التقى اليوم الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء، أعضاء مجلس أمناء التحالف الوطني للعمل الأهلي التنموي، بحضور الدكتورة مايا مرسي، وزيرة التضامن الاجتماعي، والمهندس خالد عبد العزيز، رئيس مجلس أمناء التحالف، والسفيرة نبيلة مكرم، رئيس الأمانة الفنية للتحالف، والمهندسةمارجريت صاروفيم، نائبة وزيرة التضامن الاجتماعي، وأعضاء مجلس أمناء التحالف.

ونقل الدكتور مصطفى مدبولي للحضور تحيات الرئيس عبد الفتاح السيسي، رئيس الجمهورية، مؤكداً تقديره للدور المحوري الذي يقوم به التحالف، في دعم الأسر الأكثر احتياجاً، لافتاً أيضاً إلى أن الحكومة تثمن بدورها جهود التحالف في العمل التنموي في شتى المحاور والقطاعات.

وأكد رئيس الوزراء،  أنه زار بالأمس 3 صروح طبية أهلية، اعتبرها علامة مميزة في العمل التنموي والأهلي، حيث اطلع عن قرب على اسهاماتها المضيئة في أوجه الخدمة الصحية.

وأضاف أن هدف هذا الاجتماع هو تعزيز أطر التنسيق بين الحكومة والتحالف للإعلان عن حزمة من المبادرات التي تستهدف دعم الأسر المستحقة، خاصة في ظل قرب شهر رمضان المُعظم.

من جانبها، عرضت وزيرة التضامن الاجتماعي بشكل تفصيلي أوجه التنسيق القائم مع التحالف الوطني فيما يخص ملف "التمكين الاقتصادي"، لافتةً إلى أن ذلك التنسيق تكلل بنجاح من خلال توفير العديد من فرص العمل التي ساهمت في تحسين معيشة الأسر المستحقة.

ووجهت الدكتورة مايا مرسي الشكر للتحالف الوطني على الجهد المبذول من خلاله فيما يتعلق بملف تشغيل حضانات الأطفال، مُعربةً  عن الشكر العميق على التنسيق القائم مع الهلال الأحمر المصري بهدف نفاذ المساعدات الإنسانية ومواد الاغاثة إلى أهالي قطاع غزة.

وخلال الاجتماع، تقدم المهندس/ خالد عبد العزيز، رئيس مجلس أمناء التحالف الوطني للعمل الأهلي التنموي، بالشكر إلى الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء، على عقد هذا اللقاء، بما يعكس الاهتمام بعمل التحالف الوطني، لافتاً إلى أن هذا اللقاء هو الرابع الذي يتصل بعمل التحالف خلال الفترة القليلة الماضية، حيث بدأ بلقاء رئيس الوزراء مع رئيس مجلس الأمناء لمتابعة عمل التحالف، ثم لقاء ثانٍ مع مجلس الأمناء في 9 يناير 2025، تلاه حضور رئيس الوزراء لإطلاق إحدى قوفل المساعدات المُتجهة إلى قطاع غزة، يوم الأحد 26 يناير 2025، وأخيراً الدعوة الكريمة لعقد هذا اللقاء الموسع، في مقر مجلس الوزراء، بحضور جميع مؤسسات أمناء التحالف.

 تقدم بالشكر إلى الدكتورة مايا مرسي، وزيرة التضامن الاجتماعي، وعضو مجلس أمناء التحالف، على دعمها الكامل والمستمر، ودورها الفاعل في جميع مراحل عمل التحالف.

وأشار رئيس مجلس أمناء التحالف إلى أنه يلمس حرص الدكتور مصطفى مدبولي على أن يُتابع عن قرب المجهودات التي تبذلها جميع مؤسسات التحالف الوطني، كمظلة غير حكومية، داعمة للجهود الكبيرة التـي تقوم بها الحكومة المصرية في سبيل تحقيق التنمية، الأمر الذي أشادت به الدوائر العالمية، كنموذج يُحتذى ويُقتدى به، للعمل الأهلي التنموي في كثير من دول العالم، والذي قطعت فيه مصر شوطاً طويلاً.

وأوضح المهندس خالد عبد العزيز أن هذا اللقاء سيشهد عرضاً لأبرز مهام عمل وأنشطة مؤسسات التحالف في مختلف المجالات، منها مجهودات بعض المؤسسات للدعم الخاص بالسلع التموينية والأدوات المدرسية والمفروشات للأسر الأكثر احتياجاً، والتي تقوم بها تلك المؤسسات على مدار العام، ضمن أوجه أنشطتها، وتُضاعف من هذا الإمداد خلال موسم دخول المدارس وسداد المصروفات الدراسية، واحتياجات فترة الشتاء، وكذلك قرب حلول شهر رمضان الكريم، مُؤكداً أن هذا العام سيكون هو الأفضل والأعم والأشمل من حيث العدد الأكبر من الأسر المشمولة، حيث من المخطط الوصول إلى ما يزيد على 5 ملايين أسرة مصرية، مع تنوع تقديم الخدمات من حيث الدعم المادي والغذائي، والاحتياجات اليومية الأخرى، ليصل الدعم إلى أعلى معدلاته مع حلول شهر رمضان المعظم، مع تقديم وجبات الإفطار والسحور وصولاً إلى أصغر القرى وأبعد المناطق، بالتنسيق اللازم والضروري والمستمر بين مؤسسات التحالف المختلفة.

وأكد أن مؤسسات التحالف المعنية بالقطاع الطبي والصحة العامة والتي تمتلك رصيداً هائلاً لدى الشعب المصري وسمعة مرموقة في الأوساط الطبية العالمية، تقوم بعمل يومي عظيم من حيث تقديم الخدمات الطبية والعلاجية والوقائية، الأمر الذي ساهم بشكل كبير بالتعاون مع الحكومة المصرية في تحسين مستوى تقديم الخدمات الصحية للمواطنين، وتخفيف الأعباء المادية عن كاهل عدد كبير من الأسر الأولى بالرعاية.

وأوضح أن هناك نماذج متميزة للتمكين الاقتصادي تقوم به بعض المؤسسات بالشراكة والتعاون بينها، سيصل في القريب العاجل إلى مُجمعات صناعية كبرى، تقدم انتاجاً وطنياً متميزاً، وتوفير فرص عمل جديدة للشباب المصريين، ونماذج ناجحة لريادة الأعمال لتعزيز الأداء الاقتصادي، كما أن هناك آفاقاً مستقبلية للتعاون الدولي مع المؤسسات العالمية الكبرى، بالتعاون مع الحكومة المصرية، ومن خلال مؤسسات المجتمع المدني الكبرى، التي تهتم بإيجاد فرص عمل تواكب التقدم العلمي والمعرفي والتكنولوجي.

وأضاف المهندس خالد عبد العزيز، أنه سيتم تطوير عمل بعض المؤسسات في القطاع الزراعي، وتقديم الخدمات المتنوعة لصغار المزارعين في محافظات الجمهورية المختلفة، في سبيل تحقيق الاكتفاء الذاتي، لبعض السلع الاستراتيجية في إطار مبادرات متكاملة، تشمل التمكين الاقتصادي والرعاية الطبية والتدريب المهني الزراعي واستخدام الأساليب العالمية الحديثة، كما أشار إلى الدعم المجتمعي الكبير، ونموذج المدارس المُجتمعية، ودُور الحضانة، حيث يتم ذلك كله في إطار قانوني وتنوع للخبرات وحوكمة ورقابة ذاتية ومؤشرات لقياس معدلات الأداء.

وأكد أن العرض الذي سيتم تقديمه خلال الاجتماع يتضمن فكرة مبدئية يتم دراستها حالياً عن مبادرة جديدة للتمكين الاقتصادي المُتكامل يقوم بها التحالف الوطني وتشارك فيها بأساليب متعددة ومتنوعة جميع المؤسسات لتعكس الهدف الأساسي للتعاون والتكامل والتنسيق الذي رسخته فكرة التحالف الوطني.

وثمن الدور الوطني المحوري الذي قامت به مؤسسات التحالف الوطني ومازالت وستستمر؛ في دعم وتقديم المُساعدات للأهالي في قطاع غزة منذ بداية الأزمة في أكتوبر عام ۲۰۲۳، وحتى اليوم، بل وتستعد مؤسسات التحالف حالياً لإرسال قافلة مساعدات جديدة خلال الأيام والأسابيع المقبلة.

وفي ختام حديثه، جدد المهندس خالد عبد العزيز الشكر لرئيس الوزراء على الاهتمام والدعم المُستمر لعمل التحالف الوطني، مؤكداً الحرص الكامل على العمل جنباً إلى جنب مع جميع المؤسسات التنفيذية لتحقيق التنمية الشاملة التي يستحقها الشعب المصري.

من جانبها، عرضت السفيرة نبيلة مكرم، رئيس الأمانة الفنية للتحالف الوطني للعمل الأهلي التنموي، أهم نتائج عمل التحالف الوطني منذ تدشينه، مشيرة إلى أن إجمالي تكلفة الأنشطة التي قام بها بلغ بنحو 47.3 مليار جنيه خلال السنوات الثلاث الماضية، بمتوسط عدد مستفيدين سنوياً حوالي 40 مليون مستفيد، حيث تم تقديم عدد 124.8 مليون خدمة متنوعة، فضلاً عن تنظيم 9 قوافل بإجمالي 2819 شاحنة لدعم الأشقاء في فلسطين بمساعدات متنوعة بلغت 57 ألف طن بقيمة 3 مليارات جنيه، وبمشاركة 30 ألف جمعية وما يزيد على 300 ألف متطوع.

و تناولت خطة التحالف قصيرة الأجل، والتي تستهدف العمل خلال النصف الأول من عام 2025؛ حيث أوضحت في هذا الصدد أن التحالف الوطني سيبدأ المرحلة الثانية من حملة " إيد واحدة"، التي بدأها في يوليو 2024، واستفاد منها خلال المرحلة الأولى أكثر من 3 ملايين مستفيد، حيث تستهدف المرحلة الثانية 7 ملايين أسرة مستفيدة من الفئات الأولى بالرعاية، وذلك من خلال توفير مجموعة متنوعة من الخدمات والمساعدات مثل الملابس، وكراتين المواد الغذائية، وإعادة إعمار المنازل، والوجبات الساخنة، بجانب توزيع إعانات شهرية، وتجهيز عرائس للزواج، فضلاً عن القوافل الطبية، وتوفير منح للمشروعات الصغيرة، وإجراء عمليات جراحية، وغيرها من أوجه المساعدات المختلفة.

  وأشارت  السفيرة نبيلة مكرم إلى أنه في إطار سلسلة قوافل "إيد واحدة" الشاملة، التي تم تقديمها في مختلف المحافظات للقرى الأكثر احتياجاً وبلغت 30 قافلة منذ تأسيس التحالف الوطني؛ ويستهدف التحالف تنفيذ قافلتين من هذه القوافل في كل محافظة من محافظات الجمهورية بإجمالي 54 قافلة، وذلك بمناسبة انطلاق المرحلة الثانية، ولذا يجري حالياً الإعداد للقافلة الأولى في محافظة شمال سيناء خلال الفترة القريبة المقبلة، باستهداف ما يصل إلى 50 ألف مستفيد، من مختلف الخدمات التي ستقدمها القافلة؛ سواء كانت غذائية، أو طبية، أو غيرها من الخدمات الأخرى.

ولفتت إلى أن مؤسسات التحالف الوطني تستعد لدعم الأسر الأكثر احتياجاً خلال موسم الشتاء الجاري، وذلك من خلال توفير البطاطين، والملابس الشتوية، بالإضافة إلى تقديم المساعدات الغذائية، حيث إنه من المستهدف الوصول إلى 18 مليون مستفيد شهرياً، عبر توزيع أكثر من مليوني بطانية وألحفة وملابس، وأكثر من 3.3 مليون كرتونة مواد غذائية شهرياً في جميع المحافظات، بجانب توزيع 167 ألف وجبة غذائية ساخنة يومياً بإجمالي 5 ملايين شهرياً، بالإضافة إلى المستهدفات من الإعانات، والمساعدات النقدية، وخدمات الدعم الاجتماعي، والطبي، شهرياً.

واستعرض حاتم متولي، نائب رئيس الأمانة الفنية للتحالف، مُستهدفات التحالف الوطني لموسم شهر رمضان الكريم، وذلك لتلبية احتياجات المواطنين، وتحقيق التكافل الاجتماعي، وتعزيز مظلة الحماية المجتمعية خلال الشهر المعظم، مُشيراً إلى أن خطة التحالف خلال شهر رمضان تتضمن: توفير أكثر من 11 مليون وجبة إفطار وسحور؛ لضمان حصول الأسر على وجبات غذائية متكاملة طوال الشهر، وكذا توزيع أكثر من 4.5 مليون كرتونة مواد غذائية؛ لتلبية احتياجات الأسر من المواد الغذائية الأساسية، بالإضافة إلى تقديم مساعدات إنسانية ومادية تصل إلى 35 ألف أسرة؛ لتلبية احتياجاتهم المتنوعة، وكذا الخدمات المتنوعة الأخرى الطبية، والمجتمعية.

 ووضع التحالف خطة عمل لموسم عيد الأضحي المبارك، تشمل دعم أكثر من مليوني أسرة مستفيدة بتوزيع لحوم الأضاحي، وكذا توزيع الهدايا والعيديات على الأطفال في المناطق والقرى النائية، بالإضافة إلى توفير وجبات غذائية جاهزة للأسر الفقيرة وكبار السن، فضلا عن تقديم الدعم المادي الاستثنائي لـ 25 ألف أسرة مستفيدة.

أما عن جهود التحالف الوطني فيما يتعلق بتقديم قوافل دعم فلسطين، فقد أوضح حاتم محمد متولي، نائب رئيس الأمانة الفنية للتحالف، أن التحالف الوطني قام بتنفيذ 8 قوافل مساعدات تتضمن أكثر من 54 ألف طن من المواد الغذائية، وبالتزامن مع وقف إطلاق النار بادر التحالف بتقديم قافلة أخرى جديدة تحمل أكثر من 3240 طناً من المساعدات، كما يجري الآن إعداد القافلة العاشرة بمستهدفات أكبر مع استمرار القوافل تباعا.

و سلط الضوء في الوقت نفسه، على مقترح مبادرة التحالف الجديدة للتمكين الاقتصادي وفرص العمل، والتي تهدف إلى المساهمة في معالجة البطالة، وتحفير النمو الاقتصادي؛ حيث تركز المبادرة على توفير فرص عمل مستدامة ودعم المشروعات الصغيرة، عبر العديد من التدخلات، من بينها حضانات أعمال الحرف اليدوية والإبداعية والتراثية، وتعزيز برامج وفرص العمل الحر، بجانب تمويل ودعم المشروعات الصغيرة ومتناهية الصغر، فضلاً عن منح القروض الميسرة والدوارة، إضافة إلى برامج التدريب من أجل التوظيف، وبرامج تأهيل خريجي التعليم الفني، ومسابقات ريادة الأعمال، وغيرها.

وشرح أعضاء مجلس أمناء التحالف المبادرات المختلفة التي يعملون على تنفيذها، والتنسيق الذي يتم مع الحكومة بهدف تكامل الجهود بما يحقق الأهداف التنموية للعمل الأهلي.  

وفي ختام الاجتماع، وجه رئيس الوزراء الشكر مجدداً لأعضاء مجلس أمناء التحالف الوطني على الجهد المبذول خلال السنوات الماضية.

وقال الدكتور مصطفى مدبولي: أؤكد إيمان الحكومة بالدور التنموي الذي تقومون به، وسندعم دوركم، ومستعد لزيارة ودعم أي مشروع يتبع التحالف.

 و أعرب رئيس الوزراء، عن اهتمامه بمبادرات التحالف الوطني المتميزة، خاصةً ما يتعلق منها بالتمكين الاقتصادي، وتوفير فرص العمل، لافتاً إلى أن هذه المبادرات تتكامل مع ما تقوم به الحكومة من جهود في هذا الملف المهم، الأمر الذي يسهم في الترقي الاجتماعي ويدفع نحو خروج المواطنين المستهدفين من دائرة الفقر.

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: رئيس مجلس الوزراء التحالف الوطني للعمل الأهلي التنموي الدكتور مصطفى مدبولي المزيد رئیس الأمانة الفنیة للتحالف مجلس أمناء التحالف الوطنی وزیرة التضامن الاجتماعی المهندس خالد عبد العزیز الدکتور مصطفى مدبولی للعمل الأهلی التنموی الأکثر احتیاجا مؤسسات التحالف تقدیم الخدمات رئیس الوزراء بالإضافة إلى عمل التحالف هذا اللقاء شهر رمضان رئیس مجلس دعم الأسر فرص العمل أکثر من من خلال إلى أن

إقرأ أيضاً:

الحوار الوطني: أداة حل أم فخّ لاحتواء الغضب؟

عادت فكرة "الحوار الوطني" مجددًا إلى المشهد العربي، بعد أن أعلنَ العديد من أنظمة الحكم العربية عن مبادرات للحوار، عززتها دعوات متكررة من قوى سياسية ومنظمات وجمعيات للحاجة لحوارات وطنية كاستحقاق بات ملحًا، بعد أن سادت المنطقة ولسنوات، مناخاتٌ من التوتر والقطيعة السياسية والمواجهات في عديد من دول المنطقة، انزلقت من التجاذبات والانقسامات السياسية الحادة إلى مستوى المواجهات الدموية ومحاولات الاستئصال العنيفة.

وقد أشاعت هذه التجاذبات حالة من التوتر، خيّمت على العديد من البلدان العربية ولا تزال، في ظل سجن العديد من القيادات السياسية والشخصيات الوطنية، أو التضييق عليهم، وإغلاق المجال العام في وجه أي نشاطات معارضة.

وفي وقت يتزايد فيه الحديث عن حوارات وطنية، أو الجدل بشأنها في العديد من بلدان المنطقة من مصر إلى سوريا ولبنان إلى العراق واليمن وليبيا وتونس والجزائر، وما صاحبها من مخاوف أن تكون مبادرات لا تتسم بالجدية الكافية، أو هي تندرج ضمن إستراتيجية الاستيعاب والاحتواء من قِبل الأنظمة القائمة، يعتقد مراقبون ومتابعون لأوضاع المنطقة وما يعتمل فيها بأن الحوار الوطني بات حاجة ملحّة وحيوية لمعالجة الأزمات ومواجهة التحديات المتفاقمة التي لا تخطئها العين، والتي يَأخذ بها أبعادًا إقليمية ودولية خطيرة، ومؤذنة بعدم الاستقرار وحتى الفوضى.

إعلان

متغيرات كثيرة على المستويين؛ الدولي والإقليمي تعزز مبادرات الحوار وتوجبه. فما نشهده من سياسات أميركية جانحة وجامحة مع مجيء الرئيس الأميركي دونالد ترامب لإدارة البيت الأبيض، يحتاج وقفة جادة في ظل ثقل وحجم التأثير الأميركي في المنطقة، سلبًا وإيجابًا، لا سيما أن جلّ بلدان المنطقة، ترتبط بعلاقات تقليدية إستراتيجية، أو هي قريبة من ذلك بشكل أو بآخر.

فموقف ترامب وإدارته المثير للجدل من كل القضايا التي تهم المنطقة، يحتاج لوقفة جادة من قبل دول المنطقة، لأن هذه المواقف الأميركية ستنعكس بشكل مباشر على كل المنطقة.

وإذا أخذنا بعين الاعتبار موقف ترامب من الملفّ الفلسطيني، لا سيما رفض فكرة حلّ الدولتين الذي يقوّض جوهر الموقف العربي الذي عبّرت عنه المبادرة العربية للسلام، ثم تصريحات ترامب المحرّضة على التهجير القسري للفلسطينيين باتجاه مصر، والأردن، وهي تصريحات توازت مع أخرى إسرائيلية تشمل حتى السعودية بهذا التوطين المقترح لأهل غزة، فإن هذه المواقف الأميركية لها من التداعيات الخطيرة ليس فقط على الحقوق الفلسطينية، ومحاولة تصفية القضية، وإنما أيضًا على الأمن والاستقرار في المنطقة كلها.

وهذه التداعيات ليست فقط رسمية وإنما شعبية، في ظل حجم التضامن الشعبي الكبير مع الفلسطينيين والساخط على العدوان الإسرائيلي على غزة وعلى داعميه وحتى على المتخاذلين فيه.

كما تنذر السياسات الأميركية بتفاقم النزاع والتوتر في المنطقة، سواء بسبب التشجيع على الغطرسة الإسرائيلية، أو ما يحصل في المنطقة من تحولات لم تَشِ بعد بتداعيات. وما يحصل في سوريا، ولبنان، وإيران قد تنزلق بسببه المنطقة إلى مخاطر كبيرة إذا مضى ترامب في المعلن من سياساته وخياراته تجاه المنطقة.

وتزداد خطورة خيارات ترامب تجاه المنطقة، بأنه يدفع إليها وهو مُعبَّأ ليس فقط بالمصالح الأميركية الضيقة وإنما أيضًا، بالانحياز الكامل لإسرائيل.

إعلان

إذ تراهن تل أبيب أن يمهّد لها ترامب ويساعد على تمكينها في المنطقة على حساب بقية بلدان المنطقة، وجعلها هي من تعيد تشكيل ملامح المنطقة بما يجعلها اللاعب الأساسي والرئيسي فيها، دون اعتبار لا للحقوق الفلسطينية ولا للمصالح العربية، ولا أمنهم القومي.

ومع استمرار الحرب في أوكرانيا تواجه دول المنطقة تحديات الأمن الغذائي وتراجعًا واضحًا في القدرة على التزوّد بالمواد الأساسية على غرار القمح ومشتقاته، فضلًا عن الطاقة.

وهو وضع ينذر بالتسبب في استمرار ارتفاع الأسعار بشكل يتجاوز القدرة الشرائية لفئات شعبية واسعة في المنطقة، ويرهق كاهلها اجتماعيًا واقتصاديًا، ما قد يكون سببًا آخر لعدم الاستقرار واتساع دائرة الاحتجاجات الاجتماعية.

وإذا أضفنا إلى هذه المعطيات الجيوسياسية ظاهرة لافتة في المنطقة، تتمثل في ظهور متزايد لقوات مسلّحة غير نظامية في عديد بلدان المنطقة كاليمن مع الحوثيين، ولبنان، والعراق، وسوريا، وليبيا، والسودان، فإننا أمام ظواهر قد لا تكون قابلة للضبط والتحكم بشكل كامل، ما قد يهدد وحدة العديد من الدول وسيادتها على أراضيها، كما يمكن أن يكون عامل عدم استقرار لجميع دول المنطقة، في ظلّ حالة التوتر المتصاعدة في المنطقة.

في خضم هذه المناخات الخارجية ازداد الجدل بشأن مبادرات الحوار الوطني في العديد من البلدان العربية، على غرار مصر، وتونس، وليبيا، والجزائر، ثم سوريا أخيرًا بعد سقوط نظام بشار الأسد.

قد يكون من المسلّم به أن تعبّر مبادرات الحوار الوطني عن اعتراف ضمني بوجود أزمة أو أزمات ما، ومخاطر وتحديات ما تحتاج لتجميع مختلف المكونات الوطنية، السياسية والاقتصادية والاجتماعية والمدنية من أجل البحث عن مقاربات وإجابات وطنية، تعبر عن أكبر تمثيلية مجتمعية ممكنة.

بيدَ أن المخاوف لا تزال قائمة اليوم بأن هذه المبادرات الوطنية للحوار رغم إلحاحيتها وحيويتها الإستراتيجية في ظل التحديات الدولية والإقليمية والوطنية، قد تكون خطوات تكتيكية لاحتواء الاحتقان الداخلي والتجاذبات السياسية، دون معالجة القضايا الحقيقية أو التوصل لتجاوز الأزمات السياسية التي تعصف بهذه البلدان.

إعلان

والحقيقة أن إستراتيجية الاحتواء عبر مبادرات الحوار الوطني في بعض دول المنطقة، أثبتت في أكثر من مرّة أنها قد تنجح في احتواء بعض الأطراف والشخصيات، ولكنها تظهر فشلًا ذريعًا في كل مرّة في تعزيز الوحدة الوطنية، أو تجاوز الأزمات المستحكمة، أو خفض الاحتقان السياسي، بل بالعكس من ذلك.

فكلما تحولت مبادرات الحوار إلى إستراتيجية للاحتواء والمخاتلة، وليس لمعالجة الأزمات، عمّقت الأزمة السياسية، ورسّخت حالة من عدم الثقة في مؤسسات الحكم، وعزلة السلطة، وانحسار شعبية النظام السياسي.

لم تفلح الحوارات الوطنية في الكثير من البلدان العربية بإحداث أي اختراق في الأزمة المستحكمة، بل لعلها عمّقت الانقسام أكثر بين الشرق والغرب.

ورغم المخاطر والتحوّلات الصاخبة التي تعصف بالمنطقة وما تنذر به من مخاطر، لا تبدو فكرة الحوار في تونس التي تحدثت عنها وسائل إعلام دولية جدية بما يكفي لكي تنقل المزاج العام السائد من الإحباط والخيبة وانسداد الأفق إلى مزاج أكثر إيجابية وتفاؤل.

إذ سرعان ما تلاحقت الأحداث والمعطيات التي أشّرت على أن فكرة الحوار الوطني لا تعدو أن تكون بين نظام الحكم وداعميه، مع إقصاء القوى المعارضة. بل تشير المحاكمات التي تجري- والتي صدرت فيها أحكام صادمة ضد معارضين سياسيين وصل بعضها لأكثر من خمسين عامًا سجنًا، في انتظار محاكمات أخرى أكثر خطورة- إلى أن المناخات العامة واتجاه السلطة، ليس باتجاه الحوار وإنما باتجاه مزيد المواجهة مع المعارضين وتصعيد عملية استهدافهم قضائيًا وإعلاميًا. وهذا التمشي التصعيدي يقوّض فكرة الحوار ويجعلها مجرّد دعاية سياسية لا أثرَ إيجابيًا ولا مضمونَ تصالحيًا أو توافقيًا أو تهدئة فيها.

ينتظر العديد من المراقبين مسار الحوار الوطني في الجزائر، بينما ينظر إليه آخرون بتشاؤم، مستدعين في ذلك تجارب سابقة للحوار، لم تكن مخرجاته في مستوى التطلعات والانتظارات.

إعلان

كما يثور جدل بشأن إلزامية مخرجات هذه الحوارات في ظل أنها تبقى في كل البلدان العربية، مبادرات من السلطة، وهي التي تحدد إطارها والمشاركين فيها وأفقها.

وفي الحالة السورية يبدو فيها الحوار ضرورة وطنية وحاجة سياسية ملحة، وفرصة لإعادة بناء الاجتماع السياسي، والتوافق على عقد اجتماعي وسياسي جديد، قوامه الشراكة الوطنية المحتفية بالتعددية والتنوع في إطار الوحدة الوطنية بين المكونات المختلفة للشعب السوري المتطلع لترسيخ ثورته وتحقيق أهدافها في الحرية والكرامة ونظام الحكم الرشيد.

بيد أن هذا الحوار الوطني في الحالة السورية المتحركة، يجب ألا يسقط بوعي أو بدون وعي في مطب مخاتلة الثورة والتجديف ضدها لتقويضها، كما يجب ألا يتحوّل الحوار إلى ذريعة لإدخال البلاد في نفق لا ينتهي من الجدل وإهدار الفرص، على حساب التحديات التنموية الاقتصادية والاجتماعية الملحّة، وتحسين ظروف وحياة الناس والاستجابة لحاجياتهم المعيشية، التي تمثل ركيزة وشرطًا لأي استقرار سياسي يمكّن ويوفّر الظروف الملائمة لإقامة نظام حكم رشيد يعلي القانون، ويحفظ السيادة، ويحقق الأهداف السياسية للثورة.

في خضم المطالب بالحوارات الوطنية في بلدان المنطقة، ورغم الحاجة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والأمنية لهذه الحوارات، وما يمكن أن تطلقه من ديناميكية منعشة للمشهد العام في هذه البلدان، في ظل المخاطر الداخلية والإقليمية والدولية، فإن ثمة خشيةً دائمة من التعاملِ مع هذه الحوارات بشكل مخاتل، أو استدعائِها كإستراتيجية للاحتواء والإخضاع، وليس فرصة لتفكيك الأزمات، أو لترميم الاجتماع السياسي وحمايته، في ظل حالة من الهشاشة الواضحة لمؤسسات الدولة وأركانها.

وينذر هذا الإهدار وتبديد مبادرات الحوار الوطنية كفرصة تاريخية، بجعل بلداننا مكشوفة وعارية الظهر تجاه مخاطر عاصفة، تهبّ على المنطقة بشكل لم تعرفه منذ عقود.

إعلان

الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.

aj-logo

aj-logo

aj-logo إعلان من نحناعرض المزيدمن نحنالأحكام والشروطسياسة الخصوصيةسياسة ملفات تعريف الارتباطتفضيلات ملفات تعريف الارتباطخريطة الموقعتواصل معنااعرض المزيدتواصل معنااحصل على المساعدةأعلن معناابق على اتصالالنشرات البريديةرابط بديلترددات البثبيانات صحفيةشبكتنااعرض المزيدمركز الجزيرة للدراساتمعهد الجزيرة للإعلامتعلم العربيةمركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسانقنواتنااعرض المزيدالجزيرة الإخباريةالجزيرة الإنجليزيالجزيرة مباشرالجزيرة الوثائقيةالجزيرة البلقانعربي AJ+

تابع الجزيرة نت على:

facebooktwitteryoutubeinstagram-colored-outlinersswhatsapptelegramtiktok-colored-outlineجميع الحقوق محفوظة © 2025 شبكة الجزيرة الاعلامية

مقالات مشابهة

  • رئيس جامعة الغردقة يعقد اجتماعًا لبحث تطبيق نظام التعليم التبادلي في مجال السياحة والفنادق
  • الحوار الوطني: أداة حل أم فخّ لاحتواء الغضب؟
  • عضو أمناء الحوار الوطني: مطالب رئيس الوزراء تؤكد مدى تاثيره في صنع القرار
  • رئيس مجلس أمناء جامعة بنها الأهلية يشهد توقيع بروتوكول تعاون مع جامعة نانجنج الصينية
  • رئيس مجلس أمناء جامعة بنها الأهلية يشهد توقيع بروتوكول تعاون مع نانجنج الصينية
  • رئيس مجلس السيادة القائد العام يلتقي المبعوث السويسري الخاص
  • مدبولي: سندعو «الحوار الوطني» للمشاركة في مناقشات ملف الدراما والإعلام
  • مدبولي يلتقي رئيس وزراء ولاية ساكسونيا الألمانية لبحث التعاون المُشترك في عدد من الملفات
  • مدبولي يلتقي رئيس وزراء ولاية ساكسونيا الحرة الألمانية لبحث سبل دعم التعاون المُشترك في عدد من الملفات.. صور
  • مدبولي يلتقي رئيس وزراء ولاية ساكسونيا الألمانية لبحث التعاون المُشترك