جريدة الوطن:
2025-02-03@04:11:58 GMT

العولمة كظاهرة سياسية وعالم بلا هوية

تاريخ النشر: 21st, August 2023 GMT

العولمة كظاهرة سياسية وعالم بلا هوية

ليس من الصعب بمكان أن نرى شِبْه إجماع على أنَّ العولمة هي عالَم بلا هُوِيَّة حوَّلت هذا العالَم إلى قرية كونيَّة، كما يُجمع عليه أغلب المفكِّرين وروَّاد الفكر والمعرفة الشغوفين برصد ومتابعة تأثيرات هذا المفهوم الجديد على حياتنا ونمطها، وأشكال العيش فيها.
وتُمثِّل العولمة حلقة في سلسلة محاولات جعل العالَم عابرًا للحدود والثقافات وتوسيع دَوْر الشركات المتعدِّدة الجنسيَّات ما أدَّى إلى تراجع دَوْر الدولة القوميَّة إلى حدِّ وصف البعض بأنَّها نهاية الحضارات.


وما بَيْنَ مفهومَي العولمة كظاهرة سياسيَّة وعالَم بلا هُوِيَّة تبرز تأثيرات وتداعيات هذَيْنِ المفهومَيْنِ على عالَمنا العربي ومُجتمعاته وثقافاته المتنوِّعة، وهو الأمْرُ الذي أدَّى إلى تناقض المفهومَيْنِ من حيث الدَّوْر والنتائج على الأرض، ما يعني أنَّ حائط الصَّد للدولة القوميَّة وثقافتها المُجتمعيَّة لمواجهة تداعيات المفهومَيْنِ كان يرى أنَّ العولمة بمفهومها العابر للحواجز والحدود هو مصادرة للهُوِيَّة الثقافيَّة المُجتمعيَّة وتفكيكٌ لثوابتها وقواعد العيش المشترك بَيْنَ مُكوِّناتها.
والظاهرة السِّياسيَّة للعولمة واضحة المعالم والأهداف بعد أن كرّست هذه الظاهرة للتبشير بمفاعيلها الإيجابيَّة في مسار التحوُّلات السِّياسيَّة في عدَّة دوَل، فيما واجَه مفهوم العالَم بلا هُوِيَّة وخياراته المفتوحة على جميع الصُّعد حملة مضادَّة لهذا التحوُّل الذي يهدف إلى إلغاء الثقافات والمُثل التي تستند إليها هذه الدوَل التي تقاومه؛ لأنَّه يُلغي دَوْرها لصالح الشركات المتعدِّدة الجنسيَّات ومصالحها الاستعماريَّة.
إذًا فإنَّ الظواهر التي برزت بعد التبشير بالعالَم الجديد لَمْ تُحقِّق ما تصبو إليه المُجتمعات التي رأت في مفاعيله على حياتهم لا يُشكِّل نقلة، ولَمْ يحلَّ أيًّا من معضلاته بعد أن تغوَّلت الشركات المتعدِّدة الجنسيَّات في جشعها على حساب تطلُّعات الشعوب بحياة آمنة من دُونِ جشع واستغلال.
فالمشهد ـ الذي نراه طبقًا لواقع الحال في وطننا والعالَم ـ هو قاتم، تداخلت في طيَّاته عوامل التِّيه والضبابيَّة من فرط غياب بوصلة الحلِّ الذي يبدو أنَّه غير مرئي وواضح للعيان.
وعلى الرغم من أنَّ العولمة تؤكِّد أنَّ التنوُّع في جميع أنحاء العالَم يتبدَّل ويتطوَّر، لكنَّه يتحوَّل بذات الوقت إلى وباء بسبب ثقافة الاستهلاك الغربيَّة؛ بفعل هيمنة الثقافة الأميركيَّة المؤثِّرة على العالَم التي تؤدِّي في نهاية المطاف إلى القضاء على التنوُّع الثقافي، الذي يستهدف تدمير الهُوِيَّات الثقافيَّة، التي تُهيمن عليها ثقافة الاستهلاك الغربيَّة، والخاسر الأكبر بالنتيجة مُجتمعاتنا وهُوِيَّة أوطاننا. وخلاصة القول: إنَّ المطلوب لتحصين مُجتمعاتنا وأُسُس التعايش الثقافي والسِّلمي من شرور المفاهيم الدخيلة على مُجتمعاتنا، ومخاطر مصادرة هُوِيَّتنا القوميَّة هو التمسُّك بثوابت العيش الأبدي بَيْنَ أبنائه من خلال حملة جماعيَّة لمواجهة تحوُّل أوطاننا إلى محطَّات استهلاكيَّة لشركات استغلاليَّة عابرة للحدود بعد تحوُّل أوطاننا إلى أوطان بلا هُوِيَّة منزوعة الروح والتنوُّع الثقافي، وحوَّلتها إلى قرية كونيَّة تمرح وتسرح في فضائها، وتستغل وتعمل بدُونِ مُحدِّدات الشركات الاستعماريَّة لنهب ثروات الشعوب وتتغوَّل في جشعها على حساب وحاجات وتطلُّعات الشعوب إلى الرخاء والازدهار والأمن المُجتمعي.
أحمد صبري
كاتب عراقي
a_ahmed213@yahoo.com

المصدر: جريدة الوطن

كلمات دلالية: بلا ه و ی العال م م بلا ه

إقرأ أيضاً:

رشا عبد العال: حريصون على تطبيق حزمة التسهيلات فور صدور القوانين والقرارات التنفيذية

أكدت رشا عبد العال رئيس مصلحة الضرائب المصرية، أن وزير المالية يدعم بقوة تنفيذ التسهيلات الضريبية، مشيرة إلى حرصه الشديد على تقديم حزمة الحوافز والإجراءات المرنة التي تهدف إلى تخفيف الأعباء عن المجتمع الضريبي، وتعزيز الثقة بين الممولين ومصلحة الضرائب، وتأكيده الدائم على أهمية تطوير النظام الضريبي ليكون محفزًا للاستثمار وشريكًا في تحقيق النمو الاقتصادي.

وقالت رشا عبد العالي، إن موافقة مجلس النواب على قوانين «الحوافز والتسهيلات الضريبية» تُعد خطوة رئيسية لعودة الثقة والمساندة والشراكة مع مجتمع الأعمال، في إطار مسار وزارة المالية ومصلحة الضرائب المصرية لتقديم خدمات ضريبية ميسرة وأكثر مرونة تدعم شركاءنا الممولين للنمو والتوسع، موضحةً أننا حريصون على تطبيق حزمة التسهيلات الضريبية فور صدور القوانين والقرارات التنفيذية اللازمة.

أوضحت أن التسهيلات تتضمن عدم توقيع أية غرامات على تقديم أو تعديل الإقرارات والنماذج الضريبية عن الفترة من 2020 حتى 2024، مع السماح للممولين بتسوية المنازعات الناتجة عن الفحص التقديري خلال الفترات الضريبية المنتهية قبل ٢٠٢٠ مقابل أداء نسبة من الضريبة للحالات التي تم محاسبتها تقديريا، أما الحالات الدفترية فيتم تسويه المنازعة من خلال سداد أصل الضريبة ويتم التجاوز عن ١٠٠٪ من مقابل التأخير والضريبة الإضافية والمبالغ الإضافية، ويتم سداد الضريبة والمستحقات الضريبية خلال سنه من تاريخ الإخطار بنموذج السداد، وذلك علي أربع فترات تبدا الفترة الاولي خلال ثلاثة شهور من تاريخ الإخطار بنموذج السداد، ولا يتم احساب مقابل تأخير علي الضريبة الاصلية خلال فترة التقسيط.

وتابعت رئيس مصلحة الضرائب المصرية، أن الحزمة الأولى للتسهيلات الضريبية تركز على تخفيف الأعباء عن المجتمع الضريبي، حيث تشتمل على ألا يتجاوز «مقابل التأخير والضريبة الإضافية» أصل الضريبة، إضافة إلى توسيع نطاق العمل بنظام الفحص بالعينة، ليشمل كافة الممولين بالمراكز والمناطق والمأموريات الضريبية بدءًا من الموسم الضريبي الحالي، مشيرة إلى أننا نعمل على سرعة الانتهاء من كافة المنازعات القديمة، جنبًا إلى جنب مع العمل على دمج الاقتصاد غير الرسمي في المنظومة الرسمية وتوسيع القاعدة الضريبية بجذب ممولين جدد، وتشجيع الالتزام الطوعي.

وقالت، إنه للمرة الأولى يتم وضع نظام ضريبي متكامل مبسط ومُحفز للشركات الناشئة والصغيرة والمتوسطة وأنشطة ريادة الأعمال والمهنيين الذين لم تتجاوز ايراداتهم 20 مليون جنيه سنويا، يتضمن حوافز وإعفاءات وتيسيرات جديدة تشمل كل الأوعية الضريبية «الدخل والقيمة المضافة والدمغة ورسم تنمية موارد الدولة»، وسيتم إثبات المحاسبة الضريبية بسعر ضريبي نسبي يبدأ من0.4% وينتهي عند 1.5% لهم، موضحةً أنه سيتم إعفاء المنضمين لهذا النظام من ضرائب «الأرباح الرأسمالية» و«توزيعات الأرباح» و«الدمغة» ورسوم الشهر والتوثيق، مع الإعفاء من تطبيق نظام الخصم أو الدفعات المقدمة، وتسهيل تقديم الإقرارات الضريبية بحيث تكون ربع سنوية وليست شهرية للقيمة المضافة.

وأضافت، أن أول فحص ضريبي يكون بعد خمس سنوات، تأكيدًا على ثقتنا فى شركائنا صغار الممولين، مضيفة أننا لدينا ثقة تامة فيما يقدمه الممول من إقرارات، ونفتح أيدينا لأصحاب الأعمال في الاقتصاد الغير رسمي، تحفيزًا لهم على الدخول ضمن المنظومة الرسمية والاستفادة من الدعم والمزايا المقدمة، حيث إنه لن يكون هناك مطالبات ضريبية عن السنوات قبل الانضمام للمنظومة الرسمية، ليكون تاريخ انضمامهم للمنظومة بمثابة شهادة ميلاد لمشروعاتهم.

رئيس مصلحة الضرائب: ملتزمون بإجراء الفحص المميكن لتفادي مشكلات التقدير الجزافي

مصلحة الضرائب: إطلاق حزمة التسهيلات الضريبية جاءت استجابة لمطالب كافة فئات المجتمع

رئيس مصلحة الضرائب: تحويل لجنة الرأي المسبق إلى وحدة دائمة لضمان استمرارية العمل

مقالات مشابهة

  • مكتبة الاسكندرية تناقش الهوية وبناء الانسان
  • الداخلية تكشف هوية المتهم بترويج شائعات اختطاف الأطفال
  • عبد العال يوافق على إصدار قانون سوق رأس المال
  • رشا عبد العال: حريصون على تطبيق حزمة التسهيلات فور صدور القوانين والقرارات التنفيذية
  • إيهاب عبد العال: حصاد مثمر ونتائج مهمة لمشاركة مصر في «فيتور 2025»
  • النظام البيئي: من المفهوم التقليدي الضيق إلى النموذج البحريني (1- 3)
  • ترامبونوميكس .. القومية الاقتصادية في مواجهة العولمة يعطي قُبلة الحياة لـ أمريكا
  • المفتي: الشريعة سبقت المفهوم المعاصر لـالتنمية المستدامة في كل المجالات
  • الإعصار والحب رواية للكاتبة إلهام عبد العال.. تجربة فريدة في الأدب العربي الحديث
  • هجّرهم داعش وأهملتهم الحكومة.. أطفال عراقيون بلا هوية وطعامهم من المزابل