منى أحمد تكتب: قيثارة السماء الخالدة
تاريخ النشر: 2nd, February 2025 GMT
خمسون عاما على رحيلها ولكن صوتها سيظل حاضرا، فقد سكنت بإبداعها الروح والعقل والوجدان العربي الذى توراثت عشقه الأجيال وتبقى أم كلثوم حالة خاصة جدا تماثل فى الإبهار والإعجاز والخلود رسوخ الأهرامات ومكانة إِبداعية لم يستطع أحد أن يقترب منها.
شيئان ثابتان لا يتزحزحان فى الشرق الأوسط ،الأهرامات وأم كلثوم فعندما يحين موعد حفلتها الشهرية ليلة الخميس الأول من كل شهر منتصف القرن الماضي ،كانت الحياة تتوقف وتخلو الشوارع من المحيط إلى الخليج ،فى القاهرة كما فى الدار البيضاء وتونس وبيروت ودمشق والخرطوم والرياض وبغداد، الجميع ملتفا حول الإذاعة المصرية يستمعون إلى أم كلثوم.
تفتح الستار وتطل من ورائه الساحرة بحنجرتها الذهبية فتنتفض الصالة ضجيجا، تحية لها ثم الصمت في حرم الجمال جمال ،عندما تشدو أداؤها يآسر كل فرد على حدة ويخلق حالة توحدا كاملا بين المسرح والحضور، تتأرجح بين الشجن والنشوة وسحرمن نوع خاص.
ومثلما كان صوتها اِستثنائيّ كان جمهورها يشبهها بهيئته المميزة فكان يستعد لحضور حفلاتها بالملابس الرسمية وكأنها مراسم ملكية فهم فى حضرة سيدة الغناء العربى.
أنه وهج اِمرأة فاقت في هيمنتها على الشعوب حدود السيطرة ,هي الوحيدة التى أستطاعت أن تجمع العالم العربي على إختلاف مذاهبه وطبقاته تحت راية إبداعها فصنعت المستحيل وكسرت الحواجز الجغرافية بل والسياسية نعم السياسية.
ففي عام 1967 كان برونو كوكاتريكس مالك صالة الأوليمبيا قد سارعلى نهج الاِنفتاح على الموسيقى الشرقية,وأثناء زيارته للقاهرة قبل حرب67ولقائه بوزير الثقافة المصري د.ثروت عكاشة أقترح عليه اِستَضافَة الأوليمبيا لأم كلثوم.
بالفعل ذهب كوكاتريكس إلى فيلا أم كلثوم فى الزمالك, يقترح عليها إقامة حفلين خريف 67 يومى 13و15 نوفمبر 1967, إلا أنه فوجئ بطلبها آجرا لم يدفع لفنان عالمى حتى تاريخه,وهو ما كان محل خلاف لكنه فى النهاية رضخ لطلبها ,فهى أيقونة الشرق التى يجتمع على حبها الملايين من المحيط للخليج.
حدثت نكسة67 وكانت أجواء النكسة تلقى بظلالها على كل عربى فى جميع دول العالم ,وظن كوكاتريكس أن أم كلثوم لن تحيى الحفلتين المتفق عليهما, لكنه فوجئ بإصرارها على إحياء الحفلات,فقد عقدت العزم على التبرع بأجر حفلاتها كاملة للمجهود الحربي.
وبدأ التجهير للحفل ومع الأجر الكبير لكوكب الشرق أضطر مسرح الأوليمبيا لمضاعفة ثمن التذاكر, التى كانت تترواح فى ذلك الوقت مابين 30 ل50 فرنك فرنسي إلى 300 فرنك لتحقيق المردود التجاري.
واِصطَدَمَ كوكاتريكس بأن الغالبية العظمى من العرب المقيمن بفرنسا، لا يستطيعون شراء تذاكر بهذا المبلغ الخيالى بحسابات هذة الحقبة نظرا لمستواهم المادى المحدود.
وبعد مرور شهرين من طرح تذاكر الحفل لم يبع منها إلا عددا قليل، فلم يتوقع أحد أن تغرد الست خارج الوطن أعقاب النكسة، ويستشعر كوكاتريكس خطورة الخطوة التي أقدم عليها بلاِتِّفاق مع أم كلثوم على هذا الآجر الخيالى، واِعتَبَرَها صفقة خاسرة فلم يسبق له طيلة مسيرته الطويلة أن شعر أنه على حافة الإفلاس مثلما شعر بذلك في صفقة أم كلثوم.
لكن وما أن وطأت قدم كوكب الشرق عاصمة النور،وتأكَّدَ إِحيائها الحفلتين حتى بدأ توافد الحضورمن كل الأطياف والطبقات، العمال بجانب السفراء والأمراء بجانب المغتربون العرب الذين يتوافدون من جميع أنحاء أوروبا إلى باريس.
وتم مد جسور جوية خصيصا بين دول الشرق الأوسط وباريس لنقل المريدين لفن الست،والغريب أن الفرنسيون أحتلوا20% من المقاعد رغم حاجز اللغة،وحضر اليهود الشرقيون بكثافة، الأمر الذى أثار دهشة مديرالمسرح فسال أحدهم عن سبب وجوده فى حفل عائده موجه لدعم جيش مصر فأجابه إنها أم كلثوم.
لم تنته رحلة فرنسا عند هذا الحد ولم يتوقف الاِحتفاء بأم كلثوم فى فرنسا طيلة أسبوع بعد حفلتها، وكرمها الرئيس الفرنسي شارل ديجول فى رسالة وصفا فيها الست (بضمير الامة)، وبدلا من الأحساس بالهزيمة كان صوت أم كلثوم تجسيدا لمصر المنتصرة مبددا لأثار العدوان.
انها أم كلثوم التى جمعت بين قوة الصوت وتعدد طبقاته، وبين القدرة المتفردة علي الأداء المتنوع فكانت تؤدى الجملة اللحنية الواحدة بأكثر من طريقة من خلال طبقات صوتية مختلفة ومقامات موسيقية متباينة، تضفى فيها من إبداعها الكلثومى علي اللحن والكلمة، متمكنة من أَدَواتها التى وهبها الخالق ،فحنجرة قوية وصوت يتلألأ بأداءات متغايرة يضاف إليها الكايزما الساحرة والعبقرية الفطرية التى كانت تتمتع بهما كوكب الشرق.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: الشرق الأوسط أم كلثوم المزيد أم کلثوم
إقرأ أيضاً:
«بطاقة حمراء» تكتب نهاية نجم فرنسا مع ميلان!
أنور إبراهيم (القاهرة)
أخبار ذات صلة
لا يزال الظهير الأيسر الفرنسي ثيو هيرنانديز لاعب ميلان الإيطالي، مستهدفاً من جانب جماهير «الروسونيري» التي تتهمه بأنه سبب خروج فريقها من «الملحق الفاصل» في دوري أبطال أوروبا، أمام فينورد، بسبب حصوله على إنذار ثانٍ لتحايله بالسقوط داخل منطقة جزاء الفريق المنافس، ما دفع حكم المباراة إلى إشهار «البطاقة الحمراء» للاعب ليُكمل فريقه المباراة بعشرة لاعبين حتى نهايتها.
وتتجه نية إدارة الميلان نحو الاستغناء عن خدمات «ثيو» في الصيف القادم، قبل عام من نهاية عقده في «صيف 2026»، بعد أن أصبح شخصاً غير مرغوب فيه بالنسبة للجماهير.
ولا تتوقف صافرات الاستهجان والهتافات العدائية ضد اللاعب مثلما حدث الأحد الماضي بملعب سان سيرو، عندما خسر ميلان 1-2 من ضيفه لاتسيو في الدوري الإيطالي «الكالشيو».
ومن المرجح أن يجلس «ثيو» على «مقاعد البدلاء» خلال مباراة الفريق أمام ليتشي في عطلة نهاية الأسبوع، وكذلك الجناح البرتغالي رافائيل لياو، إذ إن هذا «الثنائي» أصبح «مهزأة» جماهير سان سيرو.
ولما كان ليتشي يستضيف المباراة القادمة، فإن احتمال مشاركة «ثيو» واردة، طالما إن المباراة بعيدة عن سان سيرو.
وذكرت صحيفة لاجازيتا ديللو سبورت في مقالها الافتتاحي اليوم الثلاثاء، أن الجماهير الميلانية اعتبرت الفرنسي مسؤولاً أيضاً عن الهدف الأول الذي سجله لاتسيو، لفشله في التصدي لهجوم الفريق الضيف.
وقالت الصحيفة إن السماح لثيو هيرنانديز بالعودة للعب في استاد سان سيرو، مسألة ليست سهلة على الإطلاق، بسبب استمرار غضب الجماهير، ولم يشفع للاعب ما قدمه طوال فترة لعبه للميلان، وتسجيله رقماً قياسياً من الأهداف بالنسبة لمدافع في الدوري الإيطالي «الكالشيو»، حيث سجل 30هدفاً، وإذا به يجد نفسه «موصوماً بالعار» في موسم بائس.
وأضافت الصحيفة أن إدارة الميلان تفكر في الاستغناء عن خدماته ببيعه الصيف القادم، بعد أن وصلت العلاقة بينه وبين الجماهير إلى «نقطة اللاعودة»، ولأن النادي يريد التخلص منه هذا الصيف حتى لا يضطر إلى تركه «مجاناً» في 2026.