عربي21:
2025-04-30@17:17:16 GMT

غزة مدينة قرآنية

تاريخ النشر: 2nd, February 2025 GMT

قبل حوالي عشرين عاما، كتب أحد شباب الإسلاميين التقدميين واسمه "لطفي الوسلاتي" نصا لافتا للنظر، رغم كونه لم يتجاوز المرحلة الثانوية، تحت عنوان "فلسطين قرية قرآنية"، وقد نشر مقاله بمجلة "15/21" لصاحبها الدكتور "احميدة النيفر". في هذه الأيام عادت بي الذاكرة إلى ذلك النص، وأنا أتابع تلك المشاهد المؤثرة والعجيبة الواردة علينا من غزة المحررة؛ مشاهد تعيدنا إلى محطة تاريخية من ذاكرتنا الجماعية، حين كان أجدادنا وأمهاتنا يعانقون الملائكة، ويصنعون من ضعفهم قوة، ومن قلّتهم كثرة في عيون أعدائهم، ومن تضحياتهم معجزات.



مئات الآلاف من البشر يسيرون كأنهم واد مندفع نحو موطنه؛ لا يبحثون عن شيء سوى العودة إلى بيوتهم التي أخرجوا منها كرها، ويعلمون بأنهم قد يجدونها ركاما، لكن مع ذلك تبقى أرضهم التي لا بديل لهم عنها. كلهم تقريبا فرحون بتلك العودة، وفي الأثناء كانوا يكبرون بشكل عفوي كأنما عائدون من جبل عرفات يسيرن نحو مكة حيث الصفا والمروة. هكذا اختلطت الصور والأزمنة والمشاعر، وكما يحصل في تلك المناسبات حيث يصر البعض من الجدات والشيوخ على أداء مناسكهم الدينية، فاضت روح بعض الفلسطينيين المتقدمين في السن قبل أن يصلوا إلى بيوتهم. ماتوا في الطريق، ودُفنوا بعيدا عن مقبرة القرية، لكن الأكيد احتضنتهم مدينة غزة، وسيُبعثون يوم القيامة ليستردوا حقوقهم من غاصبيهم.

قيم لا يفقهها شخص مثل الرئيس دونالد ترامب، الذي أعلن بأن النظامين المصري والأردني سيخضعان ويستجيبان لطلبه عندما دعاهما إلى المساعدة على تهجير الفلسطينيين، بل فكّر حتى في نقلهم إلى إندونيسيا دون إحساس بالخزي. هو ابن الرأسمالية المتوحشة وأحد قادتها الكبار، ويعتقد بأنه يمكن شراء كل شيء، بما في ذلك الأوطان والتراث والعقائد والأخلاق والقيم
ما تعرض له صحابة رسول الله خلال المرحلة المكية من عذاب على أيدي قادة قريش وصبيانهم كان أمرا عظيما، لكنه لا يقارن بالمحرقة التي عاشها الغزاويون قرابة السنة ونصف. إنها إبادة جماعية لم يشهد التاريخ الحديث مثيلا لها، ومع ذلك خرج هؤلاء مثل التنين من تحت الأنقاض، في يوم من أيام الله، وتحدوا "دولة الوحوش"، ترحموا على موتاهم، وحاولوا تضميد جراحهم، وجعلوا من تسريح أسراهم مقابل المخطوفين من رهائن أعدائهم نصرا وانتصارا. هذا الأمر أغاظ عدوهم، وأشعروه بالهزيمة والذل رغم ما فعله في سبيل كسر إرادة الفلسطيني، ودفعه نحو الاستسلام والفرار من الجحيم. لقد انقلبت الآية، وتبين للجميع أن "دولة الباطل ساعة ودولة الحق إلى قيام الساعة". هذا ليس شعرا، هذه سنّة من سنن التاريخ. المهم أن يكون عندك شعب لا ينسى، ولا ييأس، ولا يجبن، ولا يبيع وطنه بأبخس الأثمان.

هذه قيم لا يفقهها شخص مثل الرئيس دونالد ترامب، الذي أعلن بأن النظامين المصري والأردني سيخضعان ويستجيبان لطلبه عندما دعاهما إلى المساعدة على تهجير الفلسطينيين، بل فكّر حتى في نقلهم إلى إندونيسيا دون إحساس بالخزي. هو ابن الرأسمالية المتوحشة وأحد قادتها الكبار، ويعتقد بأنه يمكن شراء كل شيء، بما في ذلك الأوطان والتراث والعقائد والأخلاق والقيم؛ مثل هؤلاء لا يحترمون أي شيء له قيمة في الوجود بما في ذلك الإيمان والحب والوفاء. سيعلم بالتأكيد أنه سيفشل في رهانه كما فشل غيره؛ ليس هذا مجرد ادعاء، ولكنه حقائق أثبتها التاريخ.

فالتتار الذين كادوا يدمرون العالم العربي والإسلامي، وجدوا من يتصدى لهم. ولم يقف الأمر عند ذلك، بل تذكر كتب التاريخ أن أحد أبناء زعيم التتار هولاكو واسمه عند ولادته نيكولاس تيكودار خان اعتنق الإسلام وأصبح اسمه أحمد، وأدمج شعبه داخل إطار الأمة الإسلامية. ليس الغرض هذا المثال دعوة الرئيس الأمريكي الى اعتناق الإسلام، أهل غزة الذين هدمت بيوتهم فوق رؤوسهم هم الذين سيكذبونه، وسيصرون على البقاء في مدينتهم، حتى لو أُجبروا على البقاء سنوات تحت الخيام. ولن تستطيع مصر ولا الأردن أن تستدرجهم إلى تكرار ما حصل في نكبتهم السابقة، وذلك في حال أن قبل الحكام؛ رغم رفض شعوبهم التورط في مثل هذه الجريمة الشنيعة التي لن يغفرها لهم التاريخ، وعندها ماذا سيفعل ترامب وغيرهوإن كان العديد من الأمريكيين قد أسلموا بسبب ما شاهدوه من آيات في غزة، إنما استحضرنا هذا المثال للتأكيد على أن الطغيان لا يجعل من الحق باطلا. وأهل غزة الذين هدمت بيوتهم فوق رؤوسهم هم الذين سيكذبونه، وسيصرون على البقاء في مدينتهم، حتى لو أُجبروا على البقاء سنوات تحت الخيام. ولن تستطيع مصر ولا الأردن أن تستدرجهم إلى تكرار ما حصل في نكبتهم السابقة، وذلك في حال أن قبل الحكام؛ رغم رفض شعوبهم التورط في مثل هذه الجريمة الشنيعة التي لن يغفرها لهم التاريخ، وعندها ماذا سيفعل ترامب وغيره؛ هل سيأمر بخطف الغزاوين وإلقائهم عبر الطائرات في البحر؟ إنه الغباء بعينه.

تنطبق نظرية التناسخ على المقاومة وعلى سكان غزة، وتفترض هذه النظرية عند من يؤمنون بها من خارج دائرة الإسلام بأن الشخص الذي يموت لا يندثر، وإنما تنتقل روحه إلى شخص آخر. وليس القصد في هذا السياق التشكيك في عقيدة أهل فلسطين الأتقياء، ولكن المعاينة تثبت صلابة هؤلاء. وهي صلابة تنتقل من جيل إلى جيل، ولكل جيل أبطاله ورموزه، وكلما استشهد هؤلاء تنتقل أرواحهم بشكل رمزي، ليصعد آخرون من أبناء فلسطين، ويتسلمون المشعل. استشهد الآلاف من مقاتليهم بمن فيهم قادة الصف الأول، فماذا كانت النتيجة؟ عوضهم آخرون بسرعة نادرة، فاضطرت الحكومة الإسرائيلية للتفاوض معهم بعد أن تعهدت بالقضاء عليهم. وبدل أن تنهار حماس، تفككت إرادة العدو، وظن الإسرائيليون، وهم يتابعون حفل تسليم أسراهم بأنهم يحاربون أشباحا.

لهذا كله، قلنا إن غزة قرية قرآنية.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه فلسطين غزة ترامب تهجير المقاومة الإسرائيلية إسرائيل فلسطين مقاومة غزة تهجير مقالات مقالات مقالات سياسة صحافة سياسة سياسة سياسة صحافة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة على البقاء

إقرأ أيضاً:

أرسنال ضد سان جيرمان.. ماذا تقول سجلات التاريخ؟

معتز الشامي (أبوظبي)

يستضيف أرسنال، فريق باريس سان جيرمان، على ملعب الإمارات، مساء اليوم، في نصف نهائي دوري أبطال أوروبا، حيث يمتلك كلا الناديين فرصة للفوز بالبطولة الأوروبية للمرة الأولى في التاريخ، وسيكون فريق ميكيل أرتيتا مدرب أرسنال حريصاً على تحقيق أقصى استفادة من ميزة اللعب على أرضه، ضد منافس لم يخسر أمامه مطلقاً في المسابقات الأوروبية في 5 مواجهات سابقة.
ولم يهزم أرسنال في آخر 8 مباريات خاضها في البطولة، حيث فاز في 7 وتعادل في واحدة، ويمثل هذا ثاني أطول سلسلة له دون هزيمة في نسخة واحدة، بعد أن حقق 12 مباراة دون هزيمة في موسم 2005-2006 (8 انتصارات، 4 تعادلات).

 

أخبار ذات صلة «إحصائيات تاريخية» في «الرحلة الخيالية» لليفربول بـ «البريميرليج» ميرينو يعود إلى أرسنال قبل لقاء سان جيرمان


وكان «الجانرز» متقدماً في النتيجة بنسبة 53% من إجمالي وقت مبارياتهم في دوري أبطال أوروبا هذا الموسم، وهو ما يمثل أعلى نسبة من أي فريق، علاوة على ذلك، كان إنتر ميلان فقط (1%) متأخرا بنسبة أقل من وقت لعبه مقارنة بأرسنال (6%)، الذي لم يتأخر في أي من مبارياته في أدوار خروج المغلوب ضد أيندهوفن وريال مدريد.
ويسافر باريس سان جيرمان إلى لندن بعد خسارته 5 من آخر 6 مباريات خارج أرضه أمام فرق إنجليزية في دوري أبطال أوروبا (فوز واحد)، حيث خسر أمام 4 منافسين مختلفين خلال هذه السلسلة (مانشستر سيتي «مرتين»، أرسنال، نيوكاسل، وأستون فيلا)، وفاز على ليفربول في دور الستة عشر، مارس الماضي.
تمثل هذه المباراة، اللقاء السادس بين أرسنال وباريس سان جيرمان، حيث لم يهزم «الجانرز» في المباريات الخمس السابقة (فاز مرتين وتعادل 3 مرات)، ويعد أرسنال المنافس الذي واجه عملاق الدوري الفرنسي أكثر من أي وقت مضى في المسابقات الأوروبية دون أن يحقق الفوز عليه على الإطلاق، وتغلب أرسنال على باريس سان جيرمان في دوري أبطال أوروبا هذا الموسم 2-0 على ملعب الإمارات في مرحلة الدوري، أكتوبر الماضي.
ولم ينجح سوى ناد إنجليزي واحد (مانشستر سيتي) في التغلب على باريس مرتين في نسخة واحدة من المسابقة، وكان ذلك في نصف نهائي 2020-2021 (2-1 خارج أرضه، 2-0 على أرضه).
وتتوقع شبكة «أوبتا» للإحصاءات فوز أرسنال في مباراة الليلة بنسبة 44.8%، في المقابل، فوز باريس بنسبة 29.4%، مع وجود فرصة للتعادل بنسبة 25.8%.

مقالات مشابهة

  • أدعية قرآنية لجلب الرزق.. احرص عليها يوميا في قيام الليل
  • الأسرى الذين أطلق سراحهم من السجون الإسرائيلية.. دورهم بقيادة النهضة الفكرية
  • «كام ذي القعدة؟».. التاريخ الهجري اليوم الأربعاء 30 أبريل 2025
  • اعتبارًا من هذا التاريخ.. قرار بتجميد تراخيص حمل الأسلحة في جبل لبنان
  • برشلونة يتحدى إنتر ميلان.. التاريخ ماذا يقول؟
  • آرسنال على بعد خطوتين من كتابة التاريخ في دوري الأبطال
  • أرسنال ضد سان جيرمان.. ماذا تقول سجلات التاريخ؟
  • من هم الذين ستطالهم “العقوبات السعودية” في موسم الحج هذا العام 
  • أنا ساكن صالحة.. بعرف كثير من الشهداء الذين تم تصفيتهم بواسطة الجنجويد
  • من يقتل الحقيقة لا يحق له أن يكتب التاريخ