صدى البلد:
2025-04-25@21:27:32 GMT

منى أحمد تكتب: قيثارة السماء الخالدة

تاريخ النشر: 2nd, February 2025 GMT

خمسون عاما على رحيلها ولكن صوتها سيظل حاضرا، فقد سكنت بإبداعها الروح والعقل والوجدان العربي الذى توراثت عشقه الأجيال وتبقى أم كلثوم حالة خاصة جدا تماثل فى الإبهار والإعجاز والخلود رسوخ الأهرامات ومكانة إِبداعية لم يستطع أحد أن يقترب منها. 

شيئان ثابتان لا يتزحزحان فى الشرق الأوسط ،الأهرامات وأم كلثوم فعندما يحين موعد حفلتها الشهرية ليلة الخميس الأول من كل شهر منتصف القرن الماضي ،كانت الحياة تتوقف وتخلو الشوارع من المحيط إلى الخليج ،فى القاهرة كما فى الدار البيضاء وتونس وبيروت ودمشق والخرطوم والرياض وبغداد، الجميع  ملتفا حول الإذاعة المصرية يستمعون إلى أم كلثوم.

تفتح الستار وتطل من ورائه الساحرة بحنجرتها الذهبية فتنتفض الصالة ضجيجا، تحية لها  ثم الصمت في حرم الجمال جمال ،عندما تشدو أداؤها  يآسر كل فرد على حدة ويخلق حالة توحدا كاملا بين المسرح والحضور، تتأرجح بين الشجن والنشوة وسحرمن نوع خاص.

ومثلما كان صوتها اِستثنائيّ كان جمهورها يشبهها بهيئته المميزة فكان يستعد لحضور حفلاتها بالملابس الرسمية  وكأنها مراسم ملكية فهم فى حضرة سيدة الغناء العربى.

أنه وهج اِمرأة فاقت في هيمنتها على الشعوب حدود السيطرة ,هي الوحيدة التى أستطاعت أن تجمع العالم العربي على إختلاف مذاهبه وطبقاته تحت راية إبداعها فصنعت المستحيل وكسرت الحواجز الجغرافية بل والسياسية نعم السياسية.
ففي عام 1967 كان برونو كوكاتريكس مالك صالة الأوليمبيا قد سارعلى نهج الاِنفتاح على الموسيقى الشرقية,وأثناء زيارته للقاهرة قبل حرب67ولقائه بوزير الثقافة المصري د.ثروت عكاشة أقترح عليه اِستَضافَة الأوليمبيا لأم كلثوم.

بالفعل ذهب كوكاتريكس إلى فيلا أم كلثوم فى الزمالك, يقترح عليها إقامة حفلين خريف 67 يومى 13و15 نوفمبر 1967, إلا أنه فوجئ بطلبها آجرا لم يدفع لفنان عالمى حتى تاريخه,وهو ما كان محل خلاف لكنه فى النهاية رضخ لطلبها ,فهى أيقونة الشرق التى يجتمع على حبها الملايين من المحيط للخليج.

حدثت نكسة67 وكانت أجواء النكسة تلقى بظلالها على كل عربى فى جميع دول العالم ,وظن كوكاتريكس أن أم كلثوم لن تحيى الحفلتين المتفق عليهما, لكنه فوجئ بإصرارها على إحياء الحفلات,فقد عقدت العزم على التبرع بأجر حفلاتها كاملة للمجهود الحربي.

وبدأ التجهير للحفل ومع الأجر الكبير لكوكب الشرق أضطر مسرح الأوليمبيا لمضاعفة ثمن التذاكر, التى كانت تترواح فى ذلك الوقت مابين 30 ل50 فرنك فرنسي إلى 300 فرنك لتحقيق المردود التجاري.

واِصطَدَمَ كوكاتريكس بأن الغالبية العظمى من العرب المقيمن بفرنسا، لا يستطيعون شراء تذاكر بهذا المبلغ الخيالى بحسابات هذة الحقبة نظرا لمستواهم المادى المحدود.

وبعد مرور شهرين من طرح تذاكر الحفل لم يبع منها إلا عددا قليل، فلم يتوقع أحد أن تغرد الست خارج الوطن أعقاب النكسة، ويستشعر كوكاتريكس خطورة الخطوة التي أقدم عليها بلاِتِّفاق مع أم كلثوم على هذا الآجر الخيالى، واِعتَبَرَها صفقة خاسرة فلم يسبق له طيلة مسيرته الطويلة أن شعر أنه على حافة الإفلاس مثلما شعر بذلك في صفقة أم كلثوم.

لكن وما أن وطأت قدم كوكب الشرق عاصمة النور،وتأكَّدَ إِحيائها الحفلتين حتى بدأ توافد الحضورمن كل الأطياف والطبقات، العمال بجانب السفراء والأمراء بجانب المغتربون العرب الذين يتوافدون من جميع أنحاء أوروبا إلى باريس.

وتم مد جسور جوية خصيصا بين دول الشرق الأوسط وباريس لنقل المريدين لفن الست،والغريب أن الفرنسيون أحتلوا20% من المقاعد رغم حاجز اللغة،وحضر اليهود الشرقيون بكثافة، الأمر الذى أثار دهشة مديرالمسرح فسال أحدهم عن سبب وجوده فى حفل عائده موجه لدعم جيش مصر فأجابه إنها أم كلثوم.

لم تنته رحلة فرنسا عند هذا الحد ولم يتوقف الاِحتفاء بأم كلثوم فى فرنسا طيلة أسبوع بعد حفلتها، وكرمها الرئيس الفرنسي شارل ديجول فى رسالة وصفا فيها الست (بضمير الامة)، وبدلا من الأحساس بالهزيمة كان صوت أم كلثوم تجسيدا لمصر المنتصرة مبددا لأثار العدوان.

انها أم كلثوم التى جمعت بين قوة الصوت وتعدد طبقاته، وبين القدرة المتفردة علي الأداء المتنوع فكانت تؤدى الجملة اللحنية الواحدة بأكثر من طريقة من خلال  طبقات صوتية مختلفة ومقامات موسيقية متباينة، تضفى فيها من إبداعها الكلثومى علي اللحن والكلمة، متمكنة من أَدَواتها التى وهبها الخالق ،فحنجرة قوية وصوت يتلألأ بأداءات متغايرة يضاف إليها الكايزما الساحرة والعبقرية الفطرية التى كانت تتمتع بهما كوكب الشرق.

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: الشرق الأوسط أم كلثوم المزيد أم کلثوم

إقرأ أيضاً:

هند عصام تكتب: الملك بيبي الأول

فى الحديث عن التاريخ وبالأخص تاريخ مصر الفرعونية القديمة لا يمكن أن تتأكد أبداً بأنك ملم بسرد جميع قصص وحكايات  ملوك وملكات مصر الفرعونية القديمة ، حضارة ذات تاريخ حافل بعظمة تبهر وتثير أطماع العالم بأسره لم ولن تندثر أبدا وكلما أنتهينا من الحديث عن ملك يأتي أخر شديد الأهمية ويحمسنا كي نتحدث عنه وهنا أتي الملك بيبي الأول) و هو ملك فرعوني من الأسرة السادسة  وأتى خلال الحقبة  2402 ـ 2377 ق.م. . 
و اشتهر بتمثاله الضخم المصنوع من النحاس المطروق والموجود حاليا في مدينة هيراكنوپوليس (نخن). 
وهو من عصر الأسرة السادسة التي حكمت منذ عام 2420 ق.م.
و كان الملك پپي الأول ابنا للملك "تتى" من الملكة "إبوت الأولى " ، أبعده المغتصب اوسر كا رع  عن عرش أبيه بعد وفاته مباشرة.
وأخيرا، وبعد توليه مقاليد الحكم وأعتلي العرش الذي استمر فترة طويلة من 2289 –  2247 ق.م قام بتغيير اسمه الأول من "نفرساحور " إلى "مريرع " .
و تزوج پپي الأول من فتاتين تحملان اسم "عنخ نس مري رع " تنتميان لإحدى عائلات أبيدوس، وكان أخوهما "جاعو " يحمل لقب وزير.
و نجح الملك بيبي الأول في الدفاع عن حدود مصر عامة، وحدودها الشرقية خاصة. فقد جاء في نص نقشه قائد جيشه "وني" على جدران مقبرته في أبيدوس ذكر المعارك التي خاضها ضد قبائل "عامو حريوشع" في فلسطين، إذ يذكر أن الملك جهز جيشاً عظيماً من أنحاء مصر، ثم يذكر الأماكن التي مر بها الجيش، وكلها تقع شرقي مصر على الطريق الذي يربط مصر بفلسطين، وبعد ذلك يصف القائد "وني" ما فعله في فلسطين، إذ دمّر قلاعها المسورة، وقطع تينها وكرومها، وحرق بيوت السكان، وقضى على كثير من الجنود، وأحضر الكثير من الأسرى أحياء. ثم يذكر "وني" أن الملك پپي الأول بعث الجيش خمس مرات إلى فلسطين بقيادته، وقد استخدم المصريون الأسطول في المعركة الأخيرة، إذ واكب الأسطول القوات البرية، وحقق النصر في منطقة جبل الكرمل بفلسطين.
وكان الهدف من هذه المعارك الحفاظ على أمن الطريق التجارية بين مصر وفلسطين خاصة، وبلاد الشام عامة، والقضاء على الفوضى التي كانت تحدثها القبائل الأمورية المهاجرة إلى فلسطين في ذلك الوقت، كي لا تحرم مصر من أرباح تجارتها مع بلاد الشام.

أدرك پپي الأول زيادة نفوذ أمراء الأقاليم، فعمل على توطيد مركزه عن طريق التقرب إليهم، فصاهر إحدى عائلات الصعيد القوية، إذ تزوج من ابنة أمير أبيدوس التي أنجبت له ولده وخليفته على العرش "مري ان رع"، ومن المحتمل أن والدة هذا الأمير توفيت وهو صغير فتزوج والده من شقيقتها، وقد أنجبت هذه ولداً آخر تولى العرش بعد أخيه.

وبقي لنا الكثير من أوجه نشاط هذا الملك في إقامة المنشآت: مثل (ناووس) إلفنتين و(قصر الكا) في كل من أبيدوس وتل بسطة، هذا بخلاف تمثاله الشهير المصنوع من النحاس والذي عثر عليه في "هيراكونبوليس " .

وأصدر الملك پپي الأول أثناء حكمه مرسوما ينص على حصانة وصناعة مدينة هرم الملك سنفرو، مما يوضح لنا خضوعها ورضوخه للضغوط المنادية بالحكم الذاتي والتي كانت تمارسها بعض المناطق والمؤسسات والتي تزايدت وتفاقمت خلال سنوات حكم تلك الأسرة. 
ولعل من أهم معالم سياسة پپي الأول الخارجية هي حملاته إلى جبيل ، وشبه جزيرة سيناء والنوبة، وبعض الحملات العسكرية ضد الآسيويين.

و شيد الملك پپي الأول  هرمه بسقارة، وزين جدران ممراته بالنصوص الجنزية المعروفة باسم "نصوص الأهرام" وأطلق على هرمه اسم "من نفر"، ولذلك يعتقد بعض الباحثين أن اسم أقدم وأول عاصمة لمصر الموحدة قد اشتق من هذه التسمية "منف"، وقد ارتقت الفنون في عهده ارتقاءً عظيماً، وخير شاهد على هذا الارتقاء تمثاله المصنوع من النحاس، الذي عُثر عليه في هيراكنو بولس (نخن)، ويُعرض في متحف القاهرة، وتماثيله المنحوتة من حجر المرمر في متحف بروكلين بنيويورك.

وجدت مومياؤه سليمة في هرمه الذى دخلوه عام 1880 م وقد عين ونى حاكما مسيطرا على الوجه القبلى من الفنتين جنوب أسوان حتى أطفيح وأرسله الفرعون الى محاجر ابهات ببلاد النوبة ومحاجر الفنتين ثم الى محاجر المرمر في حتنوب في مصر الوسطى . ثم أرسله الملك لعمل خمس ترع في الجنوب .

ومن عظماء الفنتين حرخوف ومقبرته محفوظة على الضفة الغربية من شلال أسوان ويعتبر حرخوف أول كاشف لمجاهل أفريقيا وقد قام بثلاث رحلات في عهد الملك مرن رع.

مقالات مشابهة

  • الملك أحمد فؤاد يزور متحف أم كلثوم بالمنيل
  • من الأرض إلى السماء.. هل بدأ عصر السيارات الطائرة؟
  • د.نجلاء شمس تكتب: سيناء.. قصة أرض لا تُنسى ولا تُهمَل
  • يسرا تتعاقد على فيلم “الست لما”
  • يسرا تتعاقد على فيلم جديد بعنوان "الست لما" إنتاج رنا وندا السبكي
  • يسرا تتعاقد على فيلم «الست لمّا».. وانطلاق التصوير قريبًا
  • هند عصام تكتب: الملك بيبي الأول
  • المستشار محمود فوزي: مراجعة ملف حقوق الإنسان في مصر كانت ناجحة ومثمرة
  • عرض كوني ساحر في السماء
  • اليوم.. مناقشة الست روايات بالقائمة القصيرة باتحاد كتاب الإمارات