ما أجملَ التهذيبَ في حضرةِ الأدبِ!
تاريخ النشر: 21st, August 2023 GMT
أمينة أحمد
رائعة تلك العلاقة المهذبة بين أفراد العائلة الدمشقية في البيئة الشامية.. نلاحظُها بذلك الابن أو الابنة المهذبة المطواعة لوالديها، وربما نشهدها في تهذيب الأخت أثناء الحديث مع أخيها الأكبر وتبدو جلية في احترام الأقارب من جد وجدة أو عم وخال أو حتى الجار الذي يكبرهم في العمر... تبدو علاقة تقديرٍ واحترام فيها الكثير من التهذيب.
فما هو التهذيب في علم التنشئة الاجتماعية؟
عرّف علماء التنشئة الاجتماعية التهذيب بأنَّه المعنى الإيجابي لأسلوب التنشئة الاجتماعية، إذ يقصد منه اعتبارات ومحددات عديدة لضبط السلوك والانفعالات والغرائز والتصرف، والخلاص منه إلى نوع من السلوك المتوافق مع التكيف الاجتماعي وطبيعة نظم المجتمع السلوكية والاجتماعية.
أي في معناه البسيط هو ذلك السلوك الإيجابي الذي ينهله الأبناء من الآباء بالتلقين في صغرهم حيث إن الأبناء بطبيعة الحال يقلدون ما يرون ويسمعون من ذويهم أو البيئة المحيطة بهم ليتعلموه أكثر في كبرهم من خلال الحوار والنقاش والعادات والتقاليد التي تحكم العائلة ثم تمتد إلى البيئة والمجتمع الذي نعيش فيه.
وعلى سبيل المثال، نقول مثلاً فلان ابن فلان ولد مُهذب؛ أي يحسن التصرف مع الآخرين وينتقي الكلام اللطيف المُعبر غير الجارح أو المُهين حتى في مواقف الغضب.. يستطيع السيطرة على تصرفاته وردود أفعاله في المواقف الحرجة فهو يعطف على الصغير ويحترم الكبير ولا يقاطع متحدثاً وينصت للمتكلم وعندما يستشيط غضبًا يكون ماهراً في وصع الكلام بموضعه الصحيح دون تجريح.
وهذه هي الإنسانية بطريقة ما.. ويبدو أن التهذيب سلوك اجتماعي مكتسب نعمل على زرعه في عقول أطفالنا ونعززه عند الناشئة ليتبلور في الكبر بأحلى حلة له. . ومن منَّا لا يرغب بأن يكون أولاده قمة في التهذيب وليكون ذلك علينا أن نكون كذلك، نتهذب معهم في الكلام والتصرف ونعمل على زرع تلك القيمة المجتمعية الحميدة في نفوسهم.. فيمكن أن تطلب ما تشاء من أبنائك وأنت تملك السلطة الكاملة عليهم.. ولكن انتبه لنبرة صوتك وطريقة حديثك وما أجمل أن تبدأ طلبك بعبارة "لو سمحت" أو "يا حبيبي.. يا صغيري.. ابني الغالي.. زوجتي العزيزة".
هذا التهذيب في طريقة الطلب سيجعل الأمر لطيفًا ومُحببًا في تنفيذه.. أما في المقلب الآخر لو استخدمت نبرة عالية أو حادة في صوتك وكان الطلب بصيغة الأمر دون أن تضيف لمسة من المشاعر عليه لحصلت على مفادك ولكن بامتعاض منه... تأكد أن أبناءك في قلة تهذيبهم معك ما هم إلا مرآة لك.
وهنا ننتقل من التهذيب إلى التأديب فنقول مثلاً فلان مهذب ومؤدب.. فمن هو المؤدب؟
المؤدب هو ذلك الشخص الذي يتمالك تهذيبه عندما يكون مظلوماً أو مقهوراً أو صاحب حق مهدور فيمتلك من حسن الخلق ما يكفي ليدافع عن مظلمته بتهذيب وأدب.. فلا يشتم ولا يضرب ولا يقوم بحركات همجية ولا يعلو صوته ليثبت حقه..
أما الإنسان غير المُنضبط والذي يظهر كثيراً من التهذيب لنا في تصرفاته وأفعاله وأقواله ثم ينقلب لوحش كاسر في حال لم ينل مراده منك فهذا ما نقول عنه قليل الأدب.. فأحسن الحسن حسن الأدب... رزقنا الله وإياكم التهذيب والتأديب في القول والفعل.
المصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
في حضرة القرآن ومحراب الجهاد تتجلى عظمة الشهيد القائد
يتساءل الإنسان البسيط كيف لهذه المسيرة أن تحول شعبا من حالة الوهن والضعف والارتهان إلى واقع المقاومة والتحدي والعنفوان في وجه الأعداء والمستكبرين في غضون فترة زمنية بسيطة ، وبصورة ملفتة ومرعبة للأعداء ، وهو ما تجلى بوضوح من عظمة هذا المشروع القرآني العظيم الذي أسس دعائم بنيانها الشهيد القائد وبذل روحه رخيصة في سبيل الله ونصرة دينه ومقارعة قوى الكفر والنفاق والاستكبار في مرحلة عاصفة مثخنة بالتحديات والمخاطر.
أن تلك التضحيات العظيمة والبذل المبارك التي قدمها الشهيد القائد حسين بدرالدين الحوثي – سلام الله ورضوانه عليه – في سبيل هذه الأمة كانت ومازالت رمزا للصمود والتضحية والجهاد وشعلة متوهجة أنارت الدرب وفتحت الطريق لهذه الأمة حتى تستعيد كرامتها وتجاهد من أجل قضايا ومقدساتها وتواصل واجبها في حمل الرسالة ونشر الدين والدفاع عن الإسلام والمقدسات والتصدي للمؤامرات العدوانية الخبيثة التي تحاك ضد الإسلام والمسلمين ، وهو الدرب العظيم والطريق القويم الذي ضحى قائدنا الشهيد حياته في سبيله وأفنى قائدنا ومعلمنا الشجاع السيد القائد عبدالملك بدرالدين الحوثي حفظه الله حياته وسخر جل وقته وقوته من أجل إكمال ذلك المشروع القرآني وقد كان – رضوان الله عليه – خير معلم وقائد .
إن التحولات الكبيرة و المخاضات العسيرة والمؤامرات المتعددة التي واجهت هذه المسيرة العظيمة ولازالت حتى اليوم تعد بمثابة تأكيد إلهي عن مصداقية هذا المشروع وصدقه ، وهو ما أثبتته مجريات الأحداث اليوم كيف حول الشعب اليمني وقيادته العظيمة مسار معركة الطوفان في وجه اليهود المجرمين ومستوى التضحيات و الإسناد والدعم الذي قدمه اليمنيون من أجل الدفاع عن الأمة والتصدي للمشروع الصهيوني والانتصار للمظلومية الفلسطينية التي كانت ومازالت هي قضية المسلمين وبوصلة المسار الذي أراد الله لنا أن نقف فيه في مواجهة أعداء الأمة والتي بلا شك هي الفرقان بين الحق والباطل والخير الشر والإسلام والكفر .
إن من أعظم الشواهد على عظمة الشهيد المسيرة القرآنية والمشروع الرباني العظيم الذي قاده السيد القائد هو ما وصلت إليه اليمن ومعها كل أحرار الأمة في مواجهة قوى الاستكبار العالمي ومناصرة ودعم المستضعفين في العالم وعلى رأسهم أبناء غزة وقضية فلسطين والتي تمثل القضية المركزية للأمة العربية والإسلامية واليمنيين بشكل خاص وهو ما كشفته الأيام وبرهنتها الحقائق على الأرض والتي سطر فيها اليمنيون أعظم ملاحم التضحية والفداء وكانوا هم السباقين إن لم يكونوا الوحيدين على مستوى العالم من تجاوزوا كافة الصعوبات والمخاطر من أجل الانتصار لقضايا الأمة وإغاثة المنكوبين والأبرياء في مشهد أعاد للأمة العربية والإسلامية كرامتها واربك الأعداء وأغاض الكفار وزرع الفرحة والأمل في نفوس المظلومين وكل أحرار العالم.
*نائب وزير الإدارة والتنمية المحلية والريفية.