سودانايل:
2025-04-07@06:49:18 GMT

الذبح: أو ربط الفضاء العام بذاكرة الدم

تاريخ النشر: 2nd, February 2025 GMT

بقلم: محمد بدوي

القتل المتصاعد للمدنيين في الشارع من قبل الأطراف المتحاربة في السودان، وتصويرها ونشرها، وغالبا ما يسبق ذلك تصريحات محرضة على تلك الانتهاكات، ليس فعل انفعالي أو إنفلات من بعض المقاتلين، فالمراقب يرصد بأن الضحايا مدنيين كقاسم مشترك مع تعدد التصريحات حول الدوافع، ويظل المدنيين محور المعادلة التي تهدف إلي جعل الشارع العام منطقة محفوفة بالموت،والهدف من ذلك حسب تقديري زرع الخوف من ممارسة اي حياة عامة في الشارع العام بحرية ودون الشعور بالخوف والقهر، وهي استراتجية تسعي لفرض انساق سلوك محددة في الشارع العام مفادها تجريم ممارسة الحياة بحرية بما يشمل الحق في التعبير أو الاحتجاج، بالتالي فإن العنف المفرط الذي يمارس من قتل خارج نطاق القضاء سواء عن طريق الاصابة بالرصاص أو الذبح أو حرق الجثة تكشف بأن الهدف هو فصل الشارع كمان ودلالة من معادلة التغيير السياسي .



بالنظر الي الفاعلين من حيث الفئة نجدهم من تحت تصنيف الشباب، اي ذات الفئة أو الفئات التي تشكل قوان الجسارة والاقدام في الشارع العام، ولعل سجل الانتهاكات الموجهة نحو الشباب يمكن رصدها من حرب الجنوب، الاستهداف بالانخراط في صفوف المليشيات المختلفة من الشعبي إلي الأشكال المختلفة، استهدافهم بالانضمام الي صفوف المجموعات المتطرفة من داعش الي الاخري بليبيا والصومال ومالي، استهدافهم بالموت خلال احتجاجات ٢٠١٢، سبتمبر ٢٠١٣، الي ثورة ديسمبر٢٠١٨، ثم خلال فترة بعد انقلاب ٢٠٢١ الي الحرب الراهنة، المعادلة تشير إلي انهم الذين يصوبون السلاح الي ذات الفئة التي ينتمون إليها، بينما قد يبلغ متوسط عمر القادة السياسيين الذين يخضعون بحكم الانتماء السياسي أو العسكري لهم ال٥٥ عاما مجازا ، اي خارج تلك الفئة وهم بعيدون وامنون ومتمتعون بثروات ضخمة لم تفكر الفئة المقاتلة ومؤكد لن تجروا على ذلك لان مجرد البوح التفكير يعني أن ذاك الفرد خرج عن السيطرة من النسق المرسوم بدقة لدوره المحصور في ارتكاب القتل ومواجهته .

عقب سيطرة طرفي الحرب على اي مناطق سكنية تظهر انتهاكات تتعارض مع ما هو معلن من السيطرة ولعل هذه الانتهاكات هي الرسالة التي تشير إلي أن العودة للمساكن مشروطه بقطع اي علاقة بنشاط سلمي في الشارع العام، فالأتهام بالتعاون مع الطرف الآخر سواء بنقل المعلومات أو وضع الشرائح التي يعتمد عليها الطيران الحربي والمسير في تحديد القصف الذي في الراجح ليس عسكريا، إضافة إلي استخدام مرشدين للتعريف بالمستهدفين بالانتهاكات يقصد بها أن هنالك جهة تعطي الأذن بالتحرك وممارسة الحياة في الشارع العام معيارها مرتبط بتحقق القهر وفصم عري العلاقة، وهي ذات استرانجية حزم قوانيين النظام العام التي قصدت جعل الفضاء العام محكوم بخصوص تخضع لتفسير الجهة المنفذة دون مرجعية اخري.

بالنسبة لاشكال الانتهاكات فإنها ليست جديدة فقط تم استدعائها أمام كاميرات التصوير هذه المرة، ولعل ثقل سجل العنف ارتبط بغياب التخطيط الاجتماعي كدور تاسيسي خلال فترات الحكم المختلفة التي قطعت فترات نمو الديمقراطية فيها الانقلابات العسكرية وسوء إدارة الاقتصاد والسلطة بما قاد إلي حروب سياسية داخلية شفرتها لا تزال الفدرالية كنظام يتناسب مع التكوين التاريخي والاجتماعي والسياسي الذي تشكلت منه دولة ما بعد الاستقلال، وحل للأزمات الاقتصادية بالادوات العسكرية القمعية، فلم نمعن النظر بأن ظواهر النهب المسلح اعقبت فترات الجفاف القاسية، فاوغلنا في محاربتها عسكريا، مع غياب العدالة باشكالها المختلفة تاريخيا وكذلك ثقافة ومفهوم الاعتذار الرسمي من الحكومات بلا استثناء راجع من احترام الكرامة الانسانية من سياق القيم ومفهومها المتصل بين الدولة والفرد والتي تبدأ بحمايته وتوفير الخدمات له، إلي عسكرة حياته واصابته بالرصاص في حال المطالبة بما يستحقها وفقا للعلاقة الدستورية بين السلطة والشعب في سياق مفهوم الدولة والسيادة.

أن طرفي الحرب اسسوا استراتيجيات السيطرة على السلطة بمدخل فصل المدنيين من الشارع العام استنادا علي سجل العلاقة خلال ثورة ديسمبر٢٠١٨، فاللطراف تقاتل منذ أبريل ٢٠٢٣ لكنها حرب تري في الشارع الخطر الحقيقي لأنهم يمتلكون التمويل عبر الاستغلال للموارد لكن يعملون على كسر الضلع الأساسي الذي غاب ولا زال صوته ودوره غائبا منذ بدء الحرب وهم المدنيون.

أخيرا: لعل التاريخ الإنساني يدفع بنا لاعادة النظر في مجمل سجلنا لاستخلاص الدروس وتتبع الأسباب، فهذا الذبح والتمثيل بالرؤس استدعاء لتجربة داعش و إن أعاد الذاكرة إلي رأس غردون وتحرير الخرطوم " رغم اختلاف السياق" التي مضت ذكراها قبل ايام قلائل وإلي انتهاكات كتيرة امتدت في حقب مختلفة احتفينا ببعضها في مقررات الدراسة ودفعنا منها سجل اخر الي التواري خلف الحصانة السياسية قبل القانونية، فالراهن الذي جاء مصحوبا بالتدمير الواسع للمدن كانه يعيد التذكير بأن مناهج التحليل يجدر بها ربط الاجتماعي بالسياسي فالعنف ظل يبني في الذاكرة الفردية والجمعية وظللنا نهرب من ذلك بالتباهي بالقيم فاطراف الحرب ليسوا من محيط خارجي بل امتداد لذاكرة لعنتنا، وحاضر الاسلام السياسي في تجربة داعش ، لتظل الحرب فاصل من حروب دفنا أسبابها تحت الرماد لتحتفظ بنسقها واستدعاء إرثها كلما إشتعلت وكذلك استمرار الفشل في ادارة الدولة تاريخيا مع تراجع غياب التنسيق (لا اقول الاتحاد )حتي النسبي حول القضايا الوطنية الحاسمة، فاين تكمن المحنة !

badawi0050@gmail.com  

المصدر: سودانايل

كلمات دلالية: فی الشارع العام

إقرأ أيضاً:

ليبيا تعزز التعاون الدولي لدعم حقوق الأشخاص «ذوي الإعاقة»

عقدت وزيرة الشؤون الاجتماعية بحكومة الوحدة الوطنية وفاء ابوبكر الكيلاني، اجتماعًا مع رئيس التحالف الدولي للإعاقة (IDA)، الدكتور نواف كبارة، على هامش القمة المنعقدة في العاصمة الألمانية برلين، بحضور السفير الليبي لدى ألمانيا، جمال البرق، ومدير مكتب التعاون الدولي.

وناقش الجانبان “سبل تعزيز التعاون في مجال دعم وتمكين الأشخاص “ذوي الإعاقة”، حيث أكدت الكيلاني، “التزام ليبيا بتطوير السياسات الداعمة لهذه الفئة وفقًا للمعايير الدولية”، مشيدةً “بالدور البارز الذي يقوم به التحالف الدولي في تعزيز حقوق ذوي الإعاقة على المستوى العالمي”.

كما تناول الاجتماع “التحديات التي تواجه هذه الفئة في ليبيا، وأهمية تطوير برامج وآليات تسهم في تحسين جودة حياتهم وتعزيز اندماجهم في المجتمع”.

وتم الاتفاق على “توقيع مذكرة تعاون مشتركة، تهدف إلى تبادل الخبرات وبناء القدرات، إضافة إلى تطوير التشريعات والسياسات الداعمة لذوي الإعاقة في ليبيا، وتشمل المذكرة تنفيذ برامج ومشاريع مشتركة تهدف إلى تحسين الخدمات المقدمة للأشخاص “ذوي الإعاقة”، وتعزيز الوعي المجتمعي بحقوقهم، وضمان وصولهم إلى فرص متساوية في مختلف المجالات”.

كما اتفق الجانبان “على إقامة حدث دولي حول الإعاقة في ليبيا بالتعاون مع “التحالف الدولي للإعاقة”، يهدف إلى تسليط الضوء على قضايا الأشخاص ذوي الإعاقة، ومناقشة أفضل الممارسات العالمية في تمكينهم، بالإضافة إلى تعزيز الشراكات الدولية في هذا المجال”.

من جهتها، أكدت الكيلاني، “أن هذه الخطوة تأتي في إطار التزام الدولة الليبية بتمكين الأشخاص “ذوي الإعاقة” وتعزيز حقوقهم، من خلال تطوير البنية التحتية الداعمة لهم، وتوفير فرص التعليم والتوظيف المناسبة، إلى جانب دعم مشاركتهم في مختلف مجالات الحياة”.

كما أكدت الوزيرة خلال اللقاء على أن “الوزارة ستواصل العمل مع مختلف المنظمات الدولية والإقليمية لضمان تنفيذ سياسات مستدامة تسهم في تحقيق تنمية شاملة للأشخاص “ذوي الإعاقة” في ليبيا”.

ومن المتوقع أن تسهم هذه الشراكة في “إحداث تغيير إيجابي على مستوى الخدمات المقدمة “لذوي الإعاقة”، وتعزيز التعاون الدولي في هذا المجال بما يحقق أهداف التنمية المستدامة ويضمن حياة كريمة لهذه الفئة المهمة من المجتمع”.

مقالات مشابهة

  • اللهم نصرك الذي وعدت ورحمتك التي بها اتصفت
  • الذهب والفضة ينخفضان مع تصاعد الحرب التجارية التي أعلنها ترامب
  • إسرائيل تدك غزة.. وسكان حي الشجاعية يستغيثون إنقاذهم
  • الكشف عن الدولة العربية التي قدمت دعما لحملة القصف على اليمن
  • الحرس الثوري الإيراني: لن نبدأ الحرب لكننا مستعدون لأي مواجهة
  • برلمانية: دعوات الذبح داخل باحات المسجد الأقصى استفزاز لمشاعر المسلمين
  • ليبيا تعزز التعاون الدولي لدعم حقوق الأشخاص «ذوي الإعاقة»
  • لازاريني: استشهاد وإصابة 100 طفل يوميا بغزة أمر مروع
  • الحرب العالمية التجارية التي أعلنها ترمب لا تخصنا في الوقت الراهن
  • لازاريني: مقتل وإصابة ما لا يقل عن 100 طفل فلسطيني يوميا في غزة