تطورات متسارعة تشهدها الساحة الاقتصادية العالمية على خلفية فرض الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، بعد أقل من أسبوعين على عودته إلى «البيت الأبيض»، رسوم جمركية على الصين والمكسيك وكندا، وذلك عقب أزمة تهريب المخدرات «الفنتانيل»، إذ تلقى «واشنطن»، المسؤولية على المكسيك والصين، وأزمة المهاجرين غير الشرعيين.

وفي وقت سابق من اليوم، فرض الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، رسوم جمركية بنسبة 10% على السلع القادمة من الصين اعتبارًا من يوم الثلاثاء المقبل، ستظل سارية حتى تنتهي حالة طوارئ وطنية بسبب عقار الفنتانيل المخدر والهجرة غير الشرعية إلى الولايات المتحدة، في قرار رفضته السلطات في «بكين»، وأعلنت أنّها سترفع دعوى أمام منظمة «التجارة العالمية» ردًا على التعريفات الجمركية التي فرضها الرئيس دونالد ترامب اليوم.

«بكين»: فرض «واشنطن» للرسوم الجمركية ينتهك بشكل خطير قواعد منظمة التجارة

وتعليقا على قرار ترامب بفرض رسوم جمركية، أعربت وزارة التجارة الصينية في بيان عن استيائها الشديد من هذا الأمر ومعارضتها له بشدة، مضيفة وفق لوكالة أنباء «سبوتنيك» الروسية أنَّ «بكين» تدعو «واشنطن»، إلى تصحيح تصرفاتها الخاطئة والتوصل إلى أرضية مشتركة ومعالجة المشاكل على أساس مبادئ المساواة والمنفعة المتبادلة والاحترام المتبادل، وإجراء حوار صريح، وتعزيز التعاون وإدارة الخلافات. 

الوزارة الصينية أشارت إلى أنَّ فرض «واشنطن» للرسوم الجمركية ينتهك بشكل خطير قواعد منظمة «التجارة العالمية»، وفقًا لما ذكرته قناة «سي إن بي سي عربية».  

و«منظمة التجارة العالمية» هي المنظمة الدولية الوحيدة التي تضع القواعد التي تتصل بالتجارة الدولية، وتُعنى بقواعد التجارة بين كل الاقتصادات الرئيسية التي تمارس التبادل التجاري، وتعمل للمساعدة على تدفق التجارة الدولية بسلاسة وحرية وعلى نحو يمكن التنبؤ به، وتتيح للبلدان منبرا لتسوية المنازعات بشأن قضايا التجارة. 

 164 دولة عضو في «منظمة التجارة العالمية»

ودخلت المنظمة التي تضم 164 دولة عضو حيز الوجود في الأول من يناير 1995، لتحل محل الاتفاقية العامة للتعريفة الجمركية والتجارة المعروفة باسم «الجات» والتي نشأت في 1 أكتوبر 1947 بين عدد محدود من الدول بهدف تخفيف قيود التجارة.

وتعمل منظمة «التجارة العالمية» على تسوية النزاعات التجارية الدولية من خلال عملية متعددة الخطوات تمّ توضيحها، في تفاهم تسوية النزاعات الذي وافقت عليه الدول الأعضاء في  1994.

وفي حالة نشوء خلاف حول تفسير اتفاقيات التجارة العالمية، أو في حالة تجادلت الدول حول من هو على حق ومن هو على خطأ؟ ومن قد يكون قد انتهك إحدى القواعد المشتركة أو لا يكون قد انتهكها، فنجد أن آلية تسوية المنازعات بمنظمة التجارة العالمية، تشكل جوهر إجراءات المنظمة، وقال موقع منظمة الأمم المتحدة في جنيف إنَّ أعضاء المنظمة التجارة وافقوا على تسوية التجارة داخل النظام المتعدد الأطراف بدلاً من اتخاذ إجراءات من جانب واحد.

ومنذ 1995 تمّ رفع 626 نزاعاً إلى منظمة التجارة العالمية، وتمت تسوية معظمها من خلال المشاورات بين الأطراف، ولم يتمّ إصدار حكم رسمي إلا لأقلية منها أمام لجنة، وفق لما ذكره موقع مكتب الأمم المتحدة في جنيف.

وفي أغسطس 2024، طلبت الصين إجراء مشاورات لحل النزاعات في إطار المنظمة مع الاتحاد الأوروبي بشأن الرسوم الجمركية الإضافية التي فرضها الاتحاد الأوروبي على المركبات الكهربائية التي تعمل بالبطاريات من الصين، وتعد مشاورات حل النزاعات.

وتشمل عملية تسوية المنازعات، مراحل مختلفة من التشاور بين الدول الأعضاء، وتشكيل لجنة خاصة لتسوية النزاعات، وفحص الدول الأعضاء والأطراف الثالثة من قبل اللجنة، وإصدار تقرير، وإذا لزم الأمر، اتخاذ تدابير تعويضية أو انتقامية معتمدة، وإذا تم خرق اتفاق، تطلب اللجنة تصحيح الأنشطة، وعندما يستمر الوضع لفترة من الوقت، تطلب تعويضات للدولة العضو الأخرى.

وبعد صدور الأحكام الأولية، يمكن لدول الأعضاء اللجوء لمحكمة الاستئناف بمنظمة التجارة العالمية،، لكن الولايات المتحدة عطلت منذ 2019 تعيين قضاة جدد للمحكمة فلم تتمكن من القيام بوظيفتها بسبب عدم اكتمال أعضاءها.

ووفق مراكز أبحاث، فإن خبرات الدول النامية، تتباين مع نظام تسوية المنازعات داخل منظمة «التجارة العالمية»، موضحة أن أن هناك تهميش لبعض الدول النامية لأسباب متعددة، بينما تستطيع دول نامية أخرى الاستفادة من هذا النظام في حماية مصالحها التجارية.

جهاز تسوية المنازعات في «التجارة العالمية»

ويُعني جهاز تسوية المنازعات في منظمة «التجارة العالمية»، بالقضايا التي ترفعها الأعضاء بشأن بتنفيذ التزاماتها باتفاقيات المنظمة، ويتمتع جهاز تسوية المنازعات بسلطة إنشاء فرق لتسوية المنازعات، واعتماد القواعد والتوصيات الصادرة بموجب تقارير فرق التسوية وتقارير جهاز الاستئناف، ومراقبة تنفيذ القرارات والتوصيات الواردة في هذه التقارير، والإذن باللجوء إلى التدابير التعويضية في حالة عدم الامتثال لتلك القرارات والتوصيات.

العديد من المشكلات الهيكلية يواجهها نظام تسوية المنازعات داخل المنظمة، كما برزت تحديات عديدة خلال السنوات الأخيرة، أبرزها انعكاسات صراع «واشنطن» و«بكين» التجاري والموقف الأمريكي الرافض لبقاء هذا النظام دون إدخال تعديلات جوهرية عليه، خاصة «لجنة النقض»، التي تتكون من 7 أعضاء التي تعد بمثابة آخر مراحل التسوية، وتلعب الولايات المتحدة على مدار السنوات الماضية دورا في إعاقة عملية اختيار محكمين جدد في اللجنة.

المصدر: الوطن

كلمات دلالية: الحرب الاقتصادية التعريفات الجمركية بكين ترامب الرئيس الأمريكي الصين التجارة العالمية منظمة التجارة العالمية حرب ترامب الاقتصادية دونالد ترامب الرسوم الجمركية رسوم ترامب الجمركية جهاز تسوية المنازعات منظمة التجارة العالمیة تسویة المنازعات تسویة النزاعات

إقرأ أيضاً:

تعرّف على المنظمة التي تلاحق مجرمي الحرب الإسرائيليين بجميع أنحاء العالم

نشر موقع "موندويس" الأمريكي، تقريرًا، سلّط فيه الضوء على مؤسسة "هند رجب" التي تأسّست عقب استشهاد الطفلة هند رجب في غزة، بقصف للاحتلال الإسرائيلي، مبرزا أنها تسعى لمحاكمة الجنود الإسرائيليين المتّهمين بارتكاب جرائم حرب ضد الفلسطينيين، مستندة إلى أدلة تشمل منشوراتهم على مواقع التواصل الاجتماعي.

وأوضح التقرير الذي ترجمته "عربي21"، أنّ: "الطريقة التي قُتلت بها الطفلة هند رجب مروعة؛ حيث وُجدت بالمقاعد الخلفية من سيارة محطمة، على بعد أمتار من دبابة ميركافا إسرائيلية"، مضيفا: "وُجدت عمتها وعمها مقتولين في المقعدين الأماميين، وأربعة من أبناء عمومتها ينزفون بجانبها".

وتابع: "كانت تتوسل لموظفة فلسطينية على الطرف الآخر من خط هاتف خلوي، وتبكي خوفا، ثم في لمح البصر، تمزقت لأشلاء بوابل طلقات الرشاشات الإسرائيلية"، مردفا: "استشهدت هند رجب قبل سنة، وكانت في السادسة من عمرها، والآن تسعى المؤسسة التي تحمل اسمها إلى تحقيق العدالة".

"ليس فقط من أجل هند، ولكن من أجل عدد لا يحصى من الفلسطينيين الذين قتلتهم إسرائيل في انتهاك للقانون الدولي" بحسب التقرير نفسه.


ملاحقة الجنود كأفراد
أضاف الموقع أن المؤسسة لا تلاحق دولة الاحتلال الإسرائيلي، بل تتبع نهجًا مختلفًا بملاحقة الجنود الإسرائيليين كأفراد. وحدّدت المؤسسة التي تتخذ من بروكسل مقرًا لها، في ملف قدمته إلى المحكمة الجنائية الدولية، في لاهاي، في 8 تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، هويّة ألف جندي إسرائيلي تعتقد أنه يجب على المحكمة مقاضاتهم.

وأبرز التقرير: "استنادًا إلى 8000 دليل، بما في ذلك منشورات الجنود أنفسهم على مواقع التواصل الاجتماعي من غزة المدمرة"، مشيرا إلى أنه: "من الممارسات التي تباهى بها المجنّدون والضباط الإسرائيليون على فيسبوك وإنستغرام وسناب شات وتيك توك وتلغرام وغيرها: القصف العشوائي".

"القتل المتعمد للمدنيين، بمن فيهم العاملون بالمجال الطبي والصحفيون والمدنيون الذين يلوحون بالرايات البيضاء؛ والتدمير الوحشي للمنازل والمستشفيات والمدارس والأسواق والمساجد؛ والتجويع القسري والنهب" أبرز التقرير ما كان يتباهى به المجنّدون والضباط الإسرائيليون.

وأوضح محامي المؤسسة هارون رضا، أنّ: "مؤسسة هند رجب تراقب جرائم الحرب الإسرائيلية في غزة منذ كانون الأول/ ديسمبر 2023، بمساعدة شبكة من النشطاء والمحامين حول العالم"، مضيفا أنّ: "المؤسسة لديها شبكة كبيرة جدًا من المحققين في الداخل والخارج".

وتركز المؤسسة، وفق المحامي نفسه، على حسابات مواقع التواصل الاجتماعي للجنود الذين خدموا في غزة منذ بدء الحرب، قبل خمسة عشر شهرًا، ويقول هارون إنّ: "جميع هؤلاء الجنود لديهم حسابات على التواصل الاجتماعي، وكان العديد منهم يضعون صورًا جماعية ويُظهرون أماكنهم وممارساتهم خلال الحرب".

إلى ذلك، تقوم المؤسسة بتوثيق التواريخ والأوقات والمواقع في غزة، ثم تقارنها مع منشورات أخرى للجنود، سواء مقاطع الفيديو أو الصور.


توثيق الجرائم
ذكر الموقع أن القادة العسكريين الإسرائيليين أمروا الجنود بالتوقف عن التباهي بجرائمهم خوفًا من تعرضهم للاعتقال أو الملاحقة القضائية أثناء سفرهم إلى الخارج.

وقال هارون رضا إنّ: "قيادة الجيش لم تطلب من جنودها رسميًا التوقف عن ارتكاب جرائم الحرب، لكنهم طلبوا منهم التوقف عن نشر تلك الممارسات على مواقع التواصل الاجتماعي، وهذا يعني أن القادة يعرفون ما يفعله الجنود ولا يشعرون بالخجل من ذلك، لكنهم لا يريدون أن يتورط الجنود في أي ملاحقات قضائية".

وأضاف رضا أنه: "من المثير للاهتمام أنهم بدأوا يحذفون كل المنشورات، لكنهم لا يعلمون أن الإنترنت له ذاكرة طويلة وأنه كان هناك ما يكفي من الوقت لتوثيق الجرائم"، مؤكدا أن "المؤسسة لديها قاعدة بيانات ضخمة من المعلومات التي تم التحقق منها أكثر من مرة، وتلك البيانات تشكل أدلة لرفع قضايا ضد الجنود المتورطين".

واسترسل: "من بين ألف جندي وردت أسماؤهم في ملف مؤسسة هند رجب للمحكمة الجنائية الدولية، مجموعة من الضباط والقادة، بما في ذلك ثلاثة وثلاثون جنديًا يحملون الجنسية الإسرائيلية وجنسية أخرى، ومنهم أكثر من عشرة جنود من فرنسا والولايات المتحدة، وأربعة من كندا، وثلاثة من المملكة المتحدة، واثنان من هولندا".

إثر ذلك، أرسلت المؤسسة، قائمة بأسماء الجنود الإسرائيليين إلى عشر دول مختلفة يعتبرها الجنود الإسرائيليون وطنهم الأم، أو يتّجهون إليها بعد انتهاء خدمتهم العسكرية، وهي دول تمارس الولاية القضائية العالمية على أخطر الجرائم الدولية.

وأوضح رضا أنّ: "المؤسسة تقوم بالتحقق من المناطق التي يسافر إليها الجنود المتورطون، ومن نمط الرحلات الجوية الأكثر شيوعًا، ثم رفع قضايا بحقهم"؛ موضحا أنه: "تم تقديم شكاوى في النمسا وألمانيا وإسبانيا وإيطاليا والسويد وتايلاند والإكوادور".

واعتبر رضا أنه: "رغم فشل العديد من محاولات الاعتقال بعد أن تم إبلاغ الجنود بأنهم ملاحقون ونجحوا في الفرار، فإن نجاح عملية الاعتقال مسألة وقت فحسب".

وتستهدف المؤسسة أيضًا المتواطئين والمحرضين على جرائم حرب الاحتلال الإسرائيلي على كامل قطاع غزة، ومن بين هؤلاء جمهور فريق "مكابي تل أبيب" لكرة القدم، الذين قاموا بأعمال شغب بأمستردام في الخريف الماضي، وحاخام ينتمي للواء جفعاتي الإسرائيلي، تفاخر بتدمير أحياء كاملة في غزة، وأيّد قصف المدنيين الفلسطينيين.



شعور زائف بالأمان
أضاف رضا بأن "الجنود الإسرائيليين أصبحوا مثل مجرمي الحرب النازيين الذين هربوا إلى باراغواي أو كندا أو أوروبا وكان لديهم شعور زائف بالأمان"، مؤكدا أن "المؤسسة تتعقبهم وتستطيع مقاضاتهم في حال الذهاب إلى أي دولة ذات اختصاص قضائي عالمي أو أي دولة توافق على ملاحقتهم قضائيًا".

ويعتقد هارون أن "المسؤول عن قتل هند رجب سيمثل أمام العدالة، لأن جرائم الحرب أو الجرائم ضد الإنسانية لا تسقط بالتقادم عندما تكون هناك ولاية قضائية عالمية، وهذا يعني أنه حتى لو تم اكتشاف المسؤولين عن الجريمة بعد عشرين سنة، سوف تتمكن المؤسسة من ملاحقتهم".

إلى ذلك، خلص التقرير بأنّ: "القائمون على المؤسسة بأنهم لن يرتاحوا حتى ينالوا من جميع مرتكبي جرائم الحرب في غزة، بمن فيهم المسؤولون عن مقتل هند رجب".

مقالات مشابهة

  • كيف ردت الصين على ترامب بعد فرضه الرسوم الجمركية؟
  • الصين تتوعد بإجراءات مضادة ردا على التعريفات الجمركية الأمريكية
  • الصين: سنتحدى الرسوم الجمركية الأمريكية في إطار منظمة التجارة العالمية
  • الصين تتعهد بإجراءات مضادة ردا على الجمركية الأمريكية
  • الصين تشكو ترامب لدى التجارة العالمية وستهدد بتدابير مضادة
  • الصين والمكسيك وكندا تندد بالرسوم الجمركية التي فرضها ترامب
  • عاجل.. الصين تعتزم رفع دعوى قضائية على الولايات المتحدة أمام منظمة التجارة العالمية
  • "الخارجية الصينية" تعليقا على الرسوم الجمركية الأمريكية: لا فائز في الحرب التجارية
  • تعرّف على المنظمة التي تلاحق مجرمي الحرب الإسرائيليين بجميع أنحاء العالم