فيلم الخضوع .. مؤامرة للذكاء الاصطناعي تفتك بحياة الشخصيات
تاريخ النشر: 2nd, February 2025 GMT
لعل من الموضوعات الأكثر أهمية وتداولا مما صار يشكل تحديا حقيقيا أمام البشرية هو موضوع الذكاء الاصطناعي وذلك من خلال تطورات متسارعة سوف تضعه في مرحلة وأهمية تتزايد يوما بعد يوم.
هذا الموضوع كان ولا يزال من اهتمامات السينما منذ عقود وزاد ذلك الاهتمام خلال السنوات الأخيرة من خلال تغلغل الذكاء الاصطناعي في العديد من مفاصل الحياة ومن جهة أخرى تلك الموازنة الإشكالية بين ما هو بشري وروبوتي مرتبط بالذكاء الاصطناعي من منطلق من يتفوق على من؟ وما الذي يمتلكه الخيال العلمي من عناصر ومقومات تمكنه من التفوق على البشر أو على الأقل منافستهم في مواقفهم أو مهاراتهم؟
ولنا أن نتذكر هنا أفلاما مثل متسابق المتاهة بأجزائه، وفيلم الفاني بأجزائه، وفيلم روبوكوب، وفيلم الشبح في الصدفة، وسلسلة أفلام ستارتريك، وسلسة أفلام ماتريكس، وسلسلة أفلام حرب النجوم، وسلسة أفلام الرجل الحديدي، وفيلم ميجان وفيلم الصانع وغيرها.
وفي هذا الفيلم للمخرج سكوت دالي سوف نكون أمام الذكاء الاصطناعي المتطور وهو يتغلغل في صميم الحياة الاجتماعية واليومية للبشر ومثال ذلك نموذج المرأة – الروبوت التي تتمتع بمهارات فائقة والتي تمت برمجتها لغرض أداء العديد من المهمات الاستثنائية التي ترهق البشر أحيانا.
وهكذا يجد نيكولاس – الممثل مايكل مورون نفسه مضطرا للاستعانة بامرأة روبوت مبرمجة بحسب برامج الذكاء الاصطناعي المتطورة لغرض القيام بالأعمال المنزلية ريثما تتعافى زوجته التي أصيب بجلطة قلبية ومضاعفات شديدة تستدعي بقاءها في المستشفى زمنا غير محدد مما يحتاج إلى سد فراغ إدارة المنزل ورعاية الأطفال.
من هنا سوف نبدأ بطرح سؤال: ماذا لو؟ والسؤال هنا هو ماذا لو تطور الذكاء الاصطناعي إلى اتخاذ مواقف تضاهي ما يفعله البشر انتقالا إلى ما هو حسي وعاطفي وهو ما سوف نمر بأخطر مراحله من خلال شخصية أليس – الممثلة ميجان فوكس التي قامت بدور متميز وهي تخلط ذلك المزيج الحسي بين ما هو بشري وما هو آلي.
من هنا سوف تتسع أفعال الشخصيات وبخاصة عندما يبدأ الذكاء الاصطناعي في التقاط ما يشغل البشر وما يهتمون به وقدرته على تغيير أنماط السلوك بما يجعل الروبوت على مستوى واحد مع البشر.
فمفردات مثل العاطفة والغيرة والأنوثة والحب والكراهية والانتقام والمكر وغيرها من مفردات حسية وعاطفية ليست من بين من تتم برمجته لذلك الكائن الروبوتي الأنثوي لكن تطور الذكاء الاصطناعي هو الذي سوف يوصل تلك الأجسام الروبوتية إلى تلك المرحلة وهي تحولات أساسية في الدراما الفيلمية وفي السرد الفيلمي.
فعلى صعيد بث الحبكات الثانوية في موازاة تعزيز الحبكة الرئيسية وجدنا إسباغا لحس المغامرة لدى المرأة الروبوت ومن ثم الوصول في ذلك إلى تجربة البرمجيات مشاعر الحب والغيرة وهو الأمر الذي يدفع أليس إلى تعقب نيكولاس والسعي لكي تصبح بديلة لزوجته ووصولا إلى محاولة التخلص من الزوجة وهو تحول ملفت للنظر في بناء الشخصية وهي تتنقل إلى مرحلة أن تكون ندا للكائن البشري.
وفي هذا الصدد تذهب الناقدة السينمائية جيد ريسو في موقع ماستر هورر بصدد هذا الفيلم بقولها: «نعم هو فيلم إثارة وخيال علمي يستكشف موضوعا مألوفا ولكنه ينجح في تقديم مساحة اكتشاف مهمة لعالم الذكاء الاصطناعي، حتى لو لم يشكل تحولا استثنائيا. فيلم يتناول مخاطر الذكاء الاصطناعي المتقدم، تقدم ميجان فوكس أداءً مقنعًا، حيث توازن بفعالية بين انفصال أليس ووجودها الآلي وبين سلوكها المحاكي للبشر والمهدد بشكل متزايد.
إنه نوع من السرد المختلف عن الذكاء الاصطناعي المارق، مع أنه لا يهدف إلى تقديم رؤى رائدة في هذا النوع، لكن فرضية اكتساب الذكاء الاصطناعي للوعي الخاص به والانقلاب ضد صانعيه هي إشكالية حاضرة، وموضوع جدل لا نزال نعيش فصوله».
من هنا يمكننا الانطلاق مما كتبته الناقدة في إشارتها إلى اكتساب الذكاء الاصطناعي الوعي الخاص به والانقلاب ضد صانعيه، هنا سوف يتأسس تحول في الدراما الفيلمية ينسجم مع ما يتم تداوله من احتمالات تفوق الذكاء الاصطناعي إلى درجة أنه يقوى على التحالف ضد ما هو بشري وهو ما نشاهده لاحقا في تأثير المرأة الروبوت أليس على روبوت آخر تجعله يتضامن معها.
أما الناقد إيريك هيلز في موقع موفي وافلر، فإنه يشير إلى قضية أخرى يطرحها هذا الفيلم، «انها في الواقع نقطة في المستقبل حيث يصبح الذكاء الاصطناعي والأندرويد جزءًا راسخًا من الحياة وحيث تكافح الروبوتات لفهم كيف يمكن للبشر أن يكونوا غير منطقيين عندما يتعلق الأمر بمشاعرنا المتضاربة باستمرار. إنه الكائن الروبوتي الذي لا يمتلك عقلا أو مشاعر خاصة به، بل يعكس ببساطة أفضل ما فينا وأسوأ ما فينا (بشكل مرعب). أحد الأشياء التي تجعلنا نشعر بعدم الارتياح تجاه الذكاء الاصطناعي هو أننا نخشى أن يجعلنا جميعًا في حالة من التناقض بين قبول تلك الخدمات الروبوتية الهائلة وبين سطوتها على البشر والقدرة على إيذائهم».
لا شك أن هذه الجدلية التي يطرحها الناقد هي التي تم تسليط الضوء عليها في هذا الفيلم فمن جهة تحول الذكاء الاصطناعي إلى جزء مهم من حياة الشخصيات، ثم ما شهدناه من انتقال الشخصية للتغلغل في علم المشاعر البشرية وذلك في حد ذاته تمت التأسيس عليه في بناء مسارات متعددة للسرد الفيلمي وصولا إلى تحول أليس إلى روبوت قاتل وهو التحول المفصلي في إيجاد متضادات متعددة للصراع.
على أننا في المقابل وجدنا أن المخرج قد اتجه بالأحداث بعد القسم الثاني من الفيلم باتجاه تحول أليس التي تحركها برمجيات الذكاء الاصطناعي إلى الدخول في دائرة الانتقام والجريمة وهو تحول استثنائي دون شك أريد من خلاله التأسيس لحبكات ثانوية دفعت الأحداث إلى مستوى آخر من الصراعات وبما في ذلك جلب طبيعة عمل نيكولاس إلى منطقة اهتمام المرأة الروبوتية التي سوف تقتص لاحقا من صديقه.
لعل هذه التحولات ما بين ما هو عاطفي ووجداني وبين ما هو قائم على فكرة الانتقام والجريمة هو الذي عمق من قوة شخصية المرأة الروبوتية ومنحها مساحة صارت تتوسع بالتدريج وصولا إلى تحكمها بمصائر العديد من الشخصيات بسبب عدوانيتها وعدم القدرة على السيطرة عليها.
هذه الإشكاليات المتعددة هي التي حفل بها هذا الفيلم ليقدم لنا حصيلة لفيلم ينطوي على جوانب جذب متعددة وعناصر تؤهله ليكتسب ثقة واهتمام المشاهدين ولهذا وجدناه على الرغم من النمطية التي ينطوي عليها إلا أنه يشكل إضافة ملفتة للنظر في أفلام الذكاء الاصطناعي.
...
إخراج / سكوت دالي
تمثيل/ ميجان فوكس بدور أليس، مايكل مورون بدور نيكولاس، ماديلين زيما بدور ماجي، اندور ويب بدور مونتي
سيناريو / ويل هولي و أبريل مجواير
مدير التصوير/ دانيل ليندهولم
موسيقى / جيد بالمر
التقييمات/ آي ام دي بي 6 من 10، روتين توماتو 60 من 100.
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: الذکاء الاصطناعی إلى هذا الفیلم بین ما هو من خلال فی هذا
إقرأ أيضاً:
عمرو طلعت: ميثاق أخلاقي للذكاء الاصطناعي ضرورة للحفاظ على القيم العربية
قال الدكتور عمرو سميح طلعت، وزير الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات،أن الحكومات تواجه تحديات جديدة تتعلق بالمنافسة الجيوسياسية والريادة في الذكاء الاصطناعي، داعيًا الدول العربية إلى التصدي لهذه التحديات برؤية موحدة تعكس تطلعات شعوبها. وأكد على أهمية تبني استراتيجيات مشتركة لبناء وعي جمعي حول التكنولوجيات الناشئة.
جاء ذلك خلال كلمته في فعاليات "دائرة الحوار العربي حول الذكاء الاصطناعي"، بالأمانة العامة لجامعة الدول العربية. وقد حضر الافتتاح السفير أحمد أبو الغيط، الأمين العام للجامعة، وعدد من الشخصيات الأكاديمية والسياسية رفيعة المستوى.
أعرب الدكتور طلعت عن فخره بالمشاركة في هذا المحفل المهم، الذي يمثل تجسيدًا لطموحات الدول العربية وإرادتها الموحدة. وأشاد بالدور التاريخي الذي تلعبه جامعة الدول العربية كمنصة للتعاون في مجالات متعددة، بما في ذلك التكنولوجيا، التي أصبحت جزءًا أساسيًا من القضايا العالمية المعاصرة.
وقال : "يسعدني أن ينعقد هذا الحوار في الذكرى الثمانين لتأسيس جامعة الدول العربية، مما يعكس التزامنا بتعزيز التعاون العربي في مجالات الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات". وأكد أن التكنولوجيات الناشئة، مثل الذكاء الاصطناعي، لم تعد مجرد وعود مستقبلية، بل أصبحت قوى دافعة تُعيد تشكيل الاقتصادات وتحدث ثورة في مختلف القطاعات.
أطلع الدكتور طلعت الحضور على الرؤية العربية الموحدة للذكاء الاصطناعي، التي تهدف إلى تحسين الأداء الحكومي وتقديم خدمات فعالة تعتمد على هذه التقنيات. وشدد على ضرورة وضع إطار تنظيمي متوازن يحمي المجتمعات من المخاطر السيبرانية والأخلاقية.
وختامًا، دعا جميع الباحثين والخبراء وصناع السياسات إلى تبادل الرؤى والمقترحات للخروج بنتائج فعالة تسهم في تعزيز مكانة الدول العربية في مجال الذكاء الاصطناعي.
أعرب الدكتور طلعت عن شكره لكل المساهمين في إعداد هذا المؤتمر، متمنيًا أن تكون النقاشات مثمرة وتؤدي إلى نتائج إيجابية تخدم الأهداف الاستراتيجية للعالم العربي.