سودانايل:
2025-02-02@12:42:12 GMT

الذبح: أو ربط الفضاء العام بذاكرة الدم

تاريخ النشر: 2nd, February 2025 GMT

بقلم: محمد بدوي

القتل المتصاعد للمدنيين في الشارع من قبل الأطراف المتحاربة في السودان، وتصويرها ونشرها، وغالبا ما يسبق ذلك تصريحات محرضة على تلك الانتهاكات، ليس فعل انفعالي أو إنفلات من بعض المقاتلين، فالمراقب يرصد بأن الضحايا مدنيين كقاسم مشترك مع تعدد التصريحات حول الدوافع، ويظل المدنيين محور المعادلة التي تهدف إلي جعل الشارع العام منطقة محفوفة بالموت،والهدف من ذلك حسب تقديري زرع الخوف من ممارسة اي حياة عامة في الشارع العام بحرية ودون الشعور بالخوف والقهر، وهي استراتجية تسعي لفرض انساق سلوك محددة في الشارع العام مفادها تجريم ممارسة الحياة بحرية بما يشمل الحق في التعبير أو الاحتجاج، بالتالي فإن العنف المفرط الذي يمارس من قتل خارج نطاق القضاء سواء عن طريق الاصابة بالرصاص أو الذبح أو حرق الجثة تكشف بأن الهدف هو فصل الشارع كمان ودلالة من معادلة التغيير السياسي .



بالنظر الي الفاعلين من حيث الفئة نجدهم من تحت تصنيف الشباب، اي ذات الفئة أو الفئات التي تشكل قوان الجسارة والاقدام في الشارع العام، ولعل سجل الانتهاكات الموجهة نحو الشباب يمكن رصدها من حرب الجنوب، الاستهداف بالانخراط في صفوف المليشيات المختلفة من الشعبي إلي الأشكال المختلفة، استهدافهم بالانضمام الي صفوف المجموعات المتطرفة من داعش الي الاخري بليبيا والصومال ومالي، استهدافهم بالموت خلال احتجاجات ٢٠١٢، سبتمبر ٢٠١٣، الي ثورة ديسمبر٢٠١٨، ثم خلال فترة بعد انقلاب ٢٠٢١ الي الحرب الراهنة، المعادلة تشير إلي انهم الذين يصوبون السلاح الي ذات الفئة التي ينتمون إليها، بينما قد يبلغ متوسط عمر القادة السياسيين الذين يخضعون بحكم الانتماء السياسي أو العسكري لهم ال٥٥ عاما مجازا ، اي خارج تلك الفئة وهم بعيدون وامنون ومتمتعون بثروات ضخمة لم تفكر الفئة المقاتلة ومؤكد لن تجروا على ذلك لان مجرد البوح التفكير يعني أن ذاك الفرد خرج عن السيطرة من النسق المرسوم بدقة لدوره المحصور في ارتكاب القتل ومواجهته .

عقب سيطرة طرفي الحرب على اي مناطق سكنية تظهر انتهاكات تتعارض مع ما هو معلن من السيطرة ولعل هذه الانتهاكات هي الرسالة التي تشير إلي أن العودة للمساكن مشروطه بقطع اي علاقة بنشاط سلمي في الشارع العام، فالأتهام بالتعاون مع الطرف الآخر سواء بنقل المعلومات أو وضع الشرائح التي يعتمد عليها الطيران الحربي والمسير في تحديد القصف الذي في الراجح ليس عسكريا، إضافة إلي استخدام مرشدين للتعريف بالمستهدفين بالانتهاكات يقصد بها أن هنالك جهة تعطي الأذن بالتحرك وممارسة الحياة في الشارع العام معيارها مرتبط بتحقق القهر وفصم عري العلاقة، وهي ذات استرانجية حزم قوانيين النظام العام التي قصدت جعل الفضاء العام محكوم بخصوص تخضع لتفسير الجهة المنفذة دون مرجعية اخري.

بالنسبة لاشكال الانتهاكات فإنها ليست جديدة فقط تم استدعائها أمام كاميرات التصوير هذه المرة، ولعل ثقل سجل العنف ارتبط بغياب التخطيط الاجتماعي كدور تاسيسي خلال فترات الحكم المختلفة التي قطعت فترات نمو الديمقراطية فيها الانقلابات العسكرية وسوء إدارة الاقتصاد والسلطة بما قاد إلي حروب سياسية داخلية شفرتها لا تزال الفدرالية كنظام يتناسب مع التكوين التاريخي والاجتماعي والسياسي الذي تشكلت منه دولة ما بعد الاستقلال، وحل للأزمات الاقتصادية بالادوات العسكرية القمعية، فلم نمعن النظر بأن ظواهر النهب المسلح اعقبت فترات الجفاف القاسية، فاوغلنا في محاربتها عسكريا، مع غياب العدالة باشكالها المختلفة تاريخيا وكذلك ثقافة ومفهوم الاعتذار الرسمي من الحكومات بلا استثناء راجع من احترام الكرامة الانسانية من سياق القيم ومفهومها المتصل بين الدولة والفرد والتي تبدأ بحمايته وتوفير الخدمات له، إلي عسكرة حياته واصابته بالرصاص في حال المطالبة بما يستحقها وفقا للعلاقة الدستورية بين السلطة والشعب في سياق مفهوم الدولة والسيادة.

أن طرفي الحرب اسسوا استراتيجيات السيطرة على السلطة بمدخل فصل المدنيين من الشارع العام استنادا علي سجل العلاقة خلال ثورة ديسمبر٢٠١٨، فاللطراف تقاتل منذ أبريل ٢٠٢٣ لكنها حرب تري في الشارع الخطر الحقيقي لأنهم يمتلكون التمويل عبر الاستغلال للموارد لكن يعملون على كسر الضلع الأساسي الذي غاب ولا زال صوته ودوره غائبا منذ بدء الحرب وهم المدنيون.

أخيرا: لعل التاريخ الإنساني يدفع بنا لاعادة النظر في مجمل سجلنا لاستخلاص الدروس وتتبع الأسباب، فهذا الذبح والتمثيل بالرؤس استدعاء لتجربة داعش و إن أعاد الذاكرة إلي رأس غردون وتحرير الخرطوم " رغم اختلاف السياق" التي مضت ذكراها قبل ايام قلائل وإلي انتهاكات كتيرة امتدت في حقب مختلفة احتفينا ببعضها في مقررات الدراسة ودفعنا منها سجل اخر الي التواري خلف الحصانة السياسية قبل القانونية، فالراهن الذي جاء مصحوبا بالتدمير الواسع للمدن كانه يعيد التذكير بأن مناهج التحليل يجدر بها ربط الاجتماعي بالسياسي فالعنف ظل يبني في الذاكرة الفردية والجمعية وظللنا نهرب من ذلك بالتباهي بالقيم فاطراف الحرب ليسوا من محيط خارجي بل امتداد لذاكرة لعنتنا، وحاضر الاسلام السياسي في تجربة داعش ، لتظل الحرب فاصل من حروب دفنا أسبابها تحت الرماد لتحتفظ بنسقها واستدعاء إرثها كلما إشتعلت وكذلك استمرار الفشل في ادارة الدولة تاريخيا مع تراجع غياب التنسيق (لا اقول الاتحاد )حتي النسبي حول القضايا الوطنية الحاسمة، فاين تكمن المحنة !

badawi0050@gmail.com  

المصدر: سودانايل

كلمات دلالية: فی الشارع العام

إقرأ أيضاً:

“سدايا” تستعرض مستقبل الذكاء الاصطناعي العام والتحديات التي تواجهه بمشاركة أكثر من 16 جهة حكومية

المناطق_واس

نظمت الهيئة السعودية للبيانات والذكاء الاصطناعي “سدايا” لقاءً بعنوان “الذكاء الاصطناعي العام (AGI) – هل ستمتلك الآلة القدرات البشرية؟”، بالتعاون مع جامعة الملك سعود، وبحضور ممثلين من أكثر من 16 جهة حكومية، إلى جانب نخبة من المسؤولين والخبراء المختصين في مجال الذكاء الاصطناعي من مختلف القطاعات.

 

أخبار قد تهمك “الذكاء الاصطناعي ودوره في تطوير المهارات الوظيفية”.. جلسة حوارية ضمن المؤتمر الدولي لسوق العمل 30 يناير 2025 - 8:22 مساءً الدوري السعودي للمحترفين: الأهلي يكسب نقاط العروبة بهدفين دون رد 30 يناير 2025 - 8:19 مساءً

وتناول اللقاء تعزيز الفهم العميق لقدرات الذكاء الاصطناعي العام وإمكاناته المستقبلية، وأبرز التحديات التي قد تواجه هذا المجال، فضلًا عن تعزيز التعاون والتكامل بين القطاعات المختلفة لضمان استخدام الذكاء الاصطناعي بفعالية ومسؤولية لتحقيق أقصى استفادة منه، وتعزيز دوره في التنمية.

 

وناقش اللقاء محاور عدة من بينها: تطوير سياسات الذكاء الاصطناعي العام، وأبرز المستجدات التقنية، ورؤى الخبراء حول مستقبله إلى جانب استكشاف المخاطر المحتملة والاستعدادات اللازمة لمواكبة التطورات المتسارعة في هذا المجال.

 

واتفق المشاركون على أهمية التعاون المستمر بين الجهات الحكومية لتبادل المعرفة والخبرات، مما يسرّع من تبنّي تقنيات الذكاء الاصطناعي في مختلف القطاعات ويدعم مسيرة التحول الرقمي في المملكة.

 

ويأتي تنظيم هذا اللقاء ضمن إطار الجهود المستمرة التي تبذلها “سدايا” لتعزيز مكانة المملكة العربية السعودية كدولة رائدة في مجال الذكاء الاصطناعي والابتكار، بوصفها المرجع الوطني للبيانات والذكاء الاصطناعي في كل ما يتعلق بهما من تنظيم وتطوير وتعامل في المملكة وتماشيًا مع رؤية المملكة 2030.

نسخ الرابط تم نسخ الرابط 30 يناير 2025 - 8:21 مساءً شاركها فيسبوك ‫X لينكدإن ماسنجر ماسنجر أقرأ التالي أبرز المواد30 يناير 2025 - 8:16 مساءًالهيئة الملكية لمحافظة العُلا توقع شراكات جديدة مع مؤسسات إيطالية لتعزيز التعاون في مجال التراث الثقافي أبرز المواد30 يناير 2025 - 8:00 مساءًهيئة فنون الطهي شريك إستراتيجي لمهرجان الكليجا في القصيم أبرز المواد30 يناير 2025 - 7:55 مساءًأمير منطقة حائل يُطلق شارة بدء انطلاق رالي حائل تويوتا الدولي 2025 أبرز المواد30 يناير 2025 - 7:52 مساءًمشعل الجوعان أصغر ملاح مشارك في رالي حائل تويوتا الدولي 2025 أبرز المواد30 يناير 2025 - 7:35 مساءًوزير الرياضة لـ بيرس مورغان: قرار ضم محمد صلاح متروك للأندية30 يناير 2025 - 8:16 مساءًالهيئة الملكية لمحافظة العُلا توقع شراكات جديدة مع مؤسسات إيطالية لتعزيز التعاون في مجال التراث الثقافي30 يناير 2025 - 8:00 مساءًهيئة فنون الطهي شريك إستراتيجي لمهرجان الكليجا في القصيم30 يناير 2025 - 7:55 مساءًأمير منطقة حائل يُطلق شارة بدء انطلاق رالي حائل تويوتا الدولي 202530 يناير 2025 - 7:52 مساءًمشعل الجوعان أصغر ملاح مشارك في رالي حائل تويوتا الدولي 202530 يناير 2025 - 7:35 مساءًوزير الرياضة لـ بيرس مورغان: قرار ضم محمد صلاح متروك للأندية الدوري السعودي للمحترفين: الأهلي يكسب نقاط العروبة بهدفين دون رد الدوري السعودي للمحترفين: الأهلي يكسب نقاط العروبة بهدفين دون رد "الذكاء الاصطناعي ودوره في تطوير المهارات الوظيفية".. جلسة حوارية ضمن المؤتمر الدولي لسوق العمل "الذكاء الاصطناعي ودوره في تطوير المهارات الوظيفية".. جلسة حوارية ضمن المؤتمر الدولي لسوق العمل تابعنا على تويتـــــرTweets by AlMnatiq تابعنا على فيسبوك تابعنا على فيسبوكالأكثر مشاهدة الفوائد الاجتماعية للإسكان التعاوني 4 أغسطس 2022 - 11:10 مساءً بث مباشر مباراة الهلال وريال مدريد بكأس العالم للأندية 11 فبراير 2023 - 1:45 مساءً اليوم.. “حساب المواطن” يبدأ في صرف مستحقات المستفيدين من الدعم لدفعة يناير الجاري 10 يناير 2023 - 8:12 صباحًا جميع الحقوق محفوظة لجوال وصحيفة المناطق © حقوق النشر 2025   |   تطوير سيكيور هوست | مُستضاف بفخر لدى سيكيورهوستفيسبوك‫X‫YouTubeانستقرامواتساب فيسبوك ‫X ماسنجر ماسنجر واتساب تيلقرام زر الذهاب إلى الأعلى إغلاق البحث عن: فيسبوك‫X‫YouTubeانستقرامواتساب إغلاق بحث عن إغلاق بحث عن

مقالات مشابهة

  • زي النهارده.. توقيع معاهدة سلام تورون التي أنهت الحرب البولندية الليتوانية التوتونية
  • أعراض نقص الكالسيوم التي قد تهدد صحتك ولا يجب تجاهلها
  • ماتت فى سبيل الله.. وسط دموع المحافظ ووزير الأوقاف تكريم الأسرة القرآنية التي فقدت متسابقة ووالدتها فى المسابقه
  • تعرّف على المنظمة التي تلاحق مجرمي الحرب الإسرائيليين بجميع أنحاء العالم
  • الفتوى توضح حكم الدم الذي ينزل بعد السقط في الإسلام
  • وفاة جزار بأكادير جراء طعنات غادرة وجهها له ابنه في الشارع العام
  • “سدايا” تستعرض مستقبل الذكاء الاصطناعي العام والتحديات التي تواجهه بمشاركة أكثر من 16 جهة حكومية
  • شاهد بالفيديو.. مواطن أسيوي يقلد شيخ الدعم السريع الذي قام بخلع سرواله بطريقة مضحكة والجمهور يطالب بتكريمه بعد الحرب
  • محافظ القليوبية في جولة ميدانية مفاجئة ببنها: لا تهاون مع الإشغالات والتعديات!