2 فبراير، 2025

بغداد/المسلة: لم تتوقف تداعيات الزلزال السياسي في سوريا على العراق، بل إن بغداد لا تزال تراقب بحذر كيفية التعامل مع التغيير في دمشق.

وعلى الرغم من العلاقات الجيدة بين بغداد ونظام الرئيس السوري السابق بشار الأسد، فإن الحكومة العراقية تتعامل بقدر من التحفظ إزاء ما يحدث في سوريا، خاصة أن هذا التغيير ينعكس على مصالح أطراف إقليمية كإيران وتركيا، إضافة إلى الولايات المتحدة، التي تمتلك رؤية مختلفة لمستقبل المنطقة.

وتحاول بغداد دائماً الحفاظ على توازن دقيق في علاقاتها مع الجيران، لكن التطورات السورية وضعت الحكومة العراقية أمام حسابات جديدة، لا سيما أن أنقرة تبدو المستفيد الأكبر من التغيير في دمشق،

في حين تتعامل إدارة دونالد ترمب الأميركية مع الملف السوري وفق حسابات متعددة، تشمل العلاقة مع إسرائيل والتحالف مع تركيا، فضلاً عن استمرار دعمها لقوات سوريا الديمقراطية (قسد) التي تعارضها أنقرة بشدة.

في هذه الأثناء، تواجه حكومة رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني تحديات داخلية لا تقل تعقيداً عن الملف السوري،

فبينما أعلنت حركة النجباء تعليق عملياتها ضد إسرائيل والمصالح الأميركية، أكد فصيل أنصار الله الأوفياء رفضه نزع سلاحه أو حل نفسه. هذا التباين يعكس انقساماً داخل المشهد العراقي حول طريقة التعامل مع الضغوط الأميركية، التي نقلها مبعوث خاص من إدارة ترمب، مهدداً بأن واشنطن لن تستطيع منع إسرائيل من استهداف الفصائل إذا لم يتم نزع سلاحها.

رئيس الوزراء السوداني سبق أن نجح في منع إسرائيل من تنفيذ ثلاث ضربات ضد الفصائل المسلحة عبر وساطة مع الإدارة الأميركية خلال عهد الرئيس السابق جو بايدن، لكن الموقف الآن يبدو أكثر تعقيداً، خاصة أن المسؤولين العراقيين لا يقدمون موقفاً موحداً حيال التهديدات الأميركية.

و أكد زعيم تيار الحكمة عمار الحكيم أن الحكومة العراقية تعرضت لضغوط لإجبار الفصائل على نزع سلاحها،

السوداني نفسه أشار في خطاب له إلى أن العراقيين لا يمكن أن يكونوا تابعين لأي جهة، رافضاً تصوير العراق على أنه خاضع لدولة معينة، بينما نقل عن الرئيس العراقي عبد اللطيف جمال رشيد قوله إن الفصائل المسلحة باتت تحت سيطرة الحكومة، وإن الحشد الشعبي جزء من القوات الأمنية، ما يعكس تناقضاً في التصريحات بين كبار المسؤولين العراقيين بشأن ملف الفصائل ومستقبلها.

أما على صعيد العلاقة مع سوريا، فقد أحدث صعود أحمد الشرع (المعروف سابقاً باسم أبو محمد الجولاني) إلى الحكم في دمشق إرباكاً في كيفية تعاطي العراق مع النظام الجديد. وبينما تحاول بغداد التعامل مع المشهد السوري بحذر، تظل علاقتها مع طهران وواشنطن في وضع أكثر تعقيداً. فإيران ترى في العراق امتداداً استراتيجياً لنفوذها، في حين تتعامل واشنطن مع بغداد كحليف ينبغي أن يوازن بين مصالحه الإقليمية والتزاماته الدولية.

هذا الوضع المعقد يجعل بغداد تبدو وكأنها مدينتان في آن واحد: بغداد الرسمية التي تمثلها الحكومة وتسعى إلى تحقيق الاستقرار عبر القنوات الدبلوماسية، وبغداد غير الرسمية التي تتأثر بالقوى السياسية والفصائل المسلحة .

ويتضح هذا التباين في التعامل مع أنقرة، حيث تعمل حكومة السوداني على تعزيز التعاون الاقتصادي والسياسي، بينما ترى بعض القوى الشيعية أن تركيا تتدخل في الشأن العراقي عبر ملف حزب العمال الكردستاني (PKK) .

في ظل هذا المشهد، تتشابك حسابات العراق بين الرغبة في الحفاظ على توازنه الإقليمي وعدم الدخول في صراعات مباشرة، وبين الضغوط الدولية التي تحاول إعادة تشكيل دوره في المنطقة. وبينما يحاول السوداني التنسيق مع طهران وواشنطن، تتضارب التفسيرات حول زيارته الأخيرة إلى إيران، حيث يعتقد البعض أنه نقل رسالة أميركية إلى القيادة الإيرانية، بينما يرى آخرون أنه كان يحاول تخفيف حدة التوتر بين الطرفين.

 

المسلة – متابعة – وكالات

النص الذي يتضمن اسم الكاتب او الجهة او الوكالة، لايعبّر بالضرورة عن وجهة نظر المسلة، والمصدر هو المسؤول عن المحتوى. ومسؤولية المسلة هو في نقل الأخبار بحيادية، والدفاع عن حرية الرأي بأعلى مستوياتها.

About Post Author moh moh

See author's posts

المصدر: المسلة

كلمات دلالية: التعامل مع

إقرأ أيضاً:

غزل عراقي سوري.. زيارة "أمنية" إلى دمشق

وصل وفد عراقي برئاسة رئيس جهاز المخابرات الوطني حميد الشطري، الجمعة، الى دمشق للقاء الرئيس السوري أحمد الشرع ومسؤولين حكوميين، من أجل بحث التعاون في مجالات عدة بينها التجارة ومكافحة الإرهاب.

وجاءت الزيارة في وقت يندّد عدد من السياسيين العراقيين البارزين في المعسكر الموالي لإيران وأنصارهم، باحتمال زيارة الشرع العراق للمشاركة في القمة العربية في 17 مايو تلبية لدعوة رسمية من بغداد.

وقال مكتب محمّد شياع السوداني في بيان "وصل إلى العاصمة السورية دمشق، وفد رسمي حكومي عراقي، برئاسة رئيس جهاز المخابرات الوطني السيد حميد الشطري للقاء، الشرع وعدد من المسؤولين الحكوميين".

وتتعامل حكومة بغداد بحذر مع دمشق منذ إطاحة بشار الأسد الذي كان حليفا وثيقا لها، غير أن السوداني أشار الأسبوع الماضي إلى توجيه دعوة رسمية للشرع للمشاركة في القمة العربية.

وتُعدّ هذه الزيارة الثانية لوفد عراقي إلى دمشق تُعلنها بغداد منذ إطاحة الأسد.

في منتصف مارس، زار وزير الخارجية السورية أسعد الشيباني بغداد حيث أكّد أن حكومة دمشق تريد "تعزيز التبادل التجاري" مع العراق.

والتقى السوداني الذي جاءت به أحزاب شيعية موالية لطهران ضمن تحالف "الإطار التنسيقي"، الشرع في قطر الأسبوع الماضي، في اجتماع لم يكشف عنه الإعلام الرسمي في الدول الثلاث إلّا بعد أيام.

وقالت مصادر أمنية عراقية لفرانس برس إن هناك مذكرة توقيف قديمة بحق الشرع في العراق وتعود إلى فترة كان فيها مقاتلا في صفوف تنظيم القاعدة ضد القوات الأميركية وحلفائها وسُجن في العراق لسنوات إثر ذلك.

مقالات مشابهة

  • وقفة احتجاجية في بغداد ضد تقاسم خور عبد الله مع الكويت
  • السوداني يفتتح فندق الزيتون بغداد / موفنبيك
  • الرئيس السوري يؤكد أهمية التعاون مع العراق لتحقيق الأمن والاستقرار بالمنطقة
  • غزل عراقي سوري.. زيارة "أمنية" إلى دمشق
  • أضواء على لقاء السوداني بالشرع
  • غزل عراقي سوري.. زيارة "أمنية" إلى دمشق
  • الإعلام السوداني والتحديات التي تواجهه في ظل النزاع .. خسائر المؤسسات الاعلامية البشرية والمادية
  • السوداني: العراق يتجه الى توطين الصناعات الدوائية
  • السوداني:العراق لن يستغني عن قوات التحالف الدولي
  • دارفور التي سيحررها أبناء الشعب السوداني من الجيش والبراءون والدراعة ستكون (..)