أجمع خبراء على أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يسعى للحصول على ضمانات أميركية تعوض فشله العسكري في تحقيق أهداف الحرب على غزة، عن طريق تأجيل إرسال وفد التفاوض بشأن المرحلة الثانية إلى الدوحة.

وكان نتنياهو قرر، في وقت سابق أمس الأحد وقبيل سفره إلى واشنطن للقاء الرئيس الأميركي دونالد ترامب غدا الثلاثاء، عدم إرسال فريق التفاوض إلى قطر، الذين كان يفترض إرسالهم اليوم الاثنين لبحث المرحلة الثانية من صفقة الأسرى.

وحسب وسائل إعلام أميركية، فإن نتنياهو يفضل تأجيل كل شيء حتى اجتماعه مع الرئيس ترامب.

وفي تعليقه على هذه الخطوة، يؤكد الأمين العام للمبادرة الوطنية الفلسطينية الدكتور مصطفى البرغوثي أن "ما يقوم به نتنياهو هو أسلوب التلاعب نفسه الذي اعتاده"، مشيرا -خلال مشاركته ببرنامج مسار الأحداث- إلى أن دوافع نتنياهو تتمثل في شعوره العميق بالفشل الذي كشفته مظاهر تسليم الأسرى في غزة وعدم تحقيق الأهداف المركزية التي وضعها للحرب.

وفي السياق نفسه، يضيف الأكاديمي والخبير بالشؤون الإسرائيلية الدكتور مهند مصطفى أن نتنياهو يريد تحويل المفاوضات من قضية أمنية إلى سياسية، إذ "يدرك أنه من الصعوبة استئناف الحرب بعد عودة الناس إلى شمال قطاع غزة".

إعلان

وعبّر مصطفى عن قناعته بأن نتنياهو يسعى للحصول على ضمانات أميركية تتعلق بربط إعادة إعمار غزة بنزع سلاحها، والحصول على "حق الدفاع عن النفس" على غرار اتفاق لبنان، وإمكانية ضم أجزاء من الضفة الغربية.

ومن جهته، يرى توماس واريك المسؤول السابق في وزارة الخارجية الأميركية لشؤون الشرق الأوسط أن "الرئيس ترامب ملتزم بالخطوط العريضة لهذا الاتفاق"، لكنه "لا يشعر باهتمام كثير بالتفاصيل".

ويضيف أن واشنطن تتوقع من الإسرائيليين والفلسطينيين محاولة حل المشكلة فيما بينهم، خاصة فيما يتعلق بمسألة من سيحكم غزة مستقبلا.

وفيما يتعلق بمخططات التهجير والضم، يحذر البرغوثي من أن "الهدف الإستراتيجي المركزي لنتنياهو هو تصفية القضية الفلسطينية برمتها"، مشيرا إلى خطورة التصريحات عن تهجير الفلسطينيين إلى مصر والأردن.

وأكد أن الرد على هذه المخططات يجب أن يأتي من "56 دولة عربية وإسلامية بالتأكيد على رفضها هذه المخططات جملة وتفصيلا".

من جانبه، حذر الدكتور مصطفى من التصعيد العسكري في الضفة الغربية، موضحا أنه يشير إلى محاولات إسرائيلية للعودة إلى احتلال الضفة الغربية كما كانت قبل اتفاق أوسلو، "ولكن من دون تحمل مسؤوليتها -بوصفها دولة احتلال- عن المدنيين".

ولفت إلى سلسلة من القوانين التي تسعى من خلالها إسرائيل إلى فرض سيادتها تدريجيا على الضفة الغربية، ومن ذلك "إلغاء قانون فك الارتباط عن شمال الضفة، وتشريع قانون يمنع إقامة دولة فلسطينية، إضافة إلى تشريع قانون يحظر عمل وكالة غوث وتشغيل اللاجئين (أونروا)".

وحول الرؤية الأميركية لمستقبل غزة، يرى واريك أن "النقطة الوحيدة المهمة هي أن المرحلة الثانية لا بد أن تشهد اتفاقا حول من يحكم غزة، لأن هذا سيكون السؤال المركزي الرئيسي الذي ستعتمد عليه كل الأمور الأخرى".

إعلان

وأضاف أنه "لن يكون هناك وقف للأعمال العدائية إلا إذا تم الاتفاق على من سيحكم غزة".

الحل في الوحدة

غير أن واريك يؤكد أن الإدارة الأميركية "لن تفرض حلا" في الوقت الراهن، مشيرا إلى أن "الوقت مبكر على ذلك"، ويرى أن هذا الأمر "لا بد من التفاوض عليه مباشرة بين الإسرائيليين والفلسطينيين".

ومن ناحيته، أكد البرغوثي أن الحل يكمن في الوحدة الفلسطينية، وقال إن "الحل موجود ويتمثل في تنفيذ ما تم الاتفاق عليه في إعلان بكين لإنهاء الانقسام وتعزيز الوحدة الوطنية" بشأن تشكيل حكومة وفاق وطني فلسطينية تكون مسؤولة عن الضفة الغربية وغزة.

وحذر البرغوثي في الوقت نفسه من أن "فصل غزة عن الضفة الغربية هو جزء رئيسي في الإستراتيجية الإسرائيلية لمنع قيام دولة فلسطينية".

وأضاف أن "الرد على الابتزاز يجب أن يكون من خلال تجنيد كل طاقات الشعب الفلسطيني في كل مكان"، مشيرا إلى التجارب الإيجابية في غزة، حيث "تعيد الناس، بإمكانات محدودة، بناء ما هو ممكن وما هو موجود من الدمار لخلق فرصة للحياة".

ونبه البرغوثي إلى أن نتنياهو في موقف ضعف لعدة أسباب، وهي "فشله في تحقيق أهدافه في غزة رغم الدعم العسكري الهائل، وملاحقته قضائيا في 4 قضايا فساد، إضافة إلى وضعه الصحي الصعب".

وختم بالتأكيد أن "الشعب الفلسطيني صامد؛ لن يرحل مهما فعلوا"، مشددا على أن الأسرى الإسرائيليين هم "الضمانة الرئيسية بيد المقاومة لضمان تنفيذ الاتفاق بحذافيره".

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات الضفة الغربیة

إقرأ أيضاً:

مناطق ج قلب الضفة الغربية الذي تخنقه إسرائيل

مناطق "ج" هي أكبر مناطق الضفة الغربية في فلسطين، وظلت لسنوات مطمع أقصى اليمين الإسرائيلي. تشكلت مناطق "ج" وفق التقسيم الذي أفرزته اتفاقية أوسلو الثانية عام 1995، وتمثل 61% من مجموع أراضي الضفة.

تسيطر السلطات الإسرائيلية على الإدارة المدنية والأمنية في مناطق "ج"، الأمر الذي مكنها من استغلال المنطقة من أجل التوسع في مشاريعها الاستيطانية، والتضييق على التجمعات السكانية الفلسطينية.

تعمل إسرائيل على تقويض الظروف المعيشية للفلسطينيين داخل مناطق "ج" عبر منعهم من استغلال الأرض ومواردها، وحرمانهم من تراخيص البناء وعدم تمكينهم من إصلاح وترميم مساكنهم.

كما تخضع تنقلاتهم لنظام معقد من التصاريح والإجراءات الإدارية التي تقيد حركتهم، بفعل امتداد الجدار الفاصل والحواجز العسكرية والمتاريس المنتشرة على الطرق في كل مكان.

في ظل هذه الإجراءات المشددة، يعيش الفلسطينيون في مناطق "ج" حياة قاسية، إذ يحرمون من أبسط الحقوق، ويتعرضون لملاحقات متواصلة من قبل الاحتلال، الذي يفسح المجال بلا قيود للتوسع الاستيطاني.

الموقع

تقع مناطق "ج" في قلب الضفة الغربية وسط فلسطين، بالقرب من المسطح المائي الذي يشمل كلا من البحر الميت ونهر الأردن وبحيرة طبريا، وتمثل هذه المناطق حوالي 61% من المساحة الإجمالية للضفة الغربية، وتشمل أراضي متفرقة، يقع الجزء الأكبر منها في حدود المجالس المحلية والإقليمية للمستوطنات، وتمثل 70% من مجموع أراضي المنطقة.

إعلان

يحدها الأردن من الناحية الشرقية، بينما يحيط بها جدار إسمنتي يبلغ طوله 713 كيلومترا من باقي الجهات، وهو الجدار الذي تسميه إسرائيل "جدار منع العمليات الإرهابية"، وتطلق عليه الحكومة الفلسطينية "جدار الضم والتوسع"، وقد شرعت حكومة رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق أرييل شارون ببنائه في 23 يونيو/حزيران 2002، على امتداد خط الهدنة لسنة 1949.

السكان

يبلغ عدد الفلسطينيين في مناطق "ج" نحو 354 ألفا، وفق تقديرات فلسطينية عام 2023، وهو ما يمثل 10% من الفلسطينيين في الضفة الغربية كلها، ويعيش ما يقارب 90% الآخرون في المناطق أ والمناطق ب.

إلى جانب الفلسطينيين، تضم مناطق "ج" -باستثناء القدس الشرقية– حوالي 386 ألفا من المستوطنين الإسرائيليين إلى حدود عام 2019.

تتولى ما تعرف في إسرائيل بـ"إدارة منطقة يهودا والسامرة" إدارة شؤون المستوطنين اليهود في مناطق "ج"، بينما يتم تدبير شؤون السكان الفلسطينيين من قبل المنسق الإسرائيلي للأنشطة الحكومية في تلك المناطق.

وفق تقرير صادر عن المجلس النرويجي للاجئين في مايو/أيار 2020، تمنع أنظمة التخطيط والتقسيم الإسرائيلية الفلسطينيين من البناء في حوالي 70% من مساحة مناطق "ج" (المناطق التي تدخل في حدود المجالس الإقليمية للمستوطنات)، في الوقت الذي تجعل فيه الحصول على تصاريح البناء في 30% المتبقية شبه مستحيل.

المجمعات السكنية الفلسطينية الواقعة في مناطق "ج" لا تتصل بشبكة المياه، مما يدفع السكان إلى اقتناء المياه المنقولة بالصهاريج، كما أن عمليات الهدم والطرد وحرمان الفلسطينيين من حقهم في السكن، تزيد من وطأة الفقر وقساوة الظروف المعيشية، وهو ما يجعلهم عرضة للتهجير.

التاريخ

ظهرت مناطق "ج" نتيجة لما يعرف بـ"اتفاقية طابا"، وهي اتفاقية مرحلية أبرمتها منظمة التحرير الفلسطينية وإسرائيل بشأن إدارة الحكم في الضفة الغربية وقطاع غزة، جرت مباحثاتها في طابا بمصر ووقعت رسميا في واشنطن يوم 28 سبتمبر/أيلول 1995، واشتهرت بـ"اتفاقية أوسلو 2″ لكونها أحد ملحقاتها التفصيلية المهمة.

إعلان

قضى هذا الاتفاق بتقسيم الأراضي الفلسطينية إلى ثلاث مناطق مميزة في الضفة الغربية وهي المناطق (أ) و(ب) و(ج)، وهي مناطق تفصل بينها حواجز ومستوطنات ومعسكرات لجيش الاحتلال، ولكل منطقة ترتيبات وسلطات أمنية وإدارية مختلفة عن الأخرى.

تخضع المناطق "أ" للسيطرة الفلسطينية بالكامل، وتمثل حوالي 21% من مساحة الضفة الغربية، وتتشكل من مناطق حضرية بشكل أساسي (مدن وبلدات؛ كالخليل، ورام الله، ونابلس، وطولكرم، وقلقيلية)، تكون فيها صلاحية حفظ الأمن الداخلي للفلسطينيين عبر انتشار دوريات تابعة لشرطة السلطة الفلسطينية في الشوارع.

في حين تخضع المناطق "ب"، التي تشكل ما يقارب من 18% من أراضي الضفة، لتدبير مدني فلسطيني وسيطرة أمنية إسرائيلية، وتتكون من ضواحي المدن والقرى المتاخمة للمراكز الحضرية الواقعة في المناطق "أ".

أما المناطق "ج" فتمثل 61% من مساحة الضفة الغربية، وتقع تحت السيطرة الكاملة للجيش الإسرائيلي، وتشمل المستوطنات والطرق والمناطق الإستراتيجية.

وكان من المفترض -وفق ما نصت عليه اتفاقية أوسلو 2- أن يستمر هذا التقسيم خمس سنوات فقط، تمهيدا لإنشاء الدولة الفلسطينية بضم أراضي المنطقتين "ب" و"ج" لأراضي المناطق "أ"، غير أنه لا شيء من ذلك تحقق على أرض الواقع، بل بسط الاحتلال الإسرائيلي سيطرته الأمنية على المناطق "أ" مع اندلاع الانتفاضة الثانية عام 2000.

موارد طبيعية في خدمة الاحتلال

تتميز مناطق "ج" بكونها من أغنى المناطق الفلسطينية بالموارد الطبيعية، بما في ذلك مصادر المياه والمحميات الطبيعية، إذ تحتوي على معظم المراعي والأراضي الزراعية، إضافة إلى بعض الأماكن الأثرية.

تزخر مناطق "ج" بإمكانات كبيرة للتنمية الحضرية والنهضة الزراعية في الضفة الغربية، واستغلالها يمكن أن يساهم في تطوير الاقتصاد الفلسطيني وإنعاشه، إلا أن سياسات الاحتلال تمعن في حرمان الفلسطينيين من الاستفادة من هذه الموارد.

إعلان

تسيطر السلطات الإسرائيلية على مقومات الحياة الأساسية، وتستحوذ على حوالي 80٪ من مصادر المياه في الضفة الغربية، مما يحرم معظم الفلسطينيين في مناطق "ج" من الاتصال بشبكات المياه، كما أنها تعمل باستمرار على تقليص مساحات الأراضي الزراعية وتطويق المزارعين الفلسطينيين بـ"دواع أمنية".

في المقابل تشهد مناطق الأغوار والجزء الشمالي من البحر الميت تركيزا استيطانيا كثيفا، وتعمل السلطات الإسرائيلية على تيسير كل سبل استفادة المستوطنين من هذه الأراضي، التي تعد أخصب أراضي الضفة الغربية وأغناها بالمصادر المائية.

سياسة الهدم والتهجير

تمعن الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة في بسط سيطرتها على المناطق "ج" من خلال سن تشريعات واعتماد سياسات تهدف إلى ضمها والسيطرة عليها. فقد شهدت تلك المناطق في الفترة الممتدة ما بين 2010 و2025 سياسة مكثفة لهدم المنشآت وتهجير السكان.

وتركزت عمليات الهدم الإسرائيلية على مدى 15 عاما أساسا في مناطق "ج"، وإن اتسعت في عامي 2023 و2024 لتشمل مناطق "أ" و"ب".

ووفقا لتقرير مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية التابع للأمم المتحدة، للفترة بين 1 يناير/كانون الثاني 2010 و1 يناير/كانون الثاني 2025، فإن الاحتلال الإسرائيلي هدم نحو 8 آلاف و765 منشأة فلسطينية في مناطق "ج"، أغلبها بذريعة البناء دون ترخيص، منها 3107 منشآت زراعية و2025 مسكنا مأهولا ونحو 700 مسكن غير مأهول.

وتسببت عمليات الهدم في مناطق "ج" في تهجير قرابة 10 آلاف فلسطيني، وتضرر نحو 192 ألفا و548 آخرين، وفق الأمم المتحدة.

ووفق المعطيات ذاتها فقد طالت عمليات الهدم 400 منشأة في خربة طانا شرق نابلس، و211 منشأة في خربة حَمصة، و200 منشأة في تجمع أبو العجاج في الجِفتلك، و154 في خربة الرأس الأحمر، و148 في تجمع فصايل الوسطى، وجميعها في الأغوار.

كما شملت عمليات الهدم 146 منشأة في محافظة الخليل جنوبي الضفة، و142 في بلدة عناتا شمال شرق القدس، وتوزعت باقي المنشآت على باقي محافظات الضفة.

إعلان

وإجمالا طال الهدم 2197 منشأة في جميع مناطق الضفة (أ، ب، ج) منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023 وحتى 1 يناير/كانون الثاني 2025، تسببت عمليات الهدم في تهجير 5 آلاف و371 فلسطينيا، وتضرر نحو 535 ألفا آخرون.

وتركزت عمليات الهدم خارج مناطق "ج" في مخيم طولكرم وطالت 203 منشآت، ثم مخيم نور شمس وطالت 174 منشأة، يليه مخيم جنين وطالت 144 منشأة، وتوزعت باقي العمليات على باقي محافظات الضفة.

وفق تقارير الأمم المتحدة، فإن "معظم المباني التي يتم هدمها في الضفة الغربية يتم استهدافها بسبب عدم حصولها على تصاريح بناء صادرة عن الاحتلال، والتي يكاد يكون من المستحيل على الفلسطينيين الحصول عليها بموجب قوانين وسياسات التخطيط والتصاريح التمييزية الإسرائيلية".

مقالات مشابهة

  • عودة “إسرائيل” لعدوانها على غزة… تدوير للفشل أم أهداف سياسية جديدة؟
  • نتنياهو: نتلقى دعماً عسكرياً متزايداً من أمريكا وسنغيّر خريطة الشرق الأوسط
  • القسام تعلن استشهاد أحد قادتها في الضفة الغربية
  • خبير أمني يُفصل مصطلحا دينيا إسرائيليا يسعى لاحتلال الدول
  • خبير أمني يُفصل مصطلحا دينيا إسرائيليا يسعى لاحتلال الدول.. هل العراق منهم؟ - عاجل
  • مناطق ج قلب الضفة الغربية الذي تخنقه إسرائيل
  • متحدث فتح: نتنياهو يسعى للتصعيد لحماية نفسه من الأزمات الداخلية في إسرائيل
  • أستاذ علوم سياسية: الاحتلال الإسرائيلي يواصل المماطلة في تنفيذ اتفاقات وقف إطلاق النار
  • الضفة الغربية بين مطرقة العدو الصهيوني وسندان الصمت الدولي
  • إسرائيل: مقتل 25 مسلحاً واعتقال المئات في الضفة الغربية