تتجه أنظار أسواق النفط العالمية إلى اجتماع “أوبك+” المرتقب غداً الإثنين، وسط تطورات متسارعة تشمل تصاعد الضغوط الأميركية، وتداعيات العقوبات الأخيرة على روسيا، إضافةً إلى مخاوف بشأن استقرار الإمدادات.

يأتي اجتماع “أوبك+” في وقت دعا فيه الرئيس الأميركي دونالد ترمب المنظمة إلى خفض أسعار النفط، زاعماً أن ذلك سيساعد في الضغط على روسيا لإنهاء الحرب في أوكرانيا عبر تقليص عائداتها النفطية، علماً أن روسيا نفسها عضو رئيسي في التحالف.

تأثير ترمب

مع ذلك، قال أحد المندوبين في منظمة “أوبك” لـ”الشرق” إن تصريحات ترمب لن تؤثر على قرارات “أوبك+”، خاصة أن الهدف الأساسي للتحالف هو تحقيق توازن أكبر في السوق.

“هذه ليست المرة الأولى التي يدلي فيها الرئيس ترمب بتصريحات (أو تغريدات) بلهجة تبدو حاسمة مطالباً تحالف أوبك+، والسعودية على وجه الخصوص، بزيادة الإنتاج وخفض الأسعار، فقد سبق أن حصل ذلك مرات عديدة خلال مدة رئاسته الأولى، وفق كبير المحللين الاقتصادين السابق في “أوبك” عماد الخياط في لقاء مع “الشرق”.

وبينما سبق أن حصل ذلك مرات عديدة خلال مدة رئاسته الأولى، لم يؤثر على قرارات السياسة النفطية للسعودية ولا على قرارات التحالف، بحسب الخياط.

ورغم دعواته تلك، فمن المحتمل أن يكون الرئيس مدركاً أن أي زيادة كبيرة في إنتاج “أوبك+” قد تضعف شعاره الشهير “احفر، احفر، احفر” (drill, baby drill)، إذ قد يؤدي ذلك إلى عدم قدرة منتجي النفط الأميركيين عن تعزيز الإنتاج، بحسب إحسان الحق المحلل في مجال الطاقة. ومع ذلك، يرى إحسان أن العقوبات المفروضة على إيران وفنزويلا وروسيا، بالإضافة إلى التعريفات الجمركية ضد كندا والمكسيك، قد تؤدي إلى تراجع الإمدادات.

حراك قبيل الاجتماع

خلال الأسبوع الماضي، أجرى وزير الطاقة السعودي الأمير عبد العزيز بن سلمان محادثات مع مسؤولين نفطيين من العراق وليبيا، تناولت التعاون في مجالات الطاقة واستقرار السوق، وفقاً لما أوردته وكالة الأنباء السعودية (واس). والتقى الوزير السعودي في الرياض بنظيره العراقي حيان عبد الغني، حيث بحثا سبل تعزيز الجهود المشتركة، كما اجتمع مع وزير النفط والغاز الليبي خليفة رجب عبد الصادق لمناقشة تقنيات الطاقة والحلول التي من شأنها دعم استقرار الأسواق العالمية. ولم تشر المعلومات المتاحة إذا ما تطرق المسؤولون إلى الترتيبات الخاصة باجتماع يوم الإثنين.

تعمل منظمة الدول المصدرة للنفط (أوبك) وحلفاؤها على تقليص إمدادات النفط منذ أكثر من عامين لدعم الأسعار، وأرجأوا مراراً استئناف إنتاجهم. وتهدف المجموعة حالياً إلى البدء تدريجياً في زيادة الإنتاج بحصص شهرية تبلغ حوالي 120 ألف برميل يومياً بدءاً من أبريل.

العقوبات على روسيا: اختبار جديد للتحالف

يأتي الاجتماع في ظل حالة عدم اليقين التي تحيط بإمدادات النفط الروسي، بعد العقوبات الأميركية الأخيرة، والتي دفعت عملاء روسيا في آسيا للبحث عن بدائل من بينها النفط القادم من الشرق الأوسط. ومع ذلك، أكد مندوب في أوبك لـ”الشرق” أن روسيا تجد دائماً طرقاً للالتفاف على العقوبات واستمرار صادراتها، ما يقلل من تأثير تلك القيود على الأسواق”.

قال بنك “غولدمان ساكس” إن العقوبات الأميركية الواسعة المفروضة على قطاع النفط الروسي لن تؤدي إلى “تراجع كبير” في الإنتاج، حيث تسهم أسعار الشحن المرتفعة وانخفاض أسعار الخام الروسي في دعم حركة التجارة.

بدوره، كبير الاقتصاديين في “بتروليوم إيكونوميكس” (Petroleum Economist) بول هيكن، قال إن “أوبك+” لن يتسرع في تعديل سياسته الإنتاجية استجابةً للعقوبات أو لضغوط ترمب، بل سيفضل مراقبة التطورات قبل اتخاذ أي قرارات جوهرية.

وأوضح أن “تشديد العقوبات على روسيا يفرض تحديات جديدة، لكن التحالف النفطي لن يستعجل ضخ براميل إضافية قبل التأكد من تأثير تلك العقوبات على السوق”.

يُعتبر اتخاذ قرار يؤدي إلى استفادة أعضاء في “أوبك+” من عقوبات على صادرات النفط لأعضاء آخرين في التحالف مسألة في منتهى الحساسية وهو أمر لم يسبق أن حصل في الماضي ومن غير المتوقع أن يحصل الآن كونه يشكل خطراً على وحدة تحالف المنتجين وإمكانية استمرار نجاحه، وفق تصريحات الخياط. ولذلك يرى أنه من غير المتوقع أن تؤثر تصريحات ترمب على قرارات التحالف التي تستند على قراءة تفصيلية لوضع السوق الحالي وتوقعات اتجاهات العرض والطلب العالمي على النفط خلال الأمد القريب.

لكن، موسكو والمصافي الهندية أثبتت قدرتها على إيجاد طرق لتجاوز العقوبات، مما يقلل من التأثير الفوري لهذه القيود على السوق، وفق المحلل إحسان الحق.

سيناريوهات الاجتماع

مصدر مطلع على ملف الطاقة بأحد دول “أوبك”، قال إن السيناريو الأكثر ترجيحاً بنسبة 80% هو أن يحافظ “أوبك+” على سياسة الإنتاج الحالية حتى نهاية النصف الأول من العام الجاري.

وقال: “إذا قرر تحالف أوبك+ زيادة الإنتاج، فقد تنهار أسعار النفط، وهذا أمر لن تقبله الدول المنتجة التي تسعى للحفاظ على مستويات الأسعار الحالية على الأقل”.

في الوقت نفسه، يتوقع المتعاملون في السوق أن التحالف سيتمسك بخططه التي تدعو إلى تقييد الإمدادات خلال الربع الأول، قبل أن يبدأ في تخفيفها تدريجياً اعتباراً من أبريل، وفقاً لمسح أجرته “بلومبرغ” شمل 15 متداولاً ومحللاً.

قد يبدأ التحالف في التراجع عن تخفيضات الإنتاج تدريجياً في المستقبل القريب، طالما أن ذلك لا يؤدي إلى انخفاض الأسعار بشكل مفرط، وهو الأمر الذي يسعى كل من الولايات المتحدة و”أوبك+” إلى تجنبه للحفاظ على مستويات الاستثمار في قطاع النفط، بحسب إحسان، الذي لا يتوقع أن يقوم “أوبك+” بإجراء أي تغييرات على حصص الإنتاج الحالية في اجتماع الغد.

ماذا بعد مارس: هل يرفع أوبك+ الإنتاج؟

يرى جيمس سوانستون، المحلل المالي لدى كابيتال إيكونوميكس، أن “أوبك+” لن يغير سياسته الإنتاجية في الوقت الحالي، لكنه قد يستخدم الفترة التي تلي مارس كفرصة للدفع نحو أهدافه بعيدة المدى بزيادة الإنتاج واستعادة حصته في السوق.

وأضاف: “إذا رفع أوبك+ الإنتاج اعتباراً من أبريل، فمن المحتمل أن يدّعي ترمب أنه حقق انتصاراً، لكن يبقى السؤال ما إذا كانت الأسعار ستتراجع أكثر، خصوصاً أن المستثمرين ربما يكونون قد أخذوا بالفعل في الحسبان زيادة الإنتاج بعد مارس”.

 

وأكد سوانستون أن دول الخليج لديها مصلحة طويلة الأجل في زيادة الإنتاج لاستعادة حصتها السوقية، مشيراً إلى أن السعودية قد ترفع إنتاجها إلى 12 مليون برميل يومياً، وستظل تستفيد من عائدات التصدير طالما لم تهبط الأسعار دون 60 دولاراً للبرميل، مما قد يعزز نمو الناتج المحلي الإجمالي.

 

المحطات الخاصة بتخفيض إنتاج أوبك+:

بدأ التحالف بخفض الإنتاج منذ نوفمبر 2022 بسبب ضعف الطلب وخاصة في الصين بعد ما انخفض نموها بسبب جائحة كورونا.

تبرعت في شهر يوليو 2023 ثماني دول في التحالف بتخفيض طوعي تحملت الأكثر منه السعودية حيث تخفض إنتاجها مليون برميل يومياً بينما تخفض روسيا ثاني أكبر منتج في تحالف “أوبك+” إنتاجها بحوالي 400 ألف برميل يومياً.

يبلغ مجموع التخفيض للتحالف الآن حوالي 5.9 مليون برميل يومياً.

التخفيض الأولي لدول التحالف والبالغ 3.66 مليون برميل يومياً تم تمديده إلى 2026.

ينظر التحالف خلال اجتماع الغد في إمكانية إلغاء او إبقاء التخفيض الطوعي البالغ 2.2 مليون برميل يومياً.

المصدر: يمن مونيتور

كلمات دلالية: الاقتصاد ملیون برمیل یومیا زیادة الإنتاج على قرارات على روسیا

إقرأ أيضاً:

رئيس مؤسسة النفط الليبية: نركز على تعزيز الإنتاج والشفافية

قال رئيس مجلس إدارة المؤسسة الوطنية للنفط المكلف في ليبيا مسعود سليمان، إن المؤسسة ستركز على زيادة الإنتاج وتعزيز الشفافية، في ظل سعي ثاني أكبر منتج للنفط في أفريقيا إلى التعافي من سنوات طويلة من عدم الاستقرار.

وتشرف المؤسسة الوطنية للنفط، وهي الجهة الحكومية المسؤولة عن إنتاج النفط والغاز في البلاد، على قطاع شهد تراجعا حادا منذ الإطاحة بالزعيم الليبي معمر القذافي في 2011 بسبب النزاعات المسلحة والإضرابات العمالية.

وشهد العام الماضي انخفاضات متكررة في الإنتاج نتيجة خلافات بين الفصائل المتنافسة، التي تصارعت على قضايا من بينها قيادة المصرف المركزي الليبي، والذي يسيطر على عائدات النفط الليبية.

خطة إستراتيجية لزيادة الإنتاج

وأكد سليمان في مقابلة مع رويترز، في رد على أسئلة عبر البريد الإلكتروني، أن المؤسسة لديها خطة إستراتيجية لزيادة الإنتاج، وستواصل تنفيذها مع إمكانية إجراء تعديلات عند الحاجة.

ووفقًا للمؤسسة، بلغ إنتاج النفط الليبي نحو 1.4 مليون برميل يوميا بنهاية عام 2024، في حين تهدف ليبيا، العضو في الدول المصدرة للبترول (أوبك)، إلى الوصول إلى إنتاج مليوني برميل يوميا على المدى الطويل.

وكان وزير النفط والغاز المكلف خليفة عبد الصادق قد صرّح في وقت سابق من الشهر الماضي لرويترز بأن ليبيا تحتاج إلى استثمارات تتراوح بين 3 و4 مليارات دولار لرفع الإنتاج إلى 1.6 مليون برميل يوميا.

مسعود سليمان اعتبر أن تعزيز الشفافية داخل المؤسسة الوطنية للنفط يعد إحدى أولوياته (الأناضول) تعزيز الشفافية

وأشار سليمان إلى أن تعزيز الشفافية داخل المؤسسة الوطنية للنفط يعد إحدى أولوياته الرئيسية، موضحا أن ذلك قد يتطلب تبسيط بعض الإجراءات الإدارية، وربما إغلاق بعض الفروع.

إعلان

تمتلك المؤسسة 15 شركة تابعة بالكامل، إضافة إلى حصص في مشاريع مشتركة وشركات أخرى تحت إشرافها، بحسب موقعها الرسمي.

وقال سليمان: "سنركز بشكل أساسي على تعزيز الشفافية داخل المؤسسة، بحيث يكون لدى جميع المستثمرين، سواء الدولة الليبية أو الشركاء الأجانب، ثقة عالية في أن أي أموال تُضخ في المؤسسة سيتم استخدامها بأفضل طريقة ممكنة".

وأضاف أن المستثمرين الأجانب لا يزالون مترددين بشأن ضخ أموال في ليبيا، التي لا تزال منقسمة سياسيا بين فصائل متنافسة في الشرق والغرب، مع تدخلات خارجية من تركيا وروسيا لدعم أطراف مختلفة.

إغلاق محتمل لفروع

وكشف سليمان أنه لا يزال يُجري تقييما شاملا للعمليات في بعض الشركات التابعة للمؤسسة، مثل شركة البحر الأبيض المتوسط لخدمات النفط، وهي الذراع اللوجستية للمؤسسة التي تتولى شراء المعدات والخدمات لحقول النفط.

وأضاف: "قد أتخذ خطوات مدروسة تجاه تقييم بعض الفروع وإغلاق بعضها، لا سيما الفروع المستحدثة حديثًا".

وتدير شركة البحر الأبيض المتوسط مكاتب في دوسلدورف بألمانيا ودبي منذ عام 2020، كما افتتحت مكتبًا في إسطنبول العام الماضي، وفقًا لتقارير إعلامية ليبية.

وأشار سليمان إلى أن إغلاق بعض الفروع سيجعل الهيكل الإداري للمؤسسة أكثر كفاءة وأسهل في الإدارة مستقبلا.

برنامج المقايضة قيد المراجعة

وأكد سليمان أنه على تواصل مع النائب العام في طرابلس، الذي طلب كإجراء احترازي إيقاف برنامج المقايضة بالنفط الخام، وهو نظام كانت المؤسسة تستخدمه لتبادل النفط الخام بالمشتقات المكررة كوسيلة لتمويل عملياتها.

وأضاف: "كما أننا على تواصل مع مصرف ليبيا المركزي وحكومة الوحدة الوطنية لتحديد الآلية المناسبة لتوفير الميزانية الكافية التي تضمن إمداد البلاد بالكامل بالمشتقات النفطية المكررة".

ليبيا تحتاج إلى استثمارات تتراوح بين 3 و4 مليارات دولار لرفع الإنتاج إلى 1.6 مليون برميل يوميا (رويترز)

 

تحولات في قيادة المؤسسة الوطنية للنفط

وتُعد تعليقات سليمان لرويترز أول إشارة إلى إمكانية إغلاق مكاتب تابعة للمؤسسة، كما أنها أول تعليق له على قرار النائب العام بوقف العمل بنظام مبادلة النفط الخام بالوقود.

إعلان

وتولى سليمان منصبه بعد منتصف يناير/كانون الثاني الماضي، خلفا لفرحات بن قدارة، الذي تم تعيينه في 14 يوليو/تموز 2022، وأعلنت المؤسسة استقالته في 16يناير/كانون الثاني 2025، لأسباب قالت إنها تتعلق بصحته.

ورغم كونها عضوًا في أوبك، فإن ليبيا معفاة من قيود الإنتاج التي تتبعها أوبك بلس، والتي تضم أعضاء المنظمة وحلفاءها، مثل روسيا.

وفي سياق منفصل، كان الرئيس الأميركي دونالد ترامب قد دعا مجموعة أوبك بلس إلى خفض أسعار النفط الخام، وهو ما قد يضع ضغوطا إضافية على الدول المنتجة، بما في ذلك ليبيا.

مقالات مشابهة

  • رغم ضغوط ترامب وتراجع الأسعار.. توقعات باستمرار أوبك+ في سياستها الحالية
  • هل تغيّر أوبك+ سياستها لإنتاج النفط خلال الاجتماع المقبل؟
  • رئيس مؤسسة النفط الليبية: نركز على تعزيز الإنتاج والشفافية
  • ترامب يتعهد بفرض رسوم جمركية على واردات النفط والمعادن والرقائق
  • سوريا تفشل في استيراد النفط فتلجأ للوسطاء  
  • سوريا تلجأ لوسطاء لاستيراد النفط
  • روسيا: العقوبات الأمريكية تسرّع انهيار هيمنة الدولار عالمياً
  • رئيس وزراء المجر: سنستخدم الفيتو ضد تمديد العقوبات الأوروبية على روسيا
  • أسعار النفط تستقر بانتظار وضوح رؤية سياسات ترمب التجارية