جريدة الوطن:
2024-07-07@05:01:45 GMT

العولمة كظاهرة سياسية وعالم بلا هوية

تاريخ النشر: 21st, August 2023 GMT

العولمة كظاهرة سياسية وعالم بلا هوية

ليس من الصعب بمكان أن نرى شِبْه إجماع على أنَّ العولمة هي عالَم بلا هُوِيَّة حوَّلت هذا العالَم إلى قرية كونيَّة، كما يُجمع عليه أغلب المفكِّرين وروَّاد الفكر والمعرفة الشغوفين برصد ومتابعة تأثيرات هذا المفهوم الجديد على حياتنا ونمطها، وأشكال العيش فيها.
وتُمثِّل العولمة حلقة في سلسلة محاولات جعل العالَم عابرًا للحدود والثقافات وتوسيع دَوْر الشركات المتعدِّدة الجنسيَّات ما أدَّى إلى تراجع دَوْر الدولة القوميَّة إلى حدِّ وصف البعض بأنَّها نهاية الحضارات.


وما بَيْنَ مفهومَي العولمة كظاهرة سياسيَّة وعالَم بلا هُوِيَّة تبرز تأثيرات وتداعيات هذَيْنِ المفهومَيْنِ على عالَمنا العربي ومُجتمعاته وثقافاته المتنوِّعة، وهو الأمْرُ الذي أدَّى إلى تناقض المفهومَيْنِ من حيث الدَّوْر والنتائج على الأرض، ما يعني أنَّ حائط الصَّد للدولة القوميَّة وثقافتها المُجتمعيَّة لمواجهة تداعيات المفهومَيْنِ كان يرى أنَّ العولمة بمفهومها العابر للحواجز والحدود هو مصادرة للهُوِيَّة الثقافيَّة المُجتمعيَّة وتفكيكٌ لثوابتها وقواعد العيش المشترك بَيْنَ مُكوِّناتها.
والظاهرة السِّياسيَّة للعولمة واضحة المعالم والأهداف بعد أن كرّست هذه الظاهرة للتبشير بمفاعيلها الإيجابيَّة في مسار التحوُّلات السِّياسيَّة في عدَّة دوَل، فيما واجَه مفهوم العالَم بلا هُوِيَّة وخياراته المفتوحة على جميع الصُّعد حملة مضادَّة لهذا التحوُّل الذي يهدف إلى إلغاء الثقافات والمُثل التي تستند إليها هذه الدوَل التي تقاومه؛ لأنَّه يُلغي دَوْرها لصالح الشركات المتعدِّدة الجنسيَّات ومصالحها الاستعماريَّة.
إذًا فإنَّ الظواهر التي برزت بعد التبشير بالعالَم الجديد لَمْ تُحقِّق ما تصبو إليه المُجتمعات التي رأت في مفاعيله على حياتهم لا يُشكِّل نقلة، ولَمْ يحلَّ أيًّا من معضلاته بعد أن تغوَّلت الشركات المتعدِّدة الجنسيَّات في جشعها على حساب تطلُّعات الشعوب بحياة آمنة من دُونِ جشع واستغلال.
فالمشهد ـ الذي نراه طبقًا لواقع الحال في وطننا والعالَم ـ هو قاتم، تداخلت في طيَّاته عوامل التِّيه والضبابيَّة من فرط غياب بوصلة الحلِّ الذي يبدو أنَّه غير مرئي وواضح للعيان.
وعلى الرغم من أنَّ العولمة تؤكِّد أنَّ التنوُّع في جميع أنحاء العالَم يتبدَّل ويتطوَّر، لكنَّه يتحوَّل بذات الوقت إلى وباء بسبب ثقافة الاستهلاك الغربيَّة؛ بفعل هيمنة الثقافة الأميركيَّة المؤثِّرة على العالَم التي تؤدِّي في نهاية المطاف إلى القضاء على التنوُّع الثقافي، الذي يستهدف تدمير الهُوِيَّات الثقافيَّة، التي تُهيمن عليها ثقافة الاستهلاك الغربيَّة، والخاسر الأكبر بالنتيجة مُجتمعاتنا وهُوِيَّة أوطاننا. وخلاصة القول: إنَّ المطلوب لتحصين مُجتمعاتنا وأُسُس التعايش الثقافي والسِّلمي من شرور المفاهيم الدخيلة على مُجتمعاتنا، ومخاطر مصادرة هُوِيَّتنا القوميَّة هو التمسُّك بثوابت العيش الأبدي بَيْنَ أبنائه من خلال حملة جماعيَّة لمواجهة تحوُّل أوطاننا إلى محطَّات استهلاكيَّة لشركات استغلاليَّة عابرة للحدود بعد تحوُّل أوطاننا إلى أوطان بلا هُوِيَّة منزوعة الروح والتنوُّع الثقافي، وحوَّلتها إلى قرية كونيَّة تمرح وتسرح في فضائها، وتستغل وتعمل بدُونِ مُحدِّدات الشركات الاستعماريَّة لنهب ثروات الشعوب وتتغوَّل في جشعها على حساب وحاجات وتطلُّعات الشعوب إلى الرخاء والازدهار والأمن المُجتمعي.
أحمد صبري
كاتب عراقي
a_ahmed213@yahoo.com

المصدر: جريدة الوطن

كلمات دلالية: بلا ه و ی العال م م بلا ه

إقرأ أيضاً:

"مركز البحوث" يفتتح الصوبة الزراعية السلوفينية بالنوبارية

افتتح مركز البحوث الزراعية الصوبة الزراعية السلوفينية بالقاهرة بمنطقة النوبارية وتعد هذة الصوبة الزراعية هي ثمار الشراكة بين الحكومة السلوفينية وسفارة سلوفنيا  بالقاهرة  اليونيدو .

و قال الدكتور ايمن عبد العال رئيس الإدارة المركزية لمحطات البحوث  بمركز البحوث الزراعية ان الاحتفال بتركيب هذة الصوبة السلوفينية يعد مشروع تجريبي بالتعاون مع الحكومة السلوفينية وسفارة سلوفينيا بالقاهرة واليونيدو  .
وتأتي هذه الشراكة من خلال نقل وتركيب الصوبة السلوفينية والتي استمرت لمدة اسبوعين حيث تم تدريب فريق عمل من مركز البحوث الزراعية علي تشغيل الصوبة السلوفينية .

أكد عبد العال ان هذة الصوبة  تعد اول تجربة يتم تنفيذها في مصر بالتعاون مع الجانب الحكومة السلوفينية وسفارة سلوفنيا بالقاهرة كأحد الدول التي تتمتع بالشراكة مع جمهورية مصر العربية في مجال إنتاج الخضر والتصدير وبصفة خاصة محصول الطماطم والذي يعد من اكبر المحاصيل في مصر وسلوفينيا وتم استخدام أحدث التكنولوجيا لرفع إنتاجية الصوبة الزراعية وعلي هامش الزيارة قام المسئولين المحليين والأجانب بتفقد الصوبة قبل تركيبها للاعلان عن بدء التجارب الحقلية الفترة القادمة وتاكيدا علي قوة ومتانة العلاقات المصرية السلوفينية حضر اللقاء الدكتور ايمن عبد العال رئيس الإدارة المركزية لمحطات البحوث  والمشرف العام علي إدارة الزراعات المحمية والدكتور أيمن حمودة مدير معهد بحوث البساتين والدكتور احمد حلمي رئيس البرنامج الوطني لإنتاج تقاوي الخضر ، وسفير دولة سلوفينيا بالقاهرة وممثل وزارة التجارة السلوفينية و المدير الاقليمي لمنظمة اليونيدو .

مقالات مشابهة

  • د. أحمد عبد العال يكتب: عهد مشرق للاعلام المصري
  • البرغوثي يصدر توضيحا حول مشاركته في ندوة سياسية بإيطاليا
  • في مؤتمر القاهرة اليوم .. تصميم الشعار والخلفية .. الناظر لها يشعر أنها مخاطبة ونشاط خاص بالدعم السريع !
  • "مركز البحوث" يفتتح الصوبة الزراعية السلوفينية بالنوبارية
  • أحمد عبد العال يكتب: «حياة كريمة».. نموذج رائد لتحقيق التنمية
  • أمن الجيزة يكشف هوية شاب صدمه قطار فى البدرشين
  • باحثة سياسية: خطاب ستارمر «يبث الأمل» والطموح للشعب البريطانى (فيديو)
  • الكشف عن هوية القيادي الذي أرسله العليمي سرًا إلى صنعاء للتفاوض مع الحوثيين
  • «تراثنا الأصيل».. تعزز الوعي بالهوية الإماراتية
  • أحزاب سياسية تشيد بالمسيرة النضالية للواء الراحل خالد باراس