نقاش حول الفن والمجتمع بين محمود حميدة وجمهور معرض الكتاب
تاريخ النشر: 2nd, February 2025 GMT
استضافت القاعة الرئيسية في معرض القاهرة الدولي للكتاب في دورته الـ56، الفنان محمود حميدة، في لقاء حول الفن والمجتمع، أداره الشاعر إبراهيم داود.
وفي بداية اللقاء، قال الشاعر إبراهيم داود: “إن شخصية محمود حميدة، غنية وثرية، فهو مشغول بمشروع ثقافي كبير، حيث يسعى لإنشاء مؤسسة باسم (فؤاد حداد)، وأخرى باسم (يحيى حقي)”.
وأضاف: "أعرف محمود حميدة، منذ ثمانينيات القرن الماضي، وهو دائم الانشغال بالسينما والأدب، ومُحِبٌّ لزكي نجيب محفوظ، وفؤاد حداد، ويحيى حقي، حيث أنه مثقف كبير يتسم بالصدق والموهبة، ونحن أمام شخصية مهمومة بالأفكار، وتحديث المجتمع، وتسعى لنقل الواقع إلى مستوى أسمى مما هو عليه".
من جهته، قال محمود حميدة: “أنا شخص أحب التمثيل منذ أن كنت في الخامسة من عمري، وكان هدفي حينها تسلية الناس، لكن هذا المفهوم تغير مع مرور الوقت، ولكي أتمكن من إمتاع الجمهور؛ قررت التعرف على كبار العقول، وكان أول باب فُتح أمامي هو الكتاب، فكنت كلما قرأت كتابًا؛ أتخيل ملامح وصوت مؤلفه، فمثلًا، عندما قرأت للعقاد، كنت أستحضر صورته وصوته، وأتخيل أنني أجلس معه”.
وأضاف: "كنت دائم الانشغال بالتعرف على العقول التي تحرك فكر المجتمع، وهم الكُتّاب والمفكرون، وعندما أقرأ لهم؛ أتمكن من الاقتراب من عقول الناس بشكل أعمق، وذات مرة، سألني المفكر الدكتور علي حرب: لماذا تهتم بقراءة كتب الفكر؟، فأجبته: لكي أعرف كيف أُسليك، لأن الممثل، لكي يُسلّي الجمهور، يجب أن يفهمهم جيدًا".
وتابع حميدة، قائلاً: "لدينا مشكلتان خطيرتان تكمنان في عدم إعمال العقل، ورفض الآخر، وإذا لم نتخلص من هاتين الآفتين؛ فلن نتقدم، لذا، أقترح تعليم الأطفال في المدارس القيم الإنسانية، لأنها مشتركة في جميع الشرائع السماوية، كما أطالب بإنشاء أرشيف سينمائي تديره مؤسسات، وليس أفرادًا، فنحن في مصر لدينا أكثر من 4000 فيلم، لكننا لا نعرف شيئًا عن 2000 منها، رغم أنه تم الإعلان مؤخرًا عن ترميم 20 فيلمًا فقط!".
وحول حبه للشاعر فؤاد حداد، قال حميدة: “تعرفت على فؤاد حداد، من خلال الكاتب خيري شلبي، وعندما قرأت شعره ودرسته، اكتشفت أنه شاعر غزير الإنتاج، يمتلك دواوين تفوق غيره بكثير، 90% من دواوينه كانت مخططة قبل إصدارها، ولديه أكثر من 36 ديوانًا معروفًا، غير ما فُقد من أعماله، واشتهر بأنه شاعر العامية، لكنه كتب بالفصحى أيضًا، وأبدع فيها كما لم يفعل أي من معاصريه، وله دواوين كاملة بالفصحى، بالإضافة إلى أعمال مزجت بين الفصحى والعامية”.
وأكد حميدة أن "يحيى حقي بالنسبة لي شخصية استثنائية، كنت أظن أن ثروت عكاشة، هو المسؤول عن المؤسسات الثقافية في مصر، لكنني اكتشفت أن يحيى حقي كان هو القائد الحقيقي لها".
كما أبدى حميدة، تحفظه إزاء مصطلح "القوة الناعمة"، قائلاً: "هذا مصطلح فيزيائي يُقاس بوحدة الحصان، وأنا لا أستخدمه، بل أُفضل تسميتها (أشرس قوة مسالمة)؛، لأنها قادرة على السيطرة على المتلقي بالكامل، وهذا قمة الشراسة".
وفي ختام اللقاء، أشاد حميدة، بالتطور الفني الحاصل في المملكة العربية السعودية، وبدورها في الاستعانة بالفنانين المصريين باعتبارهم رواد هذه المهنة، مؤكداً أن "التعبير بأنهم سحبوا البساط من تحت أقدامنا؛ تعبير غير لائق، لأن النجاح الفني في أي بلد هو مكسب للجميع".
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: الفنان محمود حميدة القاعة الرئيسية شخصية محمود حميدة المزيد محمود حمیدة
إقرأ أيضاً:
د.حماد عبدالله يكتب: قرأت لك
مقال من جماله وروعته قرأته كذا مره وسأحتفظ به في مذكراتي لأعود له ليزيد ايماني بخالقي """
بقلم د.مصطفى محمود
هل سأل أحدكم نفسه عن كمية السباكة داخل جسمه.. مجموع المواسير داخل العمارة التي هي بدنه، بما فيه من آلاف الوصلات والمجاري التي يجري فيها الدم والبول والطعام والفضلات وعوادم التنفس والهضم.
هل يعلم أن طول مواسير الدم في جسمه تبلغ وحدها ثمانية آلاف ميل أي أطول بكثير من المسافة بين القاهرة والخرطوم.. مواسير أكثر ليونة من الكاوتشوك، وأكثر متانة من الحديد، وأطول عمرًا من الصلب الكروم، وفي بعضها صمامات لا تسمح بالسير إلا في اتجاه واحد.
ثم مواسير الهواء ابتداء من فتحة الأنف إلى الحلق إلى القصبة الهوائية إلى الشعب ثم الشعيبات التي تتفرع وتتفرع وتنقسم حتى تصل إلى أكثر من مليون غرفة هوائية في الرئتين.
ثم مواسير البول التي تجمع البول من الكليتين لتصب في الحوض ثم الحالب ثم المثانة ثم قناة الصرف النهائية.
ثم مواسير الطعام من الفم إلى البلعوم إلى المعدة إلى الاثنا عشر إلى الأمعاء الدقيقة.
ثم مواسير الفضلات من المصران الصاعد إلى المستعرض إلى الهابط إلى المستقيم إلى الشرج.
ثم ممرات الولادة وغرفها ودهاليزها وأنابيبها.
ثم مجاري المرارة وحوصلتها ومواسيرها.
ثم مجاري الليمف.. ومواقف الليمف ومحطاته في الغدد الليمفية.
و هي مواسير تمر إلى جوارها الفضلات وتحميها شبكة من الأوعية الدموية والأعصاب، وجيوش من خلايا المقاومة تلتهم أي ميكروب يمكن أن يتسرب من هذه المواسير في طريق خاطئ إلى الجسم.
و أنابيب العرق.. وبلايين منها تشق الجلد وتفتح على سطحه لترطبه وتبرده بالعرق
و أنابيب الدموع داخل حدقة العين تغسل العين وتجلوها.
و أنابيب التشحيم داخل جفن العين تفرز المواد الزيتية لتعطي العين تلك اللمعة الساحرة.
هذا الكم الهائل من السباكة الفنية الدقيقة المعجزة التي تعيش مائة سنة ولا تتلف..
و إذا أصابها التلف أصلحت نفسها بنفسها.
نموذج من الهندسة الإلهية العظيمة التي أهداها الله للإنسان منحة مجانية منذ ميلاده وتولى صيانتها برحمته وعنايته.
فهل أدركنا هذه النعمة وهل قدرناها حق قدرها...!
و كثير من الأمراض سببها أعطال وتلفيات في هذه السباكة.
الإسهال والإمساك والغازات وتطبل البطن، هي أعطال وتلفيات في أنابيب صرف الفضلات والزكام انسداد في منافذ الهواء داخل الأنف.
و الناسور هو ثقب في ماسورة الإخراج.
و احتباس البول والمغص الكلوي وآلام الكلى سببها أعطال في أنابيب صرف البول
إن تركيبات (( الصحي )) في جسمك هي التي تصنع لك صحتك بالفعل
بل هي صحتك ذاتها.. إن أي انقباض في ماسورة معوية يساوي صرخة مغص، وأي ضيق في شريان القلب التاجي يساوي ذبحة، وأي ضيق في ممرات الولادة يساوي إجهاضًا وأي انسداد في قنوات فالوب يساوي عقمًا وأي انسداد في مجاري المرارة يساوي صفراء.
هذا غير مجاري الليمف والدم والغدد، وهي تتنوع في الجسم بالآلاف، ولكل غدة توصيلاتها وقنواتها ونظامها ودورها في صناعة الصحة التي نتمتع بها دون أن ندري أنها عملية تركيبية معقدة تشترك فيها مئات الأجهزة.
إن الصحة التي نشعر أنها مجرد استطراد لأمر عادي واقع.. ليست بالمرة أمرًا عاديًا وليست مجرد واقع مألوف، وإنما هي نتيجة تدبير محكم وثمرة عمليات معقدة مرسومة بعناية وقصد. وإنما يحدث المرض حينما تتخلف هذه العناية وهي قلما تتخلف.. فإذا تخلفت فـلتشرح لنا أسرارها.. فما عرفنا معجزة الصحة إلا بدراسة المرض، وما عرفنا معجزة الحياة إلا بالموت.. وبأضدادها عُرِفـَت الأشياء.
وفي محاولاتنا البدائية في بيوتنا وعماراتنا التي نبنيها وهي مجرد ماكينات رمزية صغيرة لا تصل إلى واحد في المليون من العمارة البشرية..
غرقنا في " شبر ميه "..
طفحت مجاري القاهرة، وتلوث البحر بعوادم المصانع، واختنق النيل بالفضلات التي تُلقى فيه، ووقفنا أمام السيفون التالف ننادي على سباك، واختلط الساخن بالبارد والطاهر بالملوث، وفشلنا في صناعة أصغر ماكيت سباكة لا تزيد مواسيره على بضعة أمتار، وغرقنا في بانيو نصف متر..
وهذه صناعتنا وتلك صناعته..
وهذه سباكتنا وتلك سباكته..
وهذه عمارتنا وتلك عمارته..
وهذا خلقنا وذاك خلقه.
" فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ "المؤمنون ( 14 )
و كأنما يتحدانا الله بصنعته المبهرة وآياته الخالدة في عمارة الجسم البشري:
{ قُل لَّئِنِ اجْتَمَعَتِ الإِنسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَن يَأْتُواْ بِمِثْلِ هَـذَا الْقُرْآنِ لاَ يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرًا }الإسراء 88
و هو تحد ينسحب على كل آية من آيات الله.. في الكتاب.. أو في الآفاق..
أو في أنفسكم.
و النفس كُبرى المعجزات.
مقال: الصانع العظيم للــ د. مصطفى محمود رحمه الله..
من كتاب: الإسلام.. ما هو ؟