دراسة تكشف أسرار فرو الدببة القطبية .. كيف تحصل على التدفئة اللازمة؟
تاريخ النشر: 2nd, February 2025 GMT
اكتشف الباحثون أن فرو الدببة القطبية يحتوي على كمية أكبر من الدهون مما كان يُعتقد في السابق، وأن هذه الدهون هي السر وراء قدرة هذه الدببة على البقاء في واحدة من أقسى البيئات على وجه الأرض. الدهون، المعروفة أيضًا بالزهم، تتكون من الكوليسترول والأحماض الدهنية والمركبات التي تجعل من الصعب على الجليد أن يلتصق بفرو الدب القطبي.
وأوضح الباحث جوليان كارولان، مرشح الدكتوراه في كلية ترينيتي بدبلن، في بيان صادر عن البحث الجديد: "كان الزهم هو العنصر الرئيسي الذي يوفر تأثير مقاومة الجليد، حيث اكتشفنا أن قوة الالتصاق تأثرت بشكل كبير عندما تم غسل الشعر". وأضاف: "الفرو الدهني غير المغسول جعل من الصعب على الجليد أن يلتصق، بينما عندما تم غسل فرو الدب القطبي وإزالة الدهون بشكل كبير، أصبح أداؤه مشابهًا للشعر البشري، الذي يلتصق به الجليد بسهولة سواء تم غسله أم لا".
الدب القطبي يصطاد على جليد البحر في خليج هدسون في مانيتوبا، كندا. أظهرت الأبحاث الجديدة أن فرو الدب القطبي هو السر في عدم التصاق الجليد به.
وكان جوليان كارولان هو المؤلف الأول لهذه الدراسة، التي نشرت يوم الأربعاء في مجلة Science Advances.
دراسة الدببة القطبية والتفاصيل العلميةقام فريق من الباحثين الدوليين بتحليل فرو ستة دببة قطبية برية، ثم أجروا تحليلاً كيميائيًا للدهون الموجودة في الفرو. كما قيّموا مدى التصاق الجليد بالفرو، وإذا ما كان الماء يمكن أن يتساقط قبل تجمده، وكم من الوقت يستغرق الماء لتجميد على سطح معين. تمت مقارنة أداء فرو الدب القطبي مع شعر الإنسان والجلود المصممة خصيصًا من صنع الإنسان.
وقد أظهرت النتائج مفاجأة: الزهم الموجود في فرو الدب القطبي لا يحتوي على نفس المكونات الموجودة في شعر الإنسان أو في شعر بعض الحيوانات البحرية الأخرى مثل القضاعة البحرية. وهذا الاكتشاف يشير إلى أن وجود الزهم في الدببة القطبية أمر بالغ الأهمية من منظور مقاومة الجليد، مما يوفر رؤى جديدة حول كيفية بقاء هذه الحيوانات في بيئات قاسية.
وصرّح د. ريتشارد هوبز، أستاذ مساعد في كلية ترينيتي وباحث في مؤسسة العلوم الملكية ومركز أبحاث AMBER في أيرلندا، قائلاً: "لا يمثل هذا العمل فقط أول دراسة تتعلق بتكوين الزهم في فرو الدب القطبي، بل يحل أيضًا سؤالًا مهمًا حول لماذا لا تعاني الدببة القطبية من تراكم الجليد على فروها".
آفاق المستقبل
وأشار د. هوبز، المؤلف الرئيسي للدراسة، إلى أن الزهم قد يساعد في تطوير معاطف مضادة للتجمد يمكنها أن تحل محل المواد الكيميائية السامة التي لا تتحلل مثل PFAS. وهذا قد يشكل خطوة كبيرة نحو تحسين المواد المانعة للتجمد المستخدمة في مختلف الصناعات.
يُعتبر هذا البحث خطوة هامة لفهم أعمق للبقاء على قيد الحياة في البيئات القاسية، ويمكن أن يكون له تطبيقات عملية في المستقبل لتحسين تقنيات الحماية من الجليد والبرد.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: الدببة القطبية الدراسة الدببة القطبیة
إقرأ أيضاً:
دراسة حديثة تكشف تأثير التسربات النفطية صغيرة النطاق على البيئة البحرية
يعد التلوث النفطي من أكبر التهديدات للبيئة البحرية، ويشمل نوعين رئيسيين من التسربات: التسربات واسعة النطاق والتسربات صغيرة النطاق. بينما نال التسرب النفطي واسع النطاق اهتمامًا كبيرًا في الأبحاث والتقارير على مر السنين، فإن التسربات الصغيرة قد تم إغفالها إلى حد بعيد رغم أنها تظل تشكل تهديدًا خطيرًا للمناطق الساحلية والنظم البيئية البحرية. في هذا السياق، أجرت هيئة البيئة دراسة معمقة حول مشكلة التسربات النفطية صغيرة النطاق غير المعروفة المصدر، التي قام بها الدكتور عمران بن محمد الكمزاري، كبير أخصائي السياسات والقوانين البيئية والتلوث النفطي بهيئة البيئة.
الدراسة، التي نُشرت في المجلة العلمية Pollution Study Journal، تهدف إلى تسليط الضوء على النقص في الأبحاث المتعلقة بهذه القضية البيئية المهمة. وبينما يتم التحقيق في التسربات النفطية واسعة النطاق، تظل التسربات الصغيرة غير مرئية وتسبب أضرارًا بيئية جسيمة دون أن تكون هناك محاسبة كافية للمسؤولين عنها.
التحديات والأضرار
على الرغم من انخفاض عدد التسربات النفطية البحرية واسعة النطاق في السنوات الأخيرة، فإن التسربات صغيرة النطاق لا تزال تحدث بشكل مستمر ولا يزال من الصعب تحديد المسؤولين عنها. وتؤكد الدراسة أن هذه التسربات، التي تحدث غالبًا من سفن غير قابلة للتتبع، تؤثر بشكل كبير على النظم البيئية البحرية والمجتمعات الساحلية، ولكن نادرًا ما يتم التحقيق فيها أو تقديم تعويضات للمجتمعات المتضررة. المشكلة الأكبر هي أن المتسببين في هذه التسربات لا يتم محاسبتهم، مما يسمح لهم بالإفلات من تحمل تكاليف التنظيف أو تعويض الأضرار.
التأثير البيئي والاقتصادي
توضح الدراسة أن التسربات الصغيرة تؤدي إلى أضرار مشابهة لتلك الناتجة عن التسربات الكبيرة، حيث تتسبب في تدهور الحياة البحرية وتؤثر على المجتمعات الساحلية التي تعتمد على البحر كمصدر رئيس للرزق. من الجدير بالذكر، أن تأثير هذه التسربات على النظم البيئية البحرية قد يتراكم على مر الزمن ويؤدي إلى تدهور دائم، مما يجعل الأمر أكثر أهمية للتعامل معه.
دعوة لتطوير استراتيجيات فعّالة
دعت الدراسة إلى ضرورة تحسين أساليب التعرف على الملوثين الهاربين عن القانون، وتعزيز استراتيجيات التنظيف والتعويض عن الأضرار الناتجة. وأكد الدكتور عمران الكمزاري أن الوقت قد حان لتولي هذه القضية أولوية كبيرة من قبل الباحثين وصناع السياسات، إذ أن صحة النظم البيئية البحرية وحياة الأفراد الذين يعتمدون على البحر تتوقف على قدرتنا على التعامل مع هذه التحديات.
كما أشار الكمزاري إلى أهمية تطبيق مبدأ "الملوث يدفع"، الذي يشجع على تحميل الملوثين مسؤولية أفعالهم. من خلال هذا المبدأ، يمكن تحقيق العدالة البيئية وحماية البيئة البحرية بشكل أفضل.
التنسيق بين الباحثين وصانعي السياسات
وشدد الكمزاري على أهمية التنسيق بين الباحثين وصانعي السياسات والمجتمعات الساحلية لمواجهة التسربات النفطية الصغيرة، وتحقيق الاستدامة البيئية في المنطقة. فقد أصبح من الضروري تعزيز البحث والتطوير في هذا المجال، وتطوير تقنيات جديدة للتنظيف والتعويض لضمان حماية النظم البيئية البحرية للأجيال القادمة.
وتسلط هذه الدراسة الضوء على ضرورة تكثيف الجهود للحد من التسربات النفطية الصغيرة التي تظل تهديدًا مستمرًا للبيئة البحرية في المنطقة.
التسربات النفطية الصغيرة
وأكد الدكتور عمران بن محمد الكمزاري كبير أخصائي السياسات والقوانين البيئية والتلوث النفطي بهيئة البيئة، أن التسربات النفطية غير المعروفة المصدر لم تحظَ بالاهتمام الدولي المطلوب بسبب عدة عوامل. أولاً، غياب الإبلاغ الرسمي عن هذه الحوادث من قبل الجهات المعنية، حيث غالبًا ما تحدث التسربات النفطية في أعماق البحر، وقد تتلاشى مع الوقت أو يتم سحبها نحو الشواطئ بفعل الأمواج، مما يؤدي إلى تلوث السواحل. كما أن هذه التسربات يصعب تتبعها بسبب صعوبة تحديد مصدرها، إذ غالبًا ما تحدث في الظلام أو خلال العمليات الروتينية للسفن، مما يجعل من الصعب محاسبة الملوثين ومطالبتهم بتحمل تكاليف التنظيف وتعويض الأضرار.
وأضاف الكمزاري: إن هناك نقصًا في الوعي البيئي حول خطورة التسربات الصغيرة، مما يؤدي إلى عدم إحساس المجتمع بالحاجة الملحة لمراقبتها أو معالجتها. كما أن تسليط الضوء الإعلامي والاقتصادي غالبًا ما يتركز على التسربات الكبيرة التي تؤثر بشكل ملموس على الصناعات مثل: الصيد والسياحة، في حين أن التسربات الصغيرة، رغم تهديدها المستمر للمجتمعات الساحلية والبيئة البحرية، تحظى باهتمام أقل. وأشار أيضًا إلى أن غياب وسائل التواصل الاجتماعي في الماضي كان يحد من القدرة على رصد هذه التسربات بشكل فعّال.
مخاطر التلوث النفطي
وأوضح الكمزاري أن سلطنة عمان باعتبارها إحدى الدول المطلة على مضيق هرمز، تعد من بين أكثر الدول تعرضًا لمخاطر التلوث النفطي. يعد مضيق هرمز أحد أهم الممرات البحرية في العالم، حيث تعبره يوميًا ناقلات النفط العملاقة. هذه الحركة البحرية الكثيفة تشكل تهديدًا بيئيًا حقيقيًا، خاصة في السواحل الشمالية للسلطنة الممتدة من محافظة مسندم إلى بحر عمان. تشمل مصادر التلوث النفطي في هذه المنطقة التسربات العرضية من ناقلات النفط، التصريف غير القانوني لمياه التوازن والمخلفات النفطية، بالإضافة إلى التسربات من المنشآت النفطية البحرية.
هذه الملوثات تؤدي إلى تلوث المياه والسواحل، مما يهدد النظم البيئية البحرية مثل: الشعاب المرجانية وأشجار القرم، ويؤثر بشكل مباشر على الثروة السمكية. كما قد يتسبب التلوث النفطي في تراجع جودة الهواء بسبب انبعاثات الهيدروكربونات النفطية.
تعزيز التنسيق الإقليمي والاستثمار في تقنيات الرصد
واستنادًا إلى تجارب دولية مثل: كندا وبريطانيا وأمريكا وأستراليا وبعض دول أوروبا، أوصت الدراسة بضرورة إنشاء صندوق إقليمي لمكافحة التسربات النفطية يضم دول مجلس التعاون الخليجي بالإضافة إلى العراق وإيران. كما اقترحت إنشاء مرافق لتخزين معدات مكافحة التلوث في بعض المناطق الاستراتيجية داخل سلطنة عمان، إلى جانب الاستثمار في أنظمة الرصد والإنذار المبكر.
كما أوصى الكمزاري بالاستعانة بالإنتربول لمكافحة الجرائم البيئية المرتبطة بالتسربات النفطية، وتعزيز التعاون بين دول المنطقة من خلال مذكرة تفاهم لمراقبة دول الميناء. إضافة إلى ذلك، أكدت الدراسة على أهمية إشراك المجتمع المحلي في رصد التلوث الزيتي، وتحسين تبادل المعلومات بين دول المنطقة، وبناء القدرات الوطنية والإقليمية، حيث إن التلوث الزيتي لا يعترف بالحدود السياسية.
وشدد الكمزاري على ضرورة تعزيز البحث والابتكار في مجال تقنيات التنظيف والتعويض عن الأضرار الناتجة عن التسربات النفطية، لتحقيق حماية بيئية فعّالة ومستدامة للمجتمعات الساحلية والبيئة البحرية في المنطقة.