سهام بنت أحمد الحارثية

harthisa@icloud.com

 

 

يُسلط تقرير صندوق النقد الدولي الضوء على الحاجة إلى خلق أكثر من 220 ألف فرصة عمل للعُمانيين بحلول عام 2032، مع دخول 550 ألف عُماني إلى سوق العمل خلال السنوات المقبلة، وهذه التحديات تَفرِض على مؤسسات الدولة تعزيز دور القطاع الخاص ليكون المحرك الأساسي لاستيعاب القوى العاملة الوطنية، خصوصًا في ظل توجه الدولة نحو تنويع الاقتصاد وتقليل الاعتماد على القطاع العام كجهة توظيف رئيسية.

وفي المقابل، سجَّل الميزان التجاري فائضًا بلغ 7.138 مليار ريال عُماني حتى نهاية نوفمبر 2024، مدفوعًا بارتفاع الصادرات بنسبة 10%، وهو ما يعكس تحسُّن الأداء الاقتصادي، لكنه يضع أمام الحكومة مسؤولية استغلال هذه العوائد في تحفيز الاستثمار المحلي، وتحسين بيئة الأعمال، وخلق فرص عمل نوعية للمواطنين.

ورغم توسُّع القطاع الخاص خلال السنوات الأخيرة، إلّا أنه ما يزال يعتمد بشكل كبير على العمالة الوافدة التي تُشكِّل 86% من إجمالي العاملين، خاصةً في قطاعات مثل البناء والتجارة والخدمات، في حين لا تتجاوز نسبة المواطنين العُمانيين 15% في بعض القطاعات الحيوية مثل السياحة والعقارات. وهذه الفجوة تعكس تحديات سوق العمل، وتُبرِز الحاجة إلى إصلاحات هيكلية تُعزِّز من جاذبية هذه القطاعات للقوى العاملة الوطنية، مع التركيز على تطوير المهارات وتوفير وظائف ذات قيمة اقتصادية أعلى. وفي هذا السياق، تُشير البيانات إلى أن العمالة العُمانية في القطاع الخاص شهدت نموًا بنسبة 18% منذ عام 2020، مُتجاوزةً معدل النمو في القطاع العام البالغ 8%، كما ارتفعت نسبة توظيف العُمانيات بمعدل 23%، وهو ضعف معدل التوظيف للرجال، مما يعكس تحولًا إيجابيًا في أنماط المشاركة الاقتصادية للمرأة، ويعزز الحاجة إلى مزيد من التسهيلات التي تدعم استمرارها في سوق العمل.

إنَّ التحولات التي يشهدها سوق العمل تستدعي استراتيجية متكاملة ترتكز على رفع جودة الوظائف المتاحة للعُمانيين، وليس فقط زيادة أعدادها؛ فالوظائف المُستحدثة خلال العقد الماضي تركَّزت في الأدوار مُنخفِضَة الأجر؛ مما يستوجب استقطاب الاستثمارات إلى القطاعات ذات المهارات العالية، مثل التكنولوجيا والصناعات التحويلية والسياحة. كما إن تمكين المرأة في سوق العمل يُمثِّل ركيزةً أساسيةً في هذه الجهود؛ حيث يستوجب توسيع برامج التدريب، وتعزيز الفرص القيادية، وتحسين بيئة العمل لاستقطاب مزيد من الكفاءات النسائية، مما ينعكس على تنويع الاقتصاد وتعزيز الإنتاجية.

والقطاع الخاص، بوصفه المحرك الرئيسي لخلق الوظائف، يحتاجُ إلى حوافز وتسهيلات تشريعية ومالية تضمن نمو الشركات الصغيرة والمتوسطة، التي تُعدُ العمود الفقري للاقتصادات الحديثة ومن الضروري الاستثمار في التعليم والتدريب التقني لرفع كفاءة القوى العاملة الوطنية، بحيث تصبح قادرة على تلبية متطلبات سوق العمل المستقبلي في القطاعات الأكثر نموًا ومع استمرار السلطنة في تنفيذ سياسات التنويع الاقتصادي، يبقى تحقيق التوازن بين توظيف المواطنين والحفاظ على جاذبية السوق للاستثمارات الأجنبية تحديًا جوهريًا، يستلزم سياسات مرنة تعزز تنافسية القطاع الخاص.

وفي هذا الإطار، يبرُز دور القطاع الخاص كشريك استراتيجي في تحقيق رؤية "عُمان 2040"، من خلال دعم الابتكار، وتعزيز الاستثمارات، وإيجاد بيئة اقتصادية مُستدامة قادرة على خلق فرص عمل حقيقية للمواطنين، تسهم في بناء اقتصاد أكثر تنوعًا واستقرارًا على المدى البعيد.

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

نمو القطاع الخاص غير النفطي في مصر يستقر في فبراير 2025

استمر تحسن أحوال القطاع الخاص غير المنتج للنفط في مصر خلال شهر فبراير الماضي، مستفيدا من الاتجاه الصعودي الذي سجله في بداية عام 2025، حيث أشارت الشركات إلى انتعاش مستمر في الطلب من العملاء، مما يمثل أول تحسن متتالي في ظروف الأعمال منذ أكثر من أربع سنوات، وأدى ارتفاع حجم الطلب إلى ارتفاع قوي في المشتريات بين الشركات غير المنتجة للنفط، على الرغم من بقاء الإنتاج ُمستقرا مع انخفاض أعداد الموظفين.

قال تقرير مؤشر مديري المشتريات الصادر من ستاندرد آند بورز جلوبال اليوم، «قد حظي انتعاش القطاع بدعم إضافي بسبب ضغوط الأسعار الضعيفة للشهر الثاني ًعلى التوالي، حيث ارتفع تضخم متوسط أعباء التكلفة منذ شهر يناير الماضي ولكنه ظل معتدًلا بالمعايير التاريخية، ولم ترتفع أسعار الإنتاج إلا بمعدل متواضع».

مؤشر مديري المشتريات في مصر

وأشار إلى انخفاض مؤشر مديري المشتريات في مصر إلى 50.1 نقطة في فبراير 2025 من أعلى مستوى له في خمسين شهرًا المسجل في يناير الماضي عند 50.7 نقطة، ليظل بذلك فوق عتبة 50 نقطة للشهر الثاني على التوالي.

يمثل هذا أول توسع متتالي منذ أكثر من أربع سنوات، مما يشير إلى استمرار التعافي في القطاع الخاص غير النفطي في مصر، حيث دفعت ظروف السوق الأقوى والطلب المتزايد من العملاء النمو، لكن الوتيرة تباطأت بسبب انخفاض أوامر التصنيع.

وفي الوقت نفسه، ارتفع نشاط الشراء بشكل حاد إلى أعلى مستوى له في ثلاث سنوات ونصف، حيث سعت الشركات إلى الحصول على مستلزمات في سوق متحسنة، وعلى الرغم من المكاسب، انخفض التوظيف للمرة الثالثة في أربعة أشهر، في حين ظل الناتج مستقراً مع تغير طفيف في المتأخرات والمخزونات.

وفيما يتعلق بالأسعار، ظل تضخم تكاليف المدخلات خافتًا مقارنة بعام 2024، في حين أبقى انخفاض تكاليف الموظفين وزيادة أسعار الإنتاج التدريجية التضخم أقل من متوسطة طويل الأجل.

وبحسب ديفيد أوين، كبير الاقتصاديين في شركة ستاندرد آند بورز جلوبال ماركت إنتليجنس، فإن الأرقام تظهر أن «الاقتصاد غير النفطي بدأ عام 2025 بصحة أفضل»، مضيفاً، «تعكس البيانات أفضل شهرين افتتاحيين في العام في تاريخ المسح»، مستشهدًا بعوامل تشمل الإنفاق الأقوى من جانب المستهلكين والشركات وضغوط الأسعار «المنخفضة نسبيًا».

اقرأ أيضاًمسؤولون سابقون يحذرون من حاجة بنك إنجلترا إلى وقف تخفيضات أسعار الفائدة

30 ألف جنيه يوميا.. حدود السحب والشراء ببطاقات بنك مصر في رمضان 2025

مواعيد عمل البنك الأهلي المصري في رمضان 2025

مقالات مشابهة

  • الحكومة لم تُقصِّر.. ولكن!
  • تحسن ملحوظ في أداء القطاع الخاص السعودي غير النفطي خلال فبراير
  • خطة ماكينزي إلى الواجهة مجدداً.. هل هي مناسبة فعلاً للبنان؟
  • نمو القطاع الخاص غير النفطي في مصر يستقر في فبراير 2025
  • حماية لعمال القطاع الخاص.. مشروع القانون الجديد يحدد مدة عقد العمل الفردي
  • وزير الإسكان يتابع سير العمل بقطاعات هيئة المجتمعات العمرانية الجديدة
  • أمير قطر يُلزم القطاع الخاص بتوظيف القطريين وأبناء القطريات
  • رئيس الوزراء يتابع مع وزير الاستثمار أهم ملفات العمل
  • مقترح مصري لضمان استمرار وقف النار في غزة وتقريب وجهات النظر
  • 4 أمسيات لـ"الغرفة" خلال رمضان