نائبة أيرلندية: إسرائيل دولة فصل عنصري والعالم بدأ يدرك ذلك
تاريخ النشر: 2nd, February 2025 GMT
جاء ذلك خلال حديثها مع برنامج "المقابلة"، إذ كشفت دالي عن تفاصيل دقيقة بشأن تواطؤ الاتحاد الأوروبي وحكوماته -بما في ذلك حكومة بلادها- في تمكين جرائم الاحتلال الإسرائيلي.
ووُلدت دالي في دبلن عام 1968، وترعرعت في عائلة أيرلندية عادية لم يكن للسياسة حضور مبكر فيها، لتوضح قائلة "كانت عائلتي محافظة ومتدينة، لكني انجذبت إلى النضال السياسي في الجامعة، خاصة خلال ثمانينيات القرن الماضي حين دعمنا حركات مناهضة الفصل العنصري في جنوب أفريقيا ومنظمة التحرير الفلسطينية".
وأضافت دالي أن ارتباط الأيرلنديين بالقضية الفلسطينية "ليس مصادفة"، بل هو نتاج تجربة تاريخية مع الاستعمار البريطاني الذي لا يزال يترك بصماته على أيرلندا.
وأوضحت قائلة "نعرف معنى أن تُحرم من حقوقك، وأن تُقتل عائلتك أمام عينيك، لهذا ننحاز إلى الفلسطينيين بفطرتنا"، مستذكرة مشاركتها في عشرات الحملات لنقل جرائم الاحتلال إلى الرأي العام الأوروبي.
لكنها هاجمت حكومة أيرلندا لعدم ترجمة هذا الدعم الشعبي الواسع إلى سياسات ملموسة، واصفة مواقفها بـ"الهزيلة" و"المنافقة".
وأشارت إلى أن الاعتراف بدولة فلسطين من قبل أيرلندا "جاء متأخرا بعد عام من المجازر"، في وقت تواصل فيه الحكومة السماح للطائرات الأميركية المحملة بذخائر موجهة إلى إسرائيل بالتحليق في أجوائها.
إعلانوأكدت دالي في تصريحاتها "هم يريدون إرضاء الناخبين بشعارات رمزية، في حين يتواطؤون عمليا مع الإبادة الجماعية"، مشيرة إلى زيادة صادرات السلع ذات الاستخدام المزدوج من أيرلندا إلى إسرائيل بنسبة كبيرة منذ بدء الحرب على غزة، وأضافت "هذه ليست سياسة خفية، بل هي جريمة ترتكب باسمنا جميعا".
السلطة الأخلاقيةوفي حديثها عن الاتحاد الأوروبي، وصفت دالي المؤسسات الأوروبية بأنها "فقدت سلطتها الأخلاقية" بسبب دعمها المطلق لإسرائيل رغم إدانة محكمة العدل الدولية لإسرائيل بتهمة الإبادة الجماعية.
وكشفت أن الاتحاد الأوروبي يقدم إلى إسرائيل مليار يورو سنويا عبر اتفاقيات الشراكة التجارية والبحثية، إلى جانب تصدير الأسلحة، إذ ارتفعت مبيعاتها من ألمانيا وحدها بنسبة 1000%.
وأشارت دالي إلى المفارقة التي تبرز في سياسات الاتحاد الأوروبي "حتى في ذروة المجازر لم يتجرأ الاتحاد الأوروبي على تعليق اتفاقية الشراكة مع إسرائيل، في حين علقها عام 2002 لأسباب أقل خطورة بكثير"، في إشارة إلى تصريحات رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين التي وصفتها بـ"سيدة الإبادة الجماعية" لتبريرها العنف الإسرائيلي بعد 7 أكتوبر/تشرين الأول الماضي.
ولفتت النائبة إلى مفارقة صادمة في البرلمان الأوروبي، إذ نظم أعضاؤه دقيقة صمت تكريما لضحايا الهجوم الإسرائيلي دون ذكر الفلسطينيين، في حين رفضوا تكرار الأمر لضحايا غزة.
وأوضحت دالي "حتى موظفينا الفلسطينيين في المؤسسات الأوروبية فقدوا عائلاتهم في القصف، لكن أحدا لم يعترف بمعاناتهم"، مشيرة إلى أن هذا الصمت يمثل "العار الإنساني" الحقيقي.
وفيما يتعلق بالتحول في الرأي العام الأوروبي، أكدت دالي أن وعي المواطنين بتفاصيل الصراع قد ازداد بشكل غير مسبوق، خاصة بين الشباب الذين باتوا يشككون في الرواية الإسرائيلية المزعومة بشأن "الدفاع عن النفس".
إعلانوقالت "الناس يرون صور الأطفال الذين تحول شعرهم إلى الأبيض من شدة الرعب، أو الذين يُقتلون جوعا بسبب الحصار، العالم لم يعد قادرا على تجاهل حقيقة أن إسرائيل دولة فصل عنصري".
وعي شعبيوأشارت النائبة إلى أن حركات شعبية مثل "أمهات ضد الإبادة الجماعية" و"رياضيون من أجل فلسطين" تكتسب زخما في أوروبا رغم محاولات التعتيم الإعلامي.
وفي الوقت نفسه، حذرت من أن هذا الوعي لن ينعكس تلقائيا على سياسات الحكومات الأوروبية التي لا تزال خاضعة لضغوط اللوبيات المؤيدة لإسرائيل والمجمع الصناعي العسكري.
وقالت دالي "السياسيون الأوروبيون يخشون الغضب الأميركي أكثر من غضب شعوبهم"، مشيرة إلى أن الاتحاد الأوروبي ينفق 800 مليار يورو إضافية على التسلح سنويا تحت ذريعة "تعزيز الأمن"، في حين تُستخدم هذه الأسلحة في قصف المدارس والمستشفيات بغزة ولبنان.
وختمت دالي تصريحاتها بالتأكيد على أن "إسرائيل ليست سوى مختبر للأسلحة التي ستشعل حروبا مستقبلية في مناطق أخرى"، محذرة من أن الصمت الدولي يشجع الاحتلال على التوسع في جرائمه.
وأدانت دالي ما وصفتها بـ"الإبادة الجماعية"، موجهة رسالة إلى الشعب الفلسطيني "أنتم لستم وحدكم، الملايين في أوروبا يصرخون غضبا، وسيستمرون حتى تحريركم".
كما دعت الحكومات الأوروبية إلى تحمّل مسؤولياتها بوقف التمويل العسكري لإسرائيل وفرض عقوبات حقيقية لإنهاء نظام الفصل العنصري، مؤكدة أن "الدعم الشعبي سيتحول قريبا إلى قوة سياسية تجبر الحكومات على تغيير سياساتها".
وأضافت "الوقت حان لندرك جميعا أن إسرائيل فخ مميت لليهود أنفسهم، كما حذر الحاخامات الأرثوذكس قبل قرن، فكما سقط الفصل العنصري في جنوب أفريقيا سيسقط هذا النظام الوحشي".
2/2/2025المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات الاتحاد الأوروبی الإبادة الجماعیة إلى أن فی حین
إقرأ أيضاً:
بين السرقة والتدمير.. مواقع أثرية من ضحايا إبادة إسرائيل لغزة
على مدار أكثر من 15 شهرا، حوّل الجيش الإسرائيلي البلدة القديمة الواقعة في قلب مدينة غزة التي ضمت إرثا حضاريا يمتد لمئات السنين إلى شاهد على حرب إبادة جماعية لم تستثن حتى الحجر.
نيران الإبادة التي امتدت على طول القطاع ودمرت 88% من بناه التحتية بما يشمل المنازل والمؤسسات الحيوية، وفق تقديرات المكتب الإعلامي الحكومي بغزة، حوّلت المعالم الأثرية للبلدة القديمة إلى أنقاض.
كذلك تعرضت بعض القطع الأثرية النادرة التي كانت تتربع في صدارة متحف "قصر الباشا" الأثري للسرقة من الجيش الإسرائيلي الذي توغل برًّا في المنطقة وأحالها دمارا، وفق ما قالته مديرة المتحف ناريمان خلة للأناضول.
وتتكون البلدة القديمة في غزة من 4 أحياء رئيسية هي الشُّجاعية والدرج والتفاح والزيتون، تعرضت بشكل متعمد لاستهداف إسرائيلي مكثف خلال أشهر الإبادة، ووثق تقرير سابق للجزيرة نت بالصور والفيديوهات الخاصة أهم تلك المعالم التاريخية والأثرية المتضررة جراء الحرب والتي تزيد على 200 موقع.
بعض المواقع الأثرية لم يكتف الجيش الإسرائيلي باستهدافها جوا بالقصف بل عمد إلى تجريف أجزاء واسعة منها بالكامل في محاولة لطمس الهوية الفلسطينية، بحسب خلة.
إعلانوأشارت خلة إلى أن أبرز المواقع التي تعرضت للدمار خلال العملية البرية للجيش الإسرائيلي التي طالت البلدة في ديسمبر/كانون الأول 2023 كان "قصر الباشا" والمسجد العمري وحمام السمرة وكنيسة "بيرفيريوس" وبعض البيوت الأثرية.
مثّل "قصر الباشا" الواقع في حي الدرج آخر النماذج من القصور المتبقية في قطاع غزة على مر الحضارات.
هذا القصر الذي كان يمزج بين العمارتين المملوكية والعثمانية أحالته إسرائيل إلى ركام؛ فلم يبق منه إلا بقايا بعض الجدران التي صنعت من الحجارة الرملية في العهد المملوكي والصخرية والجيرية في العهد العثماني.
وعلى أطلال هذا المعلم الأثري، نصب نازحون فلسطينيون خيامهم وحولوا الموقع إلى مأوى بعدما دمرت إسرائيل منازلهم خلال حرب الإبادة.
خلة تروي بحزن تاريخ "قصر الباشا" الذي ضربه التدمير الإسرائيلي المتعمد، قائلة إن "عمر هذا القصر يعود لنحو 900 سنة، إلى نهاية الدولة المملوكية (1260-1516) وبداية العثمانية (1516-1917)".
ومع مرور الزمن ونظرا للتغيرات التاريخية التي مرت بها المنطقة، تم تغيير وظيفة هذا القصر من إدارة حكم مدينة غزة وسن القوانين إلى وظائف شرطية وتعليمية، بحسب خلة.
وفي عام 2010 تم تحويل جزء من مبنى القصر إلى متحف يجمع عددا من القطع الأثرية التي تعود إلى عصور مختلفة كاليوناني والروماني والبيزنطي والإسلامي، وفق قولها.
قالت خلة إن الجيش الإسرائيلي خلال عمليته البرية للمنطقة "هدم وجرف معظم مبنى قصر الباشا، وسرق بعض القطع أو القطع الأثرية الموجودة داخله".
وبينما لم تشر خلة إلى القطع الأثرية التي سرقها الاحتلال، أفاد مراسل الأناضول بأن الجزء الذي كان يقع فيه المتحف تم تجريفه بالكامل.
المسجد العمري أُسس قبل أكثر من 1400 عام، ويعد من أكبر مساجد غزة وأعرقها تعرض هو أيضا للقصف والتجريف الإسرائيلي.
إعلانكذلك يعد العمري ثالث أكبر مسجد في فلسطين بعد المسجدين الأقصى وأحمد باشا الجزار في عكا، ويوازيه بالمساحة جامع المحمودية في يافا، إذ تبلغ مساحته 4100 متر مربع أما مساحة فنائه فتصل إلى 1190 مترا مربعا.
تقول خلة إلى الجيش الإسرائيلي عمد خلال الفترة نفسها في ديسمبر/كانون الأول 2023 إلى "تجريف المسجد العمري وقصفه".
وأوضحت أن أبرز ما استهدفته إسرائيل بالمسجد كان قسم المكتبة التي تعود للعهد المملوكي وضمت بين جنباتها "المخطوطات والكتب النادرة التي كانت تستخدم بين الباحثين والأكاديميين الفلسطينيين".
حمام السمرةفي السياق، تعرض أيضا حمام السمرة لتدمير إسرائيلي متعمد خلال الإبادة الجماعية، وبذلك تكون إسرائيل قد دمرت آخر الحمامات التاريخية في القطاع.
وتقول خلة إن "حمام السمرة (الحمام التاريخي) الوحيد المتبقي في مدينة غزة قام الاحتلال الإسرائيلي بهدمه بالكامل".
وأعربت عن آمالها في إعادة تأهيل وبناء المواقع الأثرية بغزة "بسواعد المواطنين ووزارة الآثار ودعم المؤسسات الدولية".
وأشارت إلى أن تلك المواقع تمثل تاريخ الفلسطينيين، ولا بد من "الحفاظ عليها للأجيال القادمة لدراستها".
كنيسة بريفيريوسلم تسلم دور العبادة لدى المسيحيين أيضا من الاستهداف الإسرائيلي المتعمد خلال الإبادة التي أسفرت عن سقوط ضحايا في صفوفهم.
وتعمّد الجيش في 19 أكتوبر/تشرين الأول 2023 استهداف كنيسة القديس "بريفيريوس" بمدينة غزة، ثالت أقدم كنيسة في العالم إذ يعود البناء الأصلي فيها لعام 425 للميلاد.
هذا القصف أسفر عن مقتل 19 شخصا لجؤوا إلى مبنى الكنيسة هربا من الغارات الإسرائيلية.
وأوضحت خلة أن القصف المتعمد للكنيسة كان محاولة إسرائيلية "لطمس الهوية الفلسطينية بالكامل وتهجير الفلسطينيين من أرضهم".
بدوره، يقول المسيحي رامز الصوري (47 عاما) الذي فقد 12 فردا من عائلته خلال قصف الكنيسة من بينهم 3 من أبنائه "تعرضت الكنيسة لهجمة صاروخية أدت إلى استشهاد عدد كبير من أبناء المجتمع المسيحي".
وأوضح أن ضحايا القصف الإسرائيلي للكنيسة كانوا من "المدنيين السالمين والمسالمين الذين لجؤوا إليها".
إعلانوذكر أنه بالنسبة لأبناء المجتمع المسيحي بغزة، فالخيار الوحيد الذي كان مطروحا أمامهم خلال الحرب هو التوجه إلى الكنيسة باعتبارها "ملاذا آمنا لأي شخص كان يحاول النجاة بنفسه وأطفاله".
وأشار إلى أن توجه المدنيين للاحتماء بالكنائس والمساجد خلال الحرب يأتي من باب أنها من "المحرمات" التي يحظر استهدافها، لكنه استدرك قائلا "للأسف، لم يكن هناك محرمات لدى الاحتلال".
ولفت إلى أن الجيش الإسرائيلي كان معنيا بإلحاق الأضرار المادية بالكنسية والبشرية في المجتمع المسيحي.
وعلى مدى عقود تناقصت أعداد المسيحيين في غزة بفعل الهجرة، وقبل الإبادة الجماعية كان عددهم لا يزيد على ألفي شخص، حسب مؤسسات مسيحية.
ويتبع نحو 70% من مسيحيي قطاع غزة طائفة الروم الأرثوذكس، بينما يتبع البقية طائفة اللاتين الكاثوليك.
وخلال الإبادة الإسرائيلية المستمرة بالقطاع تضررت 3 كنائس بشكل كبير، كذلك استهدف الجيش الإسرائيلي المركز الثقافي الأرثوذكسي في حي الرمال الجنوبي غربي مدينة غزة، بحسب المكتب الإعلامي الحكومي.
وبحسب المكتب الإعلامي الحكومي بغزة، فإن إسرائيل دمرت خلال أشهر الإبادة 206 مواقع أثرية وتراثية في القطاع.
وبدعم أميركي ارتكبت إسرائيل بين 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023 و19 يناير/كانون الثاني 2025 إبادة جماعية بغزة خلفت أكثر من 160 ألف قتيل وجريح من الفلسطينيين، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 14 ألف مفقود.
وفي 19 يناير/كانون الثاني الماضي بدأ سريان اتفاق لوقف إطلاق النار وتبادل للأسرى بين "حماس" وإسرائيل، يتضمن 3 مراحل تستمر كل منها 42 يوما، مع اشتراط التفاوض بشأن المرحلة التالية قبل انتهاء المرحلة الراهنة.