الأردن في قلب العاصفة: تهديدات متزايدة وصراع على النفوذ في الشرق الأوسط الجديد
تاريخ النشر: 2nd, February 2025 GMT
نشر موقع "إنسايد أوفر" الإيطالي تقريرا سلّط فيه الضوء على الوضع المتأزم للأردن وسط التحولات الجيوسياسية في الشرق الأوسط، حيث يواجه تحديات أمنية واقتصادية خطيرة مع انهيار النظام السوري وظهور الجماعات المتطرفة الذي زاد من التهديدات الأمنية على الحدود الشمالية.
وقال الموقع، في هذا التقرير الذي ترجمته "عربي21"، إن الأردن يقع في موقع استراتيجي حساس جعله محاصرا بين التحولات الجيوسياسية الكبرى في الشرق الأوسط والتوترات الداخلية التي تهدد استقرار المملكة، وهو ما أظهرته الأحداث الأخيرة المتعلقة بمستقبل الفلسطينيين في غزة.
ومن بين التهديدات الناشئة، تبرز ثلاث قضايا رئيسية: الفراغ في السلطة الذي تركه نظام بشار الأسد في سوريا، واتساع نطاق النفوذ الإسرائيلي، وتصاعد الضغوط الدولية في ظل عودة دونالد ترامب إلى الرئاسة الأمريكية.
سوريا: تهديد بظهور تطرف جديد
أوضح الموقع أن تراجع نفوذ نظام بشار الأسد وصعود الجماعات الإسلامية في الفراغ الذي خلفه الصراع قد أدى إلى خلق وضع فوضوي على الحدود الشمالية للأردن. فقد أصبحت عمليات تهريب الأسلحة والمخدرات، إلى جانب تسلل العناصر الإرهابية، تحديات يومية تواجهها السلطات الأردنية التي تسعى جاهدة للحفاظ على السيطرة على أمن الحدود. وفي الوقت نفسه، بدأت خطوط الإمداد الإيرانية التي مرت عبر سوريا لسنوات في التراجع لصالح ممرات تهريب جديدة تهدد بمزيد زعزعة استقرار المنطقة. ومع تراجع نفوذ طهران في الجبهة السورية، قد تحاول استخدام الأراضي الأردنية لتعزيز مساراتها اللوجستية مما سيؤدي إلى زيادة الضغط على المملكة في ظل تصاعد التوترات الإقليمية.
"إسرائيل": بين التوسع والأزمة المائية
ذكر الموقع أن التحركات الإسرائيلية في المناطق الجنوبية من سوريا تشكل مصدر قلق رئيسي للأردن، حيث لا تهدد فقط أمن حدوده، بل تمتد أيضًا لتطال موارده الحيوية، وعلى رأسها المياه. فقد أدت سيطرة "إسرائيل" على منابع نهر اليرموك إلى تفاقم أزمة المياه المزمنة التي يعاني منها الأردن، مما يزيد من التحديات الاقتصادية والاجتماعية التي تواجهها المملكة.
وما زاد من تعقيد المشهد التحركات الدبلوماسية الإسرائيلية الأخيرة، بما في ذلك نشر خرائط تدّعي السيادة على أراضٍ تاريخية تشمل أجزاءً من الأردن، ما أثار احتجاجات واسعة في الدول العربية، وأسهم في تصاعد الغضب الشعبي داخل الأردن، حيث يُنظر إلى هذه التحركات على أنها محاولة لفرض واقع جديد في المنطقة.
عودة ترامب: عامل خطر إضافي
وأضاف الموقع أن عودة دونالد ترامب إلى البيت الأبيض تشكل مصدر قلق كبير للأردن، إذ يضيف وجوده مزيدًا من الغموض وعدم الاستقرار إلى المشهد الإقليمي. فقد كانت سياسته في ولايته الأولى منحازة بشكل واضح لـ"إسرائيل"، حيث تضمنت الاعتراف بالقدس عاصمة لها، إضافة إلى إقرار السيادة الإسرائيلية على مرتفعات الجولان، وهي قرارات كان لها تأثير عميق على توازن القوى في المنطقة.
وبعد فوزه بولاية جديدة، قد تتصاعد وتيرة الدعم الأمريكي للمخططات الإسرائيلية التوسعية في الضفة الغربية، مما قد يؤدي إلى تفجير أزمة ديمغرافية واجتماعية جديدة تضغط على الأردن، الذي يستضيف بالفعل أعدادًا كبيرة من اللاجئين الفلسطينيين. كما أن الدور التاريخي للمملكة في رعاية المقدسات الإسلامية والمسيحية في القدس قد يتعرض للتهميش، مما قد يضعف مكانة عمّان الاستراتيجية في القضايا الإقليمية ويؤثر على دورها التقليدي كوسيط في النزاعات العربية-الإسرائيلية.
توترات داخلية وخطر التطرف
على الصعيد الداخلي، أشار الموقع إلى أن الأردن يواجه تحديات متزايدة نتيجة تدهور الوضع الاقتصادي وارتفاع معدلات البطالة، إلى جانب الضغط الديمغرافي الناتج عن تدفق اللاجئين السوريين. وهذه العوامل تخلق بيئة خصبة لعودة الجماعات المتطرفة، خاصة في ظل التأثير المستمر لتنظيم "هيئة تحرير الشام" وصعود مجموعات جهادية لها روابط بالأردن.
وفي هذا السياق، قد تسعى "جبهة العمل الإسلامي"، الذراع السياسي لحركة الإخوان المسلمين، إلى استغلال المشاعر المؤيدة للفلسطينيين ومعاداة "إسرائيل" لتعزيز شرعيتها السياسية وزيادة نفوذها داخل المجتمع الأردني. ورغم أن ذلك لا يشكل تهديدًا مباشرًا للحكومة في الوقت الراهن، إلا أن تزايد شعبية هذا التنظيم بين فئات المجتمع يعكس حالة من التوتر السياسي قد تتصاعد في المستقبل لتتحول إلى احتجاجات أو اضطرابات داخلية تهدد استقرار المملكة.
توازن هشّ
الأردن الآن في وضع بالغ الحساسية، حيث يواجه ضغوطًا خارجية مكثفة وتحديات داخلية معقدة. وتشكل عودة دونالد ترامب إلى البيت الأبيض، والتوسع الإسرائيلي، واستمرار الاضطرابات في سوريا مزيجًا من التهديدات المتشابكة، التي تتطلب من عمّان تبني نهج استراتيجي ومتوازن للحفاظ على استقرارها.
سيحتاج الأردن إلى إيجاد توازن دقيق بين مصالحه مع الولايات المتحدة وإدارة علاقاته الحساسة مع "إسرائيل"، والاستجابة لمطالب شعبه المتزايدة. في الوقت نفسه، لا يمكنه إغفال أهمية التنسيق مع دمشق لضمان أمن حدوده الشمالية ومنع تسلل الجماعات المسلحة والمهربين.
وفي ظل تزايد تفكك الشرق الأوسط والتوترات الإقليمية سيعتمد مستقبل الأردن بشكل أساسي على قدرته على المناورة بين هذه التحديات دون فقدان السيطرة على استقراره الداخلي.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي صحافة صحافة إسرائيلية سوريا ترامب سوريا الاردن ترامب صحافة صحافة صحافة سياسة سياسة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الشرق الأوسط
إقرأ أيضاً:
الصين تحفر في أعماق الأرض لتعزيز أمنها في مجال الطاقة.. ما الجديد؟
نشر موقع "أويل برايس" الأمريكي، تقريرًا، يسلّط الضوء على المشاريع الطموحة التي تنفذها الصين لاستخراج النفط والغاز من أعماق الأرض، سعيا منها لتعزيز استقلالها في مجال الطاقة.
وقال الموقع في هذا التقرير الذي ترجمته "عربي21"، إنّ: "المؤسسة الوطنية الصينية للنفط البحري أعلنت في تشرين الأول/ أكتوبر الماضي عن إنتاج قياسي من النفط والغاز من حقل "ديب سي1"، وهو أول مشروع للشركة في أعماق البحار".
مشروع طموح
أوضح الموقع أن هذا المشروع يُظهر رغبة بكين في استكشاف الموارد غير المستغلة، ومن أجل تعزيز قدرات الحفر البحري فائق العمق، تقوم الصين حاليا ببناء حفارة جديدة، من المفترض أن تكون قادرة على الحفر أعمق بكثير من أي حفارة بحرية أخرى.
وبحسب التقرير نفسه، يشارك في المشروع الذي تقوده الأكاديمية الصينية للعلوم الجيولوجية عدد من المؤسسات والشركات البحثية، والغرض منه تطوير جهاز حفر ذكي يمكن أن يصل إلى عمق 15,000 متر.
وكانت صحيفة "ساوث تشاينا مورنينغ بوست" قد نقلت عن وكالة شينخوا الحكومية أنّ: "المشروع الوطني للعلوم والتكنولوجيا في أعماق الأرضي هو استراتيجية طموحة تتماشى مع المعايير العلمية العالمية مع ضمان أمن الطاقة والموارد الوطنية".
وذكر الموقع أن هذا المشروع الذي تقوده المؤسسة الوطنية الصينية للنفط البحري في حوض تاريم شمال غربي الصين، بدأ في 2023 وقد تخطى مستوى الحفر حاجز الـ10,000 متر في السنة الماضية وفقاً لتقارير وسائل الإعلام الصينية، ليصبح أعمق وأسرع بئر يتم حفره على الإطلاق في البلاد.
تحديات الحفر في الأعماق
أوضح الموقع أن حفر الآبار فائقة العمق يشكل تحديا كبيرا، لأن الحرارة ترتفع كلما تعمّق الحفر، وهذا هو السبب في أن الحفر فائق العمق ليس منتشرا عالميا، مضيفا أن الجهود الحالية تُظهر استعداد الصين لبذل قصارى جهدها من أجل تعزيز الاكتفاء الذاتي في مجال الطاقة.
ويخترق بئر "شنديتاكي-1"، وهو البئر الذي حفرته الشركة الصينية في حوض تاريم، 13 طبقة من الصخور، وستتيح آلية الحفر الجديدة التي تعمل عليها الأكاديمية الصينية للعلوم الجيولوجية على تطوير إمكانية الحفر بشكل أعمق في القشرة الأرضية والاستفادة من احتياطيات النفط والغاز الموجودة في الأعماق.
إلى ذلك، يعدّ "شنديتاكي-1" ثاني أعمق بئر في العالم بعد بئر تشايفو الذي تم حفره قبالة سواحل جزيرة سخالين الروسية، ويتجاوز عمقه 12,000 متر.
تعزيز الأمن الطاقي
أبرز الموقع أن السبب الرئيسي لعمليات الحفر فائقة العمق هو العثور على موارد هيدروكربونية جديدة، لأن موارد النفط والغاز غير المكتشفة في العالم تكمن في أعماق القشرة الأرضية، ويعدّ البحث عنها مثالاً على التكيف مع الحقائق المتغيرة في مجال الطاقة.
وختم الموقع بأن الصين تعتبر أبرز مثال على الاستثمار في هذه الموارد الموجودة في أعماق الأرض، في ظل رغبتها بتعزيز أمنها في مجال الطاقة رغم كل التطور الذي حققته في قطاع طاقة الرياح والطاقة الشمسية.