الجزيرة:
2025-02-02@19:53:54 GMT

حزب الله وإسرائيل.. محفزات المواجهة ومثبطاتها

تاريخ النشر: 21st, August 2023 GMT

حزب الله وإسرائيل.. محفزات المواجهة ومثبطاتها

تبادلت إسرائيل وحزب الله مؤخرا التصعيد اللفظي في أعقاب سلسلة من التوترات التي نشبت بين الجانبين على الحدود، فقد هدد وزير الحرب الإسرائيلي يوآف غالانت بإعادة الدولة اللبنانية إلى "العصر الحجري" في حال باغت حزب الله إسرائيل بعمل عسكري، وهو ما استدعى أن يرد أمين عام حزب الله حسن نصر الله بتهديد مماثل.

وقد جاءت التهديدات المتبادلة إثر ما اعتبرته تل أبيب سلسلة من "الاستفزازات" أقدم عليها حزب الله، تمثلت في نصب خيام لمقاتليه داخل منطقة "مزارع شبعا، التي تدعي إسرائيل أنها جزء لا يتجزأ من أرضها "السيادية"، في حين يعدها اللبنانيون أرضا محتلة.

ويدعي جيش الاحتلال أن "استفزازات" حزب الله باتت تشمل تسيير دوريات لمقاتليه على تخوم المستوطنات اليهودية التي تقع على الحدود، بشكل غير مسبوق، فضلا عن السماح للمواطنين اللبنانيين بالاشتباك مع قوات الاحتلال التي تعكف على تدشين تحصينات هندسية على الحدود.

كما تحمل إسرائيل حزب الله المسؤولية عن إطلاق عشرات الصواريخ من جنوب لبنان إلى مستوطنات شمال فلسطين، حتى لو كانت منظمات فلسطينية تقف وراء هذا الإطلاق، على اعتبار أن أي تنظيم فلسطيني ليس بوسعه الإقدام على ذلك دون الحصول على الضوء الأخضر من الحزب.

ويزعم الإسرائيليون أن حزب الله يقف خلف عملية التفجير التي وقعت قبل 6 أشهر بالقرب من مفترق "مجيدو"، شمال إسرائيل التي نفذها شخص تسلل من لبنان وقتلته قوات الاحتلال أثناء محاولته العودة إلى الحدود. وتحاجج إسرائيل بأن حزب الله وقف قبل عام ونصف خلف إطلاق عدة مسيّرات انتحارية صوب منصات استخراج الغاز الإسرائيلية في حوض المتوسط، حيث أسقطها سلاح الجو الإسرائيلي قبل بلوغها الهدف.

لا رغبة إسرائيلية في التصعيد

لكن التهديدات التي أطلقها غالانت لا تعبر -في الحقيقة- عن رغبة أو مصلحة إسرائيلية في التصعيد ضد حزب الله. فقد جاءت بالأساس لردع حزب الله عن الإقدام على عمل عسكري ضد إسرائيل، بعد أن لاحظ جيش الاحتلال انتشار عناصر وحدة "الرضوان" التي تمثل قوات النخبة لدى حزب الله على طول الحدود، بعد أن أجروا مناورة عسكرية تم توثيقها إعلاميا.

وتجاهر النخبة العسكرية الإسرائيلية بالتخوف من أن يستخدم حزب الله وحدة "الرضوان" في تنفيذ عملية توغل بري مباغتة يسيطر في إطارها على مستوطنات في شمال إسرائيل ضمن عملية عسكرية واسعة.

في الوقت ذاته، تقر تل أبيب أن تهديدات غالانت، تأتي لمحاولة إقناع حزب الله بألا يستخلص استنتاجات "خاطئة" بأن الوقت المناسب لمهاجمة إسرائيل، ولا سيما في أعقاب إقرار جيش الاحتلال بتراجع كفاءته بسبب تعاظم مظاهر رفض الخدمة العسكرية في أوساط قوات الاحتياط احتجاجا على التعديلات القضائية.

كما تقف اعتبارات داخلية أيضا خلف تهديدات غالانت، حيث تشعر حكومة بنيامين نتنياهو بحرج شديد إزاء الانتقادات الواسعة من المعارضة والنخبة الإعلامية في تل أبيب التي تحملها مسؤولية تهاوي قوة الردع الإسرائيلية بسبب مواصلتها غض الطرف عن "استفزازات" حزب الله وعدم الرد عليها.

رغم أن الطرفين لا يرغبان في مواجهة شاملة، فإن تعقيد الحسابات الداخلية لهما، وقراءة أحدهما سلوك الآخر بشكل خاطئ قد يورطهما في هذه المواجهة

وتشير كل الدلائل إلى أن إسرائيل تحاول احتواء ما تعتبره استفزازات حزب الله وتتجنب خوض مسار يفضي إلى اندلاع مواجهة عسكرية معه خشية الضرر غير المسبوق الذي سيلحق بجبهتها الداخلية وعمقها المدني بسبب طابع الترسانة الصاروخية التي يحوزها الحزب، كما يقدر الجيش الإسرائيلي.

وحسب التقديرات الإسرائيلية، فإن ترسانة حزب الله الصاروخية تمتاز بأربع سمات أساسية. فالحزب يحوز عددا ضخما من الصواريخ نسبيا، يصل حسب تقديرات جيش الاحتلال إلى 200 ألف صاروخ، وهو ما يمنحه القدرة على إطلاق 6 آلاف صاروخ في اليوم الأول من الحرب. فضلا عن أن الكثير من هذه الصواريخ ذات مدى بعيد، يمكّنها من ضرب أية بقعة داخل إسرائيل. كما أن عددا كبيرا منها يحمل رؤوسا متفجرة ثقيلة، قادرة على إلحاق ضرر بالغ في العمق الداخلي الإسرائيلي.

لكن أخطر سمات ترسانة حزب الله الصاروخية، حسب التقدير الإسرائيلي، تكمن في حقيقة أن عددا غير قليل منها ذو دقة إصابة عالية، يسمح بتوجيهها لضرب أهداف بعينها، وهذا ما يتيح للحزب استهداف مرافق وبنًى عسكرية ومدنية ذات قيمة إستراتيجية.

هذه النوعية الأخيرة من الصواريخ قادرة على تقليص الكفاءة القتالية لسلاح الجو الإسرائيلي من خلال ضرب القواعد الجوية ومنظومات التحكم والسيطرة التابعة له، فضلا عن استهداف مرافق مدنية حيوية، مثل: منصات استخراج الغاز، محطات تحلية المياه، محطات توليد الكهرباء، ومؤسسات سيادية ذات قيمة رمزية، مثل مبنى وزارة الحرب في تل أبيب.

ونظرا إلى أن الكثير من صواريخ حزب الله تجمع بين المدى الطويل والرأس المتفجر الثقيل فإن قدرة منظومات الدفاع الجوي على اعتراضها ستكون متدنية، مما يقلص من قدرة هذه المنظومات على تأمين العمق الإسرائيلي.

في الوقت ذاته، فإن دوائر صنع القرار في تل أبيب تعي أن الظروف الداخلية التي تمر بها إسرائيل تقلص من قدرتها على تحمل تبعات مواجهة شاملة مع حزب الله. فتعاظم الاستقطاب السياسي والتشظي المجتمعي نتاجَ الانقسام الذي فجرته خطة التعديلات القضائية بات يؤثر على قدرة إسرائيل على تحمل تبعات مواجهة عسكرية مع طرف خارجي.

فتآكل الشرعية الداخلية الذي تعاني منه حكومة نتنياهو في أعقاب رفض قطاعات واسعة من الجمهور الإسرائيلي للتعديلات القضائية يجعل من خوض مواجهة عسكرية مخاطرة كبيرة، ولا سيما في حال لم يتمكن الجيش من تحقيق حسم عسكري واضح فيها.

ونظرا لإقرار قيادات الجيش الإسرائيلي علنا بتراجع الكفاءة والجاهزية العسكرية بعد عزوف قطاعات واسعة من قوات الاحتياط عن الخدمة العسكرية فإن فرص الفشل في تحقيق الأهداف العسكرية في هذه المواجهة ستكون كبيرة.

وقد حذر غيورا آيلاند، الذي شغل في السابق منصب رئيس مجلس الأمن القومي السابق وقائد شعبة العمليات في الجيش الإسرائيلي أواخر الأسبوع الماضي، من أن يفضي اندلاع مواجهة عسكرية كبيرة في ظل تراجع كفاءة الجيش وجاهزيته للحرب إلى تهديد وجود إسرائيل ذاتها.

ويخشى نتنياهو وغالانت أن يفضي الفشل العسكري إلى تشكيل لجان للتحقيق في أسبابه تنتهي إلى تحميلهما مسؤوليته وتسدل الستار على مستقبلهما السياسي.

حسابات حزب الله

وفي المقابل، فإن نمط سلوك حزب الله على طول الحدود لا يشي بالضرورة برغبة في اندلاع مواجهة شاملة مع إسرائيل. فنشاطاته العسكرية تعكس رغبة في تصعيد "محدود وحذر" يرمي إلى تأكيد حقوق لبنان في "مزارع شبعا"، ويحسّن من مكانة الحزب الداخلية والإقليمية عبر إبراز دوره في تآكل قوة الردع الإسرائيلية.

وسيمثل شروع لبنان في التنقيب عن الغاز في المياه الاقتصادية التي منحها إياها اتفاق ترسيم الحدود البحرية مع إسرائيل، ورقة ضغط على حزب الله، الذي سيخشى تحميله مسؤولية حرمان لبنان من موارد الطاقة في حال استهدفت إسرائيل حقول الغاز اللبنانية في إطار أية مواجهة مستقبلية معه.

لكن، رغم أن الطرفين لا يرغبان في مواجهة شاملة، فإن تعقيد الحسابات الداخلية لهما، وقراءة أحدهما سلوك الآخر بشكل خاطئ قد يورطهما في هذه المواجهة. فما يعده حزب الله تصعيدا محدودا، يمكن أن يدفع نتنياهو -المأزوم داخليا- إلى الرد بقوة تحت ضغط اتهام المعارضة له بالتقصير والتفريط في قوة الردع الإسرائيلية، ويحدث عندئذ ما يحذر منه الطرفان.

aj-logo

aj-logo

aj-logoمن نحناعرض المزيدمن نحنالأحكام والشروطسياسة الخصوصيةسياسة ملفات تعريف الارتباطتفضيلات ملفات تعريف الارتباطخريطة الموقعتواصل معنااعرض المزيدتواصل معناأعلن معناوظائف شاغرةترددات البثبيانات صحفيةشبكتنااعرض المزيدمركز الجزيرة للدراساتمعهد الجزيرة للإعلامتعلم العربيةمركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسانقنواتنااعرض المزيدالجزيرة الإخباريةالجزيرة الإنجليزيالجزيرة مباشرالجزيرة الوثائقيةالجزيرة البلقانعربي AJ+

تابع الجزيرة نت على:

facebooktwitteryoutubeinstagram-colored-outlinerssجميع الحقوق محفوظة © 2023 شبكة الجزيرة الاعلامية

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: مواجهة عسکریة جیش الاحتلال حزب الله تل أبیب

إقرأ أيضاً:

قتيلان بغارات إسرائيلية على البقاع شرقي لبنان

اعترف الجيش الإسرائيلي اليوم الجمعة بأنه ضرب الليلة الماضية مواقع في سهل البقاع شرقي لبنان قائلا إنها أهداف لحزب الله، مما يعد خرقا لاتفاق وقف إطلاق النار الساري منذ نهاية نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، وأفادت وزارة الصحة اللبنانية بأن الغارات أدت إلى مقتل شخصين وإصابة 10 آخرين.

وقال الجيش الإسرائيلي -في بيان- إن طائراته ضربت "أهدافا لحزب الله في البقاع كانت تشكل تهديدا"، مؤكدا التزامه باتفاق وقف إطلاق النار.

وأوضح البيان أن بين المواقع المستهدفة "بنية تحتية تحت الأرض تستخدم لتطوير وصناعة أسلحة" ومنشآت "على الحدود السورية اللبنانية يستخدمها حزب الله لتهريب الأسلحة إلى لبنان".

وأضاف أنه اعترض أمس الخميس مسيّرة أطلقها حزب الله أثناء توجهها نحو إسرائيل، معتبرا أن ذلك انتهاك للتفاهمات مع لبنان.

وأكدت وزارة الصحة اللبنانية أن الغارات الإسرائيلية في محيط بلدة جنتا بالبقاع قرب الحدود السورية أسفرت عن مقتل شخصين وإصابة 10 آخرين.

من جانبها، أفادت وكالة الأنباء اللبنانية بأن الطائرات الإسرائيلية أغارت عند الثالثة من بعد منتصف الليل بالتوقيت المحلي على السلسلة الشرقية في البقاع.

وأوضحت الوكالة أن الطائرات الإسرائيلية شنت غارتين على منطقة وادي خالد في عكار، الغارة الأولى استهدفت شاحنة محملة ببطاريات وخردة بمنطقة الواويات، والأخرى استهدفت معبر جب الورد.

آثار قصف الاحتلال على شاحنة عند معبر وادي الواويات في منطقة وادي خالد على الحدود السورية اللبنانية فجر اليوم#Thread #Syria #Iran #IRGC #Israel #Lebanon #Hezbollah #IDF #USA #Yemen #Iraq #France #Russia #Trump #Russia #Turkey #UAE pic.twitter.com/TPoiboNZr5

— TRIPOLI PRESS /صحافة طرابلس???????? (@tripolipresslb) January 31, 2025

إعلان استمرار الخروقات

وأمس الخميس، ارتكب الجيش الإسرائيلي 15 خرقا لوقف إطلاق النار في لبنان، ليرتفع الإجمالي منذ بدء سريان الاتفاق قبل 66 يوما إلى 823 خرقا.

وحسب أخبار متفرقة نشرتها وكالة الأنباء اللبنانية، تركزت الخروقات الإسرائيلية للاتفاق في أقضية مرجعيون وبنت جبيل وحاصبيا بمحافظة النبطية (جنوب)، وقضاء صور في محافظة الجنوب.

وشملت الخروقات هجمات بمسيّرات وعمليات تفجير وتجريف لمنازل ومبانٍ، وإطلاق قذائف مدفعية وقنابل مضيئة وصاروخ اعتراضي، وتمشيطا بأسلحة رشاشة، وإحراق مزرعة للدواجن.

وحتى اليوم، خلفت خروقات الجيش الإسرائيلي للاتفاق 64 قتيلا و253 جريحا، وفق إحصاء لوكالة الأناضول استنادا إلى بيانات رسمية لبنانية.

مقالات مشابهة

  • ‏حماس تطالب الوسطاء بإلزام إسرائيل بإدخال مواد الإغاثة التي نص عليها اتفاق غزة ووقف الانتهاكات
  • الجنوب يضخّ الدم في حزب الله
  • التشكيل المتوقع لمواجهة آرسنال ضد مانشستر سيتي في البريميرليج
  • واشنطن بوست: إسرائيل تبني قواعد عسكرية في المنطقة منزوعة السلاح على الحدود السورية
  • حازم عمر: صفقة الهدنة الحالية بغزة تطبيق حرفي لوثيقة مايو 2024 التي رفضتها إسرائيل
  • آيت نوري يصاب في مواجهة الولفز و أستون فيلا
  • ملكة جمال تتولى وساطة بين لبنان وإسرائيل خلفاً لهوكشتاين!
  • جوارديولا: مواجهة ريال مدريد أصبحت ديربي.. وهذا سبب التعاقد مع مرموش
  • أبرز المساجد والكنائس التي دمرها العدوان الإسرائيلي على غزة
  • قتيلان بغارات إسرائيلية على البقاع شرقي لبنان