سيرة الفلسفة الوضعية (6)
د. أبوبكر الصديق على أحمد مهدي
المرحلة الأولي - علم اللاهوت ((Theology
مراحل علم اللاهوت
يتكون علم اللاهوت من ثلاث مراحل، وهي كالتالي:
أ. الوثنية (Fetishism)
ب. الشرك بالله – تعدد الالهة (Polytheism)
ج. التوحيد – الاه واحد (Monotheism)
أ. الوثنية (Fetishism):
كانت وتعتبر الوثنية هي المرحلة الأولي من المراحل اللاهوتية للفكر وللفلسفة.
وكان الناس في هذه المرحلة يعبدون أشياء غير حية كالحجارة وكقطعة أو كقطع من الخشب ويعبدون كذلك الانفجارات البركانية، وغيرها من الاصنام، وغيرها وغيرها من الأوثان. ومن خلال هذه الممارسة، كان الناس يعتقدون أن كل الأشياء تنبع من مصدر إلهي.
ب. الشرك بالله – تعدد الالهة (Polytheism):
وفي مرحلة ما من عمر الزمان، بدأت الوثنية وشرعت في جعل المؤمنين فيها والعابدين لها والمتعبدين يشككون في أذهانهم، ويتشككون في تصديق عقولهم وقلوبهم. وهذا شجعهم ودفعهم في اتجاه الشك والشرك وعدم الايمان: والي تفسير الأشياء، وشرح الظواهر، من خلال استخدام آلهة مختلفة، كثيرة متعددة ومتنوعة.
ويعتقد هؤلاء البدائيون ويؤمنون في أن هذه الآلهة المختلفة والمتعددة تتحكم وتسيطر في كل القوى والظواهر الطبيعية؛ وهذه القوى وراء كل حدث، ووراء كل ظاهرة تطفح على صفحة الوجود، ومن أمثلة هذه الآلهة:
• إله الماء،
• إله المطر،
• إله النار،
• إله الهواء،
• إله الأرض، الخ...
ج. التوحيد – الايمان بإلاه واحد (Monotheism):
"التوحيد يعني الإيمان بإله واحد أو عدة آلهة في إله واحد؛ وينسب الكل إلى إله واحد سام عالي رفيع. ويعتقد الناس البدائيون والأفراد أن كياناً إيمانياً منفصلاً هو المسؤول عن وجود الوجود."
وتعتبر المعتقدات الإبراهيمية بمثابة تصنيف راسخ وعميق يستوعب الكثير من جوهر ومن حقيقة وطبيعية اليهودية والمسيحية وكذلك الإسلام (الإيمان -المؤمنون أتباع سيدنا محمد عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم)، ولا سيما تأكيدهم المشترك وايمانهم المطلق على وجود إله واحد أحد صمد.
وتالياً نتناول هذه المراحل اللاهوتية بالتفصيل، كل واحدة على حدا من أجل التقرب الي كل واحدة منهن، فهماً وافهاماً وزلفى:
أ. الوثنية (Fetishism)
يمكن وصف الوثن، بعبارات عامة، على أنه الإعجاب بالأشياء وبالأحداث الطبيعية. وسيكون الصنم أو الوثن هو موضوع الإعجاب بالذات: ليس فقط كتمثيل أو كصورة للإله أو صورة الإله، ولكن أيضاً كموضوع مادي أو كحدث طبيعي يُقدس ويُعبد، باعتباره الإله ذات نفسه بشحمه ودمه.
وتشير هذه المصطلحات أساساً إلى العبادة الدينية اللاهوتية. ومع ذلك، لا يزال هناك وجوداً لتطبيقها على المجالات الأخرى التي تحصل فيها الأشياء على صفات الأشخاص - كما هو الحال في الهوس السلعي الماركسي أو الشهوة الجنسية الفرويدية.
وقد قام البرتغاليون بتوسيع تطبيقاتهم لتشمل أشياء معينة يعبدها سكان ساحل غينيا، ومن خلال هذه الوسيلة ظهرت في التمييز الجنسي الأكاديمي، ربما خلال النصف الثاني من القرن الثامن عشر. وفي هذا الإطار، قام الرئيس الأول لبرلمان ديجون، "تشارلز دي بروس" (Charles De Brosses) (I972) بتعميم استخدامها.
وكان دي بروس يقصد عبادة الأشكال الحجرية، والأشياء المادية الملموسة الأخرى، واعتقد أن العقل النقي يحتاج إلى شيء ملموس للتركيز عليه، وأنه في وقت لاحق فقط، يمكن فهم المجرد، وفهم الكائن الحي، فالتجريد مرحلة متقدمة جداً، لم يحن حينه في هذا الحين بعد.
وفيما يتعلق بالكلمة اللاتينية factitius (= صنع بالفن)، يبدو أن الكلمة الإنجليزية الحديثة "صنم" نشأت من الكلمة البرتغالية feitiço (= فتنة/تعويذة، سحر) كاسم للتعويذات في العصور الوسطى، التي لم تكن قانونية أو كانت هرطقة في كثير من الأحيان ومن الأوقات.
وقد تم استخدام الكلمة البرتغالية للإشارة إلى السحر، وكانت جزءاً من لغة البحارة خلال القرن الخامس عشر، والذين قاموا بجولة من البرتغال إلى ساحل غينيا في غرب إفريقيا.
ومن المتفق عليه عموماً، أن المعنى المعاصر والحديث للوثن وللوثنية، نشأ في عمل نصي لشارل دي بروس في عام 1760م، والذي استخدم الكلمة لتعريف الممارسات الدينية لعبادة الأشياء.
وقد صاغ دي بروس المصطلح لينسب إلى عبادة الأشياء الآزوية أو غير الحية كآلهة، وهي ممارسة لاحظها وسجلها الرحالة الميممين وجهتهم إلى غرب إفريقيا.
ومن الواضح أن ماركس قرأ دي بروس جيداً، ومن تحليله الأنثروبولوجي الأولي، اكتسب ماركس وصفه وتفسيره (عام 1842م) للمصطلح كدين للحواس:
"كان هذا المفهوم عن الوهم الذي تحركه رغبة العاشق فيما يتعلق بالأشياء الطبيعية، واصابته بالعمى أو عماه عن العشوائية غير الإلزامية للأحداث المادية، عنصراً في تنظير دي بروس الأصلي للوثنية، باعتباره الشرط النقي لعدم التنوير." (بيتس 1993: 136)
والروابط أو العلاقة بين مصادر مصطلح "الوثنية" ومعناها "الأنثروبولوجي" واستخدام ماركس لها واضحة وموثقة. أما العلاقة مع استخدامها في التحليل النفسي لنسب أو لعزو التثبيت الجنسي على شيء ما ليست واضحة جداً.
استخدام كونت للوثنية:
اعتبر "دي بروس" أن الدين بدأ في الوثنية وتم قبول آرائه على نطاق واسع حتى منتصف القرن التاسع عشر. واكتسب هذا المفهوم رواجاً أعلى من خلال استخدام "كونت" له للإشارة إلى نظرية معينة للدين، تُنسب فيها الصفات الفكرية البشرية إلى أجسام غير بشرية.
فبالنسبة "لكونت" فالوثنية تشكل المرحلة الأولى من ثلاث مراحل في تطوير الأفكار الدينية:
الوثنية > الشرك > التوحيد
لقد كانت أول حقبة عظيمة في الفهم البشري عندما أدى التوزيع البدائي للعاطفة وللإرادة لأكثر أشكال الطبيعة ثباتاً بشكل شبه تلقائي إلى عبادة الأوثان والأصنام من الجماد والأحياء كالنباتات، وبشكل عام أدي ذلك إلى تطور الشرك والايمان بتعدد الآلهة ومن ثم الانتقال الي الدين المنظم.
في مثل هذا النظام، صورت الوثنية الفردية بدلاً من الدين المنظم، وبدرجة مقدرة انسجمت وتناغمت مع ما يعرفه الكتاب اللاحقون بالسحر.
لقد تم تبني سياق" كونت Comtean" على نطاق واسع، وفي بعض الحالات، تم تنقيحه وتشذيبه. فهذا لوبوك (Lubbock) (1870: I19)، على سبيل المثال، بشغف أحد علماء الأنماط التطوريين، وضعها كمرحلة ثانية من سلسلة لا تقل عن خمس مراحل تم اختراعها، والتي كان لابد من اجتيازها قبل المجيء إلى تعدد الآلهة؛ في مكان ما بين الإلحاد والطوطمية*.
نحن إلى حد ما نهتم بأوصاف أي من هذه العقائد، بخلاف الوثنية، والتي كانت بالنسبة "لوبوك" هي تلك المرحلة "التي يفترض فيها الإنسان أنه يستطيع إجبار الإله على الانصياع لرغباته".
... وللسيرة سلسلة متتابعة من الحلقات...
*(الطوطمية) بالإنجليزية (Totemism) هي ديانة مركبة من الأفكار والرموز والطقوس تعتمد على العلاقة بين جماعة إنسانية وموضوع طبيعي يسمى الطوطم، والطوطم يمكن أن يكون طائراً أو حيواناً أو نباتاً أو ظاهرةً طبيعية أو مظهراً طبيعياً مع اعتقاد الجماعة بالارتباط به روحياً. وكلمة طوطم مشتقة من لغة الأبجوا الأمريكية الأصلية.
bakoor501@yahoo.com
المصدر: سودانايل
كلمات دلالية: إله واحد من خلال
إقرأ أيضاً:
الدكتور أحمد نبوي: سيرة حضرة سيدنا النبي نموذج للتربية بالقدوة الحسنة
أكد الدكتور أحمد نبوي، عضو المجلس الأعلى للشئون الإسلامية، أن سيرة النبي صلى الله عليه وسلم تعتبر المصدر الأساسي والجوهرى للتربية بالقدوة، مشيرًا إلى أن حياة النبي صلى الله عليه وسلم كانت نموذجًا عمليًا ومثالًا حيًا في جميع جوانب الحياة، بما في ذلك التعامل مع الأهل والأصحاب والمجتمع.
التعامل مع الصحابة نموذج للتواضع والإنسانيةوأوضح الدكتور أحمد نبوي خلال حلقة برنامج "منبر الجمعة"، المذاع على قناة الناس، اليوم الخميس، أن سلوك النبي صلى الله عليه وسلم مع الصحابة كان يمثل قمة التواضع والتراحم. فقد كان لا يرفع قدمه في مشيته بين أصحابه، ولم يكن يتكبر عليهم أو يتفاخر بمكانته. حتى في الأمور الشخصية مثل ملابسه أو مظهره، كان دائمًا يطبق مبدأ "وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ" في حياته العملية والشخصية، مما جعله نموذجًا في التواضع والرحمة.
الوفاء العظيم مع السيدة خديجة رضي الله عنهاوأضاف الدكتور نبوي أن التربية بالقدوة تظهر بوضوح في حياة النبي صلى الله عليه وسلم الزوجية، خاصة في تعامله مع السيدة خديجة رضي الله عنها.
فقد كانت السيدة خديجة رمزًا للوفاء والنبل والعطاء، وكان النبي صلى الله عليه وسلم يُظهر لها تقديرًا خاصًا حتى بعد وفاتها.
فعلى الرغم من مرور سنوات على وفاتها، كان يكرم صديقاتها ويرسل إليهن الطعام بيده، مما يعكس الوفاء الكبير الذي كان بينهما، ويُظهر التزامه بمبادئ العطاء والرحمة في حياته الشخصية.
حياة زوجية مثالية بين النبي والسيدة خديجةوتابع الدكتور أحمد نبوي بالحديث عن الحياة الزوجية بين النبي صلى الله عليه وسلم والسيدة خديجة، حيث عاشا معًا 25 عامًا من الحياة المشتركة التي كانت مليئة بالحب والرعاية. كانت السيدة خديجة تواسيه بمالها وجاهها، وكان بينهما علاقة مليئة بالحنان والأمان. وعندما توفيت، استمر النبي صلى الله عليه وسلم في ذكرها والافتقاد لها، مما يعكس عمق الوفاء والعطاء بين الزوجين، ويُعد نموذجًا للرحمة المتبادلة في العلاقات الزوجية.
النموذج النبوي في تعامل الأزواجوأكد الدكتور نبوي على أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يقتصر في تعامله مع السيدة خديجة على الحب والتقدير فحسب، بل كان أيضًا يُرسل إليها السلام من الله عبر سيدنا جبريل عليه السلام، ويُخبرها بأنها ستنال بيتًا في الجنة من قصب. هذه المواقف العظيمة تمثل درسًا عمليًا لنا جميعًا حول كيفية التعامل مع الزوجة بما يتسم بالحب والوفاء والتقدير.
دعا الدكتور أحمد نبوي جميع الشباب والفتيات المقبلين على الزواج إلى أن يتأملوا في هذا النموذج النبوي الرائع بين النبي صلى الله عليه وسلم والسيدة خديجة، وأن يجعلوه مرشدًا لهم في حياتهم الزوجية. وأكد أن هذا النموذج ليس مجرد قصة تاريخية، بل هو مثال تطبيقي وقيم حية يمكن أن تُسهم في تحسين حياتنا الزوجية والمعاملات اليومية، خاصة في زمننا المعاصر الذي يحتاج إلى المزيد من الرحمة والوفاء بين الزوجين.