاذ اللغة العربية آنذاك يستدعيني دوماً لأقرأ على زملائي ما كتبته في موضوع الإنشاء، مما عزز ثقتي بنفسي كثيراً، وزاد من رغبتي في تطوير قدراتي الكتابية، واستمر الحال إلى أن أصبحت ولله الحمد كاتبة بالفعل، ولدي 6 كتب تم نشرها بنجاح".

المصدر: موقع 24

كلمات دلالية: التغير المناخي محاكمة ترامب أحداث السودان النيجر مانشستر سيتي الحرب الأوكرانية عام الاستدامة الملف النووي الإيراني

إقرأ أيضاً:

مكتب الاتحاد الأوروبي يثني على انتخابات كوردستان: كانت ناجحة ومنظمة

مكتب الاتحاد الأوروبي يثني على انتخابات كوردستان: كانت ناجحة ومنظمة

مقالات مشابهة

  • مكتب الاتحاد الأوروبي يثني على انتخابات كوردستان: كانت ناجحة ومنظمة
  • الكاتبة الصحفية أمل محمد الحسن: تناسل المليشيات يُلقي بظلال سالبة على جهود وقف الحرب و إحلال السلام بالسودان 
  • إيمان أسامة تكشف لـ« البوابة نيوز» ملامح المعرض العام بدورته الـ 45
  • طيبة الهاشمي: تطبيقات الذكاء الاصطناعي تسهم في تعزيز الإنتاجية بقطاع الطاقة
  • بعد شكوك حول ذكورتها.. تقارير طبية تكشف مفاجأة صادمة عن ‘‘جنس’’ الملاكمة الجزائرية ‘‘إيمان خليف’’
  • إثبات أن إيمان خليف ذكر متحول جنسيًا
  • تحنيط الكائنات البحرية.. إرث الغردقة الذي يعانق الزمن
  • ما هو مرض تضخم الغدة الكظرية الخلقي الذي تعاني منه إيمان خليف؟
  • ترامب يهاجم الجزائرية إيمان خليف ضمن حملته الانتخابية
  • “قيم الطفولة ،، رحلة من البراءة إلى الإرهاق”