الكاتبة والملحنة الإماراتية إيمان الهاشمي لـ24: "الفن هويّة لا هواية.. وأعزف منذ الطفولة"
تاريخ النشر: 21st, August 2023 GMT
"ذاكرة الطفولة" زاوية نضيء فيها على طفولة أديب من الإمارات، نصغي لأولى تجاربه ورؤاه، أولى أفراحه وأحزانه، نمخر عباب مرحلة، بصماتها خالدة في أعماق الذات، وتتسرب لأطراف الأصابع، عبر النتاج الأدبي بين لحظة وأخرى.
جدتي الملاذ الأول والأخير لي ولأخوتي
أول كتاباتي قصيدة عن الصلاة
تتحدث الكاتبة والملحنة الإماراتية إيمان الهاشمي عن علاقاتها بوالديّها وجديّها أثناء الطفولة قائلة: "لن أنسَى أبداً جدي وجدتي رحمهما الله، كيف كانا يجمعانا أنا وأخوتي في مجلسهما، نجلس والشوق والحماس ينطلقان من أعيننا، ونحن نستمع منهما لقصص من القرآن الكريم، وفي كل قصة عبرة عميقة صالحة لكل زمان ومكان، كما أتذكر والدايّ وهما يسعدان بهذه اللحظة، ويجلسان معنا لينصتا إلى تلك القصص الرائعة، ثم يضيفان بدورهما بعض التفاصيل الشيقة التي لازالت محفورة في ذاكرتي، ثم يطرحان علينا أسئلة كي يتأكدا من فهمنا لما سمعناه، وأعتقد أن نشأتي في هذه البيئة، لعبت دوراً جوهرياً في قدرتي على الكتابة الأدبية الدقيقة، والحرص على وصف أدق التفاصيل، والأمر سيّان حين أرسم لوحاتي الفنية، حيث تأسرني الدقة قبل كل شيء، كما أثرت تلك النشأة على تكوين شخصيتي الموسيقية، مع امتداد ألحاني التي أهتم جداً بكل نوتة أعزفها".
وتضيف: "جدتي الملاذ الأول والأخير لي ولأخوتي حين تتفجر شقاوة الأطفال فينا، فتزعزع صبر والدايّ علينا، وللأمانة كنت طفلة مدللة بالنسبة لجدتي، تميزني عن إخوتي بشعلة من الأحاسيس والعواطف المفعمة بالبراءة، وكانت تشجعني على الرسم حين ألجأ إليها باكية أو شاكية، وكانت أمي تسعد حين وجدتني أصيغ ألحاني منذ نعومة أظافري، عوضاً عن المشاكسات الطبيعية مع إخوتي في البيت، وكذلك والدي الذي طالما عبّر عن فخره بي، وبكيفية توجيهي لطاقاتي ولجميع ما أشعر به، وتحويله إلى تحف فنية سواء بالرسم أو بالكتابة أو بالعزف على آلة البيانو والتلحين".
وتتابع: "أحمد الله كثيراً على نعمة الأصدقاء، فالصديق الوفيّ يقال إن وجوده من الخرافات الثلاث، وهذا غير حقيقي لأن الرحمن منَّ عليّ بأجمل وأقوى صداقة، ربما على مرّ التاريخ، وأنا متأكدة أن هذه النعمة العظيمة لا يستطيع أن يحصل عليها الجميع في هذا الزمن، ولذلك أجدني في كل ركعة وسجدة ودعاء أحمد الله عز وجل على نعمة أصدقائي الأوفياء، الذين تشاركت معهم طفولتي ومراهقتي وشبابي، وأدعوه أن نظل معاً حتى آخر العمر، ونجتمع في الجنة أيضاً".
وبالنسبة للهوايات التي مارستها، تذكر الهاشمي: "لم أدرك أن شغفي بالموسيقى والكتابة والرسم كان هواية، فأنا أجد نفسي في الفن وأعتبره هويتي وليس هوايتي، فقد بدأت العزف منذ سن الخامسة وقبله الرسم طبعاً مذ تعلمت أن أمسك القلم بيدي الصغيرتين، ومنذ أن تعلمت لغة القرآن الكريم وجدت لذة في لغة الضاد لا تفوقها سعادة على الأرض، فاللغة العربية لها سحر جميل لا ينضب جماله، وهي بحد ذاتها موسيقى ولوحة فنان في قلبي".
وعن علاقتها بالمدرسة تقول: "كنت تلميذة نجيبة ومحبّبة ومقرّبة من جميع أساتذتي ولا أزال أذكر معلمتي (صباح) التي كانت تثق بي جداً لدرجة أنها كانت تأخذني معها لصفوف أعلى من صفي لأجيب عن أسئلة صعبة لا يعرف إجابتها طلبة ذلك الصف، وتجعل مني قدوة حسنة لمن هم أكبر مني، كما أتذكر معلمي (عماد) الذي كان يغدق علينا الكثير من النصح والإرشاد أنا وزملائي، وكثيرون غيرهم من المعلمين الأجانب مثل (مستر ماكفرسن)، حيث أنني تتلمذت على يد نخبة مذهلة من الهيئة التدريسية طوال حياتي الأكاديمية، وما أزال أتعلم إلى يومنا هذا بعد حصولي على شهادة الماجستير واستعدادي لتحضير رسالة الدكتوراه، ولا أنسى مطلقاً فضل الدكتور (فؤاد الشعيبي) الذي ما زلت أتتلمذ وأنهل من علمه الذي لا ينضب".
وحول علاقتها مع القراءة توضح: "القراءة بالنسبة لأبناء جيلي كانت تمثل قمة السعادة، لا سيما حين يحثّ الوالدان فلذات أكبادهما عليها، ولا أنسى والدي وهو يعود كل يوم أربعاء حاملاً في يده مجلة ماجد التي كنت أنتظرها وأخوتي بشوق رهيب، ولا أنسى عيناي وهما تتلألآن كلما نظرت إلى المكتبة المنزلية وغرفة القراءة، التي تفوح منها رائحة الصفحات اللذيذة، وفي سن صغيرة قرأت بعض الكتب التي يصعب فهمها آنذاك، فمثلاً قرأت (كتاب الحيوان) للجاحظ قبل سن العاشرة، وأيضاً (العبقريات) لعباس محمود العقاد، والعديد من الكتب والدواوين الشعرية، وحينها لم أفهم شعر المتنبي وبقي تحدي في قلبي إلى أن كبرت وفهمته حد العشق، وقبل بضعة سنين كنت أتابع أحد الكتّاب على حسابه بوسائل التواصل الاجتماعي، وكان يعرض كتاباً سيبدأ في قراءته بعنوان (كفاحي) قصة حياة هتلر، فكتبت له في التعليق أنني قرأت الكتاب في عمر 13 عاما، مما أثار حفيظة الكاتب دون قصد مني! ولاحقا وضّحت له ولم يصدق أنني قرأته في ذاك العمر الصغير! وكل ما قرأته أخذ حيزاً من روحي لتتشكل على ما هي عليه اليوم".
وبالنسبة لبداية رحلتها مع الكتابة تقول: "أول كتاباتي كانت قصيدة عن الصلاة بعد أن وبختني أمي لعدم انتظامي بالصلاة حينها، وكنت تقريباً في العاشرة من عمري، ولا أتذكر كم مرة نشرت مجلة ماجد أقوالي، التي كنت أختارها وأصوغها بنفسي وبطريقتي الخاصة، ولكن أتذكر أني كنت متميزة في حصة التعبير، وكان أستاذ اللغة العربية آنذاك يستدعيني دوماً لأقرأ على زملائي ما كتبته في موضوع الإنشاء، مما عزز ثقتي بنفسي كثيراً، وزاد من رغبتي في تطوير قدراتي الكتابية، واستمر الحال إلى أن أصبحت ولله الحمد كاتبة بالفعل، ولدي 6 كتب تم نشرها بنجاح".
المصدر: موقع 24
كلمات دلالية: التغير المناخي محاكمة ترامب أحداث السودان النيجر مانشستر سيتي الحرب الأوكرانية عام الاستدامة الملف النووي الإيراني
إقرأ أيضاً:
“عام المجتمع ” ..المجالس ” منصات حية لترسيخ منظومة القيم الإماراتية
تزامنا مع اعلان صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس الدولة “حفظه الله” تخصيص عام 2025 ليكون “عام المجتمع” في دولة الإمارات، زادت وتيرة نشاط المؤسسات الاجتماعية والخيرية المعنية في إمارة أبوظبي ، وسارعت نحو اعتماد عدد من البرامج المجتمعية والإعلان عن أنشطة وفعاليات تعكس روح تلك المبادرة عبر المجالس .
مبادرات حضارية غير مسبوقة
وأكد الباحث محمد سعيد الرميثي، ان مبادرات صاحب السمو رئيس الدولة السنوية تستثير الهمم والإبداع وتدفع نحو المزيد من التطور، وتعد منصات حية لترسيخ منظومة القيم الإماراتية، ومصدرا لإلهام الأجيال وتحفيزهم نحو تبني نمط حياة يرسخ معنى الخير والعطاء والتجديد والطموح والتآزر والتلاحم.
وشدد على ان مبادرة “عام المجتمع” رؤية كريمة جاءت لغرس المعاني والقيم والمبادئ، وتعزيز وتمكين الأصالة الوطنية وروح التعاون والألفة والمودة والمحبة بين جميع شرائح المجتمع الإماراتي، انطلاقا من القناعة العالمية، وهي أن قوة الدول والأمم لا تكمن في مواردها فقط، بل في الروح الجماعية لشعبها، وفي تماسكه والتفافه حول قيادته .
وقال: “المجالس” خير وسيلة وأداة تجسد روح المبادرة، وما تحمله من معاني تشجع كل من يعيش على هذه الأرض الطيبة على تبني ثقافة التطوع والتكافل والعطاء والتمسك بالقيم الأصيلة، وكرم الضيافة وطيب المعشر والبذل والتسامح، والخدمة المجتمعية والمسؤولية المشتركة نحو الإمارات، وتعزيز الترابط الأسري والتعاون المجتمعي، لدعم مسيرة وطن قوي ومتماسك ومزدهر.
وأضاف: مجالس حكام الإمارات لا ترد صاحب الحاجة، وأبوابها مفتوحة للترحيب والاستماع إلى كافة شرائح المجتمع، وسرعة الاستجابة و هو أسلوب استثنائي جعل الإمارات نموذجا متفردا في التلاحم المجتمعي الحقيقي.
مجالس الأحياء لا تخطئها العين
وأشار الرميثي إلى أن مشاريع “مجالس الأحياء” في إمارة ابوظبي لا يمكن أن تخطئها العين، وتعتبر جزءا لا يتجزأ من المنظومة الحكومية المميزة، تهتدي بهديها وتسير على نهجها بهدف تجسيد رؤيتها الرشيدة على أرض الواقع من خلال مشاريعها وخدماتها، وخصوصا على صعيد تعزيز منظومة البنية الاجتماعية والثقافية في مدينة ابوظبي وضواحيها، والمساهمة في دعم التنمية المستدامة وإيجاد المرافق الخدمية التي تلبي تطلعات المجتمع وتحقق أسباب السعادة لجميع السكان.
وقال: الحمدالله المجالس في إمارة ابوظبي طالها التطور والتحديث وتوسعت دائرة نشاطها، فبعد أن كانت مقتصرة على المجالس الفردية ظهرت حديثا مجالس الأحياء الحكومية، وطبيعي مع مرور الوقت تغير شكلها، وأصبحت أيقونات معمارية واجتماعية تتزين بها العاصمة ومناطقها المختلفة، وتبدل دورها التقليدي إلى دور أكثر حداثة وتطورا، وتحولت من مجالس تقليدية إلى مجالس خدمية وعامة تستوعب التحول الرقمي، واستطاعت إدماج الأدوات التكنولوجية والأنظمة الرقمية في خدماتها المجتمعية لجعلها أكثر حداثة وكفاءة.
ووفقا للإحصائيات الرسمية يوجد 68 مجلسا في إمارة ابوظبي، منها 30 مجلسا تعمل في مدينة ابوظبي وضواحيها، وفي منطقة العين يوجد 32 مجلسا، وفي منطقة الظفرة 6 مجالس، تقدم خدمات تنظيم الاعراس ومناسبات العزاء وحجز القاعات متعددة الاستخدام، وتوفر مكتباتها خدمات القراءة بالإضافة إلى إقامة الندوات والفعاليات المختلفة.
أقدم المجالس في إمارة ابوظبي
وحول تاريخ المجالس في إمارة ابوظبي.. قال الباحث محمد سعيد الرميثي: تاريخ المجالس في إمارة ابوظبي ضارب في القدم، ويعد مجلس الشيخ زايد بن خليفة، المعروف بالشيخ زايد الأول، من أقدم المجالس في الإمارة حيث قام بتأسيسه في قصر “الحصن” لكي يستضيف اجتماعاته الدورية، كما حرص على أن يستقبل الأهالي في مجلسه الذي كان مفتوحا للجميع، ولطالما تردد عليه الناس ليستمع إلى مطالبهم، ويقف على أحوالهم ويفصل في خلافاتهم، كذلك كان المجلس مكانا لتبادل الأخبار والقصص وإلقاء الشعر.
وأضاف: قصر “الحصن” شهد إلى جانب مجلس الحاكم؛ مجالس أخرى، منها مجلس للنساء، حيث استضافت الشيخة سلامة بنت بطي، المجلس النسائي في إحدى الغرف القريبة من غرفتها الخاصة، وكان يضم صفوة سيدات المجتمع من مواطنات أو مقيمات وزائرات.
وأشار الى انه ورد ذكر مجلس المؤسس الراحل الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان “طيب الله ثراه” في كثير من المراجع الأجنبية، وتحدث عنه الرحالة البريطاني مبارك بن لندن “ولفرد ثيسجر”، الذي قابل المغفور له الشيخ زايد عامي 1945 و1952 تحت ظل شجرة غاف معمرة اتخذها المغفور له مجلسا أمام قصر المويجعي في مدينة العين، ثم جاء ذكر مجلس الشيخ زايد الكائن في مستشفى الواحة بمدينة العين كمعلم بارز، ويقع المجلس عند مدخل مستشفى الواحة، ويحتوي على معرض للصور يجسد مراحل تطور المدينة وتاريخ قطاع الرعاية الصحية.
وقال الرميثي: يعد المجلس جزءا أساسيا من حياة الإماراتيين الاجتماعية والثقافية والاقتصادية، وحرص الحكام والجهات المسؤولة وأفراد المجتمع على استدامة دوره، وأدرجته اليونسكو ضمن قائمتها التمثيلية للتراث الثقافي غير المادي عام 2015.
تراث تناقلته الأجيال
و قال المواطن شبيب بن حمد الدرمكي من مدينة العين: أسس والدي مجلسه في منطقة القطارة منذ سبعينات القرن الماضي، ومازال قائما حتى اليوم، ومعروف انه من أقدم المجالس في مدينة العين، وأهمية المجلس منذ القدم لا تقاس بمساحته، ولكنه يقاس بأهله ورجالاته، وقد ترددت على مجلسنا أجيال تعلمت فيه حكمة الرجال واخلاقهم واستمعوا إلى تجارب الآباء والأجداد الثرية.
وأضاف: لا شك أن المجالس تراث تناقلته الأجيال وحافظت عليه، وطبيعي مع مرور الوقت لم يتغير شكل المبنى فقط بل طبيعة أهله أيضا، ولكن مازال ملتقى الجيران والاقارب وأهل الحي لمناقشة المواضيع الملحة، كما تعتبر المجالس مدارس للعادات والتقاليد الإماراتية نشأت فيها الأجيال، وتعلمت بين جدرانها العادات والتقاليد، وشهدت حلقات للشورى وحافظت على الثقافة الإماراتية والهوية الوطنية، وتعد بمثابة صالونات ثقافية.
وأكد الدرمكي انه فور الإعلان عن مبادرة “عام المجتمع” زاد حرص المسؤولين واهتمام المشرفين على إعادة إحياء دور المجالس في الإمارة ثقافيا واجتماعيا، وذلك انطلاقا من أهميتها وتاريخها الاجتماعي المشرف، ولما عرف عنها منذ القدم استضافتها لعابري السبيل وتقديم كرم الضيافة، ودورها في إثراء الحياة الاجتماعية وبما تحمله من دلالات اجتماعية وثقافية وتراثية.
وشدد الدرمكي على ضرورة تبنى المجالس كافة مبادرة “عام المجتمع”، وتحويل مجالس الأحياء والمجالس الخاصة إلى ملتقيات فاعلة، ومنصات مثالية لتعزيز التواصل والتلاحم المجتمعي، وصقل مهارات الشباب القيادية.وام