تقرير: الوجود الإسرائيلي في الجولان السوري «طويل الأمد»
تاريخ النشر: 2nd, February 2025 GMT
قالت صحيفة “واشنطن بوست” الأميركية “إن إسرائيل قامت ببناء منشآت عسكرية ودفاعية في أراضي سورية توغلت داخلها بعد انهيار نظام بشار الأسد، ما يشير إلى أن وجودها في تلك المناطق قد يكون طويل الأمد”.
وكشفت صور الأقمار الصناعية التي نشرتها “واشنطن بوست” عن وجود أكثر من 7 منشآت عسكرية ومركبات داخل قاعدة إسرائيلية محصنة، مع إنشاء قاعدة مشابهة على بعد 8 كيلومترات إلى الجنوب.
وفي ديسمبر الماضي، وبعد انهيار نظام الأسد، دخلت الدبابات الإسرائيلية المنطقة العازلة التي كانت تحت مراقبة الأمم المتحدة، وبدأت بالتوغل إلى مناطق داخل الأراضي السورية، بما في ذلك مئات الكيلومترات وراء ما كان يمثل حدود وقف إطلاق النار بين إسرائيل وسوريا لعقود.
وتقول الصحيفة الأميركية “إن الجنود الإسرائيليون يتنقلون الآن بحرية في منطقة عازلة بمساحة 233 كيلومترا مربعا، كانت تقتصر سابقا على منع التسلح وفقا لاتفاق وقف إطلاق النار لعام 1974”.
وتظهر الصور الفضائية مواقع بناء جديدة قد تكون منشآت مراقبة متقدمة، مشابهة لتلك الموجودة في المناطق التي تسيطر عليها إسرائيل من هضبة الجولان، بحسب المحلل العسكري ويليام غودهيند.
وإحدى هذه القواعد في جباتا الخشب قد اكتملت إلى حد كبير، بينما لا تزال القاعدة الأخرى قيد الإنشاء. وقد وصف محمد مريود، رئيس بلدية جباتا الخشب، مشهد بناء القواعد العسكرية الإسرائيلية في الأطراف الشمالية لقريته قائلا: “إنهم يبنون قواعد عسكرية. كيف يكون هذا التواجد موقتا؟”
وتشير التوقعات إلى أن القاعدة الأولى توفر رؤية استراتيجية أفضل، في حين تتمتع القاعدة الثانية بموقع ملائم بالقرب من شبكة الطرق في المنطقة، مما يفتح المجال لبناء قاعدة ثالثة في المنطقة الجنوبية المكشوفة.
كما تكشف الصور عن بناء طريق جديد تمتد على مسافة 16 كيلومترا جنوب مدينة القنيطرة، وترتفع إلى قمة تلة بالقرب من قرية كودانا، مما يعزز قدرات إسرائيل على مراقبة المنطقة.
وفي رده على الأسئلة بشأن طبيعة ومدة الأنشطة العسكرية في سوريا، أكدت إسرائيل أنها تعمل ضمن الحدود العازلة والنقاط الاستراتيجية في الجنوب السوري لحماية السكان في شمال إسرائيل.
من جانبه، قال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو “إن هذا الوجود العسكري ليس محددا بوقت”، مشيرا إلى المخاوف الأمنية التي تبرر استمرار هذا الانتشار.
وفي سياق تطور العمليات العسكرية، أفاد محمد مريود بأن القوات الإسرائيلية استخدمت الجرافات لقطع أشجار الفاكهة في قريته، بالإضافة إلى قطع أشجار أخرى في محمية طبيعية، مؤكدًا: “أخبرناهم أن هذا احتلال”.
ومنذ دخول القوات الإسرائيلية إلى الأراضي السورية، قامت بتأسيس نقاط تفتيش، وأغلقت طرقا حيوية، وأجبرت السكان المحليين على النزوح من منازلهم، كما أطلقت النار على المحتجين الذين تظاهروا ضد الوجود العسكري الإسرائيلي، بحسب شهادات السكان المحليين.
المصدر: عين ليبيا
كلمات دلالية: إسرائيل الجولان السوري المحتل القنيطرة الجولان المحتل المنطقة العازلة
إقرأ أيضاً:
الاقتصاد السوري بين متطلبات بناء الدولة وطموح المطالب الشعبية
نشرت منظمتا الإسكوا والأونكتاد التابعتان للأمم المتحدة، في 25 يناير/كانون الثاني 2025، تقريرا حديثا بشأن الاقتصاد السوري، خلال المرحلة الانتقالية، بعنوان "سوريا عند مفترق طرق: نحو مرحلة انتقالية مستقرة".
ويتناول التقرير ما لحق بالاقتصاد السوري من تراجع على مدار 12 عاما، ويوضح سيناريوهات أداء الاقتصاد السوري خلال الفترة المقبلة، ومن بين تلك السيناريوهات، سيناريو التعافي، والذي يقوم على عدة افتراضات، هي إعادة الإعمار، وتنفيذ إصلاحات الحوكمة، وتأمين مساعدات دولية كافية، مع التركيز على الزراعة والصناعة والطاقة.
ويتوقع سيناريو التعافي أن يصل الاقتصاد السوري إلى نسبة 80% من الناتج المحلي المتحقق قبل الحرب شريطة أن يتحقق معدل نمو 13% على مدار الفترة من 2024 – 2030، وفي حالة تحقيق ذلك سيكون نصيب الفرد من الناتج المحلي نصف ما كان عليه في عام 2010.
ومن أجل تحقيق كامل الناتج المحلي للاقتصاد السوري، لما كان عليه قبل الحرب عند معدل نمو 5%، فسيكون ذلك في عام 2036، أما استعادة نصيب الفرد من الناتج لما كان عليه قبل الحرب فسيتطلب ذلك معدل نمو سنوي 7.5%، ويستغرق ذلك حتى عام 2041.
أما توقع أن يصل متوسط نصيب الفرد من الناتج المحلي 5 آلاف دولار، بحلول عام 2035، فسيتطلب ذلك تحقيق معدل نموي سنوي 20%.
إعلانولكن التقرير على الرغم من أهميته، لم يتعرض لكيفية تمويل سيناريو التعافي، وهي قضية في غاية الأهمية، فقد أشار التقرير فقط إلى تأمين مساعدات دولية كافية، وهل يمكن للمساعدات الدولية أن تحقق أمل دولة في التنمية، أو حتى التعافي؟
ومن هنا فالدولة السورية بعد الثورة أمام تحد كبير يتعلق بتدبير التمويل لإدارة البلاد خلال المرحلة المقبلة، سواء للإنفاق الجاري أو الاستثماري، في ظل متطلبات نفقات كبيرة متوقعة وطموحات عالية للشعب بعد الثورة، وتقابل ذلك ضبابية شديدة في قدرة الإيرادات على تحقيق ذلك.
الدولة السورية بعد الثورة أمام تحد كبير يتعلق بتدبير التمويل لإدارة البلاد خلال المرحلة المقبلة (الجزيرة) موازنة النظام المخلوع غير واقعيةيشير موقع مجلس التخطيط الاقتصادي والاجتماعي بسوريا، إلى بيانات موازنة عام 2025، وهي موازنة تم اعتمادها من قبل النظام المخلوع، وبالتالي فهي غير واقعية للوضع الحالي، بعد الصورة، فهذه الموازنة لا تتضمن الإنفاق على كامل احتياجات الشعب السوري، كما أنها لا تتضمن إعادة الإعمار.
وقد قدّرت موازنة 2025 لسوريا، والتي أعدتها حكومة النظام البائد، بحجم إنفاق 52.6 تريليون ليرة (3.5 مليارات دولار، حسب سعر الصرف آنذاك)، وقد اشتملت على 37 تريليون ليرة (2.4 مليار دولار) للإنفاق الجاري، ونحو 15.6 تريليون ليرة (1.1 مليار دولار) للإنفاق الاستثماري.
ومن خلال البيان المنشور على موقع مجلس التخطيط الاقتصادي والاجتماعي، تبين أنه لم تتم الإشارة إلى قيمة الإيرادات العامة، وقيمة العجز أو الفائض بالموازنة.
الموازنة والدور الاجتماعي والاقتصادي للدولةقيام الدولة بالمهام المسندة إليها، يتطلب توفير تمويل للقيام بأمر الخدمات التي تحقق مهام وأهداف الدولة، حتى دور الدولة في ضوء مفهوم الدولة الحارسة، ذات الوظائف المحدودة (الدفاع الخارجي، والأمن الداخلي، والقضاء، والعلاقات الخارجية) يستلزم توفير التمويل للقيام بذلك.
إعلان مواجهة قرارات الحكومةأصدرت الإدارة السورية الحالية، مجموعة من القرارات الخاصة بالوضع الاقتصادي، وهي كلها تتعلق بالوضع المالي، أولها رفع القيمة الجمركية على بعض السلع المستوردة، وهو ما قوبل برفض كبير (لاعتبار أنها أتت بنحو 5 أو 6 أضعاف ما كانت عليه قبل الثورة)، وبخاصة سلوك التجار الذين أخفوا السلع، وأدى ذلك إلى رفع مؤقت للأسعار، مما اضطر الإدارة السورية للإعلان عن مراجعة القرار.
والقرار الثاني يتعلق بفصل بعض الموظفين المرتبطين بنظام الأسد، وتخفيف العبء الملقى على كاهل الموازنة العامة بدفع رواتب العاملين بها، حيث لوحظ أن عددًا لا بأس به معين في وظائف غير حقيقية، ولكن هذا الأمر دعا البعض للقول إن الإدارة الحالية هي إدارة مؤقتة، وليس من سلطاتها فصل العاملين بالدولة.
الإدارة السورية الجديدة أصدرت مجموعة من القرارات الخاصة بالوضع الاقتصادي للتعامل مع الواقع الجديد (الأناضول)والأمر الثالث المتعلق بتلك الضوابط للشرائح المستفيدة من قرار زيادة الرواتب بنسبة 400%، (تقدر تكلفة زيادة الرواتب 1.65 تريليون ليرة سورية، ما يعادل 127 مليون دولار) حيث طالبت بعض الأصوات بأن تشمل هذه الزيادة جميع العاملين بالدولة، بينما تذهب الإدارة السورية إلى أن تكون هناك شروط وضوابط للإفادة من تلك الزيادة.
وأمر أخير، يتعلق بقرار الحكومة بشأن رفع أسعار الخبز المدعوم من قبل الحكومة، حيث اعترضت على هذا القرار فئات عدة، وبخاصة تلك المناطق التي كانت تحت سلطة الأسد، نظرًا لضعف دخولهم.
ومن خلال متابعة تدبير الشأن المالي للإدارة السورية الجديدة، فيما يتعلق بإدارة الدولة، لوحظ أنها تعتمد بشكل كبير على المساعدات الخارجية.
المساعدات لا تبني دولةلا يوجد نموذج لدولة قامت على المساعدات، أو اعتمدت عليها بشكل دائم، إنما تبنى الدول على إيراداتها السيادية أو الاعتيادية من خلال ممارستها لبعض الأنشطة الاقتصادية، ووصول بعض المساعدات لسوريا في ظل الإدارة الجديدة وبعد ثورتها، إنما هو أمر مؤقت، ولا يمكن البناء عليه.
إعلانفمن دون الضرائب بكافة أنواعها، لن تقوم للنظام المالي قائمة، ولن تتمكن الدولة من القيام بدورها والوظائف الموكلة إلى الحكومة.
فالوضع الحالي الذي يشهد سيولة في المطالب الفئوية، إنما هي معوقات لبناء الدولة السورية بشكل صحيح، وتعطيل للوصول إلى وضع مالي متوازن.
فبقاء الوضع الحالي، بأن تستمر المساعدات على ما هي عليه طوال الوقت، والعمل على زيادتها بوتيرة تناسب الزيادة في الالتزامات، وهو أمر مستحيل الحدوث، والبديل الثاني أن تحافظ الإدارة السورية على الوضع الحالي وتلجأ إلى القروض لتمويل احتياجاتها التمويلية، وبذلك تكون قد حكمت على نفسها أن تكون رهينة للمساعدات.
والحل هو أن تجري إصلاحات حقيقية على هيكل الدولة المالي، فيما يتعلق بالضرائب بجميع أنواعها، فالعديد من الدول تعتمد على الضرائب بنسبة تزيد على 50% لتمويل الموازنة.