لماذا يتوقف الأمر على دور سعودي فعال في إنهاء الحرب؟
تاريخ النشر: 2nd, February 2025 GMT
تُجمعُ التوقعات المتفائلة على إمكانية حدوث تطور عسكري هام لتغيير الواقع الذي فرضه انقلاب 21 أيلول/ سبتمبر 2014، وأطاح بأهم تحول سياسي ديمقراطي سياسي في تاريخ اليمن، على ضوء جملة من المؤشرات تشمل فيما تشمل تحركات ميدانية لافتة، والحديث عن تحديد الساحات المرشحة للمواجهات المقبلة، فيما تتجه الأنظار إلى المملكة العربية السعودية التي تُمسك بقرار الحرب والسلم وتكرس ما يمكن وصفه بالشلل غير المسبوق للإرادة السياسية لقادة الشرعية اليمنية.
كانت السعودية قد اتخذت خطوات متقدمة نحو إنجاز صفقة تسوية للحرب مع الانقلابيين الحوثيين، بضغط عدائي من الإدارة الأمريكية السابقة، دفع بالرياض إلى القيام بمناورة هي الأخطر، لتسوية قضية في جغرافيا تندرج ضمن أولوياتها الأمنية والجيوسياسية، واضطرت إلى تنفيذها مرغمة تحت طائلة فقدان الشراكة مع الولايات المتحدة، التي غضت الطرف عن الانفلات الخطير لعيار إيران تجاه المملكة خصوصا عام 2019.
كل شيء يبدو اليوم متاحا أمام لإنجاز تسوية مشرفة للحرب في اليمن، إن تم ذلك على أسس أخوية ودينية وأخلاقية تأخذ بعين الاعتبار مصالح الشعب اليمني الجار، والتعامل الصادق معه ومع دولته، والاستعداد الكامل لشراكة طويلة الأمد تسمح بطي عقود من التعايش القلق والجوار المتربص.
كل شيء يبدو اليوم متاحا أمام لإنجاز تسوية مشرفة للحرب في اليمن، إن تم ذلك على أسس أخوية ودينية وأخلاقية تأخذ بعين الاعتبار مصالح الشعب اليمني الجار، والتعامل الصادق معه ومع دولته، والاستعداد الكامل لشراكة طويلة الأمد تسمح بطي عقود من التعايش القلق والجوار المتربص
لا يوجد أهم ولا أغلى من بناء الثقة وتعزيزها مع الشعب اليمني واعتبارها واحدة من أهم العوامل التي تدفع باتجاه تسوية الأرضية وإنهاء الحرب، حتى مع وجود العامل الإضافي الإيجابي ذي الأهمية البالغة والمتمثل في التحول الحاد في الموقف الأمريكي تجاه اليمن؛ من رعاية ودعم لمشروع الانقلاب الحوثي الطائفي المرتبط بالأجندة الإيرانية، إلى استهداف هذا المشروع البغيض وتقويض أسسه العسكرية والمادية والتخلي عن دوره الطائفي، الذي كان قد عزز الارتياح الغربي واستجلب دعمه السخي لتقويض عملية ديمقراطية ناجحة في اليمن، وغض الطرف عن إدخال اليمنيين في أتون حرب أتت على ما بقي لهذا البلد من مقدرات وأدخلته في دائرة الحاجة والبؤس والشقاء المعيشي.
إنهاء الحرب في اليمن لن يكون بالأدوات السياسية، أو من خلال الاستمرار في تقديم العروض السخية لجماعة الحوثي، لسبب بسيط للغاية وهو أن التسوية السياسية لن تنتزع من الحوثيين تنازلات جوهرية يعتقدون أنهم احتفظوا بها بالحرب، وبالتالي لن تسمح بإقامة سلطة شراكة حقيقية تُنهي حالة التوتر والشعور بالغبن لدى معظم اليمنيين.
كما أن الاستمرار في تقديم التنازلات لن يسمح بالتأكيد في استعادة الدولة اليمنية وصيانة مركزها القانوني والسيادي، لأن المبدأ الذي سيسمح باستيعاب مشروع الانقلاب الحوثي الطائفي، سيفسح المجال كذلك لمشروع الانفصال الذي لا يقل سوءا ولا غدرا ولا ضررا بالدولة اليمنية وسيادتها وقابليتها للحياة.
الحل العسكري هو الطريق الأمثل لاستعادة اليمن، والحفاظ على كيانه، وهذا الحل يستند إلى إرادة وأدوات وإمكانيات متاحة، وبإمكانه التعاطي بكفاءة وتفوق على التحدي العسكري الذي يمثله الحوثيون، استنادا إلى مقدراتهم التي استحوذوا عليها منذ العام 2014، إلى جانب الدعم السخي الذي حصلوا عليه من إيران ومن شبكة إقليمية ودولية نشطة ساهمت في استمرار خطوط الإمداد بالأسلحة الحديثة إلى هذه الجماعة.
في عمليتي "عاصفة الحزم" و"إعادة الأمل" للتحالف العربي، وبينما كانت دولتاه الرئيسيتان منسجمتين إلى حد ما، واجه التحالف معارضة شديدة، من الدوائر الغربية التي استطاعت أن تؤثر على قرار الحكومات، ووصل الأمر إلى أن الولايات المتحدة الأمريكية أنهت تعاونها اللوجستي مع أهم شريك لها في الوطن العربي وهي السعودية، وتمت شيطنة التحالف العربي إلى حد كبير وأُدرج في اللوائح السوداء للأمم المتحدة ومنها لائحة قاتلي الأطفال، التي رأينا كيف أنها أُغلقت تماما خلال حرب الإبادة على الشعب الفلسطيني في غزة.
اليوم فإن أي عمل عسكري قد يستهدف جماعة الحوثي لن يواجه التحديات نفسها، ولا المستوى نفسه من المعارضة لا من الدوائر الغربية المؤثرة ولا من الحكومات. لكن التحدي الحقيقي الذي يساهم في حرمان الشعب اليمني من إنهاء هذا الفصل المأساوي من الحرب للأسف؛ يكمن في صلب الشراكة الملتبسة بين دولتي التحالف السابقتين؛ السعودية والإمارات
أما اليوم فإن أي عمل عسكري قد يستهدف جماعة الحوثي لن يواجه التحديات نفسها، ولا المستوى نفسه من المعارضة لا من الدوائر الغربية المؤثرة ولا من الحكومات. لكن التحدي الحقيقي الذي يساهم في حرمان الشعب اليمني من إنهاء هذا الفصل المأساوي من الحرب للأسف؛ يكمن في صلب الشراكة الملتبسة بين دولتي التحالف السابقتين؛ السعودية والإمارات اللتين وصلتا إلى مفترق طرق حاد، ولم يعد يجمعهما سوى الإرث المشترك للحرب في اليمن والذي يتمثل في التواجد المادي العسكري والشركاء المحليين التابعين وخصوصا الجماعات المسلحة خارج وزارتي الدفاع والداخلية، وهي القوات التي تعيق استعادة الدولة اليمنية لعافيتها ونفوذها وسيادتها، وتحرف مسار المواجهة باتجاهات سيئة أكثرها سوءا القبول بالانقلاب الحوثي والدفع باليمن نحو التفكك.
لا شيء يقف أمام إنهاء الحرب في اليمن واستعادة السلام والاستقرار والتعافي الضروري لأكبر شعوب الجزيرة العربية سوى هذا التغول المأساوي على القرار السيادي اليمني، من جانب من أشقائنا الذين حملت مهمتهم العسكرية في بلدنا من 23 آذار/ مارس 2015 اسما يفيض بالنبل، هو "تحالف دعم الشرعية".
ومع ذلك ستظل الآمال معقودة على المملكة العربية السعودية، فهي الطرف الإقليمي الذي وضع السلطة الشرعية تحت نفوذه الكامل، في حين يفرض قدرُ الجغرافيا خيارَ التعايش الحتمي معها، هذا القدر الذي اتكأ خلال العقود الماضية على فائض قوة مالية وعسكرية لصالح السعودية، كان حصاده مرّا على البلدين، مما يحتم إعادة النظر في التعايش والشراكة والنظرة الحصيفة للمستقبل، مع الاتكاء على أساس متين من الشعور بالأخوّة والاحترام المتبادل والمصير المشترك.
x.com/yaseentamimi68
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه اليمن السعودية الحوثيين السعودية اليمن الحوثي سياسة سياسة سياسة صحافة سياسة سياسة صحافة اقتصاد سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الشعب الیمنی إنهاء الحرب فی الیمن
إقرأ أيضاً:
بالتزامن مع انشغال العالم بغزة.. مليشيا الحوثي تصعّد عسكرياً في جبهات اليمن وسقوط جرحى في مأرب
ردّت القوات الحكومية على مصادر نيران حوثية استهدفت مواقع عسكرية بهجوم مدفعي وصاروخي، ما أسفر عن إصابة عدد من الجنود في جبهة مأرب، شمال شرقي البلاد.
يأتي ذلك في ظل تصعيد واسع لمليشيا الحوثي الإرهابية في عدد من الجبهات اليمنية، تزامناً مع دخول الهدنة بين حماس وإسرائيل حيز التنفيذ في 19 يناير/ كانون الثاني المنصرم، وانشغال العالم بالتطورات.
وأكدت مصادر عسكرية ميدانية أن القوات الحكومية تعاملت الساعات الماضية، مع عمليات عدائية شنتها مليشيا الحوثي (المصنّفة على قائمة الإرهاب) خلال الساعات الماضية في قطاعات الكسارة والمشجح ومدغل.
وذكرت المصادر أن المليشيا المدعومة إيرانياً استخدمت المدفعية وصواريخ الكاتيوشا والقناصة، ما أدى إلى إصابة أربعة جنود من أفراد القوات الحكومية، قبل أن ترد الأخيرة على مصادر النيران وتتعامل معها وفق القواعد العسكرية.
وفي قطاع الفليحة، استهدفت القوات الحكومية آلية قتالية كانت تستخدمها المليشيا لاستهداف مواقع الجيش، ونجحت في إعطابها وإسكات مصادر النيران.
كما استهدفت في قطاع رغوان موقعاً للحوثيين رداً على عمليات عدائية، وكانت الإصابة دقيقة، وفقاً للمصادر، مشيرةً إلى أن الضربة أسفرت عن إصابة ثلاثة عناصر حوثية وتدمير مصدر النيران.
ومع دخول اتفاق غزة حيز التنفيذ، والذي أفضى إلى صفقة تبادل أسرى تتم على مدار أيام، ارتفعت وتيرة العمليات العسكرية الحوثية في مختلف الجبهات اليمنية، في استغلال واضح لانشغال المجتمع الدولي بغزة ومحاولة تحقيق مكاسب ميدانية محلياً.
في السياق، قال محللون عسكريون لوكالة "خبر" إن مليشيا الحوثي تتوقع تصعيداً أمريكياً عقب إصدار الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب قراراً بتصنيف الجماعة "منظمة إرهابية" على خلفية تصعيدها في البحر الأحمر.
وتحاول المليشيا استباق هذا التصعيد بعمليات عسكرية داخلية، حتى إذا شنت واشنطن أي عمليات عسكرية ضدها، زعمت أنها تأتي رداً على هذه العمليات الداخلية، في محاولة لكسب التعاطف الشعبي، الذي بات ورقة الرهان الوحيدة لديها، في ظل توقعات بتخلي إيران عنهم كما فعلت مع حزب الله في لبنان وبشار الأسد في سوريا.
ورجح المحللون تصعيداً حوثياً إضافياً خلال الأيام المقبلة، خصوصاً أن التقارير الميدانية تؤكد استمرار المليشيا في التحشيد الشعبي بمختلف القرى والعزل اليمنية، استعداداً لتفجير معركة واسعة.
وأشاروا إلى أن المليشيا الحوثية لا تضع في حساباتها أي تنازلات أو تفاهمات جادة للوصول إلى حل للأزمة التي تعيشها البلاد منذ انقلابها في 21 سبتمبر/ أيلول 2014، مما يفاقم معاناة قرابة 40 مليون يمني، بينهم أكثر من 5 ملايين نازح تم تهجيرهم من منازلهم بشكل مباشر أو غير مباشر.