"صفر مراجعين".. التحول الرقمي يقود المستقبل
تاريخ النشر: 2nd, February 2025 GMT
◄ يجب تعزيز التثقيف الرقمي وتدريب المواطنين على استخدام التكنولوجيا الحديثة فضلاً عن التركيز على الأمن السيبراني
خالد بن حمد الرواحي
تخيَّل نفسك قادرًا على إنجاز مُعاملاتك الحكومية في دقائق معدودة دون أن تُغادر منزلك، بينما كانت الطوابير الطويلة والانتظار المرهق جزءًا من الماضي. هذا الحلم، الذي بدا يومًا بعيد المنال، أصبح اليوم في متناول اليد مع تسارع جهود الحكومات لتحقيق هدف "صفر مراجعين".
وتحقيق هذا الهدف يُمثِّل تحولًا جذريًّا في كيفية تقديم الخدمات الحكومية؛ حيث تصبح التكنولوجيا العامل الأساسي الذي يحقق الكفاءة والراحة. ولكنه أيضًا يتطلب وضع رؤية استراتيجية لتحقيق هذا الطموح.
"صفر مراجعين" ليس مجرد شعار؛ بل رؤية تهدف إلى تحويل جميع الخدمات الحكومية إلى منصات رقمية متكاملة. ببساطة، هو نظام يتيح للمواطنين إنجاز معاملاتهم دون الحاجة إلى زيارة المكاتب الحكومية، مما يُقلل من الجهد والوقت، ويُزيل الأعباء الإدارية التقليدية.
وتضع رؤية "عُمان 2040" التحول الرقمي في صدارة أولوياتها لتحقيق التنمية المستدامة. هذه الرؤية تسعى إلى بناء نظام حكومي ذكي يضمن الشفافية، ويُسهل الوصول إلى الخدمات، ويُركز على احتياجات المُواطنين. التحول الرقمي ليس فقط هدفًا تقنيًا؛ بل أداة أساسية لتطوير الأداء الحكومي.
من بين الخطوات الملموسة التي اتخذتها سلطنة عُمان نحو المستقبل الرقمي تأتي بوابة "استثمر بسهولة" التي تعد إحدى أبرز المبادرات؛ إذ تتيح للمستثمرين تأسيس الشركات وإتمام معاملاتهم عبر الإنترنت دون الحاجة إلى زيارة المكاتب. إلى جانب ذلك، طوَّرت شرطة عُمان السلطانية خدمات إلكترونية متقدمة مثل تجديد جوازات السفر وإصدار التأشيرات وتجديد رخص القيادة، مما يختصر الوقت والجهد بشكل كبير. علاوة على ذلك، أطلقت السلطنة مشروع التحول الرقمي الحكومي الذي يهدف إلى ربط المؤسسات الحكومية ببعضها البعض لضمان تقديم خدمات مُتكاملة وسلسة تلبي احتياجات المواطنين.
التحول نحو "صفر مراجعين" له فوائد متعددة، منها توفير الوقت، حيث لم يعد المواطن مضطرًا لقضاء ساعات طويلة في التنقل أو الانتظار. كما يُعزز الكفاءة عبر أنظمة رقمية تتيح معالجة الطلبات بسرعة ودقة. بالإضافة إلى ذلك، يُسهم في زيادة الشفافية من خلال تقليل فرص الفساد الإداري وضمان تقديم الخدمات بعدالة وفعالية.
دول مثل إستونيا أصبحت نموذجًا عالميًا في الرقمنة؛ حيث تقدم معظم الخدمات الحكومية عبر الإنترنت، مما جعلها دولة رائدة في هذا المجال. الإمارات العربية المتحدة حققت أيضًا تقدمًا ملحوظًا من خلال منصاتها الذكية التي تُسهل حياة المواطنين وتوفر لهم الوقت والجهد.
رغم الفوائد الكبيرة، هناك تحديات يجب معالجتها. من بين هذه التحديات تطوير البنية الأساسية الرقمية، لا سيما في المناطق التي تحتاج إلى تحسين شبكات الإنترنت. وإضافة إلى ذلك، يجب تعزيز التثقيف الرقمي وتدريب المواطنين على استخدام التكنولوجيا الحديثة، فضلاً عن التركيز على الأمن السيبراني لحماية البيانات وضمان الخصوصية.
ومن شأن الانتقال إلى نظام "صفر مراجعين" أن يُحدث تغييرًا جذريًا في حياة المواطنين والمؤسسات. فهو يُحسن تجربة المواطن من خلال خدمات سهلة وسريعة تُعزز الثقة في المؤسسات، كما يرفع كفاءة المؤسسات عبر تقليل الإجراءات الروتينية والتركيز على الابتكار.
وتحقيق هدف "صفر مراجعين" ليس مجرد ضرورة؛ بل هو استثمار في مستقبل عُمان، ومع رؤية "عُمان 2040" والخطوات الطموحة التي اتخذتها الحكومة، يبدو أنَّ هذا الحلم يتحول إلى واقع. لكن يبقى السؤال: هل نحن كمجتمع جاهزون للتخلي عن الطرق التقليدية واحتضان هذا التحول الرقمي؟ الإجابة تكمن في وعينا واستعدادنا لقبول هذا التغيير الكبير، فهل نحن مستعدون لترك الطرق التقليدية وراءنا؟
المصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
وزير الخارجية والهجرة يبحث مع قيادات الوزارة تسريع الخدمات القنصلية والتحول الرقمي
عقد الدكتور بدر عبد العاطي، وزير الخارجية والهجرة وشئون المصريين بالخارج، أمس الخميس الموافق ٣٠ يناير، اجتماعًا مع قيادات الوزارة المعنيين بالشئون القنصلية وتكنولوجيا المعلومات، في إطار جهود وزارة الخارجية لتعزيز التحول الرقمي وتطوير الخدمات القنصلية المقدمة للمواطنين المصريين في الخارج.
وأكد الوزير عبد العاطي، على أهمية تسريع وتيرة التحول الرقمي تنفيذًا للتوجيهات الرئاسية بتحقيق نقلة نوعية في الخدمات القنصلية المقدمة للمصريين بالخارج، مشيرًا إلى حرص وزارة الخارجية على تحسين جودة المعاملات وتعزيز استخدام التكنولوجيا في تقديم الخدمات القنصلية للمصريين بالخارج.
كما شدد الوزير، على ضرورة تطوير البنية التحتية التكنولوجية داخل السفارات والقنصليات المصرية لتوفير خدمات أكثر كفاءة ومرونة تلبي احتياجات المواطنين وتسهل معاملتهم القنصلية عبر منصات إلكترونية متطورة.
وقد ناقش الاجتماع آخر المستجدات في التحول الرقمي للخدمات القنصلية، بما في ذلك آخر تطورات الآلية الجديدة لإصدار جوازات السفر للمصريين في الخارج والتي بدأ العمل بها بالفعل منذ الأول من يناير ٢٠٢٥ في ٣٦ بعثة دبلوماسية مصرية في الخارج بما يمثل ٩٥% من إجمالي إصدارات جوازات السفر للمواطنين بالخارج.
ومن المقرر البدء في تطبيقها في كافة سفارات وقنصليات مصر في الخارج بدءً من الأول من فبراير ٢٠٢٥، والتي يتم من خلالها إرسال طلبات استخراج جوازات السفر إلكترونيًا إلى مركز اصدار الجوازات بوزارة الخارجية، مما يسهم في تقليل الفترة الزمنية لاستخراج جواز السفر لأيام معدودة بعد أن كانت تستغرق شهور، وخاصة في البعثات المصرية في دول الخليج حيث أصبحت عملية استخراج جواز السفر للمواطن المصري تستغرق أيام قليلة ما بين تقديم المواطن للطلب واستلامه لجواز السفر.
هذا وقد وجه وزير الخارجية، أيضًا بإطلاق آلية جديدة اعتبارًا من أول فبراير ٢٠٢٥ لتسريع إجراءات استخراج شهادة الميلاد المميكنة للمرة الأولى تختصر الفترة الزمنية أيضًا لاستخراج هذا المستند الأساسي لمواليد الخارج بشكل كبير بما يمكن أسرة المولود من استخراج الشهادة المميكنة ومن ثم جواز السفر في فترة لا تتعدى أيام في الدول التي تستحوذ على الاعداد الاكبر من الجاليات المصرية بالخارج بعد ان كانت تستغرق شهور.
كما تم استعراض وزير الخارجية، تطوير وتفعيل مزيد من الخدمات الإلكترونية التي تسهل على المواطنين إجراءات التوثيق، والتصديقات، واستخراج الوثائق الرسمية، وإرسالها إلكترونيًا إلى الجهات المعنية، حيث شدد السيد الوزير على سرعة تنفيذ هذه الخطوات وفقًا للجدول الزمني المحدد، مع وضع آليات واضحة لضمان استدامة تطوير الخدمات الرقمية، مشددًا على ضرورة تفعيل الحلول التكنولوجية الحديثة لتيسير إجراءات المصريين بالخارج وتسريع المدد الزمنية المستغرقة لتقديم الخدمات القنصلية، بما يتماشى مع رؤية الدولة للتحول الرقمي.
وفي ختام الاجتماع، وجه الوزير، بضرورة تكثيف التعاون مع مختلف الجهات المعنية لتطوير الخدمات القنصلية، بما في ذلك الوزارات والمؤسسات ذات الصلة، لضمان تكامل وتنسيق الجهود في تطوير منظومة التحول الرقمي للخدمات القنصلية، مؤكدًا أن تحسين تجربة المواطنين المصريين في الخارج يأتي على رأس أولويات الوزارة، بما يعكس اهتمام الدولة وحرصها على رعاية مواطنيها بالخارج، ويعزز ثقة المصريين في وطنهم.