تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

في ظل ما تشهده الأراضي الفلسطينية من أوضاع مشتعلة، واستمرار التعقيدات السياسية والعسكرية التي تحول دون أي حل مستدام، تبرز تحديات إعادة إعمار غزة كملف شائك يحمل في طياته الأمل والمخاطر في آنٍ واحد، وبينما تسعى بعض الأطراف إلى دفع عجلة الإعمار، تواصل إسرائيل فرض واقع جديد على الأرض عبر التوسع الاستيطاني وتصعيد العمليات العسكرية في الضفة الغربية، ما يجعل فرص التهدئة هشّة ومرتبطة بحسابات سياسية وأمنية معقدة.

وفي حديث خاص لـ«البوابة نيوز»، يرسم الدكتور أيمن الرقب، أستاذ العلوم السياسية في جامعة القدس، صورة واضحة للواقع القائم، محذرًا من أن الاحتلال الإسرائيلي لا يزال يسير وفق استراتيجية تستهدف فرض سيطرته على الضفة الغربية، مستغلًا الدعم الأمريكي وتغيّرات المشهد الدولي. مشيرًا إلى أن ملف إعادة الإعمار يواجه عقبات جوهرية، ليس فقط من حيث آليات التمويل والإشراف، بل أيضًا بسبب الهيمنة الإسرائيلية على المعابر والمساعدات.  

إعادة الإعمار.. تحديات وتوقعات

صرّح الدكتور أيمن الرقب، بأن إسرائيل والولايات المتحدة تتبعان نهجًا يقوم على المراوغة فيما يتعلق باتفاق الهدنة، حيث يقتصر هدفهما الأساسي على استعادة أسراهما قبل استئناف العمليات العسكرية.

وقال في تحديث لـ "البوابة نيوز"، إن فصائل المقاومة حرصت على وجود ثلاثة أطراف ضامنة للاتفاق، وهي مصر وقطر والولايات المتحدة، إلا أن المخاوف من خرق الاتفاق لا تزال قائمة، خاصة بعد انتهاء المرحلة الثانية من الصفقة، إذ من المحتمل بنسبة 50% أن تعود الاعتداءات على الفلسطينيين مجددًا.

وأضاف الدكتور أيمن الرقب أن جهود إعادة إعمار غزة تواجه تحديات كبيرة، حيث لا تقتصر العقبات على التصورات السياسية التي تروج لها إدارة دونالد ترامب، مثل الادعاءات حول إجلاء سكان غزة بشكل مؤقت ثم إعادتهم بعد ترميمها، وهو أمر غير واقعي يدرك القائمون عليه حقيقته، بل إن المخاطر تمتد إلى الجانب الأمني أيضًا.

وأشار إلى أن عملية إزالة الركام تنطوي على أخطار كبيرة بسبب الذخائر غير المنفجرة التي خلفتها الاعتداءات الإسرائيلية، مستشهدًا بحادث انفجار أحد الصواريخ أثناء إزالة الأنقاض، ما أدى إلى استشهاد أحد الفلسطينيين أثناء العمل.

وأكد الرقب أن هناك عقبة أخرى تعترض مسار إعادة الإعمار، تتمثل في ضرورة تنسيق أي مساعدات مالية أو مواد بناء مع سلطات الاحتلال الإسرائيلي، التي تتحكم في إدخال المعدات اللازمة عبر المعابر، وحتى في حال انعقاد مؤتمر دولي لحشد دعم مالي سخي من الدول العربية والأوروبية والآسيوية والدول الصديقة، فإن تنفيذ الخطط يظل رهنًا بموافقة الاحتلال، مما يجعل الصورة العامة غير واضحة حتى الآن.

وخلال تصريحاته لـ«البوابة نيوز»، أشاد الدكتور أيمن الرقب بالمبادرة المصرية لعقد مؤتمر دولي لدعم إعادة إعمار غزة، معتبرًا أنها تحمل بعدًا معنويًا مهمًا بالنسبة للشعب الفلسطيني، إذ تعكس جدية الجهود المبذولة لإدخال المساعدات وإعادة بناء ما دمرته الحرب، موضحًا أن هذا الملف يكتسب أهمية مزدوجة، حيث يشكل مصدرًا للأمل لكنه في الوقت ذاته يواجه تحديات كبيرة، تستلزم وجود موقف أمريكي واضح يدفع الاحتلال الإسرائيلي إلى تسهيل دخول المواد اللازمة لإعادة الإعمار.

وأوضح الرقب أن الولايات المتحدة لا يُتوقع أن تقدم دعمًا ماليًا مباشرًا في هذا الإطار، خصوصًا مع موقف الرئيس دونالد ترامب، الذي يتبنى سياسات تتسم بالتحفظ فيما يتعلق بتقديم أي مساعدات مالية للفلسطينيين.

أما بشأن المرحلة المقبلة، فقد لفت الرقب إلى أن الفترة الممتدة على مدار 84 يومًا، وهي المدة المحددة للمرحلتين الأوليين من اتفاق التهدئة، ستكون بالغة الصعوبة، مؤكدًا أن نجاح تجاوز هذه المدة والوصول إلى المرحلة الثالثة قد يحمل بارقة أمل نحو تحقيق تقدم حقيقي في جهود إعادة الإعمار.

الضفة.. تهويد متسارع.. وانتفاضة ليست في الحسبان

وأوضح الدكتور أيمن الرقب أن القيادات الحاكمة في تل أبيب تعتبر الضفة الغربية امتدادًا لما يصفونه بمملكتهم القديمة التي انتهت عام 925 قبل الميلاد، وهو ما يفسر سعيهم المستمر إلى فرض السيطرة عليها وضمها بشكل كامل. وأشار إلى أن وزير المالية الإسرائيلي بتسلئيل سموتريتش، الذي كان قد قدم استقالته بعد إعلان اتفاق التهدئة لكنه عاد وتراجع عنها، استغل وصول دونالد ترامب إلى السلطة لتعزيز سياسة الضم، حيث صادر 24 ألف دونم من أراضي الضفة الغربية، كما فرض السيطرة الإسرائيلية على مناطق "B"، التي تشكل أكثر من 60% من مساحتها، مما يعني أن الاحتلال أصبح يفرض نفوذه فعليًا على نحو 86% من أراضي الضفة.

ونبه الرقب إلى أن عمليات التهويد في الضفة الغربية تجري بوتيرة متسارعة دون توقف، من خلال مصادرة مزيد من الأراضي والتوسع في بناء المستوطنات، وأن المتطرفين في الحكومة الإسرائيلية تعمل وفق سباق مع الزمن، مستغلة وجود إدارة ترامب التي تبنت موقفًا داعمًا لهذه السياسات، حيث أقر الرئيس الأمريكي بشرعية المستوطنات الكبرى ووافق على ضمها إلى الكيان الإسرائيلي.

وقال أستاذ العلوم السياسية، إن قوات الاحتلال بدأت بالفعل في تكثيف عملياتها العسكرية في مناطق مختلفة من الضفة الغربية، كما حدث في جنين وطولكرم ومخيم نور شمس ومخيمات نابلس. ولفت إلى أن الحكومة الإسرائيلية منحت الجيش تفويضًا واضحًا لتوسيع نطاق هذه العمليات بشكل تدريجي، بهدف فرض حالة من الخوف والضغط على الفلسطينيين لمنع أي تحركات احتجاجية أو مقاومة ضد الاحتلال، إلا أن هذه الاستراتيجية قد تؤدي إلى نتائج معاكسة تمامًا، حيث من المرجح أن تؤدي هذه السياسات القمعية إلى اندلاع انتفاضة واسعة النطاق في الضفة الغربية، وهو أمر قد لا يكون في حسابات الاحتلال.

أين الحل؟

وفيما يتعلق بالمخرج من هذا الوضع، أكد الرقب أن الحل يكمن في مبادرة تقودها الولايات المتحدة لدعوة المجتمع الدولي إلى مؤتمر للسلام، يتم من خلاله إلزام إسرائيل بالمشاركة والتفاوض على أساس تطبيق حل الدولتين.

وأوضح أن نجاح مثل هذا المؤتمر يتطلب وضع آليات واضحة لإنشاء دولة فلسطينية ذات سيادة، وإعادة ترسيم الحدود، ووضع إطار شامل لعملية سلام حقيقية. وأكد أن غياب مثل هذه الخطوات سيؤدي إلى استمرار الوضع الراهن، مع ما يحمله من تصعيد وتوتر دائمين.

المصدر: البوابة نيوز

كلمات دلالية: غزة إسرائيل الهدنة الدکتور أیمن الرقب إعادة إعمار غزة الضفة الغربیة إعادة الإعمار الرقب أن إلى أن

إقرأ أيضاً:

الاحتلال الإسرائيلي يُواصل عدوانه على قرى الضفة الغربية

واصلت قوات الاحتلال الإسرائيلي، اليوم الأحد، حملتها الأمنية الغاشمة على قرى مُحافظات الضفة الغربية.

اقرأ أيضاً: صحافة أمريكا تُبرز دور مصر في إنهاء مُعاناة غزة

وذكرت وسائل إعلام فلسطينية أن الاحتلال قام بنسف مربعا سكنيا في مخيم جنين شمالي الضفة الغربية

وقال جيش الاحتلال في بيانٍ له :"فجرنا عددا من المباني في إطار عمليتنا العسكرية شمالي الضفة الغربية".

يعيش الفلسطينيون في الضفة الغربية تحت وطأة الاحتلال الإسرائيلي الذي يفرض عليهم قيودًا صارمة تستهلك حياتهم اليومية، ويحول حياتهم إلى معاناة مستمرة. يُعاني السكان من القيود المفروضة على التنقل نتيجة الحواجز العسكرية المنتشرة في كل أنحاء الضفة، ما يؤدي إلى تعطيل الحركة اليومية ويزيد من صعوبة الوصول إلى الخدمات الأساسية مثل الرعاية الصحية والتعليم. تُحاصر بعض القرى الفلسطينية بالكامل من قبل المستوطنات الإسرائيلية أو الجدران العازلة، مما يجعلها منعزلة عن باقي الأراضي الفلسطينية. إضافة إلى ذلك، يتعرض الفلسطينيون في الضفة الغربية بشكل منتظم لمداهمات من قبل الجيش الإسرائيلي، حيث يتم اعتقال المئات من الشباب الفلسطينيين بحجج واهية، ما يؤدي إلى زيادة عدد الأسرى الفلسطينيين في السجون الإسرائيلية.

تعاني المناطق الفلسطينية أيضًا من سياسات هدم المنازل التي تتبعها إسرائيل كجزء من استراتيجيتها لتوسيع المستوطنات، مما يؤدي إلى تشريد العديد من الأسر. في هذا السياق، تفتقر الضفة الغربية إلى الدعم الدولي الفاعل في مواجهة هذه الانتهاكات، وتزداد المعاناة بشكل مستمر في ظل غياب حلول عملية تعالج الوضع المزري. كما أن النشاط الاستيطاني في الضفة يزداد بشكل ملحوظ، حيث يتم مصادرة الأراضي لصالح بناء مستوطنات جديدة، مما يضاعف معاناة الفلسطينيين في مناطقهم الأصلية ويعوق تطور الاقتصاد الفلسطيني.

تؤثر المعاناة اليومية للفلسطينيين في الضفة الغربية بشكل مباشر على حياتهم الاجتماعية والاقتصادية. من الناحية الاقتصادية، يعاني الفلسطينيون من معدلات بطالة مرتفعة، نتيجة للحصار الإسرائيلي، الذي يمنعهم من الوصول إلى الأسواق الإقليمية والدولية، ويحد من قدرتهم على تطوير مشاريع اقتصادية خاصة بهم. تحاصر المستوطنات الإسرائيلية العديد من الأراضي الزراعية التي كانت تشكل مصدر رزق للفلسطينيين، مما يزيد من صعوبة العمل في قطاع الزراعة. علاوة على ذلك، يعاني الفلسطينيون من نقص في الموارد الأساسية، مثل الماء والكهرباء، بسبب السيطرة الإسرائيلية على معظم هذه الموارد، ما يزيد من معاناتهم اليومية.

على الصعيد الاجتماعي، يتعرض الفلسطينيون في الضفة الغربية إلى قمع اجتماعي من خلال عمليات التفتيش والتوقيف المستمرة من قبل قوات الاحتلال، وهو ما يؤدي إلى حالة من الخوف والقلق المستمرين بين السكان. الأطفال، على وجه الخصوص، يعانون من تأثيرات نفسية سلبية نتيجة للمشاهد الدموية والاعتقالات العشوائية، ويعانون من اضطرابات نفسية نتيجة للتهديدات المتكررة. بالإضافة إلى ذلك، تلعب القيود على حرية التنقل دورًا كبيرًا في إعاقة التعليم العالي في الضفة الغربية، حيث يجد الطلاب صعوبة في التنقل بين المدن أو خارج الأراضي المحتلة لاستكمال دراستهم. في ظل هذه الظروف الصعبة، يعاني الفلسطينيون من التهميش الاجتماعي، ما يزيد من تفاقم الأزمات الإنسانية في الضفة الغربية.

 

 

مقالات مشابهة

  • أبو الغيط: التهجير مرفوض وبديله إعادة إعمار غزة في أسرع وقت
  • أبو الغيط في لقائه بمنسقة الأمم المتحدة لعملية السلام: التهجير مرفوض وبديله هو إعادة إعمار غزة في أسرع وقت
  • الاحتلال الإسرائيلي يُواصل عدوانه على قرى الضفة الغربية
  • خلفًا لـ"هاليفي".. تعيين إيال زامير رئيسًا لأركان جيش الاحتلال
  • هنعمّرها.. الغزيون يوثّقون رحلتهم في إعادة الإعمار بعد العودة للشمال (شاهد)
  • وزير شؤون الأسرى الفلسطينيين الأسبق: الاحتلال لم يوقف حربه على غزة بشكل كامل
  • مصر تشارك العرب في إعادة إعمار قطاع غزة.. تفاصيل
  • وزير الخارجية من بيروت: مصر مستعدة للمساهمة في إعادة إعمار لبنان
  • قوانين «الاحتلال الإسرائيلي» تعرقل عملية إعادة إعمار قطاع غزة