يمر أناس من خلال ممرات الحياة العديدة ولا يتركون أثراً موضع لا أقدامهم، وهناك آخرون أينما وضعوا أقدامهم يتركون أثراً جميلاً قبيل عدة أيام، رافقت ابنتي إلى أحد الصالونات النسائية، ومن واقع تجاربي غير القليلة بهذا الصدد، فقد رأيت الكثير من صنوف البشر ممن يعملن بتلك الأماكن أو غيرها. أحيانًا يصنفون بصفات التعالي غير المبرر والبرستيج العالي والمبالغ فيه، سواء في طريقة الكلام أو الردود المقتضبة عند السؤال عن الخدمات أو خلاف ذلك، إلا من رحم ربي.
خلال زيارتي لذلك الصالون، رأيت شيئًا مغايرًا عن كل ما كنت أراه سابقًا في بعض الصالونات.
حين وصولي للصالون، وبعدما طلبت ابنتي الخدمة التي أرادتها، جلست في بهو الصالون أنتظرها. وأثناء ذلك، دخلت شخصية مهذبة للغاية، ألقت التحية بأدب بالغ. رفعت رأسي لأرد التحية، ووجدت أنها الأستاذة سنا بن سعد، وهي ميك أب أرتست مهنية رائعة أعرفها منذ سنوات. شخصية محترمة وفوق كل ذلك وقبله إنسانة ذات خُلُق رفيع، أسعدني القدر بلقائها مرة أخرى.
تميزت بالالتزام والطيبة والتواضع الجم والوجه البشوش والقلب الأبيض. لا أتذكرها إلا مبتسمة، بشوشة، بهية الطلعة. نموذج لا يختلف على أخلاقها العالية وسمتها الطيبة وسلوكها المتحضر في حسن المعاملة مع الجميع وبدون استثناء. تعاملاتها مع الجميع تتسم بمنتهى الأريحية. إنها شخصية ثرية، ولها من الثروة الأخلاقية ما يؤهلها للسبق في حال المنافسة في ماراثون الأخلاق الحسنة والسمت الطيب بلا شك.
هناك أشخاص يمرون في هذه الحياة، فيتبع مرورهم عطرٌ لا يمكن تجاهله. فهو عطر فواح بكل طيب وجميل، ووقع أقدامهم لا يُنبت إلا خيرًا. فالأصل دائمًا يغلب على صاحبه، مهما تغيرت وتشكلت الظروف، لكن يبقى الأصل الطيب هو المرجعية التي تصب فيها كل المعاملات.
فإذا فتشت في قواميس الأخلاق العالية والأصل الطيب، فستجد هذا الشخص حاضرًا وبقوة.
من الملاحظ، ومع الانتشار الكبير لصالونات التجميل، بات نجاحها مرتبطًا مباشرة بنجاح مديرة الصالون. إذ لا بد أن تكون ذات مهارات عالية، وفريق عمل مؤهل وقادر على تقديم الخدمات للزبائن بمستوى رفيع يرضيهم، فيغادرون وهم عاقدون النية على العودة لتلقي الخدمات من جديد مع أقربائهم وذلك ما حققته سناء.
. فهي دقيقة للغاية وحريصة على إرضاء زبائنها بشكل كبير تحرص على التواصل الدائم، ووفية جدًا بتنفيذ الوعود التي تقطعها لزبائنها. كما تسعى دائمًا إلى تطوير نفسها ومهاراتها بما يؤهلها لقيادة وإدارة الصالون بالطريقة التي تضمن راحة الموظفات في المقام الأول، وتقديم خدمات ذات جودة عالية للزبائن، بما يتوافق مع احتياجاتهم.
الخلق الحسن ليس فقط قيمة دينية أو اجتماعية، بل هو أيضًا مفتاح للنجاح والسعادة في الدنيا والآخرة.
الإنسان الذي يملك لسانًا طيبًا عذبًا، وصدقًا، وإخلاصًا، وتعاملاً إيجابيًا، وصبرًا، وسماحة، وسمعة طيبة، وأمانة، وحرصًا على حق الغير،لا بد أن يحترمه الناس، ويُظهرون له التقدير والإجلال، والثقة والمودة.
للأخلاق الحسنة جاذبية هائلة تجتذب النفوس إليها، فيبقى لها في القلوب عبقٌ لا يُنسى. وكلما فاح عبير أخلاق المرء، زادت مكانته في قلوب من يتعامل معهم..
“ففي سعة الأخلاق كنوز الأرزاق” هذه حقيقة لا تُنكَر، الأرزاق، وإن كان تقديرها بيد الله تعالى، يوسِّعها على من يشاء، ويضيِّقها على من يشاء. فإن الله تعالى جعل السعي سببًا من أسباب سعة الرزق، كما جعل الأخلاق الحسنة سببًا آخر لذلك..
الأخلاق رزقٌ من أرزاق الله أيضًا، يرزقها الله لمن يسعى إليها. ولن يصل أحدنا إلى ما يؤمِّله إلا بخلق حسن. وهو أفضل ما ندخل به قلوب الناس من أبوابها الواسعة. وهذا ما تشهد به التجربة، فإن كل إنسان يجد كيف ينجذب الناس إليه حين يُحسن التعامل معهم، فيرتاحون إليه ويرتاح إليهم. فتتوطد علاقاتهم به، ويتعاملون معه واثقين من صدقه وإخلاصه وإرادته الخير لهم ..
شكرا لك سناء وإليك مع التحية.
المصدر: صحيفة صدى
إقرأ أيضاً:
بأيِّ حالٍ أقبلتَ يا رمضان ؟ استطلاع عن أحوال الناس في لحج
لحج / انسام عبدالله:
كونها تضم أكبر المحال التجارية، والأسواق العامرة والمرافق الخدمية العامة..التي يتوافد إليها غالبية الناس من مختلف قرى ومديريات المحافظة ..تستقبل مديرية الحوطة عاصمة محافظة لحج يوميا مختلف الزوار بغرض التبضع والإستفادة من خدمات مرافقها الحكومية والخاصة بشكلٍ عام .
إذ تم رصد بعض آراء الناس بقصد تلمس أحوالهم عن قرب..بعد كم التدهور الإقتصادي المتسارع في الآونة الأخيرة، لا سيما فيما يخص قدرتهم الشرائية كونها الإنعكاس الأول والمباشر والقابل للتأثر بتراجع العملة المحلية الكبير أمام الدولار .
ولعلّ الناس قد اعتادت في مثل هذه الأيام من شهر شعبان المبارك في كل عام على الإستعداد لاستقبال شهر رمضان المبارك بشراء حاجيات المطبخ الرمضاني الخاصة، والتي تُعدُّ أحد أبرز مظاهر الإحتفاء بقدوم الشهر الكريم . حيث يميلون إلى شراء بعض المواد الغذائية الخاصة بصناعة ” الحلويات ” و ” الشوربات” ومختلف الأطعمة التي يتميز بها رمضان المبارك .
حيث لوحظ الإرتفاع ” المهول ” في أسعار هذه المواد الغذائية وبشكل لا يُطاق !
فعلى سبيل المثال تجاوز سعر “القصعة الدانو ” حاجز ال 42000 ! كما وصل سعر قارورة شراب ال ” أورنچ ” إلى ما يقارب ال 15000 ريال ..عدا عن باقي المواد الأساسية المفروغ منها ” فرضا ” كالأرز والدقيق والسكر والزيت ..والتي تعاظمت أسعارها مع وصول سعر الألف السعودي لحاجز ال 580000 ريال ……!!
حالة من الإنهاك الشديدة بدت على من تم أخذ آراءهم من قبلي ..حيث لم يعد لديهم حتى القدرة على إبداء السخط ! ومن حاول إبداء شيء من الإستنكار خنقتهُ “مرارة التعبير ” وصدقا سمعتُ بضعُ غصّاتٍ دامعة حاولوا إخفاءها دون جدوى ..حين بدت جليّة في حشرجة أصواتهم المنطفئة !!
لكم أن تتخيلوا أيها “المتربعون ” على عروش الحكمِ كلا في مكانه ..أن هذا الشعب المسكين ..ينتظرُ هذا الشهر العظيم كلّ عامٍ كي يغتسل من أدران ضغوطات عامٍ كامل ..سببتها سوء إدارتكم للبلاد ..وتخيلوا أنهم لا يجدون ما يشفع لهم عند أطفالهم على الأقل للإحتفاء بقدومه ..إذ أن أكلات رمضان البسيطة هذه وبعضُ ملابس رخيصة يشترونها لأبنائهم كانت تشكل ” رفاهية ما بعدها رفاهية ” قد حُرموها هذا العام المُثقل بالخيبات الإقتصادية والوطنية …
وهنا استوقفتني كلمة أحد المتحدثين وكان معلما..حيث عبر قائلا : ” إنّ رمضان شهرُ عبادة وصوم وتقرب إلى الله لكن الرواتب منقطعة والمدارس معطّلة والوضع الإقتصادي صعب جدا ” ..عندها لم أستطع مناقشتهُ واكتفيتُ ب ” شكرا أستاذ ” .
لم أشأ أن أقول لهُ أن الإيمان لا يقتضي الشقاء .. و أنّ الإحسانَ والعدلَ عبادتان أيضا ..
وهنا لا أوجه كلامي لأي مسؤول كي أطلب منه الرأفة بحال الناس ! فهم ليسوا تجارا ذوو أموال خاصة ..بل موظفين مثلنا ولكنهم ” طاشت يدهم في الصحفة حتى وصلنا لما وصلنا إليه ” ..
لكني أوجه كلامي إلى التجار الفعليين وأصحاب رؤوس الأموال ..عند توزيع زكاتهم وصدقاتهم ..أقول ..ارحموا هذا الشعب الذي تقطعت به سبل العيش حتى غدا لا يقوى على الكلام ..واعلموا أن التجارة مع الله أكثر مردودا في دنياكم وأخراكم ..
كذا لخطبائنا الأجلّاء .. كونوا أنتم الموجه في زمان ضاعت فيه البوصلة ..واخرجوا من دائرة إلقاء اللوم على الضحية ” الشعب ” فقط .. ! ذكرونا جميعا بحقوقنا وواجباتنا ..ووجهوا الخيّرين لمكامن الخير الحقيقية ..فالشعب كله يرزح تحت وطأة التجويع ..وخصوصا ” المعلمين ” الأكارم ..
وختاما لمن كتب الله له عمرا إلى رمضان المبارك أقول .. تقبّل الله طاعاتكم وأعانكم على هذه البلاد ومن يلونها .