حكيم الإسلام المرشح لجائزة نوبل.. الأزهري الموسوعي في ضيافة متحف المخطوطات بمعرض الكتاب
تاريخ النشر: 2nd, February 2025 GMT
يعرض متحف المخطوطات بجناح الأزهر بمعرض القاهرة الدولي للكتاب، وثيقة نادرة للعالِم الأزهري طنطاوي جوهري، من ملك العراق للشيخ طنطاوي يوجه له الشكر على كتابه عن السلام، جاء فيها:" حضرة الأستاذ الفاضل الشيخ طنطاوى جوهری إن مؤلفكم أحلام في السياسة وكيف يتحقق السلام العام المرفوع قد وقع من نفسه موقع التقدير.
ويعد الشيخ طنطاوي جوهري الموسوعي والفيلسوف الفذ، أحد علماء الأزهر الشريف، فكتب في بحور علوم شتى، فقد كتب في تفسير القرآن، وفي الموسيقى، وفي الفلسفة والآداب، وعن السلام، وهو أحد المناضلين الوطنيين ضد الاستعمار البريطاني.
وُلد طنطاوي جوهري، في قرية عوض الله حجازي، إحدى قرى محافظة الشرقية، والتحق بالجامع الأزهر في عام 1294هـ -1877م، ثم عاد إلي قريته، حيث أجواء الطبيعة التي ساعدته للعمل بالزراعة، مما أهلته لاكتساب نزعة جديدة اتجه فيها للبحث عن وجود الله.
وشارك طنطاوي جوهري في كثير من الأنشطة الاجتماعية التي كانت تحث علي العمل مثل جمعية البر والإحسان وجمعية المؤاساة الإسلامية، وأسس جماعة الأخوة الإسلامية، والتي كانت ترعي أبناء المسلمين الذين وفدوا إلي مصر ليتعلموا فيها.
وكان للشيخ نشاط سياسي، فقد ناصب العداء للاحتلال الانجليزي من خلال كتابة المقالات التي كانت تحث على مقاومة الاستعمار، وكان على اتصال بالزعيم الراحل مصطفى كامل الذي طلب مقابلته لما بلغه عن الشيخ من شعور وحس وطني، وقال عنه الزعيم مصطفي كامل عند مقابلته: "بمثلك ترقى الأمة" لذلك كان يسمى الشيخ بحكيم الإسلام.
اعتنى ببلاد العالم الإسلامي وشئونهم، والدفاع عن حريتهم، ووجه نداء إلى الملوك والسادة الأمراء والأشراف والأعيان وكل ذي حمية دينية إسلامية خاصة في بلاد الملايو وسنغافورة، يستنهض فيهم الهمم العالية لإحياء العلوم الدينية، وتأثرت هذه البلاد بفكر وشخصية الشيخ، وبعد استقلالهم وقيام جمهوريتهم أنشأوا العديد من المدارس والجامعات، وأطلقوا عليها اسم الشيخ، فسموها جامعة طنطاوية ومدارس جوهرية.
عمل الشيخ على أن يقرن العمل بالقول فأبرز للعالم الإسلامي كتابيه: "ميزان الجواهر" و"جواهر العلوم"، وفي سنة 1922م انقطع الشيخ طنطاوي عن التدريس لبلوغه السن القانونية للمعاش لكنه استطاع أن يهب وقته كله لكتابة تفسيره "الجواهر" الذي عمل لإنجازه دون توقف من سنة 1922 إلى سنة 1935، ويقع الكتاب في نحو ستة وعشرين جزءا.
وقد أولى "طنطاوي" اهتماما خاصا بالسلام العالمي ووضع نظرية في هذا المجال استمدها من مفاهيم القرآن، وقد توصل إلى حل مشكلة السلام العام، وله كتابان وجههما إلى العالم في هذا الشأن هما: "أين الإنسان" وصاغه على هيئة رواية سياسية فلسفية تناول فيها آراء عدد من الفلاسفة مثل "الفارابي"و"ابن طفيل" و"توماس مور، وكتاب "أحلام في السياسة وكيف يتحقق السلام العام".
رُشح الشيخ طنطاوي جوهري لجائزة نوبل للسلام نتيجة لمجهوداته في نشر السلام العالمي، وتولي الدكتور مصطفي مشرفة، تقديم أوراقه للبرلمان النرويجي، من أجل نيل تلك الجائزة، غير أن الجائزة لم تُمنح له نظرا لوفاته.
ويشارك الأزهر الشريف -للعام التاسع على التوالي- بجناحٍ خاص في معرض القاهرة الدولي للكتاب في دورته الـ 56 وذلك انطلاقًا من مسؤولية الأزهر التعليمية والدعوية في نشر الفكر الإسلامي الوسطي المستنير الذي تبنَّاه طيلة أكثر من ألف عام.
ويقع جناح الأزهر بالمعرض في قاعة التراث رقم "4"، ويمتد على مساحة نحو ألف متر، تشمل عدة أركان، مثل قاعة الندوات، وركن للفتوى، وركن الخط العربي، فضلًا عن ركن للأطفال والمخطوطات.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: معرض القاهرة الدولي للكتاب جناح الأزهر متحف المخطوطات ملك العراق المزيد
إقرأ أيضاً:
في ذكراه.. كارل شبيتلر شاعر التمرد الهادئ وفيلسوف الروح الأوروبية
يعتبر الشاعر السويسري كارل شبيتلر، الذي تحل اليوم ذكرى رحيله، أحد أكثر الأصوات الشعرية تعقيدًا وتفردًا في الأدب السويسري الحديث، لم يكن شبيتلر مجرد شاعرٍ رمزي، بل كان مفكرًا وجوديًا مبكرًا، ينحت في اللغة مفاهيمه الخاصة عن الإنسان، القدر، والهوية.
ولد في بازل عام 1845، في زمنٍ كانت فيه أوروبا تموج بالتحولات الفكرية والسياسية، وكانت سويسرا في مفترق طرق بين هويتها الثقافية المتعددة وصراعاتها الداخلية الهادئة، في هذا السياق، نشأ شبيتلر كشاعر يبحث عن المعنى، لا في الأحداث السياسية، بل في أعماق النفس البشرية.
فلسفة شبيتلر في عصر الصخب الجماهيري
بينما كان معاصروه من الكتاب يتجهون نحو الواقعية والانخراط في القضايا الاجتماعية والسياسية، كان شبيتلر يبتعد عن كل ذلك بخطى ثابتة، آمن بأن وظيفة الشعر ليست في الانخراط اللحظي، بل في كشف جوهر الإنسان عبر الرمز والأسطورة.
في رائعته "ربيع أوليمبي" (Olympischer Frühling)، التي استغرق في كتابتها ما يقارب عشرين عامًا، استخدم الأساطير اليونانية ليتحدث عن قضايا إنسانية معاصرة، مثل الصراع بين الإبداع والتقاليد، وبين الحرية الفردية والإرادة الجمعية.
ليس من قبيل الصدفة أن يُلقّب بـ"شاعر الفردية"، إذ رأى أن الإنسان الحقيقي لا يُقاس بحضوره الجماهيري بل بقدرته على مقاومة الانصهار في المجموع، وعلى بناء نفسه ككائن مستقل.
ملحمة ضد التيار
في زمن كانت أوروبا فيه تتأرجح بين الحروب العالمية والصراعات الفكرية، وقف شبيتلر موقفًا معقدًا، لم يكن عدائيًا تجاه التغيير، لكنه رفض أن يُجرّ وراء العواطف الجماعية.
أعماله، خاصةً "كونراد الراعي" (Conrad the Shepherd)، عبّرت عن تشكيكه العميق في مفاهيم الانتماء الوطني عندما تتحول إلى عبادة جماهيرية، هذا الموقف وضعه أحيانًا في خانة "المنعزل"، لكنه هو نفسه كان يرى في ذلك نوعًا من الوفاء للصدق الإبداعي.
نوبل 1919.. تكريم لصوت داخلي
في عام 1919، حصل شبيتلر على جائزة نوبل في الأدب، بعد الحرب العالمية الأولى مباشرة، في وقت كان فيه العالم يلهث خلف أصوات تصالحية وروح نقدية، كانت لجنة نوبل قد أدركت أن في صوته المنعزل حكمة تحتاجها الإنسانية المدمّرة بالحرب: صوت الإنسان العاقل، المتأمل، الذي لا تذوب روحه في الجماهيرية.
مؤلفات شبيتلر
كان أول عمل شعري لشبيتلر هو الملحمة الأسطورية "بروميثيوس وإبيميثيوس 1881" أما ثاني أعماله هو الملحمة الشعرية "الربيع الأولمبي 1900-1905" وهو العمل الذي نال عنه جائزة نوبل في الأداب عام 1919، تم مراجعته مرة أخرى عام 1910، حيث وجد مجالاً كاملاً للاختراع الجريء والقوة التعبيرية الواضحة، وقد كرس السنوات الأخيرة من حياته لإعادة كتابة عمله الأول، وكان أكثر إحكامًا في التكوين من النسخة المبكرة، ومثل الربيع الأولمبي، في أبيات مقفاة، ظهر في عام 1924 تحت عنوان “بروميثيوس طويل المعاناة”
تنتمي الأعمال الهامشية المتنوعة على نطاق واسع إلى الفترة الوسطى من حياة شبيتلر، فقد أنتج في الشعر: "إكستراموندانا 1883" (سبع أساطير كونية من اختراعه)، 1896، الأمثال الأدبية 1892، ودورتين من كلمات الأغاني، و"الفراشات 1889"، أغاني العشب والجرس 1906، كما كتب قصتين "اثنان من كارهي النساء الصغار 1907"، وهي قصيدة طفولة مستوحاة من تجربته الخاصة؛ و"كونراد دير ليوتنانت 1898"، رواية قصيرة مكتملة درامية تناول فيها المذهب الطبيعي الذي كان يكرهه في السابق، وقد عكست رواية "إماجو 1906" الصراع الداخلي بين موهبته الإبداعية الرؤيوية وقيم الطبقة المتوسطة بشكل حاد لدرجة أنها أثرت على تطور التحليل النفسي، فقد نشر مجلداً من المقالات المحفزة بعنوان "أجراس الإنذار 1898 - 1909" بالإضافة إلى عمل آخر بعنوان "الحقائق الضاحكة"، والأعمال السيرية الساحرة، بما في ذلك "تجاربي الأولى 1914"، وفي عام 1914 نشر مقالاً مؤثراً سياسياً بعنوان: "موقفنا السويسري"، وهو كتاب موجه ضد وجهة نظر أحادية الجانب مؤيدة لألمانيا بشأن الحرب العالمية الأولى، ظهرت ترجمة إنجليزية لقصائده المختارة في عام 1928.