جمعة: شُعَب الإيمان مدخل دقيق لفهم النفس الإنسانية
تاريخ النشر: 2nd, February 2025 GMT
أكد الدكتور علي جمعة، مفتي الجمهورية السابق وعضو هيئة كبار العلماء، أن الإيمان لا يقتصر على أركانه المعروفة، بل له شعب وخصال متعددة، مستدلًا بحديث النبي صلى الله عليه وسلم: "الإيمان بضع وسبعون -أو بضع وستون- شعبة، فأفضلها قول (لا إله إلا الله)، وأدناها إماطة الأذى عن الطريق، والحياء شعبة من الإيمان" [رواه مسلم].
أوضح جمعة أن العلماء اهتموا بجمع شُعَب الإيمان وتصنيفها، وكان من أبرزهم الإمام البيهقي، الذي ألف كتاب "الجامع لشعب الإيمان"، حيث استعرض فيه هذه الشعب بالتفصيل، مستندًا إلى نصوص النبي صلى الله عليه وسلم وأوامره وإرشاداته.
وأصبح هذا الكتاب مرجعًا أساسيًا في علم الحديث، حيث يُعد الأضخم من نوعه، إذ طُبع في نحو 15 مجلدًا، مقارنةً بكتاب الإمام الحليمي، الذي جاء في ثلاثة مجلدات فقط.
الإيمان وشُعَبه.. فهم أعمق للنفس البشريةأكد جمعة أن مفهوم "شُعب الإيمان" يعكس فهمًا عميقًا لطبيعة النفس البشرية، التي تتميز بتركيبها المعقد، مما يجعل وصف الإيمان بالشعب تعبيرًا دقيقًا، كما أن ترتيب هذه الشعب من الأعلى إلى الأدنى يحمل دلالة على أهميتها، حيث تأتي في مقدمتها "لا إله إلا الله"، باعتبارها القضية الجوهرية التي توجه فكر الإنسان وتؤثر في مواقفه الحياتية.
أثر الإيمان في حياة الإنسانأضاف جمعة أن الإيمان بالله والتصديق باليوم الآخر والتكليف الإلهي ينعكس بشكل مباشر على تصرفات المؤمن، مقارنةً بمن يغفل عن قضية الألوهية أو ينكرها. فالبعد عن الإيمان قد يؤدي بالبعض إلى الاستغراق في الدنيا ونسيان حقيقة الموت، مما يجعل الفرح لديهم مذمومًا، على عكس الفرح المحمود الذي ذكره الله في قوله: "إِنَّ اللَّهَ لاَ يُحِبُّ الفَرِحِينَ".
الإيمان بين الغيب والشهادةأوضح جمعة أن الإيمان الحقيقي يوازن بين التصديق بالغيب والواقع المشهود، مما يجعل الإنسان أكثر وعيًا بمسؤولياته في الدنيا، وأكثر استعدادًا للحياة الآخرة. وهذا الفهم العميق للإيمان هو ما يميز المؤمن في سلوكه وقراراته اليومية.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: جمعة الإيمان ش ع ب الإيمان النبي صلى الله عليه وسلم ب الإیمان جمعة أن
إقرأ أيضاً:
المحاضرات الرمضانية.. تزكية النفس ومواجهة التحديات الخارجية
يمانيون/ تقارير
في هذا الزمن الذي تلاطمت فيه أمواج الفتن واستحكمت فيه أهواء الأنفس وكثرت الشبهات وتعددت المشكلات والتحديات التي تواجهها الأمة جراء الحرب الشعواء التي يتبناها اللوبي الصهيوني، يطل السيد القائد عبدالملك بدرالدين الحوثي طوال أيام شهر رمضان المبارك بمحاضرات من هدي القرآن الكريم تُعطينا الطاقةَ اللازمةَ من التدبُّر والتفكُّر في آيات الله وآلائه، وفي العمل والأخذ بأوامر الله ونواهيه. فلا خلاص مما تعانيه الأمة، ولا أنس لنفس، ولا تحقيق لوعد، ولا أمن من عقاب، ولا ثبوت لمعتقد، ولا بقاء لذكر وأثر طيب إلا بأن تتجه الأمة اتجاهاً صحيحاً نحو ثقافة القرآن الكريم؛ فالرفعة والقيادة والكرامة والريادة والعزة والسيادة في هذه الحياة الدنيا وفي الآخرة إنما هي لحملة كتاب الله العاملين به.
ودشن السيد القائد المحاضرات الرمضانية، بكلمة ألقاها في جمع كبير من العلماء ومسؤولي الدولة تمحورت حول استقبال شهر رمضان المبارك وأهمية الاستعداد الذهني والنفسي له، واستشهد السيد القائد بسيرة النبي محمد صلى الله عليه وآله في التنبيه إلى فضل الشهر الكريم. وضرورة الاستفادة من بركات رمضان، لنيل المغفرة والرحمة ومضاعفة الأجر، وتهذيب النفس وتعزيز التقوى، بالإضافة إلى دور القرآن الكريم في توجيه الأمة وتعزيز الوعي والبصيرة.
شهر رمضان ليس شهر الخمول، بل هو شهر الجهاد والعمل، فقد كانت فيه معارك إسلامية كبرى مثل غزوة بدر وفتح مكة فيجب أن يكون الشهر محطة لتعزيز القوة المعنوية والاستعداد لمواجهة أعداء الأمة. وقد أشار السيد إلى دور رمضان التاريخي ففيه وقعت غزوة بدر الكبرى (يوم الفرقان) وفتح مكة، فرمضان منصة لمواجهة التحديات الداخلية والخارجية ولا بد من مواجهة الحرب الشيطانية التي تقودها الولايات المتحدة والعدو الإسرائيلي الذين يحاولون في نفس الوقت تفريغ الإسلام من مضمونه عبر الإفساد الفكري (التطبيع، القنوات الفتنوية) وعبر تحويل العبادات إلى طقوس شكلية.
وتضمنت الرسالة المركزية للسيد في التكامل بين العبادة والجهاد فرمضان ليس موسمًا للعبادة الفردية فحسب، بل فرصة لبناء القوة المعنوية (الإيمان، الصبر، الارتباط بالله) و تعزيز التضامن الإسلامي في مواجهة الأعداء. ولتحقيق ذلك لا بد من العودة إلى القرآن كمرجعية لحل المشكلات الفردية والجماعية. والربط بين التقوى الشخصية والمسؤولية الجماعية في إصلاح الواقع.
ومن هنا يمكن القول إن تحويل رمضان من شهرٍ للعبادة الروتينية إلى مشروع نهضوي متكامل، يجمع بين تزكية النفس ومواجهة التحديات الخارجية وإحياء دور الأمة كـ “خير أمة أُخرجت للناس” هي أبرز مضامين كلمة السيد القائد.
شهر الجهادكما تحدث السيد عن الأوضاع الراهنة، مع التركيز على قضايا الأمة الإسلامية، خصوصًا ما يتعلق بالقضية الفلسطينية، ومواجهة التحديات التي تفرضها القوى المعادية، مثل أمريكا و”إسرائيل”، مع اتخاذ موقف حازم بأن اليمن سيتدخل بشكل مباشر وفي مختلف المسارات إذا تنصل العدو الإسرائيلي عن الالتزام بالاتفاق، كما أكد السيد أن الجهوزية للتدخل لا تقتصر على غزة وحسب بل إنه يجري التحضير والاستعداد للتدخل إذا استمر العدوان الإسرائيلي على الضفة الغربية، وكذلك في لبنان.
وفي كلمة استقبال شهر رمضان أكد السيد القائد عبدالملك بدرالدين الحوثي وجوب الاستعداد والجهوزية واليقظة لأي مستوى من التطورات في الضفة يستدعي التحرك الشامل أو في غزة أو لبنان أو أي ساحة أخرى. مؤكدا أن كل الكيان الصهيوني بما فيه يافا سيكون تحت النار.
وأوضح السيد القائد أن ترامب تحدث بكل وقاحة عن تهجير أهل غزة وتملكها بكل العبارات الوقحة جدا وكان يريد مصادرة الاتفاق بكله وحدد يوم السبت في أحد الأسابيع التي قد مضت بأنه موعد نهائي لإخراج كل الأسرى الإسرائيليين وعندما لم يتم لترامب إخراج كل الأسرى الإسرائيليين في الموعد الذي حدد اتضح له أن المسألة ليست كما يريد وليس له أن يفرض ما يشاء. وأوضح أننا كنا جاهزين للتدخل العسكري إذا فتح ترامب حربا في يوم السبت الماضي فنحن أمام مستوى من الصلف والطغيان والعدوان والإجرام والوقاحة الأمريكية والإسرائيلية ويجب أن نكون دائما في حالة استعداد تام للتحرك في أي وقت يلزم فيه التحرك.
وشدد أهمية السعي على الدوام لتطوير قدراتنا والاستعداد بكل ما نحتاج فيه إلى استعداد في كل عناصر القوة وأضاف: علينا أن نكون جاهزين للتحرك بفاعلية وقوة في أي يوم أو وقت أو مرحلة تستدعي التدخل لمساندة الشعب الفلسطيني أو اللبناني أو أي شعب من شعوب أمتنا وعلينا أن نكون جاهزين لمواجهة أي عدوان على بلدنا.
وقال: نحن نراقب ونرصد باستمرار مجريات الوضع هناك ونلاحظ مدى تهرب العدو من الالتزام بالاتفاق بشكل كامل
الكيان تحت الناروأكد السيد عبدالملك بدرالدين الحوثي في (كلمة قصيرة) لتهنئة الأمة الإسلامية والعربية بمناسبة قدوم شهر رمضان المبارك، على ثبات موقفنا بنصرة الشعب الفلسطيني والفصائل مع المحاولات “الإسرائيلية” للتهرب من وقف إطلاق النار والمرحلة الثانية. مؤكدا أن عودة الحرب على غزة سيصاحبه عودة كل كيان العدو وفي المقدمة يافا المحتلة ليكون تحت النار وسنتدخل بالإسناد بمختلف المسارات العسكرية.
وجدد السيد التأكيد على ثبات موقفنا في مساندة حزب الله والشعب اللبناني مع استمرار العدو بالاعتداءات وعدم التزامه بالانسحاب التام واحتلاله مواقع في الأراضي اللبنانية. محذرا من استمرار العدو في الاحتلال والاعتداء. وأضاف: نقول لإخوتنا المجاهدين في فلسطين وفي لبنان لستم وحدكم فالله معكم ونحن معكم وننصح الصهاينة ومن يدور في فلكهم أن يصححوا نظرتهم الخاطئة فالتشييع التاريخي للسيد نصر الله والسيد صفي الدين يؤكد ثبات الشعب اللبناني على خيار المقاومة واحتضانه للمجاهدين وتعافي المقاومة.
الجهاد وضرورة تزكية النفوسوتطرق السيد إلى أهمية الاستعداد لشهر رمضان فالنبي محمد صلى الله عليه وآله كان يلفت الأنظار إلى شهر رمضان قبل قدومه، ويحث على اغتنامه كفرصة للتقرب إلى الله فهناك فرق كبير بين من يدخل رمضان بوعي واستعداد، وبين من يدخله بروتينية ودون اهتمام، فشهر رمضان له فضل كبير فهو فرصة لمضاعفة الأجور، وزيادة القرب من الله، وتحقيق تزكية النفس وشهر رمضان هو شهر مبارك فيه ليلة القدر، وهي خير من ألف شهر وفيه يُفتح باب الرحمة والمغفرة، وتتنزل البركات. كما أن صيام رمضان يساعد على ضبط النفس وقوة الإرادة، والتغلب على الشهوات والغرائز ويزيد من الشعور بالمسؤولية تجاه الفقراء والمحتاجين ويعزز التقوى، حيث قال الله: {لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ}.
وفيما يتعلق بالعلاقة بين رمضان والقرآن فرمضان هو شهر نزول القرآن، لذا يجب استغلاله في التدبر وقراءة القرآن والالتزام به فالقرآن هو مصدر الهداية والوعي للأمة، وفيه حلول لكل التحديات التي تواجه المسلمين.
وشدد السيد على ضرورة تجنب إضاعة الوقت في اللهو والتسلية، مثل متابعة المسلسلات والبرامج غير المفيدة مع الحذر من قرناء السوء الذين يضيعون أوقات الناس فيما لا ينفع وتجنب المعاصي، مثل الغيبة، والنظر الحرام، والكلام السيئ، لأنها تُحبط ثواب الصيام.
وركّز السيد على أهمية الإقبال على الله بالتوبة والاستغفار والالتزام بالفرائض والحرص على الصلوات والاهتمام بتلاوة القرآن والتدبر فيه والإكثار من الذكر والدعاء، واستغلال أوقات الاستجابة والإحسان إلى الفقراء والمساكين، وإخراج الزكاة وإحياء المساجد بالصلاة والذكر والعبادة.
التقوى وأهميتها في ميدان الصراع
بعد أن تحدث السيد القائد عن أهمية شهر رمضان كمدرسة متكاملة يمكن الاستفادة منها في مواجهة الأخطار والتحديات عن طريق الخروج من الروتين إلى تحويل الصيام لمفاهيم عملية تبني الإنسان بشكل صحيح ليتحرك وفق ذلك لبناء الأمة، فإن السيد القائد بدأ محاضراته الرمضانية بالحديث عن التقوى كونها المعيار التي من خلاله نتقي سخط الله والعقوبة في الدنيا والآخرة، لأننا أمام تحديات كبيرة والتخاذل في هذه المرحلة له تبعات على حياتنا في الدنيا وتعبات على مصيرنا في الآخرة.
وحتى يكون الإنسان جدير بأن يسير على منهج الله لا بد له من تطبيق العديد من التعليمات التي من أهمها التقوى والتي تعني الالتزام بأوامر الله واجتناب نواهيه، وهي الهدف الرئيسي من فريضة الصيام في رمضان ، كما جاء في قوله تعالى: {لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} (البقرة: 183).
وهناك ثمار للتقوى فقد وَعَدَ الله المتقين بالجنة والنعيم الأبدي، كما في آيات: {أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ} ، و{تِلْكَ الْجَنَّةُ الَّتِي نُورِثُ مِنْ عِبَادِنَا مَنْ كَانَ تَقِيًّا} و في الدنيا، يمنح الله المتقين التيسير والرزق من حيث لا يحتسبون، كما في قوله تعالى {وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ}.
والتقوى ليست مجرد اجتناب المحظورات، بل هي إدراكٌ دائم لرقابة الله، يعكس علاقةً قوية بين العبد وربه. هذا الوعي يُحوِّل الأفعال اليومية إلى عبادة، ويجعل المسلم يُحاسِب نفسه قبل أن يُحاسَب، كما في قوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا} (النساء: 1).
المحاضرة تُلمح إلى مفارقة عظيمة، الالتزام بالتقوى ليس قيدًا، بل تحررًا من عبودية الشهوات والغضب والخوف. فالمتقون الأولى بالفوز في الدنيا والآخرة لأنهم تحرروا من سطوة الأنا. كما أن التزام التقوى للفرد ليست منفصلة عن تقوى الجماعة. فإهمال الواجبات الاجتماعية (كالجهاد) هو نقص في التقوى، كما أن التهاون بالمعاصي يُضعف نسيج الأمة. والخلاصة فإن التقوى — في جوهرها — هي فن العيش بوعي، حيث تصبح كل لحظة فرصةً للقاء الله في العمل والنية. وهي ليست شعارًا يُرفع في رمضان، بل مشروعٌ وجودي يُبنى يوميًا، يجمع بين خشية القلب وحركة الجوارح، بين الفرد والأمة، بين الدنيا والآخرة.
نقلا عن موقع أنصار الله