بقلم : فالح حسون الدراجي ..

يقول النجم الرياضي المصري محمد ابو تريكة: ” ميسي أعظم اختراع بعد الكهرباء في التاريخ”.. وسأستعير هذا التعبير الفنتازي الجميل، وأضعه بعد التعديل عنواناً لمقالتي هذه، حباً بميسي، وامتناناً لمخترع الكهرباء، واعترافاً بأهمية التلفون والدور الذي يلعبه في حياتي شخصياً، وحياة البشرية عموماً.

. وبالمناسبة فأنا احب محمد (ابو تريكة) جداً رغم أنه من (جماعة الاخوان المسلمين)، وأنا أكره هذه الجماعة جداً ..

وقد يسألني احد القراء قائلاً : لماذا تكتب عن التلفون مقالاً افتتاحياً في جريدة يومية سياسية، بينما ثمة احداث ووقائع عراقية وعربية ودولية ساخنة تستدعي المرور عليها والكتابة عنها، بدءاً من تلك القرارات العجيبة التي أعلنها الرئيس ترامب، والتي يرتبط بعضها بمصير العرب، مثل قراره بتهجير شعب غزة إلى مصر والأردن، بدلاً من السير في طريق حلّ الدولتين، الذي تؤيده الكرة الأرضية من شرقها إلى غربها ..

وعدا قرارات ترامب هناك موضوعات مهمة أخرى تستحق الكتابة وإثارة الجدل حولها مثل مشاهد استعراضات الـ (شو)، وحفلات ( النصر) التي تصر حركة (حماس) على إقامتها أثناء تسليم المختطفين الاسرائيليين، وسط حضور جماهيري ( غزاوي) مكلوم ومفجوع وجائع، وعلى أنقاض بقايا مدينة منكوبة ومدمرة لم يتبق منها سوى الخراب !!

كما أن خروقات العدو الصهيوني للهدن و لكل الاتفاقات التي عقدها أمام العالم، تستحق اكثر من إشارة ومقال، إذ لم يزل المجرم (نتنياهو) مصراً على مواصلة جرائمه بحق شعبنا في جنوب لبنان وفلسطين، رغم اتفاقات وقف النار .. وهناك أيضاً ما يحدث من تجاوزات لا إنسانية، وقتل سياسي، واغتيالات على الهوية في سوريا الجديدة وهو أمر يستحق الكتابة ..

ومع كل هذا فإن للقارئ الحق في أن يسأل مثل هذه الأسئلة، بل وأن يزيد عليها الكثير من الأحداث والوقائع التي تقع يومياً في مختلف بقاع العالم.. وله الحق أيضاً في أن يستغرب من اختياري التلفون موضوعاً لمقالي وليس الطائرة أو الراديو والتلفزيون، أو ما أنجز من اختراعات صناعية وطبية وعلمية عظيمة، ولكن في الوقت نفسه لي الحق أيضاً في اختيار ثيمة مقالي، حتى لو كانت هذه الثيمة عن حلاوة (الزردة) وطريقة تحضيرها، أو عن صناعة (الخريط) ومكوناته، إذ ربما يكون الحديث عن ( الخريط ) والزردة، أو عن الزلابية و ( زنود الست) عندي أفضل من الحديث عن (زنود ترامب) وقبضته العدوانية التي يرفعها بوجه العالم كل ساعة ..!

لذلك قررت الكتابة اليوم عن أحد أعظم الاختراعات في التاريخ، وأقصد به التلفون، دون الحديث عن مشاكل السياسة، وما يحدث من مصائب في العالم، لأني شخصياً لا أحب أن أحرق أعصاب الناس، أو أقهر نفوسهم بما يجري من تدمير للحياة والجمال والقيم الإنسانية في هذه البقعة أو تلك، كما لا أرغب أن أكتب اليوم عن الاختراع الثاني- أي ميسي- لأني كنت قد كتبت عنه الكثير من قبل، رغم أن أبا تياغو يستحق الكتابة عنه كل يوم بل و( يستاهل ماي العين)، فضلاً عن رغبتي في أن لا أحرق أعصاب الكثير من الأخوة، و( الأصدقاء) بخاصة وأن أعصابهم محروقة و (معطبة ) هذه الايام- والعاقل يفتهم- !

اليوم، وانا أرى في بيتي عشرة تلفونات (موبايل)، بمعدل تلفونين لكل فرد، أتذكر بألم ناحية كميت التي ولدت فيها، حيث لم يكن في دوائرها وجميع بيوتها آنذاك سوى ثلاثة تلفونات فقط، أحدها في مكتب مدير الناحية- وليس في بيته طبعاً- والثاني في مركز شرطة الناحية، والثالث في بيت أحد شيوخ العشائر الأثرياء جداً !! أما مئات المواطنين من أبناء الناحية فقد كان أغلبهم يجهل التلفون، وربما لم يسمع به حتى !
ويوم توفي جدي – والد أمي – واراد أبي أن يخبر شقيقه الساكن في بغداد، ويطلب منه الحضور والمشاركة في مراسم العزاء، اضطر -رحمه الله- إلى أن يسافر إلى العمارة ويرسل برقية مستعجلة من دائرة بريد العمارة إلى دائرة بريد بغداد، بسبب عدم وجود تلفون لدى عمي ..!

وللحق فإني لم أرَ التلفون بعيني إلا عندما انتقلنا لبغداد، حيث رأيته أول مرة بمكتب مدير مدرسة الحارث الابتدائية في منطقة راغبة خاتون، عندما وقفنا أنا وشقيقي الشهيد خيون حسون مثل أسيرَين أمام حضرة ذلك المدير المتعجرف.

كما لا أتذكر متى استخدمت التلفون أول مرة، لكني اتذكر امتلاكنا له أول مرة، والذي كان بمثابة عرس كبير حين دخلت التلفونات الأرضية إلى بيوتنا في مدينة الثورة عام 1985، وأذكر أيضاً أن الخطوط المخصصة لنا كانت محدودة جداً، لذلك لعبت الاستثناءات و(الحزبيات)، والوساطات دوراً كبيراً في الحصول على الهاتف، ولولا الزميل والصديق الشاعر مهدي الحيدري الذي كان يعمل وقتها موظفاً في مؤسسة البريد والبرق والهاتف، لما حصلت على التليفون حتى هذه اللحظة !!.. ومن شدة اعتزازي بأول تلفون يدخل بيتنا، بقي رقمه : 8227557 في ذاكرتي رغم مرور أربعين عاماً عليه، وأذكر أن أول اتصال أجريته، كان مع الصديق العزيز فاضل عبود.

إذاً، فقد دخلت الخدمة الهاتفية الأرضية لمدينة الثورة عام 1985 رغم أن هذه الخدمة قد دخلت البيوت البغدادية منذ عام 1921، وتحديداً بعد تأسيس الحكومة العراقية الملكية، ويقال إن أول بيت دخله الهاتف في بغداد كان بيت توفيق السويدي، احد أهم اركان حكومة المملكة العراقية، وقد كانت طريقة الاتصال تتم عبر تدوير القرص للاتصال بالبدالة، ويكون مأمورها مسؤولاً عن الحصول على الرقم المطلوب.

أما التلفون (الخلوي) فقد حصلت عليه لأول مرة في عمان عام 1998 عندما كنت أعمل محرراً رئيسياً في جريدة الزمان، وقد أرسل لي رئيس التحرير سعد البزاز تلفوناً خلوياً للتواصل معه حيث كان يقيم وقتها في لندن، وكانت فرحتي بالهاتف الخلوي لا توصف !.

لقد تحدثت عن علاقتي بالتلفون، ولم أتحدث عن مخترع هذا الجهاز المهم، ومراحل تطوره، بدءاً من عام 1882 حين تم اختراع الهاتف الذي كان يعلق على الحائط آنذاك، إلى ما وصل اليه اليوم من تطور هائل، والى ما يقدمه من خدمات فذة، إذ ومن خلال هذا التلفون يتم التواصل السريع بين الناس رغم المسافات والمناطق البعيدة، إذ كم من حبيب بث أشواقه لحبيبه عبر هذا الوسيط الرائع، وكم مغترب قام الهاتف بتخفيف شعور الغربة لديه بسبب تواصله مع أهله في بلده الأصلي، وكم من أم شنفت أذنها بصوت ولدها البعيد عنها، وكم من اخت تكحلت عيناها برؤية وجه أختها أو أخيها عبر كاميرا الهاتف، ناهيك من ما يقدمه هذا التلفون من خدمات طبية ودراسية وصناعية وغيرها من الخدمات العظيمة.. ولا يخفى عليكم فقد وصل تطور الهاتف النقال – شكلاً وخدمات وأداءً- إلى استحالة التنبؤ بما سيصل اليه مستقبلاً !

لقد اخترت الحديث عن التلفون دون غيره، لأنه بات قطعة مهمة لا غنى عنها في حياتنا، حتى أصبح من المستحيل العيش يوماً واحداً بدون الهاتف، فضلاً عن أني احب هذا الاختراع جداً، بدليل انه دخل في عدد غير قليل من قصائدي وأغنياتي التي كتبتها في مراحل مختلفة من حياتي، ومن بينها أغنية الساعة متأخرة التي كتبتها عام 1990 ولحنها وغناها القيصر كاظم الساهر في نفس العام، تلك الأغنية التي كتب عنها الشاعر والكاتب العراقي خالد مطلگ مقالة تحليلية مطولة، وصف نصها بأنه أحد أهم وأثرى النصوص الشعرية الغنائية التي تثير الكثير من جدل الاسئلة ..

اليكم مطلع أغنية (الساعة متأخرة) :

يل عايش إنت بارض وآني بارض اخرى .. تدريني دم ولحم والگلب مو صخرة.. بروحي واحس تنفصل .. أشتاگ أريد أتصل .. اخجل أدگ الرقم .. الساعة متأخرة ..!

فالح حسون الدراجي

المصدر: شبكة انباء العراق

كلمات دلالية: احتجاجات الانتخابات البرلمانية الجيش الروسي الصدر الكرملين اوكرانيا ايران تشرين تشكيل الحكومة تظاهرات ايران رئيس الوزراء المكلف روسيا غضب الشارع مصطفى الكاظمي مظاهرات وقفات الکثیر من الحدیث عن أول مرة

إقرأ أيضاً:

سكالوني يحسم موقف ميسي من «مونديال 2026»

 
بوينس آيرس (رويترز)

أخبار ذات صلة وزير الرياضة السعودي: صفقة صلاح «متعددة المزايا» المحكمة تنتقد الاتحاد الألماني في قضية التهرب!


قال ليونيل سكالوني، مدرب المنتخب الأرجنتيني، إن النجم ليونيل ميسي يريد اللعب في كأس العالم لكرة القدم 2026، وإن كان من السابق لأوانه الإعلان رسمياً عن ذلك.
وأوضح سكالوني، الذي قاد الأرجنتين إلى الفوز بكأس العالم 2022 في قطر، رغبة اللاعب البالغ من العمر 37 عاماً، والفائز بجائزة الكرة الذهبية ثماني مرات، في البقاء ضمن تشكيلة المنتخب.
وقال سكالوني في تصريحات لشبكة (دي سبورتس): «أول ما يقال إن ميسي وزملاءه يدركون أن قدراً معقولاً من الوقت يفصلنا عن كأس العالم، وإن ميسي والجميع حريصون على اللعب في كأس العالم، ويتعين علينا الانتظار، لنرى كيف تسير الأمور، إنه (ميسي) يعرف ما نفكر فيه وهو الأذكى بيننا جميعاً».
وتحدث سكالوني أيضاً عن قرار المهاجم أنخيل دي ماريا باعتزال اللعب الدولي، بعد فوزه بلقب كوبا أميركا للمرة الثانية العام الماضي.
وقال سكالوني: «بناء على ما قاله، انتهى الأمر، وبأفضل طريقة ممكنة، لو كان فيلماً أو كتاباً من تأليفه، فلا أعتقد أنه كان سيكتبها بالجودة نفسها التي أنهى بها الأمر».

مقالات مشابهة

  • روسيا.. تسجل براءة اختراع لتصميم طائرة هجينة
  • هالاند يتحدى ميسي ورونالدو في قمة أرسنال والسيتي!
  • جامعة الشارقة تسجل براءة اختراع لجهاز مقاوم للزلازل يعتمد على الرمال
  • جماهير تردد اسم ميسي في نزالات أبطال UFC.. فيديو
  • "لا ماسيا".. من جيل ميسي إلى لامين يامال
  • امام وخطيب المسجد الحرام: من أعظم العبادات وأرجَاهَا وأجلها وأسماهَا عِبَادَةَ الشُّكْرِ
  • مشيرب: أعظم ما تعلمته من فبراير أن ليس كل ما يلمع ذهباً
  • سكالوني يحسم موقف ميسي من «مونديال 2026»
  • سكالوني: ميسي يريد المشاركة في كأس العالم 2026