تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

شارك فيلم جهنمية في مهرجان مينا السينمائي بكندا، وحظى على اهتمام كبير من النقاد بسبب ما يحمله الفيلم من جرأة وحس فني، حيث يقتحم أحلك لحظات الثورة السودانية وأكثرها تأثيرًا على مستقبل البلاد.  تدور أحداثه في الأيام الأخيرة قبل سقوط عمر البشير، حين تُعتقل شامة وهي في طريقها لمظاهرة، لتجد نفسها في زنزانة ضيقة ومعتمة، مع أربع نساء أخريات، يقبعن منذ شهور.

تعاني معهن قسوة ظروف الاعتقال وصلف السجانات، ثم تنضم إلى الزنزانة فتاة مصدومة وذاهلة ولا تتكلم، لتضيق الزنزانة أكثر ويثقل الوقت أكثر، على النساء الست. ويُحرمن من ضوء الشمس والهواء النقي، ويعم اليأس كل ركن من أركان الزنزانة.

يقول المخرج ياسر فائز متحدثًا عن الفيلم  يستمد فيلم جهنمية اسمه من زهرة قوية نابضة بالحياة تزدهر حتى في البيئات القاسية، وترمز إلى الروح التي لا تقهر للمرأة السودانية. في جوهره، الفيلم عبارة عن انعكاس مؤثر لدورها في الثورة السودانية عام 2018. لم تكن النساء مجرد مشاركات بل كن قائدات للانتفاضة، وجسدن صرخة الحشد من أجل الحرية والسلام والعدالة. 

وأضاف: "إن الدور الاستثنائي للمرأة السودانية في الحياة العامة والنضال السياسي في السودان، والذي وصل إلى ذروته خلال ثورة ديسمبر 2018، هو القوة الدافعة وراء هذا الفيلم. وللتعمق في السجن السياسي لهؤلاء النساء، أجريت مقابلات مع العديد من المعتقلات السابقات، بهدف تسليط الضوء على الجوانب العاطفية والصارمة والشاقة لتجاربهن".

داخل الزنازين، أصبحت هذه النساء نموذجًا للتضامن والمساندة. رغم قسوة الظروف وقيود الحرمان، نجحن في بناء روابط أخوية متينة، تشكلت من المعاناة المشتركة والأمل في غد أفضل. تتشاركن أحلامهن، ويساندن بعضهن نفسيًا وعاطفيًا، ويبدعن في خلق بيئة داعمة داخل الجدران الضيقة ويتمثل ذلك في مشهد الاحتفال بعرس إحداهن من خلال الحنة والرقص.

في أحلك الأوقات تتحرر دواخلهن من مخاوفها وأحزانها وأحلامها، فيمتلكن المكان عفويًا، بينما تجد شامة العزاء في أحلام غامضة لحبيبها، ويبدأن معًا في ابتكار طرق مقاومة تعيد إليهن ثقتهن في أنفسهن لتتصاعد المواجهة بين إرادتهن وبين قهر الاعتقال، حتى لحظة انتصار الثورة.

قصتهن ليست فقط عن الألم بل عن الأمل، عن قدرة الإنسان على مقاومة الظلم، وعن روح الجماعة التي تحول المحنة إلى منبع للقوة. هؤلاء النساء يثبتن أن الحرية ليست مجرد مكان خارج الأسوار، بل هي حالة عقلية وروحية يمكن الحفاظ عليها حتى في أحلك الظروف.

المصدر: البوابة نيوز

كلمات دلالية: عمر البشير

إقرأ أيضاً:

التوزيع الوظيفي.. بين الواقع والاعتبارات الإنسانية

 

عباس المسكري

مهنة التعليم والتمريض ليست مجرد وظائف، بل هي رسائل حياة تُكتب بأيدي أولئك الذين يكرسون أرواحهم لخدمة الآخرين، إنهم المعلمون والممرضون الذين يقفون في الصفوف الأمامية، ليزرعوا الأمل في عيون الأجيال ويهدوا العناية لمن هم في أمس الحاجة إليها.

وهذه المهن تتجاوز كونها وظائف يومية، فهي لبنة أساسية في بناء المجتمعات؛ فالعقول تُصاغ والكفاءات تُبنى على أيدي هؤلاء الأبطال الذين يضعون علمهم وحبهم في خدمة الإنسان، ومع ذلك، لا بد من أن يُحاط هؤلاء الكوادر بالعناية والدعم، بدءًا من لحظة تعيينهم، ليحظوا بالاستقرار النفسي والإجتماعي الذي يعزز قدرتهم على العطاء المتواصل، فتُثمر جهودهم وتظل بصماتهم حاضرة في كل زاوية من زوايا المجتمع.

في قلب كل قرار إداري، هناك إنسانٌ يعيش تحديات قد تكون أكبر من مجرد إنتقال جغرافي، في واقع الحال، يُعيّن العديد من المعلمين والممرضين في أماكن نائية، على بُعد مئات الكيلومترات عن موطنهم، رغم وجود شواغر في مناطقهم أو تلك القريبة منها، فليس مجرد تحديد مكان العمل هو ما يحكم حياة هؤلاء، بل التحديات النفسية والإجتماعية التي يتعرضون لها، فالموظف الذي يُجبر على ترك أسرته، خصوصًا في حالات العناية بالوالدين المسنين أو تربية الأطفال الصغار، يصبح في صراع مستمر بين إلتزامه الوظيفي ومسؤولياته الأسرية، وفي هذا التباعد بين الواجبين، يتشكل عبء لا يمكن تحمله بسهولة، إذ يمتد الشعور بالوحدة والقلق ليُحاصر الموظف، مما ينعكس سلبًا على أدائه وجودة العطاء الذي يقدم.

وتظل الغُربة القسرية عن الأهل، ذلك الشعور الذي يثقل قلب الموظف، ويجعل روحه تتيه بين أبعاد العمل وحنين الوطن، وما أن تبتعد المسافة بينه وبين من يحب، حتى يصبح القلق رفيقًا دائمًا، يعبث بصفو عقله ويشوش على نقاء قلبه، وهذا التشتت النفسي لا يمر دون أثر، فهو يخلق فراغًا في داخله، يتراءى له كظلال داكنة تحجب ضوء شغفه، فتتضاءل همته، وتتراجع رغبة العطاء، ومن هنا، قد يكون لهذا العبء الثقيل أن يفتك بجودة العمل، بل يصل ببعضهم إلى حدود فقدان الأمل والإنسحاب من الميدان، رغم أن فؤادهم مليء بعشق المهنة ورغبة صادقة في تقديم كل ما هو نافع ومؤثر.

تبدو هذه القضية، للوهلة الأولى، مسألة إدارية بحتة، لكنها في حقيقتها تتجاوز الأرقام والجداول إلى أعماق إنسانية وإجتماعية لا يمكن إغفالها، فالموظف ليس مجرد إسم في كشف توزيع، بل هو إنسان يحمل بين جنباته آمالًا وأحلامًا، ويدير حياة مليئة بالتحديات والتضحيات، إنه لا يعيش في معزل عن محيطه، بل ينتمي إلى أسرة وأرض وأحبة، يواجه مسؤولياتهم وتطلعاتهم، وإن هذه الأبعاد الإنسانية يجب أن تكون جزءًا لا يتجزأ من قرارات صُنّاع القرار، إذ لا يمكننا النظر إلى الموظف كقطعة من آلة العمل، بل يجب أن نراه كعنصر حي ينبض بالحب والواجب، ويستحق كل الإهتمام والرعاية التي تضمن له التوازن بين واجبه المهني وأسرته.

ومن هنا، نتوجه بقلوب مملوءة بالثقة والتقدير إلى أصحاب القرار، نناشدهم برحابة صدرهم وسمو نظرتهم أن يُدرجوا البُعد الإنساني ضمن إعتبارات التوزيع الوظيفي، فالموظف ليس آلة إنتاج، بل روح تُثمر حين تزرع في بيئة قريبة من أهلها، آمنة في حضن أسرتها، وإن تمركز الموظف في محيطه الجغرافي لا يُسهم فقط في إستقراره النفسي والإجتماعي، بل يُعزز إحساسه بالإنتماء، ويضاعف من جودة عطائه، ويقوي أواصر العلاقة بينه وبين المجتمع الذي يخدمه.

إن مراعاة الظروف الإنسانية في التوزيع الوظيفي للمعلمين والممرضين ليس مطلبًا إداريًا فحسب، بل استثمار في مستقبل المجتمع ، فاستقرارهم النفسي والاجتماعي يُترجم إلى عقول مُبدعة وأيادٍ حانية تُشكل أجيالًا وتُعافي أرواحًا، لذا ندعو إلى سياسات تُحقق هذا التوازن، ليظل هؤلاء الأبطال شعلة تنير دروب التقدم الوطني.

مقالات مشابهة

  • الاحتلال يقتحم قلقيلية
  • التوزيع الوظيفي.. بين الواقع والاعتبارات الإنسانية
  • عبد الله علي إبراهيم: من الثورة إلى الحرب: الطريق الوعر لبناء الدولة السودانية (دار الموسوعة الصغيرة، 2025)
  • الدرقاش: من يقاطع منتجات النسيم مجرد “بيدق”
  • مقنّع يقتحم فطورا صباحيا بين زوجين.. وفيديو يوثق الجريمة
  • حماية الإعلام الحر في السودان- “السودانية 24” بين مطرقة السلطة وسندان الحقيقة
  • ثور هائج يقتحم صفوف المتفرجين في مهرجان شعبي.. فيديو
  • اليمن يُسقط قناع الهيمنة الأمريكية
  • «الذكاء الاصطناعي» يقتحم عالم الملاعب والتحكيم
  • الخليفي: تصريحات نتنياهو مجرد جعجعة