جريدة الوطن:
2024-11-23@00:02:57 GMT

الهيدروجين الأخضر.. الواقع والمبالغات

تاريخ النشر: 21st, August 2023 GMT

الهيدروجين الأخضر.. الواقع والمبالغات

يسيطر الحديث عن الهيدروجين الأخضر، على الخِطاب العالَمي عِند التطرُّق لخفض الانبعاثات المُلوِّثة للبيئة والتحوُّل من الوقود الأحفوري إلى الطَّاقة النظيفة. وهناك ضجَّة إعلاميَّة مصاحبة للموضوع، تشعرك أنَّنا على بُعد شهور أو سنوات قليلة من الاستغناء عن النفط والغاز، والاعتماد على الهيدروجين في تلبية احتياجاتنا اليوميَّة من الطَّاقة، يغذِّي هذه الضجَّة قانون خفض التضخُّم الأميركي واستراتيجيَّة الطَّاقة في الاتِّحاد الأوروبي، الأمْرُ الذي يشعرك أنَّ التحوُّلَ تمَ بالفعل، ولكنَّ الواقع مختلف تمامًا عن هذا الطرح.

مؤخرًا قال وزير الطَّاقة السعودي في أحد المؤتمرات: النَّاس تتحدَّث عن الهيدروجين كوقود للمستقبل، لكن نريد أن نعرفَ مَن سيشتريه وكم سيكُونُ سعره؟! وأضاف: توقف الاهتمام بالنفط والغاز وتراجعت الاستثمارات فيهما، وهناك حديث كثير عن الهيدروجين الأخضر، ولكن لا توجد استثمارات ولا سياسة واضحة. كما تساءل رئيس شركة أرامكو عن اتفاقيَّات الشراء من أوروبا ودوَل العالَم المهتمَّة بالهيدروجين الأخضر ـ الذي تصل تكلفة البرميل مِنْه إذا ما تمَّ إنتاجه بالتكنولوجيا المستخدمة حاليًّا نَحْوَ 250 دولارًا ـ مؤكِّدًا أنَّ شركته لَنْ تضخَّ مزيدًا من الاستثمارات في هذا المشروع دُونَ الحصول على اتفاقيَّات للشراء بسعرٍ مُجزٍ.
وذكرت وكالة بلومبرج أنَّه رغم الإقبال المتزايد على مشاريع الهيدروجين الأخضر، ما زال المستثمرون والبنوك عازفين عن تمويلها، ولَمْ تحصل سوى 7% فقط من مشاريع الهيدروجين التي تمَّ طرحها على تمويل مضمون لبدء البناء بالفعل. ورغم الحماس العالَمي والضجيج الإعلامي، لَمْ تزِد الكميَّات قَيْدَ الإنتاج عن مليونَي طن فقط من الهيدروجين في انتظار الموافقات الاستثماريَّة النهائيَّة، وأغلبها موجود في الاتِّحاد الأوروبي وبريطانيا وكندا، حيث لا تزال المؤسَّسات الماليَّة متشككة في جدوى إنتاج كميَّات كبيرة من الهيدروجين الأخضر اقتصاديًّا في ظلِّ التكلفة العالية وغموض المشترين.
لا يتمُّ الحديث عن البنية التحتيَّة اللازمة لاستخدام الهيدروجين في محطَّات الطَّاقة، وآليَّة نقله إلى المستخدمين النهائيِّين، وهي عوامل تثير مخاوف البنوك ومؤسَّسات التمويل، لعدم وضوح الرؤية، وتفاصيل التعامل معها على نطاق واسع حتى الآن.
حتى لو تمَّ تنفيذ جميع المشاريع المقترحة، فهذه المشاريع مُجتمعة لا تُمثِّل سوى 3.5 في المائة فقط من احتياجات الطَّاقة المتوقَّعة للاتِّحاد الأوروبي بحلول 2030، كما هناك حاجة لإصدار لوائح وتشريعات واضحة من الاتِّحاد الأوروبي بشأن تنظيم استخدام الهيدروجين الأخضر، والتي لَنْ ترى النور قَبل عام 2028؛ وفقًا لِمَا أعلنته اللجنة القانونيَّة بالاتِّحاد.
هناك تحدِّيات تقنيَّة وعقبات فنيَّة، تحتاج معالجتها لسنوات عديدة، الأمْرُ الذي يعيق إجراء تقييم اقتصادي شامل لجدوى استخدام الهيدروجين الأخضر على نطاق تجاري، مِنْها صغر حجم جزيئات الهيدروجين لدرجة تُشكِّل مخاطر تتعلَّق بالسَّلامة، ونسبة الغازات الدفيئة المصاحبة لإنتاجه، وطُرق تخفيضها.
ومؤخرًا أجرت شركة ألمانيَّة تهدف لاستخدام 75% من الهيدروجين الأخضر في مصانع الغاز التابعة لها، تجربة عمليَّة أثبتت أنَّ الشبكة الحاليَّة لألمانيا يُمكِنها نقل 20% فقط من كميَّة الهيدروجين التي تحتاج إليها، كما أنَّ تحويل منشآت إعادة «تغييز» الغاز المسال القائمة حاليًّا لاستيعاب نقل الهيدروجين الأخضر، كما يقترح البعض سيكُونُ مكلفًا للغاية.
إذا لَمْ يكُنْ بالإمكان تخفيض التكلفة ونقل الهيدروجين الأخضر بكفاءة لمناطق الاستهلاك، فسيكون هناك إهدار محتمل للموارد الماليَّة، فالاعتماد على الدعاية والضجيج الإعلامي وحده لا يكفي لاعتماد الهيدروجين الأخضر كمصدر جديد محتمل للطَّاقة النظيفة، لا بُدَّ من التأنِّي والانتظار، وفسح المجال لمزيدٍ من الأبحاث والتطوير حتى نجدَ إجابات مُقْنعة على التساؤلات المنطقيَّة عن الجدوى الاقتصاديَّة والبيئيَّة من استخدامه.
محمد عبد الصادق
Mohamed-abdelsadek64@hotmail.com
كاتب صحفي مصري

المصدر: جريدة الوطن

كلمات دلالية: الهیدروجین الأخضر حاد الأوروبی فقط من

إقرأ أيضاً:

فضائيات الأطفال في ثاني جلسات أدب الطفل بدار الكتب

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

انعقدت صباح اليوم في ثاني جلسات مؤتمر أدب الطفل السنوي التاسع في دار الكتب والوثائق القومية، والتي أقيمت تحت   عنوان "الأطفال و تفضيلاتهم لمواقع ومجلات القنوات الفضائية الكرتونية ومحاكاة الواقع الافتراضي والذكاء الاصطناعي"، تحدث فيها كل من الدكتورة، إيناس محمود حامد أحمد - أستاذ الإعلام بجامعة عين شمس وعميد معهد الجزيرة العالى للإعلام وعلوم الاتصال، و منتصر ثابت رئيس مجلس إدارة مؤسسة الأهرام للتنمية الثقافية، د. نسرين محمود
دكتوراه الفلسفة في التربية تخصص أصول التربية- جامعة المنصورة،و د. نورا عبد العظيم، باحثة بمركز تحقيق التراث- دار الكتب والوثائق القومية.

وتحدثت الدكتورة إيناس محمود حامد أحمد عن "الأطفال وتفضيلاتهم لمواقع ومجلات القنوات الفضائية الكرتونية ومحاكاة الواقع الافتراضي والذكاء الاصطناعي".


وأكدت إننا نشاهد الآن ثورة هائلة في مجال التكنولوجيا الذي كان له أثره الكبير على شكل الاتصال ومحتواه وأساليب إنتاجه والمتغيرات المشتركة في عملية الإنتاج، وقد تأثرت صناعة الصحافة كأحد أشكال الاتصال بالتطور التكنولوجي بشكلٍ ملحوظٍ، والذي انعكس على كم المضمون ونوعه وطبيعة الخدمة ومظهرها النهائي، كما خلق علاقات مستحدثة بين الإنسان والتكنولوجيا، فكثيرًا ما نرى الطفل يتفاعل مع فيلم أو صورة، ويعيش هذا الواقع الخيالي مع نفسه.
والآن مع ظهور تقنية (VR) الواقع الافتراضي وإدخال تقنيات الذكاء الاصطناعي، والتي تعتمد على مشاهدة صورتين لنفس المشهد قبل أن يترجمها المخ إلى مشهدٍ واحدٍ ليضفي ميزة العمق، يستطيع الطفل من خلال ارتداء نظارة الواقع الافتراضي وسماعات رأس دخول عالم افتراضي للشعور بموقع الصوت والحركة، فيخرج عن الواقع ويدخل عالمًا خياليًّا بالكامل.


ويعتبر هذا الواقع الافتراضي والذكاء الاصطناعي هو الأكثر إثارة للدماغ والأعصاب؛ فقد نرى الكثير من المشكلات التي قد يتعرض لها الطفل، والتي قد تصل إلى الإدمان.

وتحدث الكاتب منتصر ثابت عن الذكاء الاصطناعي واستلهام التراث المصري. ووضح في كلمته أن الذكاء الاصطناعي هو قدرة الكمبيوتر على التفكير والتعلم حتى يتمكن من أداء المهام التي يقوم بها البشر العاديون، إضافًة إلى أنه يمكن للذكاء الاصطناعي معالجة كميات كبيرة من البيانات بطرقٍ لا يستطيع البشر القيام بها بشكلٍ عام. والهدف من استخدام الذكاء الاصطناعي هو القيام بعمل نماذج وأنماط واتخاذ قرارات مستنيرة و صائبة مثل الإنسان، أو بقولٍ آخر فعل ما يستطيع الإنسان فعله بشكلٍ صحيحٍ وعلمي ومدروس متحاشيًا السلبيات والأخطاء قادرًا على العمل بأكثر سرعة وحرَفيَّة.


والتراث المصري القديم حافل بقصصٍ ورواياتٍ للطفل كان لها الريادة في شتى مجالات الكتابة الأدبية. وعلى سبيل المثال قصة سنوحي أو سنوهيت القائد المصري الذي ذهب إلى سوريا ثم عاد في أواخر أيامه مُصرًا أن يدفن في وطنه مصر.
كما لدينا قصص لا تُحصى للفراعنة الذين يمكن تقديمهم كنماذج باهرة للشباب والأجيال القادمة؛  سيظل التاريخ يذكرها بكل فخرٍ.

وتحدثت دكتور نسرين محمود محمد رضوان عن توظيف الذكاء الاصطناعي في أدب التراث الشعبي للطفل لتحقيق فرص التنمية المستدامة حيث أكدت أن التراث الشعبي هو مادة خصبة وترجمة بليغة للمشاعر العامة؛ نظرًا لاغتنائه بألوانٍ وضروبٍ مثيرة من التعبيرات التي تسوغ مراحل وفترات متباينة من التاريخ البشري والكيان الإنساني؛ والتراث الشعبي هو جزء من الأدب الشعبي الذي يتسع ليشمل العادات والتقاليد، والأزياء والطقوس في المناسبات المختلفة، بالإضافة إلى سلوكيات الأفراد في حياتهم اليومية، وعلاقاتهم بالآخرين.


والذكاء الاصطناعي هو أحد أهم وسائل نشر الثقافة المجتمعية وتبسيطها بأسلوبٍ مبتكر ومشوق؛ لأنه ينمي أسلوب التفكير العلمي ويزيد من قدرة الأفراد على إدراك المفاهيم العلمية واستيعابها.

تناولت الدكتورة نورا عبد العظيم "توظيف الذكاء الاصطناعي في أدب الأطفال من خلال التراث."
وأشارت إلى أن الذكاء الاصطناعي هو العلم الذي يشتغل بابتكار وتطوير خُوارِزْميات مفيدة تسهم في المحاكاة الآلية لقُدُرات الدماغ البشري، من إدراكٍ للبيئة المحيطة، والاستجابة المناسبة لمثيراتها، وتعلُّمٍ، وتخطيطٍ، وإيجاد حلولٍ للمسائل المُستجدَّة والتواصل اللغوي، وإدارةٍ للتراكم المعرفي،… إلخ، ويُطْلِقُ البعض على هذه القُدُراتِ وأمثالها «المَلَكات العليا» للإنسان. 


وأدب الطفل هو ذاك الأدب الذي يختص بما يضيف للأطفال المعلومة والفكرة ولكن بأسلوبهم، وتغليف المعلومة بشكلٍ تربوي يتناسب مع الأطفال.


ومن الضروري أن نشير إلى أهمية التحديثات المواكبة لتحديات العصر، ولا سيما الذكاء الاصطناعي الذي أصبح من سمات العصر، والذي من الممكن أن يوظَّف لخدمة صناعة المحتوى الرقمي للأطفال، وذلك عن طريق: تحويل النص المكتوب إلى صورة مُعبرة وهناك مواقع كثيرة تساعد في توليد الصور، من خلال النصوص المكتوبة، إضافة لذلك إن عملية ابتكار صور مولدة تجعلك تجسد الخيال الذى يفشل أحيانًا في تجسيده رسامو أدب الطفل، فمثلًا نجد موقع (Leonardo AI) أحد المواقع المتخصصة بتحويل النص المكتوب إلى صورة تعبر عن النص، فنجد مثلًا هذه الصورة التي تعبر عن شارع المعز قديمًا ولَّدها الموقع بشكلٍ عصري وجذَّاب يلائم خيال القارئ.

مقالات مشابهة

  • المملكة تنضم إلى مبادرة الشراكة الدولية لتعزيز اقتصاد الهيدروجين وخلايا الوقود «IPHE»
  • المملكة تنضم لمبادرة الشراكة الدولية لتعزيز اقتصاد الهيدروجين وخلايا الوقود
  • قوى 8 آذار: الواقع العربي جيد
  • المملكة تنضم إلى مبادرة الشراكة الدولية لتعزيز اقتصاد الهيدروجين وخلايا الوقود (IPHE)
  • نقد الواقع  وتعديله
  • أدبه ما زال حاضرا.. 51 عاما على رحيل تيسير السبول
  • إيلون ماسك المغربي يعلن تسويق سيارات الهيدروجين التي عرضها أمام الملك في الولايات المتحدة
  • الشيخ أبي المنى: إذا كان الواقع يقتضي التّمديد لقائد الجيش... فليكن!
  • «كامل العدد».. فيلم سلمى مواجهة الواقع السوري في قصة إنسانية مؤثرة
  • فضائيات الأطفال في ثاني جلسات أدب الطفل بدار الكتب