يحسب البعض اللهجة العامية للشعوب، تسطيحاً للثقافة، وانحلالاً أدبياً، فيعتبرون ورود كلمات عامية دارجة فى نص أدبى دليلاً على تدنى اللغة وبرهاناً على انحدار الثقافة.
وهذا وهم كبير، حاول بعض دعاة التمرد دحضه وإثبات غلطه، فكتب قبل نصف قرن الأديب مصطفى مشرفة رواية بالعامية المصرية سرداً، وحواراً بعنوان، قنطره الذى كفر، وكتب لويس عوض سيرته وهو طالب بالعامية بعنوان «يوميات طالب بعثة مصرى».
ورغم ذلك ظل الصراع قائماً بين أنصار العامية من ناحية، وبين أنصار الفصحى من ناحية أخرى، غير أن البعض لاحظ أن أنصار العامية كثيراً ما يكتبون بالفصحى، وأن أنصار الفصحى كثيراً ما يتكلمون بالعامية. وربما كان هذا هو الدافع الأساسى لأديب مخضرم، وباحث متميز هو السيد زرد أن يتحفنا مؤخراً بإصدار معجم للعامية المصرية تحت عنوان «معجم لسان المصريين فى القرن الواحد والعشرين» عن مؤسسة غايا للإبداع.
ولاشك أن العمل مختلف وذو قيمة إذ يقدم بشكل مدقق أصول ومعانى ومدلولات كل الكلمات المصرية المستخدمة فى لغة الحديث بين الناس.
لقد قضى المؤلف سنوات طويلة يرصد ويبحث، ويجمع الكلمات ويستقى أصولها وتطورها عبر الأزمنة، مدفوعاً بعدة دوافع لإنجاز هذا العمل، منها مثلاً أن هناك كلمات عرفها المؤلف قبل خمسين عاماً، ولا تكاد تستخدم فى الوقت الحالى مثل كلمة «ماين» بمعنى ساير، و«لبص» بمعنى تحير. ومنها أيضاً أن هناك ألفاظاً أخرى يتداولها الجيل الشاب حالياً، لا تكاد الأجيال القديمة تعرف معانيها ومدلولاتها مثل «روش» أو «طرش» أو غيرها.
ويلاحظ السيد زرد فى مقدمته أن العامية المصرية استقت كلمات عديدة من لغات مختلفة منها المصرية القديمة، والقبطية، والتركية، والإنجليزية، وأن التحول من لغة رسمية إلى لغة أخرى رسمية لم يحل دون استخدام ألفاظ من اللغة المتروكة فى العامية.
فمثلاً بعد فتح عمرو بن العاص لمصر سنة 641 ميلادية، ظل المصريون يتحدثون اللغة القبطية، ولم يتخلوا عنها إلا بعد أربعة قرون عندما أصدر خليفة مهووس ومضطرب اسمه الحاكم بالله أمراً بحظر استخدام اللغة القبطية تماماً واستبدالها بالعربية. وغير أن التأثير الأكبر فى العامية المصرية كان من جانب اللغة التركية لارتباط مصر بتركيا لنحو أربعة قرون نتيجة تبعيتها للخلافة العثمانية.
ومن الكلمات المستقاة من التركية كلمة «دوغرى»، وأصلها دوجرى ومعناها مستقيم أو مباشر. وهناك كلمة «شلق» وتوصف بها المرأة العنيفة بذيئة اللسان، وهى أيضاً مستوحاة من لفظ «سلاك» بالتركية أى عارٍ.
ومن القبطية كلمة «شاط» بمعنى اشتد واحتدم، ويقال «دمه شايط» كناية عن الغضب، وهى مستقاة من لفظة قبطية هى شووت أى اشتد.
وهناك كلمة «عره» بمعنى وضيع أو منحط، وهى مستقاة من طائفة العيارين فى العصر المملوكى، وقد كانت هذه الطائفة مشهورة باللصوصية.
كذلك هناك كلمات مستقاة من لغات أجنبية مثل كلمة «فالصو» المأخوذة عن الإيطالية، وكلمة «فازه» المعربة عن الفرنسية، وكلمة «كابل» أى حزمة أسلاك والمنقولة عن الإنجليزية بالمعنى نفسه.
أيضاً نلاحظ أن هناك فى العامية كلمات مصنوعة من جذور عربية فصحى مثل كلمة «لضى» فيقال «فلان مش لاقى اللضى» أى مفلس وهى محرفة من كلمة اللظى الفصيحة تشبيهاً للشخص الذى فقد ماله بأنه كالجالس على لهيب النار.
وفى المجمل، إن هذا المعجم الفريد يستحق تقدير واهتمام ورعاية مؤسسات الثقافة المصرية، ذلك أنه سد فراغاً عانينا منه لعقود طويلة فى المكتبة المصرية، وساهم فى توثيق كلمات بدأت طريقها نحو الاندثار.
والله أعلم.
mostafawfd@hotmail. com
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: مصطفى عبيد
إقرأ أيضاً:
بـ3 كلمات في الليلة الثانية من شعبان.. ذنوبك لن تقطع رزقك ثانية
نشهد الآن الليلة الثانية من شعبان ، حيث النفحات والبركات التي لا ينبغي تفويتها بأي حال من الأحوال فهي من نسائم شهر رمضان الكريم، ومن هنا فإنه علينا اغتنام كل لحظة من الليلة الثانية من شعبان لعلنا ننجو من بلاء الدنيا وهلاك الآخرة، لذا يبحث الكثيرون الآن عن كل عمل أو عبادة في الليلة الثانية من شعبان تحقق المراد وبها نفوز بالقرب من الله تعالى ومن ثم نطمئن.
لماذا أوصى النبي بقراءة أذكار النوم كل ليلة؟.. لـ13 سببا الشياطين بينهاانتبه.. 5 أفعال في الليل حذر منها النبي ويقع فيها كثيرون قبل النومالليلة الثانية من شعبانقال الشيخ محمد وسام، أمين الفتوى بدار الإفتاء، إن ذِكر الله سبحانه وتعالى من أفضل الأعمال الصالحة اليسيرة التي تقرب المسلم إلى ربه سبحانه وتعالى، منوهًا بأن الله تعالى مدح عباده الذاكرين في كتابه بأجل الذكر، فقال الله سبحانه: «إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآيَاتٍ لِّأُولِي الْأَلْبَابِ الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذا بَاطِلًا سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ» (آل عمران:190-191).
وأوضح “ وسام” أن هناك ثلاث كلمات تغفر الذنوب التي تقطع الرزق ، بل وتوسعه ، لما روي عن أبي هريرة -رضي الله تعالى عنه - في صحيح الترمذي | الصفحة أو الرقم : 3466، وحدثه الألباني، عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم -: ( من قال : سُبْحـانَ اللهِ وَبِحَمْـدِهِ مائةَ مرةٍ غُفرَتْ له ذنوبُه وإنْ كانتْ مثلَ زبَدِ البحرِ ) أخرجه الترمذي (3466) واللفظ له، وأخرجه البخاري (6405)، ومسلم (2691) بلفظ: "مائة مرة حطت خطاياه".
وتابع: وفي رواية أخرى : (مَن قال: سُبْحانَ اللَّهِ وبِحَمْدِهِ، في يَومٍ مِائَةَ مَرَّةٍ؛ حُطَّتْ خَطاياهُ وإنْ كانَتْ مِثْلَ زَبَدِ البَحْرِ، ولَمْ يَأْتِ أَحَدٌ يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِأَفْضَلَ مِمَّا جَاءَ، بِهِ إِلَّا أَحَدٌ قَالَ مِثْلَ مَا قَالَ أَوْ زَادَ عَلَيْهِ)، منوهًا بأن من قاله بعد أذان الفجر إلى أن يقيم المؤذن للصلاة يوسع الله تعالى رزقه.
واستشهد بما روي عن بن عمر رضى الله عنهما، أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- جاءه رجل يسأل أنه قد ضاق رزقه، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم أين أنت من تسبيح الملائكة، فسأله سيدنا عبدالله بن عمر ما هو يا رسول الله تسبيح الملائكة، فقال -صلى الله عليه وسلم- «سبحان الله وبحمده، سبحان الله العظيم، أستغفر الله -مائة مرة بين أذان الفجر والإقامة- فإن هذا يفتح أبواب الرزق».
وأضاف أنه ورد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم جاءه رجلاً يسأله أنه قد ضاق رزقه فقال -صلى الله عليه وسلم- أين أنت من تسبيح الملائكة؟ فسأله سيدنا عبدالله ابن عمر ما هو يا رسول الله قال (( سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم)) (( أستغفر الله)) مائة مرة بين أذان الفجر وإقامته فإن هذا يفتح أبواب الرزق .
ونبه إلى أن ذِكرُ اللهِ سُبحانَه وتعالَى ممَّا يُؤنِسُ الرُّوحَ والقَلبَ، ويَرزُقُ النَّفْسَ الطُّمأْنينةَ، ويُثقِّلُ مَوازينَ العَبدِ بالحَسَناتِ، ويُنَجِّي اللهُ تعالَى به صاحِبَه مِنَ الهَمِّ والغَمِّ، فيَكشِفُ ضُرَّه ويُذهِبُ غَمَّه، وفي هذا الحَديثِ دَلَّ رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم المسلِمَ على ما تُوضَعُ به خَطايا العَبدِ وذُنوبُه وتُمْحَى، ولو كانتْ كَثيرةً كَزَبَدِ البَحْرِ.
وأشار إلى أن زبد البحر هو: ما يَعْلو البَحْرَ مِن الرغْوةِ والفَقاقيعِ عندَ تموُّجِه وهَيَجانِه، ويُعبَّرُ به عن كَثْرةِ الذُّنوبِ وعَدَمِ حَصرِها، ومعَ كَثْرتِها الهائلةِ يَغفِرُها اللهُ لِمَن أتى بهذا الذِّكرِ، وتلك مُبالَغةٌ في بَيانِ سَعةِ مَغفرةِ اللهِ تعالَى وعَظيمِ رَحْمتِه؛ وذلك بأنْ يقولَ في اليومِ مِائةَ مرَّةٍ: «سُبحانَ اللهِ وبِحَمْدِه».
واستطرد: أي: أَحْمَدُ اللهَ على ما يَسَّرَ مِن التَّسبيحِ والطَّاعاتِ، والتَّسبيحُ: تَنْزِيهُ اللهِ تعالَى عن كلِّ نَقْصٍ وعَيْبٍ. والذُّنُوبُ التي تُحَطُّ بالتَّسبيحِ هي الصَّغائرُ -وقيل: يُحتَملُ الكبائِرُ- التي تَتَعَلَّقُ بِحُقوقِ اللهِ تعالَى لا بِحُقوقِ العِبادِ؛ لأنَّ حُقوقَهم لا تَنحَطُّ إلَّا باسترضائِهِم.
دعاء الليلة الثانية من شعبانورد أن دعاء الليلة الثانية من شعبان ، والتي بدأت مع غروب شمس اليوم الجمعة وتمتد إلى فجر غد السبت، يعد أحد الأدعية المستجابة ، ومن ثم لا ينبغي الاستهانة أو تفويت دعاء ثاني ليلة من شعبان ، ومنه، ما يلي:
اللهم ارفع مقتك وغضبك عنّا، وانصرنا على أنفسنا حتى نستحق أن تنصرنا على أعدائنا.اللّهم إن ضاقت الأحوال يومًا أوسعها برحمتك، يا رب استودعتك دعواتي فبشرني بها من غير حولٍ مني ولا قوة.اللهم سهل أموري فيه من العسر إلى اليسر، واقبل معاذيري وحطّ عني الذنب والوزر، يا رؤوفًا بعبادك الصالحين.اللّهم إنا نسألك أن ترفع ذكرنا، وتضع وزرنا، وتُطهّر قلوبنا، وتُحصّن فروجنا، وتغفر لنا ذنوبنا، ونسألك الدّرجات العُلا من الجنة.اللّهم إنّا نسألك من خير ما سألك منه عبدك ورسولك سيّدنا محمد صلّى الله عليه وسلّم، ونستعينك من شر ما استعاذك منه عبدك ورسولك سيّدنا محمد صلّى الله عليه وسلّم.اللهم استجب دعاءنا، واشف مرضانا، وارحم موتانا، وأهلك أعداءنا، ولا تُخيّب فيك رجاءنا، بلّغنا ممّا يرضيك آمالنا، ولِّ علينا خيارنا، ولا تولِّ علينا شرارنا.اللهم لا تؤاخذنا بما فعل السّفهاء منا، لا تُسلّط علينا بذنوبنا من لا يخافك ولا يخشاك ولا يرحمنا.اللهم طهّر قلوبنا، وأزل عيوبنا، واكشف كروبنا، وتولّنا بالحسنى، واجمع لنا خيريّ الدنيا والآخرة، أصلح أحوالنا، ألّف بين قلوبنا.إلهي وقف السائلون ببابك، ولاذ الفقراء بجنابك، ووقفت سفينة المساكين على ساحل كرمك يرجون الجواز إلى ساحة رحمتك ونعمتك، اللّهم ما قسمت في هذه الليلة من علم ورزق وأجر وعافية فاجعل لنا منه أوفر الحظ والنصيب.اللّهم ارزقنا عملًا صالحًا يُقرّبنا إلى رحمتك، ولسانًا ذاكرًا شاكرًا لنعمتك، وثبتنا اللّهم بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة.اللّهم إني أسألك صدق التوكّل عليك، وحسن الظنّ بك، اللّهم ارزقنا قلوبًا سليمة، ونفوسًا مطمئنة، وأسألك من فضلك العظيم، فإنك تقدر ولا أقدر، وتعلم ولا أعلم، وأنت علّام الغيوب.اللّهم أسكنّا الفردوس بجوار نبيك الكريم، إلهي إن كنت لا ترحم إلّا الطائعين فمن للعاصين، وإن كنت لا تقبل إلّا العاملين فمنّ للمقصرين.اللّهم عوّضني عن كل شيء أحببته فخسرته، طابت له نفسي فذهب، صدقته فكذب، استأمنته فغدر.اللّهم ولا تشغلني عنك وقربني إليك، ربي ولا تذلّني لسواك.اللهم أحسن وقوفنا بين يديك، ولا تُخزِنا يوم العرض عليك، تقبّل صلاتنا وصيامنا وقيامنا وركوعنا وسجودنا، أجرنا من النار، أجرنا من خزي النار، أجرنا من كل عمل يُقرّبنا إلى النار، أدخلنا الجنة مع الأبرار برحمتك يا عزيز يا غفّار.اللهمّ يا فارج الهم، يا كاشف الهم، يا مُجيب دعوة المضطرّين لا يخفى عليك شيء من أمرنا، نسألك يا ربّنا مسألة المساكين، ونبتهل إليك يا ربّنا ابتهال الخاضع المذنب الذّليل، ندعوك دُعاء من خضعت لك رقبته، وذلّ لك جسمه، ورَغِمَ لك أنفه، وفاضت لك عيناه، يا من يجيب المضطرّ إذا دعاه، ويكشف السّوء عمّن ناداه.يا ربّنا اجعل خير أعمارنا آخرها، وخير أعمالنا خواتيمها، وخير أيّامنا يوم أن نلقاك، وأغننا بفضلك عمّن سواك.اللهم اختم بالباقيات الصّالحات أعمالنا، برحمتك الواسعة اكشف شرّ ما أغمَّنَا وأهمَّنَا، على الإيمان الكامل، والكتاب، والسّنة جمعًا توفنا، وأنت راض عنا.اللهم اجعل القرآن لنا في الدنيا قرينًا، وفي القبر مؤنسًا، وعلى الصراط نورًا، وفي القيامة شفيعًا، وإلى الجنة رفيقًا، ومن النار سِترًا وحجابًا، ومن النار سِترًا وحجابًا، وإلى الخيرات دليلًا وإمامًا، بفضلك وكرمك يا أرحم الراحمين.