خرج الروبوت متأخرًا جدًا هذه المرّة ، لاهثًا يحاول اللحاق بقطار الأحداث التي أصبح مجرد ( معلق ) عليها بعد فواتها وإنقضاء أجلها، وليس قائدًا فاعلًا كما ينبغي للقائد أن يكون، بالتفكير المسبق، والإعداد الجيد، والإشراف المباشر على التنفيذ، وتحمل المسئولية العامة تجاه الوطن وشعبه ، كما يفعل ( البرهان ) الآن، ولكن البعاتي يُطل على الناس من العالم الإفتراضي ليُضفي على الأحداث شيئًا من الطرافة والتندر، كاشفًا عن ضحالة محتواه، مراوحًا في ذات ( المحطة ) التي إفتقد فيها ( محفظته ) حيث يتذكّر ملامح من رآهم عندها ( كرتي، أسامة عبد الله ، أحمد هارون ) ويساوره الشك الذي يُشبه اليقين بأن هؤلاء النفر هم من وراء كل ما أصابه من جوائح، لأنهم رفضوا عرضه وتبذله المتودد، ليكونوا له ظهيرًا سياسيًا ليس فقط ليرتفع على روافعهم، وإنما ليأمن جانبهم لينام والسيف في قرابه، لأنه يعلم يقينًا ان المتاح غيرهم ( *اليسار العلماني* ) إنما هو سلعة رخيصة مقلدة لا تحتمل عبء التكليف، ولا تملك رشد السلوك، ولا تقدر المسؤولية، ولكنهم ( *ناس جاهزة* ) ينظرون لما في يديه من مال كما ينظر الطير إلى اللحم، يعدونه بما لا يملكون من تفويض الشعب، والقدرة على التأثير على الشارع، ليُصبح دابة ذلول يستطيع البعاتي الركوب عليها ، ويحرك( *أرجله* ).
ولما مضت الأحداث هكذا ، والبعاتي يمد أيديه ليتلقف ثمرة السلطة من خلال هجوم المؤامرة الشرس في بداية الحرب وهو يطالب البرهان بالإستسلام، فقد سقطت عليه الحقائق التي كان يجهلها ولم يحسب لها حساب، وهي قدرة الجيش السوداني ومهارة قياداته، وتميّز صفه، وفدائية جنوده، الأمر الذي عقد كثيرًا من الألسنة، وأربك حسابات كانت من الدقة والحساسية بمكان.
فأصبح البعاتي وجواره في ( *مقابر الآمال* ) أصبحوا مجرد معلقين على الأحداث وهو ما خرج به اليوم، في خطاب باهت، مليء بالبؤس، ساقط المفردات، بلا فكرة ولا حتى ترابط عضوي للجُمل لتخدم فكرة محددة، بل هو عين الإبتذال والتخبط، بدليل الفتق والرتق في الصورة مما يؤكد عملية الصنعة ( *غير المتقنة* ).
أوضح الخطاب أن البعاتي فعلاً بعيييييد عن الواقع؛ لأنه حاول منازعة البرهان ( *الشعب* ) فخص البرهان بأصحاب الإمتيازات ( *ناس الدولار بجنيهين* ) وإستأثر لنفسه بباقي الشعب السوداني ( *بالله تخيل* ).
وتوعّد بفطام جماعة البرهان، فطام بدون بدائل ( *بزة* ) ليذوقوا مرارة الحرمان، وليأتوا إليه مذعنين، وكذلك هوّن على ( *الأشاوذ* ) هزائمهم في ولاية الجزيرة ومنطقة الجيلي والمصفاة، وإلتحام الجيوش مع القيادة، وكل ما تم من إنتصارات، هوّنه عليهم وقلّل من شأنه، ووعد بأنهم سيعيدون كل ذلك وبالزيادة كمان، في غمز يستوحى منه الإتجاه المستهدف ( *الشمال* ) وشندي عُقدة الجنجويد بالتحديد، وفات على البعاتي أو تعمد ( *تفويتها* ) أن الأمر لا يمكن أن يعود كما بدأ، فأين له بعشرة آلاف من السيارات المقاتلة، ومئآت آلاف المقاتلين في شدتهم وجدتهم، والأحداث بكر، والدنيا زينة ومال، وولد وأتباع، ومحبين، وعملاء، وخدم ، وحشم ، ووجاهة، وهليمانة إسمها الدعم السريع ، أين هي الآن أيها البعاتي، فقد أصبحت انضاء، ومزقت شر ممزق، وجيف على مستوى مسرح العمليات، وخُرد العربات والآليات العسكرية تملأ الطرقات، وهلاك مئات الآلاف من الأتباع، ولعنات الشعب السوداني كله ( *عدا القحاطة وحواضن الشر* ، *وأوكار الأفاعي* ، *ونظار السوء*، *الرزيقات والمسيرية* ).
البيوت ، والمزارع ، ومناجم الذهب، والبنوك والشركات، ومنافذ تهريب الذهب، ومفوضية الأراضي، والحراسات المدججة، وأرتال التحرك الفخمة، كل ذلك لم يعد موجوداً، طاف عليها طائف من ربك وأنتم نائمون في غشية عن الحق فأصبحت كالصريم.
نعم أيها البعاتي لن تتعرف على ملامح المشهد أبدًا، لأنه تغير تمامًا وما كان لك أن تقول ما ورد في خطابك لو كنت تدرك شيئًا مما حدث.
أما الوصايا لهؤلاء المجرمين القتلة المغتصبين بأن يكونوا على وضوء، هذه سخرية ماتعة، يتوضأ الجنجويدي قبل أن يقتل شيخًا أو يغتصب فتاة، أو يدنس مسجدًا، أو يهدم مستشفى، يتوضأ من تدرع الأحجبة والتمائم، وشرب الخمور وتعاطي المخدرات، يتوضأ من إذا دخل قرية أفسدها وجعل أعزة أهلها أذلة وكذلك يفعلون، فعن أي شئ يتحدث هذا البعاتي المجنون.
النصر للجيش السوداني.
والقوات المشتركة التي ( *تبرد الحشا* ) في فاشر السلطان، وتشرّف الشعب بمواقف بطولية.
التحية لكل من مشى في ركاب الجيش مساندًا وداعمًا، وداعيًا بالنصر.
ودُمت يا جيش الهنا
لـواء ركن ( م) د. يونس محمود محمد
المصدر: موقع النيلين
إقرأ أيضاً:
أزهري: "الهم في قصة سيدنا يوسف لا يؤاخذ به لأنه حديث نفس"
قال الدكتور يسري جبر، من علماء الأزهر الشريف، إن تفسير قوله تعالى "ولقد همت به وهم بها" في حق سيدنا يوسف عليه السلام يتطلب فهماً دقيقاً للفرق بين الهم والعزم والفعل، متابعًا: "الهم نوع من حديث النفس، ولا يؤاخذ الله سبحانه وتعالى الإنسان عليه، لذلك لا يؤاخذ سيدنا يوسف عليه السلام على همّه".
الهم في هذه القصة
وشدد جبر، خلال حلقة برنامج "اعرف نبيك"، المذاع على قناة الناس، اليوم السبت، على أن الهم في هذه القصة يمكن أن يُفهم على أنه شعور طبيعي لا يتعدى حدود التفكير الشخصي، حيث أن الأنبياء معصومون عن التورط في المعاصي أو السوء.
وتابع: "الهم هنا يليق بنبوة سيدنا يوسف، بينما همّ امرأة العزيز يليق بالبشرية المعتادة، لأنها كانت تهدف إلى إغوائه"، مشيرًا إلى أن الكثير من العلماء يقفون عند قوله "ولقد همت به وهم بها"، لأن الآية توضح الفارق بين هم سيدنا يوسف وهم امرأة العزيز، "فإنه كان هم يوسف عليه السلام أن يصدها عن نفسه، بينما كان همها هو أن تنال منه، وربنا سبحانه وتعالى أظهر برهان براءته عندما جعل قميص يوسف ممزقاً من الخلف، مما يعزز براءته ويظهر فاعلية تصرفه".
واختتم جبر بأن تفسير هذه الآية يجب أن يتم بعيداً عن الروايات الإسرائيلية التي لا تتناسب مع عصمة الأنبياء، مشدداً على ضرورة الالتزام بالأدب عند تناول مثل هذه القصص القرآنية.