محمد عبد المنعم صالح

إن المتأمل في سرعة التحولات التي تصيب عالمنا الحالي ليقف متعجبا مما تغير و يتغير خاصة في العقد الأخير، بدءا من أواخر التسعينات إلي يومنا هذا. فالتغيير يمس كل مناحي الحياة و يلمسه الصغير قبل الكبير، بما له من بالغ التأثير في الفكر و الطبائع و التوجهات، قبل أن يكون في التقنيات أو السياسات أو التشريعات.

إنه حقا عالم متسارع لم يشهد له مثيل من قبل، بل و تزداد وتيرة تسارعه بنسب مطردة كلما تقدم بنا الزمان. و لا داعي هنا لسرد أشكال ما تم من تغيير فالكل يعيشه بالفعل، بإجابياته و سلبياته. و كذلك لا داعي لطرح تصور لعالم ما بعد الحداثة و العولمة, و نا بعد التواصل الإجتماعي و بدء عالم الذكاء الإصطناعي الذي سيقوم بإسراع وتيرة التغيير بشكل فوق الحدي, الذي لا يمكن توقعه أو وضع إطارا له. و لكن ما يهمنا في هذا الكتاب هو الإنسان، ذلك المخلوق المُكرم من قبل الخالق و لكنه أصبح هدفا للعبث بمكوناته الإنسانية المحضة من نفس و روح و عقل و قلب. فكل تغيير يتم من حوله يمس بشدة هذه المكونات التي تمثل أصل فطرته، فإما تسمو به إلي إصلاحه و خلاصه، أو تهوي به إلي ضلاله و هلاكه.

هذا الكتاب لا يُعد كتابًا تقليديًا يناقش جوانب محددة من العلوم الإنسانية أو الإقتصاد السياسي أو العقائد أو حتي علوم الإدارة و القيادة, بل هو محاولة متعددة الجوانب و متسعة الرؤى تشمل كل هذه الأبعاد, و تهدف للتنقيب بعمق في عالم الإنسانية ككل، سعياً لإستكشاف القوى الخفية أو الروح المُشَكلة للفلسفة القائمة و الوعي الإدراكي الحالي الذي يحرك البشرية، لا سيما في العصر الأخير. إنه بحث نموذجي شامل لتحليل ما يشكل مصيرنا و النظام الفكري الذي يحكمنا و يساهم بشكل كبير في تطوير ثقافاتنا، و تشكيل وجهات نظرنا، و دوافعنا، و مواقفنا، و سلوكياتنا. ثم يقدم نموذجاً فكرياُ جديداُ، يجمع بين الأبعاد الفلسفية و الروحية و الإجتماعية و النفسية و الإدارية, بل و الأخلاقية و الثقافية. هذا النموذج الإنساني الأصيل هو جديد في طريقة الطرح, و لكنه قديم أو أصيل في الجوهر و المضمون. و غايته هي نقض النظام العالمي الحالي و قيادته و قيمه السائدة، و تقديم مقدمات لحلول جذرية يمكن أن تُحدِث تغييراً جذرياً في النظام العالمي بأكمله, بل و تغير القواعد نحو واقع مختلف, يتسم بالوفرة و الفضيلة و الرحمة و السلام.

و بالرغم إدراكنا أن هذا قد الطرح قد يبدو للبعض تقديراً خياليًا أو حلماً يوطوبياًوياً، إلا أننا نؤمن بأن البحث عن الجوهر الإنساني الأصيل هو سر صلاحه. و هذا السر هو روحه, التي هي مكون الإنساني الأول وجوداً و الأكثر نقاءً, فهي تحمل كل الخير في خلقية نشأتها، لأن الله قد نفخها في الإنسان الأول من روحه القدوس المطهرة, فلا تحمل إلا الخير و الطهر و الصفاء, لأنه تحمل جميع معاني أسماء الجلال و الجمال و الكمال. فبدون العودة إلى هذا الأصل الإنساني الأصيل الذي هو الروح, و بعث نورها في الإنسانية, ففرص البقاء و الإستمرار في هذا العالم الذي تحكمه الأنانية و البراغماتية المفرطة سيكون ضئيلاً جداً. فنحن نتجه بسرعة كبيرة نحو واقع من التدمير الذاتي، و إن لم نترك القيادة للروح و قواعدها الأصيلة، فإننا حتماً سوف نفقد الخلاص و حتماً سنصل إلى الفناء الكارثي.

قراءة في كتاب عصر ما بعد الحداثة و التغيير الجذري للوعي العالمي

إن المتأمل في سرعة التحولات التي تصيب عالمنا الحالي ليقف متعجبا مما تغير و يتغير خاصة في الأعوام الأخيرة، بدءا من أواخر التسعينات إلي يومنا هذا. فالتغيير يمس كل مناحي الحياة و يلمسه الصغير قبل الكبير، بما له من بالغ التأثير في الفكر و الطبائع و التوجهات، قبل أن يكون في التقنيات أو السياسات أو أو أو ... إنه حقا عالم متسارع لم يشهد له مثيل من قبل، بل و تزداد وتيرة تسارعه بنسب مطردة كلما تقدم بنا الزمان. و لا داعي هنا لسرد أشكال ما تم من تغيير فالكل يعيشه بالفعل، بإجابياته و سلبياته. و كذلك لا داعي لطرح تصور لعالم ما بعد الحداثة و العولمة, و ما بعد التواصل الإجتماعي و بدء عالم الذكاء الإصطناعي الذي سيقوم بإسراع وتيرة التغيير بشكل فوق المتخيل , الذي لا يمكن توقعه أو وضع إطارا له. و لكن ما يهمنا في قراءة هذا الكتاب هو الإنسان، ذلك التناول للمخلوق المُكرم من قبل الخالق و لكنه أصبح هدفا للعبث بمكوناته الإنسانية المحضة من نفس و روح و عقل و قلب. فكل تغيير يتم من حوله يمس بشدة هذه المكونات التي تمثل أصل فطرته، فإما تسمو به إلي إصلاحه و خلاصه، أو تهوي به إلي ضلاله و هلاكه.

هذا الكتاب في تقديري لا يُعد كتابًا تقليديًا يناقش جوانب محددة من العلوم الإنسانية أو الإقتصاد السياسي أو العقائد أو حتي علوم الإدارة و القيادة, بل هو محاولة متعددة الجوانب و متسعة الرؤى تشمل كل هذه الأبعاد, و تهدف للتنقيب بعمق في عالم الإنسانية ككل، سعياً لإستكشاف القوى الخفية أو الروح المُشَكلة للفلسفة القائمة و الوعي الإدراكي الحالي الذي يحرك البشرية، لا سيما في العصر الأخير. إنه بحث نموذجي شامل لتحليل ما يشكل مصيرنا و النظام الفكري الذي يحكمنا و يساهم بشكل كبير في تطوير ثقافاتنا، و تشكيل وجهات نظرنا، و دوافعنا، و مواقفنا، و سلوكياتنا. ثم يقدم نموذجاً فكرياُ جديداُ، يجمع بين الأبعاد الفلسفية و الروحية و الإجتماعية و النفسية و الإدارية, بل و الأخلاقية و الثقافية. هذا النموذج الإنساني الأصيل هو جديد في طريقة الطرح, و لكنه قديم أو أصيل في الجوهر و المضمون. و غايته هي نقض النظام العالمي الحالي و قيادته و قيمه السائدة، و تقديم مقدمات لحلول جذرية يمكن أن تُحدِث تغييراً جذرياً في النظام العالمي بأكمله, بل و تغير القواعد نحو واقع مختلف, يتسم بالوفرة و الفضيلة و الرحمة و السلام.

و بالرغم إدراكنا أن هذا قد الطرح قد يبدو للبعض تقديراً خياليًا أو حلماً طوبياًوياً، إلا أننا نؤمن بأن البحث عن الجوهر الإنساني الأصيل هو سر صلاحه. و هذا السر هو روحه, التي هي مكون الإنساني الأول وجوداً و الأكثر نقاءً, فهي تحمل كل الخير في خلقية نشأتها، لأن الله قد نفخها في الإنسان الأول من روحه القدوس المطهرة, فلا تحمل إلا الخير و الطهر و الصفاء, لأنه تحمل جميع معاني أسماء الجلال و الجمال و الكمال. فبدون العودة إلى هذا الأصل الإنساني الأصيل الذي هو الروح, و بعث نورها في الإنسانية, ففرص البقاء و الإستمرار في هذا العالم الذي تحكمه الأنانية و البراغماتية المفرطة سيكون ضئيلاً جداً. فنحن نتجه بسرعة كبيرة نحو واقع من التدمير الذاتي، و إن لم نترك القيادة للروح و قواعدها الأصيلة، فإننا حتماً سوف نفقد الخلاص و حتماً سنصل إلى الفناء الكارثي..

mohamed79salih@gmail.com

   

المصدر: سودانايل

كلمات دلالية: النظام العالمی بعد الحداثة هذا الکتاب فی الإنسان نحو واقع لا داعی من قبل ما بعد

إقرأ أيضاً:

الإمارات في رمضان.. عطاء عابر للقارات يجسد قيم التراحم الإنساني

 أطلقت دولة الإمارات بمناسبة حلول شهر رمضان المبارك هذا العام مجموعة من المبادرات والحملات الرمضانية العابرة للقارات التي تجسد مكانتها عاصمة عالمية للخير والإنسانية، وتبرز قيم الرحمة والتسامح والعطاء الراسخة في قطاعات الدولة كافة، ومختلف فئات المجتمع.

وتستقبل الإمارات سنويا الشهر الفضيل بالعديد من المبادرات والحملات الرمضانية المتميزة بأفكارها وأسلوبها المبتكر في تلبية المتطلبات الإنسانية المتزايدة في العديد من المناطق حول العالم.
فقد أطلق صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي "رعاه الله"، حملة "وقف الأب" بهدف تكريم الآباء في دولة الإمارات من خلال إنشاء صندوق وقفي مستدام بقيمة مليار درهم، يخصص ريعه لتوفير العلاج والرعاية الصحية للفقراء والمحتاجين وغير القادرين حول العالم.

وبدورها أعلنت هيئة الهلال الأحمر الإماراتي أن 4 ملايين و500 ألف شخص في 53 دولة في آسيا وأفريقيا وأوروبا وأمريكا الجنوبية، سيستفيدون من برامجها الرمضانية هذا العام، بتكلفة تبلغ 31.9 مليون درهم.
وأكدت أن برامجها الرمضانية التي تتضمن إفطار الصائم وزكاة الفطر وكسوة العيد والمير الرمضاني وكسر الصيام تستهدف الحد من تداعيات الأوضاع الإنسانية السائدة في العديد من الدول.

وبالتزامن مع اليوم الأول للشهر المبارك، باشرت مؤسسة زايد بن سلطان آل نهيان للأعمال الخيرية والإنسانية تنفيذ برنامجها الرمضاني "إفطار صائم" في أكثر من 13 دولة في مختلف قارات العالم والذي يستفيد منه ما يزيد على 465 ألف مستفيد ومن الدول المشمولة بهذا البرنامج؛ الأردن، ومصر، وباكستان، وكازخستان، وبنجلاديش، وماليزيا، وروسيا البيضاء، وكوسوفو، وإندونيسيا، وإثيوبيا، والفلبين، وجزر القمر، والبرازيل.
من جهتها، أعلنت هيئة الأعمال الخيرية العالمية، أن حملتها الرمضانية لهذا العام تستهدف تنفيذ مشروعات خيرية وتنموية بقيمة إجمالية تبلغ 156 مليون درهم، أهمها، إفطار الصائمين، وزكاة الفطر، وكسوة العيد، إلى جانب المشروعات العامة، ومنها كفالة ورعاية الأيتام، وزكاة المال، وبناء المساجد وتجهيزها لاستقبال الشهر الفضيل، وحفر الآبار، وغيرها من المشاريع والمبادرات الخيرية.

أخبار ذات صلة «أبيض الصالات» يخوض «وديتين» أمام الكويت «الإمارات» يواجه «الحبتور» في «غنتوت للبولو»


وأطلقت جمعية الإمارات الخيرية في رأس الخيمة حملتها الرمضانية لهذا العام تحت شعار "أيام معدودات" التي تتميز بتوسيع دائرة الخير والوصول إلى أكبر عدد من المستفيدين عبر عدة مبادرات مثل "منازل الخير" التي تهدف إلى بناء منازل للمحتاجين خارج الدولة بتكلفة تبدأ من 21,200 درهم للمنزل الواحد، ومبادرة "مائدة الرحمن في مسجدك" التي تهدف لتوزيع وجبات إفطار صائم في مساجد المحسنين خارج الدولة.
كما أطلقت “جمعية دار البر” حملة استثنائية موسعة خاصة بشهر رمضان المبارك تحت شعار “بكم يكتمل الخير” تُغطي دولة الإمارات و21 دولة عبر العالم ويستفيد منها نحو 1.7 مليون مستفيد، منهم 1,4 مليون مستفيد. خارج الدولة.
وفي السياق ذاته أعلنت جمعية الشارقة الخيرية أن حملتها الرمضانية “جود 2025” تتضمن مبادرات متنوعة لإسعاد 1.1 مليون مستفيد داخل وخارج الدولة.
وأوضحت أن الحملة تشمل عدة مشاريع خيرية، أبرزها توزيع قرابة مليون وجبة إفطار صائم في مواقع الإفطار داخل وخارج الدولة علاوة على مبادرات إنسانية عالمية مثل بناء شبكات المياه والمجمعات السكنية، وتسيير الحملات الطبية للمناطق النائية.

المصدر: وام

مقالات مشابهة

  • القانــون الدولــي الإنســاني فــي «منحــدر خطِر» ويجب تصحيح المســار
  • الجن زمن الإنسانية المتحولة
  • عمدة سبتة يقول إن الشاحنات المغربية التي مرت بالجمارك التجارية تحمل أختاما "تشير إلى أن مدينته "جزء من إسبانيا"!
  • حركة حماس.. عقود من المواجهة الساخنة مع الاحتلال.. قراءة في كتاب
  • هل تعيد سياسة أمريكا غير المعترفة بالقانون تشكيل النظام العالمي؟
  • كتاب في سطور| صوت الراوي وميراث السرد.. رحلة في عالم السرد والحكايات
  • الإمارات في رمضان.. عطاء عابر للقارات يجسد قيم التراحم الإنساني
  • قراءة تفكيكية في كتاب “التصوف والسياسة في السودان” للدكتور عبد الجليل عبد الله صالح
  • ​ما هي الألوان التي ترمز إلى يوم المرأة العالمي؟
  • الجزيرة نت تكشف كيف اخترقت إسرائيل البروتوكول الإنساني في غزة