جريدة الوطن:
2024-11-08@06:42:56 GMT

العولمة كظاهرة سياسية وعالم بلا هوية

تاريخ النشر: 21st, August 2023 GMT

العولمة كظاهرة سياسية وعالم بلا هوية

ليس من الصعب بمكان أن نرى شِبْه إجماع على أنَّ العولمة هي عالَم بلا هُوِيَّة حوَّلت هذا العالَم إلى قرية كونيَّة، كما يُجمع عليه أغلب المفكِّرين وروَّاد الفكر والمعرفة الشغوفين برصد ومتابعة تأثيرات هذا المفهوم الجديد على حياتنا ونمطها، وأشكال العيش فيها.
وتُمثِّل العولمة حلقة في سلسلة محاولات جعل العالَم عابرًا للحدود والثقافات وتوسيع دَوْر الشركات المتعدِّدة الجنسيَّات ما أدَّى إلى تراجع دَوْر الدولة القوميَّة إلى حدِّ وصف البعض بأنَّها نهاية الحضارات.


وما بَيْنَ مفهومَي العولمة كظاهرة سياسيَّة وعالَم بلا هُوِيَّة تبرز تأثيرات وتداعيات هذَيْنِ المفهومَيْنِ على عالَمنا العربي ومُجتمعاته وثقافاته المتنوِّعة، وهو الأمْرُ الذي أدَّى إلى تناقض المفهومَيْنِ من حيث الدَّوْر والنتائج على الأرض، ما يعني أنَّ حائط الصَّد للدولة القوميَّة وثقافتها المُجتمعيَّة لمواجهة تداعيات المفهومَيْنِ كان يرى أنَّ العولمة بمفهومها العابر للحواجز والحدود هو مصادرة للهُوِيَّة الثقافيَّة المُجتمعيَّة وتفكيكٌ لثوابتها وقواعد العيش المشترك بَيْنَ مُكوِّناتها.
والظاهرة السِّياسيَّة للعولمة واضحة المعالم والأهداف بعد أن كرّست هذه الظاهرة للتبشير بمفاعيلها الإيجابيَّة في مسار التحوُّلات السِّياسيَّة في عدَّة دوَل، فيما واجَه مفهوم العالَم بلا هُوِيَّة وخياراته المفتوحة على جميع الصُّعد حملة مضادَّة لهذا التحوُّل الذي يهدف إلى إلغاء الثقافات والمُثل التي تستند إليها هذه الدوَل التي تقاومه؛ لأنَّه يُلغي دَوْرها لصالح الشركات المتعدِّدة الجنسيَّات ومصالحها الاستعماريَّة.
إذًا فإنَّ الظواهر التي برزت بعد التبشير بالعالَم الجديد لَمْ تُحقِّق ما تصبو إليه المُجتمعات التي رأت في مفاعيله على حياتهم لا يُشكِّل نقلة، ولَمْ يحلَّ أيًّا من معضلاته بعد أن تغوَّلت الشركات المتعدِّدة الجنسيَّات في جشعها على حساب تطلُّعات الشعوب بحياة آمنة من دُونِ جشع واستغلال.
فالمشهد ـ الذي نراه طبقًا لواقع الحال في وطننا والعالَم ـ هو قاتم، تداخلت في طيَّاته عوامل التِّيه والضبابيَّة من فرط غياب بوصلة الحلِّ الذي يبدو أنَّه غير مرئي وواضح للعيان.
وعلى الرغم من أنَّ العولمة تؤكِّد أنَّ التنوُّع في جميع أنحاء العالَم يتبدَّل ويتطوَّر، لكنَّه يتحوَّل بذات الوقت إلى وباء بسبب ثقافة الاستهلاك الغربيَّة؛ بفعل هيمنة الثقافة الأميركيَّة المؤثِّرة على العالَم التي تؤدِّي في نهاية المطاف إلى القضاء على التنوُّع الثقافي، الذي يستهدف تدمير الهُوِيَّات الثقافيَّة، التي تُهيمن عليها ثقافة الاستهلاك الغربيَّة، والخاسر الأكبر بالنتيجة مُجتمعاتنا وهُوِيَّة أوطاننا. وخلاصة القول: إنَّ المطلوب لتحصين مُجتمعاتنا وأُسُس التعايش الثقافي والسِّلمي من شرور المفاهيم الدخيلة على مُجتمعاتنا، ومخاطر مصادرة هُوِيَّتنا القوميَّة هو التمسُّك بثوابت العيش الأبدي بَيْنَ أبنائه من خلال حملة جماعيَّة لمواجهة تحوُّل أوطاننا إلى محطَّات استهلاكيَّة لشركات استغلاليَّة عابرة للحدود بعد تحوُّل أوطاننا إلى أوطان بلا هُوِيَّة منزوعة الروح والتنوُّع الثقافي، وحوَّلتها إلى قرية كونيَّة تمرح وتسرح في فضائها، وتستغل وتعمل بدُونِ مُحدِّدات الشركات الاستعماريَّة لنهب ثروات الشعوب وتتغوَّل في جشعها على حساب وحاجات وتطلُّعات الشعوب إلى الرخاء والازدهار والأمن المُجتمعي.
أحمد صبري
كاتب عراقي
a_ahmed213@yahoo.com

المصدر: جريدة الوطن

كلمات دلالية: بلا ه و ی العال م م بلا ه

إقرأ أيضاً:

إيمان عياد.. شابة مصرية تعيد هوية بصرية جديدة للقطن المصري

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

بفضل جودته ونعومته التي لا تضاهى، اشتهر القطن المصري عالميًا كأحد أرقى وأهم أنواع القطن، ويلقب بـ “الذهب الأبيض”، وتمتد شهرته لعدة قرون، حيث يُعد جزءًا أصيلًا من تاريخ الاقتصاد والزراعة في مصر، ومع تطور قطاع النسيج في البلاد، ارتبط اسم مصر بالقطن طويل التيلة الذي أصبح رمزًا للجودة في الأسواق العالمية.

 

ويعكس القطن المصري، تاريخًا زراعيًا وهوية ثقافية وحضارية، وشهد مؤخرًا اهتمامًا متزايدًا بفضل جهود الحكومة في استعادة مكانته العالمية من خلال إصلاحات شاملة.

كانت هذه الخلفية هي الدافع الأساسي للشابة المصرية إيمان عياد، خريجة قسم الجرافيك في كلية الفنون الجميلة، التي قررت أن تسلط الضوء على هذا المنتج المصري العريق عبر مشروع تخرجها. 

وفي حديثها عن مشروعها، قالت إيمان: “اخترت إعادة تصميم الهوية البصرية للقطن المصري، لأن هذا المشروع يحمل أهمية كبرى لمصر، خاصة بعد استضافة البلاد لمؤتمر القطن العالمي السابع للمرة الأولى على أرض مصرية وإفريقية.” هذا الحدث الكبير ألهم إيمان بتصميم هوية بصرية جديدة للقطن المصري تتماشى مع اهتمام مصر بتعزيز صورة القطن على الساحة الدولية.

من خلال مشروعها، عملت إيمان على تصميم هوية متكاملة للقطن المصري، شملت شعارات وبوسترات وكتيبات، وحتى مغلفات وأوراق مصنوعة من القطن، وذلك لتعكس بشكل مباشر عراقة هذا المنتج وأصالته. دمجت في تصاميمها عناصر رمزية كالشمس، التي ترمز إلى القوة، والليل الذي يعبر عن الاستمرارية، مظهرة بذلك تنوع وجمالية القطن المصري.

وقالت إيمان: “أردت أن يُنظر للقطن المصري ليس فقط كمنتج زراعي بل كجزء من التراث الوطني. كل تصميماتي كانت بمثابة رسالة بصرية تعبر عن تاريخ وحاضر ومستقبل القطن المصري”.

واجهت تحديات عديدة أثناء تنفيذ مشروعها، كان أبرزها عدم توافق موعد حصاد القطن مع توقيت تسليم مشروعها، لكنها تغلبت على ذلك من خلال التصوير داخل مصانع القطن لتوثيق مراحل الإنتاج وعملية التصنيع، لافتة إلى أن هدفها الرئيسي من المشروع هو “إحياء القيمة التراثية للقطن المصري وتعريف الأجيال القادمة بأهميته”.

ولم يكن حصولها على درجة الامتياز في مشروعها هو نهاية الطريق، بل تسعى إيمان إلى الوصول بفكرتها إلى العالمية، وتتطلع إلى المشاركة في المؤتمرات الدولية التي تهتم بالقطن وصناعته، مؤكدةً على طموحها في أن تصل تصاميمها إلى شرائح واسعة من المجتمع الدولي، لتعزيز صورة القطن المصري على الساحة العالمية.

IMG_1799 IMG_1800 IMG_1802

مقالات مشابهة

  • إليكم هوية المرأة المُستهدفة على طريق عاريا أمس
  • الفلسطيني لم يعد بلا هوية..!!
  • هوية الإيمان مرتكز الانتصار في المعركة المقدسة
  • إيمان عياد.. شابة مصرية تعيد هوية بصرية جديدة للقطن المصري
  • استمرار الدورات التدريبية حول التحقق الالكتروني من هوية الناخب
  • تحليل سياسي يكتبه محمد مصطفى أبوشامة: وانتصرت «أمريكا أولاً».. وسقطت العولمة
  • قصة رمز الحزب الديمقراطي الأمريكي.. الحمار الذي تحول إلى أيقونة سياسية
  • الرئيس الفنزويلي يدعو إلى أنشاء اتحاد قوي بين شعوب الدول الإسلامية وعالم الجنوب للدفاع عن فلسطين
  • ورشة تدريبية حول آلية التحقق الإلكتروني من هوية الناخب
  • مجلة الإيكونوميست تتوقع هوية الرئيس الامريكي القادم