سفيرة كندا في واشنطن: ستقف بحزم في مواجهة تعريفات ترامب الجمركية
تاريخ النشر: 2nd, February 2025 GMT
في تصاعد جديد للتوترات التجارية بين كندا والولايات المتحدة، أكدت سفيرة كندا لدى واشنطن، كيرستن هيلمان، أن بلادها ستقف بحزم في مواجهة التعريفات الجمركية التي يعتزم الرئيس الأمريكي دونالد ترامب فرضها على الواردات الكندية.
جاء ذلك في مقابلة لها مع شبكة "ABC" الإخبارية، حيث أوضحت هيلمان أن كندا تأمل في تجنب تطبيق هذه الرسوم المقررة يوم الثلاثاء المقبل، لكنها مستعدة للرد بالمثل إذا لزم الأمر.
وكانت الولايات المتحدة قد أعلنت عن فرض تعريفات جمركية تتراوح بين 10% و25% على واردات من كندا والمكسيك والصين، متهمةً أوتاوا ومكسيكو سيتي بعدم السيطرة على تدفق المخدرات والهجرة غير الشرعية إلى الأراضي الأمريكية، وهي اتهامات نفتها الدولتان. وردًا على ذلك، أعلنت كندا عن فرض تعريفات جمركية على صادرات أمريكية، تشمل منتجات مثل البيرة والنبيذ والفواكه.
هيلمان شددت على أن كندا لا ترغب في تصعيد النزاع، لكنها مضطرة للدفاع عن مصالحها، وقالت: "أعتقد أن الشعب الكندي يتوقع من حكومته أن تقف بحزم وتدافع عن نفسها". وأضافت أن المسؤولين من كلا البلدين يواصلون الاجتماعات في محاولة لمنع تطبيق هذه التعريفات.
ومن جانبه، أكد الرئيس ترامب أن هذه الرسوم ستظل سارية حتى يتم حل ما وصفه بحالة الطوارئ الوطنية المتعلقة بأزمة الفنتانيل والهجرة غير الشرعية. وفي تصريحات سابقة، اقترح ترامب أن تصبح كندا الولاية الأمريكية الحادية والخمسين، وهو ما أثار استياءً في أوتاوا.
تجدر الإشارة إلى أن هذه التطورات تأتي في ظل علاقات تجارية متوترة بين البلدين، حيث سبق أن هدد ترامب بفرض رسوم جمركية بنسبة 25% على جميع المنتجات القادمة من كندا والمكسيك إذا لم يتم معالجة قضايا أمن الحدود.
وفي هذا السياق، حذرت هيلمان من أن فرض مثل هذه الرسوم سيكون مكلفًا للاقتصاد الأمريكي، حيث سيتعين على الشركات الأمريكية البحث عن موردين بديلين من دول مثل الصين وروسيا.
وأكدت هيلمان أن كندا تأمل في تجنب التصعيد والعمل مع الولايات المتحدة لحل هذه القضايا، لكنها مستعدة لاتخاذ الإجراءات اللازمة لحماية مصالحها الوطنية.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: الولايات المتحدة كندا المكسيك والصين المزيد
إقرأ أيضاً:
البيت الأبيض مضطر إلى التراجع عن الرسوم الجمركية
ترجمة: بدر بن خميس الظفري.
يُعرف الرئيس دونالد ترامب بمتابعته الدقيقة لتحركات سوق الأسهم، واهتمامه الكبير بردود أفعاله على السياسات الاقتصادية والسياسية للحكومة لكن، ولسوء حظه، فإن الأسواق العالمية واصلت ارتجافها بسبب سياسة الرسوم الجمركية التي ينتهجها، حتى بعد إعلانه تأجيلًا كبيرًا لمدة 90 يومًا على فرض رسوم جديدة على جميع الدول، باستثناء الصين. تعكس هذه الاضطرابات في الأسواق مشاعر القلق العالمي من احتمال اندلاع حرب تجارية مع الصين.
تشير المعطيات المباشرة وغير المباشرة إلى أن السبب الرئيسي وراء تغيير الإدارة الأمريكية لموقفها كان سوق السندات السيادية الأمريكية. ففي يوم واحد، قفز معدل الفائدة الفعلية إلى 5%.
ونظرًا لأن مثل هذه التغيرات لا ينبغي أن تحدث في ظل هذا القدر من الفوضى، يرى كثير من الخبراء أن تراجع الرئيس كان ردًا مباشرًا على المؤشرات السلبية في سوق الديون. وكانت المرة الأخيرة التي حدث فيها شيء مماثل خلال أزمة «الاندفاع نحو السيولة» مع بداية جائحة كورونا في مارس 2020.
ما حدث في سوق الديون كشف عن ضعف وهشاشة موقف الإدارة الأمريكية.
يكشف سلوك سوق السندات أن السياسات الجمركية الأمريكية العشوائية تُلحق الضرر بالأسواق. ويبدو أن وزير الخزانة، سكوت بيسنت، قد نصح ترامب بضرورة التفاوض على اتفاقات تجارية مع الحلفاء قبل الدخول في مواجهة مع الصين.
لطالما وصفت الولايات المتحدة حتى أقرب حلفائها بأوصاف مثل «اللصوص» و«المحتالين» و«الناهبين»، ولذلك فإن تراجع واشنطن عن تكتيكاتها الجمركية الأولية كشف أن هذه الاستراتيجية لم تكن سوى استعراض تنمّر ومقامرة رعناء، لا خطة مدروسة.
مرعوبًا من ردود فعل الأسواق، تراجع ترامب سريعًا، وقال في اجتماع متلفز لمجلس وزرائه: «سيكون هناك دائمًا مشاكل في مرحلة الانتقال»، مضيفًا إن «الصعوبات أمر طبيعي». من جهتها، لم تُبدِ بكين أي مؤشرات على التراجع، بل رفعت من حدة ردها بفرض رسوم إضافية وصلت إلى 125% على السلع الأمريكية.
الخطوة الغريبة في لعبة الشطرنج التي يخوضها ترامب هي استثناء الصين من إجراءات التخفيف الجمركي. وإذا بقي الوضع على حاله، فإن الاقتصاد الصيني سيواجه تحديات كبرى بسبب تقييد وصوله إلى السوق الأمريكية.
ومع ذلك، عبّر ترامب عن أمله في التوصل إلى اتفاق مع الصين. وقال: «أعتقد أننا سنصل إلى شيء جيد جدًا لكلا البلدين. أنا أتطلع إليه».
حتى بعد تراجع الولايات المتحدة عن بعض إجراءاتها القاسية، فإنها أبقت على حاجز جمركي ضخم لا مثيل له منذ ثلاثينيات القرن الماضي. فقد فرضت رسومًا موحدة بنسبة 10% على جميع الدول، بغض النظر عما إذا كان لديها فائض أو عجز تجاري مع الولايات المتحدة. فعلى سبيل المثال، دول مثل أستراليا وهولندا والمملكة المتحدة والإمارات تشتري من الولايات المتحدة أكثر مما تبيعه لها، ومع ذلك لم تُستثنَ من الرسوم.
المشكلة الجوهرية في النظام الاقتصادي العالمي اليوم هي أن السياسات الأمريكية تدفع القوتين الاقتصاديتين الأكبر في العالم، واللتين تتكامل اقتصادياتهما، إلى التصادم. فرض رسوم بهذه المعدلات الفلكية يُشكل ضربة قاصمة للعلاقات التجارية بين بلدين يشكل حجم تبادلهما نحو 3% من إجمالي التجارة العالمية. وقد تتوقف شرايين الاقتصاد العالمي عن النبض.
سوف تتضح عواقب كل ذلك بسرعة. فمن المتوقع أن ترتفع الأسعار في كلا البلدين، وقد تُهدد مصانع الإنتاج، ويخسر الناس وظائفهم. وقدّرت مؤسسة «جولدمان ساكس» مؤخرًا أن إدخال رسوم جديدة سيؤدي إلى خفض الناتج المحلي الإجمالي الصيني بنسبة 2.4%، غير أن الصين تستطيع التخفيف من آثار هذه التحديات من خلال الدعم الحكومي، وهي ميزة لا تتوفر في الولايات المتحدة التي يُهيمن عليها القطاع الخاص، ولا تملك الحكومة فيها أدوات تدخّل مباشر مماثلة.
وفي الآونة الأخيرة، أصيب العالم بالدهشة من تخبط الإدارة الأمريكية في تبرير فرض رسوم على واردات بسيطة من دول إفريقية فقيرة، والتعديلات التي أُدخلت على معدلات الرسوم قبل تنفيذها، والأخطاء في منهجيات احتسابها.
بات حتى أقرب الحلفاء للولايات المتحدة لا يثقون في إدارتها، التي تُصدر قرارات وتصريحات صادمة، ثم تلغيها أو تعدّلها بالاندفاع ذاته. المواطنون العاديون في مختلف أنحاء العالم يتساءلون: ما الذي يمكن التفاهم عليه مع هذه الولايات المتحدة؟ أمام أعيننا، تتآكل الثقة في الدولة الأقوى في العالم بسرعة كبيرة.
ربما حان الوقت للعالم أن يبدأ في تشكيل نظام عالمي جديد، يتجاوز واشنطن، بتقلّباتها ونزعاتها المتقلبة وخيالاتها غير الواقعية.
جومارت أوتورباييف رئيس وزراء جمهورية قرغيزستان السابق، وأستاذ في مدرسة الحزام والطريق بجامعة بكين للمعلمين.