“تاح تاح تاح تحسم بالسلاح”: الأغنية السياسية في الحرب (1-2)
تاريخ النشر: 2nd, February 2025 GMT
عبد الله علي إبراهيم
ملخص
جاء الغناء عن حب الوطن في السودان مدراراً ومن بابين، الأول هو حب مطلق مثل "أمتي يا أمة الأمجاد والماضي العتيق"، أما الثاني فهو ما نعى فيه المغنيون غربتهم عن الوطن في المهاجر وذاع ذيوعاً كبيراً خلال أيامنا في واقع النزوح الاستثنائي المأسوي بعد الحرب.
سأل صحافي خلال تسعينيات القرن الـ20 عدداً من الشباب في مناسبة ذكرى ثورة أكتوبر 1964 ضد ديكتاتورية الفريق إبراهيم عبود (1958-1964)، عما يعرفونها عنها.
واحدة من جبهات الحرب الناشبة الغائبة عن غير السودانيين هي الأغنية السياسية على عظم دورها فيها. وللسودانيين باع طويل في هذه الأغنية التقليدية منها والحديثة حتى قال أحدهم إنهم يعيشون في خفض منها. وتفسير ذلك بسيط متى وقفنا على مناشئها في سياسة البلد ومجتمعها. ومن تلك المنابع أغنية الفروسية التقليدية التي تُستدعى حالياً في هذه الحرب، وهي أغان في مأثرة الفارس في القبيلة تنظمها شاعرة من دائرة قريباته. وتقوم الأغنية منها على ثلاث شعب هي صمامة الرأي والكرم والجلد في الحرب. فاشتهرت أغنية نسبت الفارس إلى آباء "بحلو للعوجات" (من عِوج أي الأمر المشكل)، وأن مطامير عيشه "للخالة والعمات"، وقلبه حديد في النزال. بل تمنت أخرى لفارسها ألا يموت على فراشه تذرف النساء الرماد حزناً على فراقه، بل تريده موتاً في ساحة الوغى بعجاجها الكاتح موشحاً بدمه.
وشكلت الأغنية السياسية عصب الحركة الوطنية ضد الاستعمار الإنجليزي (1898-1956). وأجاد فيها الشاعر الفنان خليل فرح (1894-1932). ولأغنيته "نحن ونحن الشرف الباذخ" حكاية طريفة مع استخبارات الاستعمار الإنجليزي التي كان صمويل عطية اللبناني موظفاً فيها. فكانت الأغنية ألهبت الشعور الوطني في وحدة مصر والسودان فأرادت المخابرات أن تعرف عنها وعن المغني أكثر. فدعا صمويل عطية خليل إلى مكتبه ليسمعها منه ولكنه قال إنه يفضل أن يسمعها منه إن أراد في بيته. فقبل صمويل واستقبله في بيته وسط لفيف من الشوام داخل السودان. وتحول المجلس من تحقيق استخباراتي إلى حفل طرب الحضور فيه للأغنية وردودها مع خليل، بل غنى لهم "أعبدة ما ينسى مودتك القلب" لعمر بن أبي ربيعة، فاكتمل المجلس العربي الطربي. وقال مرافق لخليل ليلتها إن صمويل شد على يدي الخليل معجباً، ومات التحقيق عن الأغنية.
وليس أدل من عيش السودانيين في خفض من الأغنية السياسية من قيامهم بثورات ثلاث لكل منها على حدة ملف كامل من تلك الأغاني. وتحولت أغنيات بعد ثورة أكتوبر 1964 مثل "أصبح الصبح فلا السجن ولا السجان باقي" و"أكتوبر 21" و"أكتوبر الأخضر" للفنانين محمد وردي ومحمد الأمين إلى ما هو قريب من النشيد الوطني. واستولى وردي مرة أخرى على ألباب السودانيين بعد ثورة أبريل (نيسان) 1985 بـ"بلاء وانجلى":
بلاء وانجلى
حمد لله ألف على السلامة
انهد كتف المقصلة
وبـ"حنبنبهو" "وطن شامخ وطن عاتي وطن خير ديمقراطي".
وجاء الغناء عن حب الوطن مدراراً ومن بابين. فالباب الأول هو حب مطلق أما الآخر فهو ما نعى فيه المغنيون غربتهم عن الوطن في المهاجر، وذاع هذا الأخير ذيوعاً كبيراً خلال أيامنا في واقع النزوح الاستثنائي المأسوي بعد الحرب. أما الحب المطلق فتجده في مثل "أمتي يا أمة الأمجاد والماضي العتيق". أما النوع الذي صدر عن أوجاع الغربة فمثل:
يا غربة لا لا لا لا لا ما تطولي
يا دمعة لا لا لا لا لا ما تنزلي
أنا بيك متيم يا بلد
أنا دمعة نازلة
وانت خد
ولا تلاقي فيديو يستعيد في يومنا مشاهد من السودان إلا مصحوباً بـ:
يا صباح الغربة
متين اسمع يقولو خلاص زمان الرجعة للسودان
ألملم حزني في طرفي، أصر الفرحة بالكيمان
ومن مصادر الأغنية السياسية الأناشيد الجهادية لشباب الحركة الإسلامية في حرب جنوب السودان طوال عقد التسعينيات، ولهم فيها ديوان كامل تستذكره كتائب البراء في هذه الحرب التي تخوضها مع القوات المسلحة مثل:
الجهاد نادانا
يا والده ما تحميني، عاوز أموت في ديني، شفاعة لوالديني، الأهل والأخوانا، الجهاد نادانا
أما سيدة الأغنية السياسية ليومنا للقوات المسلحة فهي الفنانة ندى القلعة. ونواصل.
ibrahima@missouri.edu
المصدر: سودانايل
إقرأ أيضاً:
الأحزاب السياسية تناقش مع الاتحاد الأوروبي مستجدات الحرب والسلام ومطالب بتطوير العلاقات إلى المستوى الجيوسياسي التنموي
أجرى عدد من قيادات الأحزابالسياسية في اليمن ، في العاصمة البلجيكية بروكسل، لقاءات مع قيادات الاتحاد الأوروبي، تناولوا خلالها مستجدات الساحتين الوطنية والإقليمية، وسبل تطوير العلاقات الأوروبية اليمنية.
وتضمنت جولة المشاورات لقاءات موسّعة مع لجنة الشؤون الخارجية في البرلمان الأوروبي، وكذا مديرية الشراكات الدولية في الاتحاد، بالإضافة إلى فريق عمل الشرق الأوسط في مجلس الاتحاد الأوروبي، وأخيراً الاجتماع مع دائرة العمل الخارجي الأوروبي قسم الشؤون اليمنية.
وقد شدد المسؤولون الأوروبيون على موقف الاتحاد الداعم للحكومة الشرعية وتعزيز تماسكها السياسي، ورفضهم القاطع للسلوك الذي تقوم به مليشيا الحوثي بتهديد حرية الملاحة الدولية.
من جانبها، أكدت القيادات اليمنية أن الظروف الإقليمية والمستجدات باتت تتطلب تطوير العلاقات المشتركة من المستوى الإنساني الدبلوماسي إلى المستوى الجيوسياسي التنموي.
وأوضحوا أن ما يجمع الاتحاد الأوروبي ومنظومة الشرعية اليمنية لا يقتصر على المصالح المشتركة وحسب، بل يشمل أيضا المبادئ المتعلقة بالتعددية والديمقراطية، وهو ما يستوجب تنسيق العمل المشترك، للحد من تهديد المليشيا الحوثية الإرهابية وانتهاكاتها بحق الشعب اليمني.
تجدر الإشارة إلى أن وفد الجانب اليمني ضم كلا من: عضو الهيئة العليا للتجمع اليمني للإصلاح ورئيس الكتلة البرلمانية للحزب، النائب عبد الرزاق الهجري، والأمين العام للحزب الاشتراكي اليمني، عبد الرحمن السقاف، والأمين العام للتنظيم الوحدوي الشعبي الناصري، عبد الله نعمان، والأمين العام المساعد للمكتب السياسي للمقاومة الوطنية، عبد الله أبو حورية، ورئيس الكتلة البرلمانية للمؤتمر الشعبي العام، عبد الوهاب معوضة