اجتماع أوبك+ تحت مجهر الأسواق وسط ضغوط ترمب وعقوبات روسيا
تاريخ النشر: 2nd, February 2025 GMT
تتجه أنظار أسواق النفط العالمية إلى اجتماع “أوبك+” المرتقب غداً الإثنين، وسط تطورات متسارعة تشمل تصاعد الضغوط الأميركية، وتداعيات العقوبات الأخيرة على روسيا، إضافةً إلى مخاوف بشأن استقرار الإمدادات.
يأتي اجتماع “أوبك+” في وقت دعا فيه الرئيس الأميركي دونالد ترمب المنظمة إلى خفض أسعار النفط، زاعماً أن ذلك سيساعد في الضغط على روسيا لإنهاء الحرب في أوكرانيا عبر تقليص عائداتها النفطية، علماً أن روسيا نفسها عضو رئيسي في التحالف.
تأثير ترمب
مع ذلك، قال أحد المندوبين في منظمة “أوبك” لـ”الشرق” إن تصريحات ترمب لن تؤثر على قرارات “أوبك+”، خاصة أن الهدف الأساسي للتحالف هو تحقيق توازن أكبر في السوق.
“هذه ليست المرة الأولى التي يدلي فيها الرئيس ترمب بتصريحات (أو تغريدات) بلهجة تبدو حاسمة مطالباً تحالف أوبك+، والسعودية على وجه الخصوص، بزيادة الإنتاج وخفض الأسعار، فقد سبق أن حصل ذلك مرات عديدة خلال مدة رئاسته الأولى، وفق كبير المحللين الاقتصادين السابق في “أوبك” عماد الخياط في لقاء مع “الشرق”.
وبينما سبق أن حصل ذلك مرات عديدة خلال مدة رئاسته الأولى، لم يؤثر على قرارات السياسة النفطية للسعودية ولا على قرارات التحالف، بحسب الخياط.
ورغم دعواته تلك، فمن المحتمل أن يكون الرئيس مدركاً أن أي زيادة كبيرة في إنتاج “أوبك+” قد تضعف شعاره الشهير “احفر، احفر، احفر” (drill, baby drill)، إذ قد يؤدي ذلك إلى عدم قدرة منتجي النفط الأميركيين عن تعزيز الإنتاج، بحسب إحسان الحق المحلل في مجال الطاقة. ومع ذلك، يرى إحسان أن العقوبات المفروضة على إيران وفنزويلا وروسيا، بالإضافة إلى التعريفات الجمركية ضد كندا والمكسيك، قد تؤدي إلى تراجع الإمدادات.
حراك قبيل الاجتماع
خلال الأسبوع الماضي، أجرى وزير الطاقة السعودي الأمير عبد العزيز بن سلمان محادثات مع مسؤولين نفطيين من العراق وليبيا، تناولت التعاون في مجالات الطاقة واستقرار السوق، وفقاً لما أوردته وكالة الأنباء السعودية (واس). والتقى الوزير السعودي في الرياض بنظيره العراقي حيان عبد الغني، حيث بحثا سبل تعزيز الجهود المشتركة، كما اجتمع مع وزير النفط والغاز الليبي خليفة رجب عبد الصادق لمناقشة تقنيات الطاقة والحلول التي من شأنها دعم استقرار الأسواق العالمية. ولم تشر المعلومات المتاحة إذا ما تطرق المسؤولون إلى الترتيبات الخاصة باجتماع يوم الإثنين.
تعمل منظمة الدول المصدرة للنفط (أوبك) وحلفاؤها على تقليص إمدادات النفط منذ أكثر من عامين لدعم الأسعار، وأرجأوا مراراً استئناف إنتاجهم. وتهدف المجموعة حالياً إلى البدء تدريجياً في زيادة الإنتاج بحصص شهرية تبلغ حوالي 120 ألف برميل يومياً بدءاً من أبريل.
العقوبات على روسيا: اختبار جديد للتحالف
يأتي الاجتماع في ظل حالة عدم اليقين التي تحيط بإمدادات النفط الروسي، بعد العقوبات الأميركية الأخيرة، والتي دفعت عملاء روسيا في آسيا للبحث عن بدائل من بينها النفط القادم من الشرق الأوسط. ومع ذلك، أكد مندوب في أوبك لـ”الشرق” أن روسيا تجد دائماً طرقاً للالتفاف على العقوبات واستمرار صادراتها، ما يقلل من تأثير تلك القيود على الأسواق”.
قال بنك “غولدمان ساكس” إن العقوبات الأميركية الواسعة المفروضة على قطاع النفط الروسي لن تؤدي إلى “تراجع كبير” في الإنتاج، حيث تسهم أسعار الشحن المرتفعة وانخفاض أسعار الخام الروسي في دعم حركة التجارة.
بدوره، كبير الاقتصاديين في “بتروليوم إيكونوميكس” (Petroleum Economist) بول هيكن، قال إن “أوبك+” لن يتسرع في تعديل سياسته الإنتاجية استجابةً للعقوبات أو لضغوط ترمب، بل سيفضل مراقبة التطورات قبل اتخاذ أي قرارات جوهرية.
وأوضح أن “تشديد العقوبات على روسيا يفرض تحديات جديدة، لكن التحالف النفطي لن يستعجل ضخ براميل إضافية قبل التأكد من تأثير تلك العقوبات على السوق”.
يُعتبر اتخاذ قرار يؤدي إلى استفادة أعضاء في “أوبك+” من عقوبات على صادرات النفط لأعضاء آخرين في التحالف مسألة في منتهى الحساسية وهو أمر لم يسبق أن حصل في الماضي ومن غير المتوقع أن يحصل الآن كونه يشكل خطراً على وحدة تحالف المنتجين وإمكانية استمرار نجاحه، وفق تصريحات الخياط. ولذلك يرى أنه من غير المتوقع أن تؤثر تصريحات ترمب على قرارات التحالف التي تستند على قراءة تفصيلية لوضع السوق الحالي وتوقعات اتجاهات العرض والطلب العالمي على النفط خلال الأمد القريب.
لكن، موسكو والمصافي الهندية أثبتت قدرتها على إيجاد طرق لتجاوز العقوبات، مما يقلل من التأثير الفوري لهذه القيود على السوق، وفق المحلل إحسان الحق.
سيناريوهات الاجتماع
مصدر مطلع على ملف الطاقة بأحد دول “أوبك”، قال إن السيناريو الأكثر ترجيحاً بنسبة 80% هو أن يحافظ “أوبك+” على سياسة الإنتاج الحالية حتى نهاية النصف الأول من العام الجاري.
وقال: “إذا قرر تحالف أوبك+ زيادة الإنتاج، فقد تنهار أسعار النفط، وهذا أمر لن تقبله الدول المنتجة التي تسعى للحفاظ على مستويات الأسعار الحالية على الأقل”.
في الوقت نفسه، يتوقع المتعاملون في السوق أن التحالف سيتمسك بخططه التي تدعو إلى تقييد الإمدادات خلال الربع الأول، قبل أن يبدأ في تخفيفها تدريجياً اعتباراً من أبريل، وفقاً لمسح أجرته “بلومبرغ” شمل 15 متداولاً ومحللاً.
قد يبدأ التحالف في التراجع عن تخفيضات الإنتاج تدريجياً في المستقبل القريب، طالما أن ذلك لا يؤدي إلى انخفاض الأسعار بشكل مفرط، وهو الأمر الذي يسعى كل من الولايات المتحدة و”أوبك+” إلى تجنبه للحفاظ على مستويات الاستثمار في قطاع النفط، بحسب إحسان، الذي لا يتوقع أن يقوم “أوبك+” بإجراء أي تغييرات على حصص الإنتاج الحالية في اجتماع الغد.
ماذا بعد مارس: هل يرفع أوبك+ الإنتاج؟
يرى جيمس سوانستون، المحلل المالي لدى كابيتال إيكونوميكس، أن “أوبك+” لن يغير سياسته الإنتاجية في الوقت الحالي، لكنه قد يستخدم الفترة التي تلي مارس كفرصة للدفع نحو أهدافه بعيدة المدى بزيادة الإنتاج واستعادة حصته في السوق.
وأضاف: “إذا رفع أوبك+ الإنتاج اعتباراً من أبريل، فمن المحتمل أن يدّعي ترمب أنه حقق انتصاراً، لكن يبقى السؤال ما إذا كانت الأسعار ستتراجع أكثر، خصوصاً أن المستثمرين ربما يكونون قد أخذوا بالفعل في الحسبان زيادة الإنتاج بعد مارس”.
وأكد سوانستون أن دول الخليج لديها مصلحة طويلة الأجل في زيادة الإنتاج لاستعادة حصتها السوقية، مشيراً إلى أن السعودية قد ترفع إنتاجها إلى 12 مليون برميل يومياً، وستظل تستفيد من عائدات التصدير طالما لم تهبط الأسعار دون 60 دولاراً للبرميل، مما قد يعزز نمو الناتج المحلي الإجمالي.
المحطات الخاصة بتخفيض إنتاج أوبك+:
بدأ التحالف بخفض الإنتاج منذ نوفمبر 2022 بسبب ضعف الطلب وخاصة في الصين بعد ما انخفض نموها بسبب جائحة كورونا.
تبرعت في شهر يوليو 2023 ثماني دول في التحالف بتخفيض طوعي تحملت الأكثر منه السعودية حيث تخفض إنتاجها مليون برميل يومياً بينما تخفض روسيا ثاني أكبر منتج في تحالف “أوبك+” إنتاجها بحوالي 400 ألف برميل يومياً.
يبلغ مجموع التخفيض للتحالف الآن حوالي 5.9 مليون برميل يومياً.
التخفيض الأولي لدول التحالف والبالغ 3.66 مليون برميل يومياً تم تمديده إلى 2026.
ينظر التحالف خلال اجتماع الغد في إمكانية إلغاء او إبقاء التخفيض الطوعي البالغ 2.2 مليون برميل يومياً.
المصدر: يمن مونيتور
كلمات دلالية: الاقتصاد ملیون برمیل یومیا زیادة الإنتاج على قرارات على روسیا
إقرأ أيضاً:
تقلبات النفط تحت ضغط التوترات التجارية وزيادة الإنتاج .. وتوقعات بتراجع الأسعار حتى 2026
خلال الربع الأول
- متوسط خام نفط عُمان يتجاوز 75 دولارًا .. والإنتاج 987 ألف برميل يوميًا
- تراجع النفط في أبريل لأدنى مستوياته منذ 2021 وانخفض 11% مقارنة مع بداية العام
بعد استقرار ملموس في أسعار النفط خلال الفترة من عام 2022 إلى نهاية الربع الأول من العام الجاري، سيطرت حالة عدم اليقين على سوق النفط العالمية خلال أبريل الجاري، تحت تأثير تصاعد التوترات التجارية وفرض الرسوم الجمركية الأمريكية ومخاوف من تباطؤ نمو الاقتصاد العالمي وتراجع حجم الطلب على النفط، كما تزامن تصاعد التوتر التجاري مع قرار مجموعة أوبك بلس ببدء تخفيف القيود على الإنتاج، الذي تضمن زيادة للإنتاج فاقت التوقعات.
وتشير الإحصائيات الصادرة عن المركز الوطني للإحصاء والمعلومات إلى أن متوسط سعر خام نفط عُمان سجل 75.3 دولار للبرميل خلال الفترة من يناير إلى مارس من العام الجاري، مقارنة مع حوالي 80 دولارًا للبرميل خلال الفترة نفسها من عام 2024، وبلغ إجمالي الإنتاج 88.8 مليون برميل بمتوسط إنتاج يومي 987 ألف برميل، مع حجم صادرات يقترب من 75 مليون برميل خلال الربع الأول من العام الجاري.
وأدت المتغيرات الدولية الأخيرة إلى تراجع أسعار النفط في بداية أبريل الجاري إلى أدنى مستوياتها منذ عام 2021، قبل أن تعاود الأسعار التعافي نسبيًا خلال الأسبوع الجاري، لكنها تبقى منخفضة بنسبة نحو 11 بالمائة مقارنة مع مستوى الأسعار في بداية العام.
ونظرًا للمتغيرات الحالية، تم خفض توقعات أسعار النفط العالمية خلال العام الجاري والعام المقبل، حيث أشارت وكالة معلومات الطاقة الأمريكية إلى أن فرض الولايات المتحدة رسومًا جمركية جديدة، وتسريع مجموعة أوبك بلس لزيادة الإنتاج، يرفع احتمالية ارتفاع مخزونات النفط العالمية، وقد يؤدي ذلك إلى مزيد من الضغط على أسعار النفط، ونتيجة لذلك، خفضت توقعاتها لسعر خام برنت الفوري بمقدار 6 دولارات للبرميل في عام 2025، و7 دولارات للبرميل في عام 2026، مقارنة بتوقعاتها الصادرة خلال شهر مارس الماضي، وتتوقع الوكالة أن يبلغ متوسط سعر برنت 68 دولارًا للبرميل هذا العام، و61 دولارًا للبرميل العام المقبل، كما اعتبر صندوق النقد الدولي في تقريره حول آفاق الاقتصاد العالمي الصادر خلال أبريل الجاري، أن تأثير النزاعات التجارية قد يقود لتباطؤ نمو الاقتصاد العالمي وخفض الطلب على الطاقة، مرجحًا أن يصل متوسط سعر النفط إلى 66.9 دولار للبرميل في عام 2025، متراجعًا بنسبة 15.5 بالمائة عن العام السابق، وخفّض بنك جولدمان ساكس توقعاته لأسعار النفط لعام 2025 بنسبة 5.5 بالمائة لخام برنت، نظرًا لقرار أوبك بلس برفع الإنتاج في مايو، وفرض الرسوم الجمركية، متوقعًا أن يبلغ متوسط سعر خام برنت 69 دولارًا للبرميل بنهاية عام 2025، وأن يواصل التراجع إلى 62 دولارًا للبرميل في عام 2026، واعتبر البنك أن الخطر الأكبر على أسعار النفط يتمثل في مخاوف الركود، مع توقعه درجة أقل من التأثير نتيجة ارتفاع الإنتاج من قبل مجموعة دول أوبك بلس.
ومن جانبها، أوضحت وكالة الطاقة الدولية أنه على المدى القصير قد يشهد الطلب على النفط تراجعًا بسبب تباطؤ الاقتصاد في الصين وزيادة حجم الإمدادات، وبشكل عام سيواصل الطلب على النفط التباطؤ بشكل كبير في السنوات المقبلة مع التحول العالمي نحو السيارات الكهربائية والطاقة المتجددة، ورجحت الوكالة أن المعروض العالمي من النفط قد يتجاوز الطلب بنحو 600 ألف برميل يوميًا هذا العام، وقد يزيد الفائض بمقدار 400 ألف برميل يوميًا مع تسريع مجموعة أوبك بلس الإلغاء التدريجي لتخفيضات الإنتاج، وأشارت الوكالة في تقريرها لشهر أبريل إلى أنه بعد فترة من الهدوء النسبي، شهدت أسواق النفط العالمية تقلبات حادة جراء إعلان الرسوم الجمركية التجارية في بداية أبريل الجاري، حيث هبطت أسعار النفط الخام القياسية إلى أدنى مستوياتها في أربع سنوات، وانخفضت العقود الآجلة لخام برنت بأكثر من 15 دولارًا للبرميل، لتصل إلى أقل من 60 دولارًا للبرميل، لكنها عاودت الارتفاع بعد تأجيل تطبيق بعض الرسوم الجمركية وبدء مفاوضات حول الرسوم الجمركية.
وفي حين تم إعفاء واردات النفط والغاز والمنتجات النفطية المكررة من الرسوم الجمركية التي أعلنتها الولايات المتحدة، إلا أن المخاوف تظل من أن تؤدي هذه الإجراءات إلى عودة التضخم للتفاقم وإبطاء النمو الاقتصادي العالمي، وبالتالي التأثير سلبًا على أسعار النفط، وستكون التطورات مرتبطة بالمسار الذي تتخذه المفاوضات الجارية بين الولايات المتحدة والعديد من الدول حول الرسوم الجمركية، كما أن زيادة الإمدادات أو توازنها يبقى مرتبطًا بقرارات مجموعة أوبك بلس ورؤيتها للمستويات الملائمة من الإنتاج. وبينما كان تسريع زيادة الإنتاج أحد العوامل التي أسهمت في تراجع أسعار النفط، إلا أنه يمكن النظر لتوقيت القرار في ضوء ظروف وعوامل متعددة قادت لتفضيل مجموعة أوبك بلس هذا التوقيت لبدء زيادة الإنتاج، فقد حققت سياسات أوبك بلس نجاحًا في الحفاظ على استقرار الأسعار والسوق النفطية خلال السنوات الثلاث الماضية، وجاء قرارها بزيادة الإنتاج بعد تأجيل بدء تخفيف القيود على الإنتاج عدة مرات خلال العام الماضي، ولذلك تضمّن قرار أوبك بلس المضي قدمًا في خطة رفع إنتاج النفط بزيادته بمقدار 411 ألف برميل يوميًا في مايو، لكن المجموعة أكدت دائمًا التزامها بالحفاظ على مستويات سعرية للنفط مواتية للمنتجين والمستهلكين، وأنها ستواصل سياستها في تحديد مستويات الإنتاج وفق التطورات الاقتصادية العالمية والمتغيرات في السوق النفطية.
من جانب آخر، فإن زيادة الإنتاج من قبل أوبك بلس يمكن ألا تؤدي فعليًا لزيادة ملموسة في حجم الإمدادات في حال التزام المنتجين بالحصص المتفق عليها، وأيضًا في حال عدم ارتفاع إنتاج النفط الصخري في الولايات المتحدة، ويُعد الانخفاض الكبير في أسعار النفط مؤثرًا على إنتاج النفط الصخري، حيث ترى الشركات المنتجة أن تحقيق جدوى من الإنتاج يتطلب أن يكون متوسط سعر البرميل 65 دولارًا أمريكيًا.