تسببت القرارات التي أعلنها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في تصدع تاريخي وغير مسبوق في العلاقات الكندية الأمريكية، وتوتر على كافة الأصعدة السياسية والاقتصادية وأيضا الاجتماعية.

وأصدر الرئيس الأمريكي أمرًا، أمس السبت، بفرض رسوم جمركية كبيرة على كندا والمكسيك والصين، وطالبهم بوقف تدفق عقار الفنتانيل والمهاجرين غير الشرعيين إلى الولايات المتحدة، ليشعل بذلك حربا تجارية قد تقوض النمو العالمي وتؤجج التضخم.

وتعهدت المكسيك وكندا، أكبر شريكين تجاريين للولايات المتحدة، على الفور بفرض رسوم جمركية مضادة، في حين قالت الصين إنها ستطعن على قرار ترامب أمام منظمة التجارة العالمية وستتخذ "تدابير مضادة" أخرى.

وفي خطابه الذي ألقاه أمام الكنديين والأمريكيين، مساء أمس السبت، في واحدة من أكثر اللحظات توترا في تاريخ العلاقات بين كندا والولايات المتحدة، ذكر جستن ترودو المستمعين بكلمات الرئيس الراحل جون ف.كينيدي عندما خاطب البرلمان في مايو 1961، حيث قال رئيس الوزراء، مقتبساً من كينيدي، "لقد جعلتنا الجغرافيا جيراناً، وجعلنا التاريخ أصدقاء، وجعلنا الاقتصاد شركاء، وجعلتنا الضرورة حلفاء".

وأضاف ترودو أن "كندا والولايات المتحدة نجحتا معا في بناء أنجح شراكة اقتصادية وعسكرية وأمنية شهدها العالم على الإطلاق وعلاقة يحسدها عليها العالم".. وقال، وهو يعلن كيف سترد كندا على الرسوم الجمركية الأمريكية، "لسوء الحظ، أدت الإجراءات التي اتخذها البيت الأبيض إلى تفريقنا بدلا من جمعنا".

وقال رئيس الوزراء الكندي، في خطاب إلى الأمة مساء أمس، "أعلن الليلة، أن كندا سترد على الإجراء التجاري الأمريكي برسوم جمركية بنسبة 25 في المائة على سلع أمريكية بقيمة 155 مليار دولار"، موضحا أن هذا سيشمل رسومًا جمركية فورية على سلع بقيمة 30 مليار دولار اعتبارًا من يوم الثلاثاء، تليها رسوم جمركية أخرى على منتجات أمريكية بقيمة 125 مليار دولار في غضون 21 يومًا، للسماح للشركات الكندية وسلاسل التوريد بالسعي لإيجاد بدائل.

ولكن ورغم ذلك، سيتعين على الأمة الكندية رؤية مدى عمق الانقسام ومدته، ففي الأمد القريب، قد يكون الأمر صعبا للغاية، وخاصة بالنسبة لأولئك الذين أصبحت وظائفهم وسبل عيشهم مهددة الآن، وفي لحظة قلقة بالنسبة للبلاد، بدا ترودو عازماً على جمع الكنديين وإعدادهم لنضال كبير في مواجهة الحرب التجارية التي شنها الرئيس ترامب، قائلا: "هناك العديد من الطرق التي يمكنكم من خلالها القيام بدوركم".

ولكن حتى لو تم إصلاح هذا الانقسام بطريقة أو بأخرى وبسرعة نسبية، فمن الصعب تصور نوع التغير في العلاقة على المدى الطويل التي ستجمع كندا بحليفتها الأساسية.

ورغم تصريحاته الجدلية، والتي يتشكك فيها الجميع، لا يمكن القول "إن ترامب يستجيب لرغبة كبيرة من جانب الأمريكيين في اتخاذ موقف صارم تجاه المنتجات المصنوعة في كندا، فقد وجد استطلاع للرأي أجرته مؤسسة «إبسوس» في يناير أن 37% فقط من الأمريكيين يؤيدون فرض ضريبة جديدة على السلع الكندية.. وبالمثل، وجدت شركة "أباكوس داتا" أن 28% فقط من الأمريكيين يعتقدون أن فرض تعريفة بنسبة 25% "فكرة جيدة".

وأشار البيت الأبيض إلى التعريفات باعتبارها "رافعة مالية" يوم أمس السبت، ولكن من غير الواضح ما الذي تريده الولايات المتحدة أكثر من ذلك، وأيًا كانت مخاوفه المعلنة بشأن الفنتانيل، فقد ينظر ترامب إلى التعريفات الجمركية على أنها وسيلة لزيادة الإيرادات للحكومة الفيدرالية التي تعاني بالفعل من عجز قدره 1.8 تريليون دولار أمريكي، ووسيلة لإجبار الشركات على تصنيع المنتجات داخل الولايات المتحدة.

ويبدو أنه يعتقد أن القوة الاقتصادية الأمريكية موجودة لكي تستخدم ضد الآخرين، سواء الأعداء أو الأصدقاء، دون أي اهتمام بالعلاقات الدولية لأمريكا أو رفاهية المواطنين في البلدان الأخرى.

يذكر أن الولايات المتحدة، الجارة البرية الوحيدة لكندا، هي الشريك التجاري الأول لكندا ووجهة ثلاثة أرباع صادراتها.. وفي عام 2023، بلغت قيمة التبادل التجاري من السلع والخدمات بين كندا والولايات المتحدة أكثر من 1.300 مليار دولار كندي، أي بمعدل أكثر من 3.56 مليار دولار يومياً في الاتجاهين.

اقرأ أيضاًتؤثر على اقتصادات كندا والمكسيك والصين.. «تعريفة ترامب الجمركية» تهدد بإشعال حرب تجارية

ترامب يوقع أمرا بفرض رسوم جمركية على الواردات من المكسيك وكندا والصين

المصدر: الأسبوع

كلمات دلالية: الولايات المتحدة الرئيس الأمريكي ترامب كندا حرب تجارية کندا والولایات المتحدة الولایات المتحدة رسوم جمرکیة ملیار دولار

إقرأ أيضاً:

رويترز: ترامب يستعد لعرض أسلحة على السعودية بأكثر من 100 مليار دولار

كشفت وكالة رويترز نقلا عن ستة مصادر وصفتها بالمطلعة عن استعداد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لعرض صفقات أسلحة على المملكة العربية السعودية تتجاوز قيمتها 100 مليار دولار.

وأشارت المصادر التي طلبت عدم الكشف عن هويتها نظرا لحساسية الأمر، إلى أنه من المقرر أن يتم تقديم العرض الأمريكي خلال زيارة ترامب إلى السعودية في أيار /مايو المقبل.

وبحسب رويترز، فإن هذه الحزمة تأتي بعد أن فشلت إدارة الرئيس الأمريكي السابق جو بايدن في التوصل إلى اتفاق دفاعي مع الرياض، ضمن صفقة شاملة كانت تتضمن تصورا لتطبيع العلاقات بين السعودية وإسرائيل.

وكان مقترح بايدن يتضمن الحصول على أسلحة أمريكية أكثر تطورا مقابل وقف مشتريات الأسلحة الصينية وتقييد استثمارات بكين في البلاد. ولم يتسن لرويترز التأكد مما إذا كان اقتراح إدارة ترامب يتضمن متطلبات مماثلة.


وكان ترامب احتفى خلال ولايته الرئاسية الأولى بمبيعات الأسلحة إلى السعودية باعتبارها مفيدة للوظائف في الولايات المتحدة.

وأشار مصدران إلى أن شركة لوكهيد مارتن قد تزود السعودية بمجموعة من أنظمة الأسلحة المتقدمة، منها طائرات النقل سي-130، في حين قال مصدر آخر إن لوكهيد ستزود المملكة أيضا بصواريخ وأجهزة رادار.

ووفقا لأربعة من المصادر، فإنه من المتوقع أيضا أن تلعب شركة آر.تي.إكس، المعروفة سابقا باسم رايثيون تكنولوجيز، دورا هاما في الحزمة، التي ستشمل إمدادات من شركات دفاع أمريكية رئيسية أخرى مثل بوينج ونورثروب جرومان وجنرال أتوميكس.

وقال اثنان من المصادر إن الكثير من هذه الصفقات قيد الإعداد منذ فترة، موضحين أنه على سبيل المثال فإن المملكة طلبت معلومات عن طائرات جنرال أتوميكس المسيرة لأول مرة عام 2018.

وأشار أحد المصدرين إلى أنه على مدى 12 شهرا حتى الآن، كان هناك تركيز على صفقة بقيمة 20 مليار دولار لشراء طائرات جنرال أتوميكس المسيرة من طراز إم.كيو-9بي سي جارديان وطائرات أخرى.

وقال ثلاثة من المصادر إن عددا من المسؤولين التنفيذيين من شركات الدفاع يفكرون في السفر إلى المنطقة ضمن الوفد.

وتزود الولايات المتحدة السعودية بالأسلحة منذ فترة طويلة. وفي عام 2017، اقترح ترامب مبيعات أسلحة للمملكة بقيمة تُقارب 110 مليارات دولار.

وحتى عام 2018، تم البدء فقط في مبيعات بقيمة 14.5 مليار دولار، وبدأ الكونغرس في التشكيك بشأن الصفقات في ضوء مقتل الصحفي السعودي جمال خاشقجي.

وبموجب القانون الأمريكي، يتعين أن تخضع صفقات الأسلحة الدولية الكبرى للمراجعة من جانب أعضاء الكونغرس قبل إتمامها.

وبدأت إدارة بايدن بتخفيف موقفها تجاه السعودية عام 2022 بعد أن أثر غزو روسيا لأوكرانيا على إمدادات النفط العالمية.


ورفعت الولايات المتحدة الحظر عن مبيعات الأسلحة الهجومية للسعودية عام 2024، حيث تعاونت واشنطن بصورة أوثق مع الرياض، في أعقاب السابع من أكتوبر 2023، لوضع خطة لمرحلة ما بعد الحرب في غزة.

ونقلت رويترز عن ثلاثة من المصادر قولهم إن من المتوقع مناقشة صفقة محتملة لشراء طائرات إف-35 التي تنتجها لوكهيد مارتن، إذ أفادت تقارير بأن المملكة مهتمة بها منذ سنوات.

لكن المصادر رأت أن فرص توقيع صفقة لطائرات إف-35 خلال الزيارة ليست كبيرة.

وتضمن الولايات المتحدة حصول حليفتها الوثيقة إسرائيل، التي تملك طائرات إف-35 منذ تسع سنوات، على أسلحة أمريكية أكثر تقدما من تلك التي تحصل عليها الدول العربية، وهو ما يمنحها ما يسمى "التفوق العسكري النوعي" على جيرانها، وفق رويترز.

مقالات مشابهة

  • رئيس الوزراء الكندي: ترامب يسعى للحصول على تنازلات تجارية كبرى من كندا
  • كارني: ترامب يعتزم الضغط على كندا لانتزاع تنازلات كبرى
  • تقلبات حادة في أسواق الأسهم مع تصعيد الحرب التجارية بين الصين والولايات المتحدة
  • استثمارات أمريكية مباشرة في سلطنة عُمان تتجاوز 16 مليار دولار بنهاية 2024
  • ترامب يتوقع إبرام اتفاقات تجارية مع شركاء الولايات المتحدة خلال شهر
  • أمريكا تضع خطة مفاوضات تجارية مع 18 دولة وتستبعد 3 بلاد
  • المفوضية الأوروبية: الحوار مستمر مع واشنطن للتوصل لاتفاق بدون رسوم جمركية
  • سيول تقترح على واشنطن اتفاقاً شاملاً لتجنب رسوم جمركية مرتفعة
  • ترامب يستعد لصفقة أسلحة مع السعودية بقيمة 100 مليار دولار
  • رويترز: ترامب يستعد لعرض أسلحة على السعودية بأكثر من 100 مليار دولار