القتال في الكونغو الديمقراطية يثير «حالة طوارئ صحية»
تاريخ النشر: 2nd, February 2025 GMT
أديس أبابا (الاتحاد)
أخبار ذات صلةأعلنت وكالات صحية أفريقية، أمس، أن الوضع في مدينة غوما بجمهورية الكونغو الديمقراطية يمثل «حالة طوارئ صحية عامة واسعة النطاق»، محذرةً من أن القتال الدائر فيها قد يؤدي إلى تفشي الأوبئة.
وقال جان كاسيا، رئيس المراكز الأفريقية لمكافحة الأمراض والوقاية منها، إن هذه «الظروف القصوى، إلى جانب انعدام الأمن والنزوح الجماعي، هي مما غذى طفرة فيروس جدري القردة». وظهر المتحور «1بي» من الفيروس والذي رصد في العديد من البلدان خلال الأشهر الأخيرة، لأول مرة في مقاطعة جنوب كيفو المجاورة في عام 2023. وقال كاسيا في رسالة بعث بها، أمس، إلى الزعماء الأفارقة: «أصبحت غوما بؤرة انتشار جدري القردة في 21 دولة أفريقية». وأضاف: «إنها ليست مسألة أمنية فحسب، بل حالة طوارئ صحية عامة واسعة النطاق أيضاً».
وتابع: «يجب أن تنتهي هذه الحرب. إذا لم يتم اتخاذ إجراء حاسم، فلن يكون الرصاص وحده هو الذي يحصد الأرواح، بل سيكون الانتشار غير المحدود لتفشي أمراض وأوبئة محتملة (...) ستدمر اقتصادات ومجتمعات عبر قارتنا». وأدت الظروف إلى «انتشار الحصبة والكوليرا وأمراض أخرى على نطاق واسع، ما أدى إلى مقتل آلاف آخرين». ويشكل الصراع في شرق جمهورية الكونغو الديمقراطية تصعيداً كبيراً في منطقة شهدت عقوداً من الصراع الذي شاركت فيه جماعات مسلحة متعددة وأودى بحياة ما يقدر بحوالي ستة ملايين شخص على مدى العقود الثلاثة الماضية. وتقدمت حركة «إم23» المتمردة بعد سيطرتها على غوما، عاصمة إقليم شمال كيفو وأكبر مدن شرق البلاد، وهددت بمواصلة الزحف إلى العاصمة كينشاسا. وأعلنت الأمم المتحدة أن ما لا يقل عن 700 قتيل و2800 جريح سقطوا في المعارك التي دارت الأسبوع الماضي في شرق جمهورية الكونغو الديمقراطية للسيطرة على مدينة غوما.
وشكل الهجوم الذي استمر أسابيع تصعيداً دراماتيكياً في منطقة تشهد نزاعاً تنخرط فيه عشرات الحركات المسلحة وأودى بحياة نحو ستة ملايين شخص على مدى ثلاثة عقود. وتثير الأزمة قلقاً على مستوى القارة الأفريقية، وعقدت «الجماعة الإنمائية للجنوب الأفريقي» قمة استثنائية، الجمعة في هراري، لمناقشة الوضع «المقلق» في شرق جمهورية الكونغو الديمقراطية. وجاء في البيان الختامي للقمة أن قادة دول التكتل يؤكدون «التزامهم الراسخ بمواصلة دعم جمهورية الكونغو الديمقراطية في سعيها لحماية استقلالها وسيادتها وسلامة أراضيها». وأعربت الأمم المتحدة الأسبوع الماضي عن «قلقها البالغ» إزاء معلومات «موثوق بها» تفيد بأن متمردي حركة «إم 23» يتقدمّون نحو بوكافو بعدما سيطروا على غوما. وفي بوكافو البالغ عدد سكانها مليوني نسمة، والتي تعد ثاني أكبر مدينة في شرق جمهورية الكونغو الديمقراطية بعد غوما، اصطفت طوابير طويلة من المتطوعين للانضمام إلى قوات رديفة تقاتل إلى جانب الجيش الكونغولي. وفي غوما، باشر السكان إحصاء القتلى والبحث عن الطعام، في حين غصّت المستشفيات بالجرحى. وجاءت قمة «الجماعة الإنمائية للجنوب الأفريقي» على خلفية مقتل 13 من جنود جنوب أفريقيا في شرق جمهورية الكونغو الديمقراطية. وكان الجنود ضمن بعثة «الجماعة الإنمائية للجنوب الأفريقي» المنتشرة في الكونغو الديمقراطية منذ عام 2023 والتي تضم 2900 عنصر من مالاوي وجنوب أفريقيا وتنزانيا.
وفاقم هجوم حركة التمرد «أم23» أزمة إنسانية مزمنة في المنطقة، حيث نزح أكثر من 500 ألف شخص منذ مطلع يناير الجاري، وفق بيانات أممية. وأعربت المنظمة الدولية للهجرة عن «قلقها البالغ إزاء نزوح مئات آلاف المدنيين خلال الأيام القليلة الماضية في غوما».
المصدر: صحيفة الاتحاد
كلمات دلالية: الكونغو الديمقراطية غوما أفريقيا فی شرق جمهوریة الکونغو الدیمقراطیة
إقرأ أيضاً:
في مواجهة حركة إم23.. جيش الكونغو الضخم يكافح لمحاربة ميليشيا أصغر حجمًا بكثير
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
على الرغم من امتلاك جمهورية الكونغو الديمقراطية لأحد أكبر الجيوش فى أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى، فإنها تكافح لاحتواء التقدم السريع لميليشيات حركة إم٢٣. وقد كشف الصراع، الذى تصاعد فى الأسابيع الأخيرة، عن نقاط ضعف عميقة الجذور داخل جيش الكونغو، الذى عانى طويلًا من الانقسامات الداخلية ونقص التمويل.
سعى الرئيس فيليكس تشيسكيدى إلى تعزيز الجيش لمواجهة التهديد المستمر الذى تشكله حركة إم٢٣ وغيرها من الميليشيات فى شرق الكونغو. ومع ذلك، ومع استيلاء الميليشيا على المدن الرئيسية والمطارات والأراضي، فإن فشل هذه الجهود جعل تشيسكيدى عُرضة للخطر سياسيًا، مع توقف محادثات السلام وتراجع الدعم الدولي.
الرئيس فيليكس تشيسكيدىدور رواندا
تؤكد الأمم المتحدة وتقارير مستقلة متعددة أن حركة إم٢٣ مدعومة من رواندا، التى قامت قواتها بتدريب وتسليح الميليشيا. وفى حين اعترفت رواندا بوجودها العسكرى فى الكونغو، فإنها تنفى سيطرتها على حركة ٢٣ مارس.
قال فريد باوما، المدير التنفيذى لمعهد الأبحاث الكونغولى إيبوتيلي: «هذا الصراع له جانبان. أحدهما هو الدعم الرواندى لحركة ٢٣ مارس. والآخر هو نقاط الضعف الداخلية للحكومة الكونغولية».
ألقى تشيسكيدى باللوم على سلفه لفشله فى إعادة بناء الجيش، بحجة أن رواندا شنت هجومها فى عام ٢٠٢٢ لتعطيل الإصلاحات العسكرية التى تشتد الحاجة إليها. ومع ذلك، فشلت هذه الإصلاحات فى إحداث تحسينات ملموسة، وتستمر القوات المسلحة الكونغولية فى التعثر ضد ميليشيا حركة ٢٣ مارس الأصغر حجمًا ولكنها أفضل تدريبًا وأفضل تجهيزًا.
على الرغم من وجود ما بين ١٠٠ ألف و٢٠٠ ألف جندي- أكثر بكثير من رواندا أو حركة ٢٣ مارس- لا يزال الجيش الكونغولى غير فعال. والإمدادات العسكرية نادرة، حيث تستخدم القوات غالبًا دراجات نارية أجرة للنقل بسبب نقص المركبات. وقال بير شوتن، الباحث فى المعهد الدنماركى للدراسات الدولية: «يعمل الجيش حقًا مثل مجموعة مسلحة». ومع تقدم مقاتلى حركة ٢٣ مارس، تشير التقارير إلى أن القوات الكونغولية استسلمت أو فرت، وأحيانًا قبل بدء المعركة.
نتائج ضئيلة
ضاعف تشيسكيدى الميزانية العسكرية للكونغو فى عام ٢٠٢٣ من ٣٧١ مليون دولار إلى ٧٦١ مليون دولار، متجاوزًا ميزانية الدفاع فى رواندا البالغة ١٧١ مليون دولار. ذهب بعض هذا التمويل لشراء طائرات بدون طيار هجومية من الصين وطائرات من شركة دفاع جنوب أفريقية. بالإضافة إلى ذلك، أنفقت الكونغو ٢٠٠ مليون دولار على قوة إقليمية تتألف من قوات من جنوب أفريقيا. ومع ذلك، يرى الخبراء العسكريون أن بناء القدرات عملية طويلة الأجل. وقال نان تيان من معهد ستوكهولم الدولى لأبحاث السلام: «إن زيادة القدرات ليست شيئًا يمكن أن يحدث بين عشية وضحاها».
وفى الوقت نفسه، استفادت حركة إم ٢٣ من تاريخها الطويل فى شرق الكونغو ودعمها من حوالى ٤٠٠٠ جندى رواندى مدرب جيدًا، مما يجعلها قوة هائلة.
الجذور التاريخية
إن عدم استقرار الكونغو متجذر بعمق فى تاريخها. بعد استقلالها عن بلجيكا فى عام ١٩٦٠، انزلقت البلاد إلى حالة من الاضطراب عندما دعمت الولايات المتحدة وبلجيكا الإطاحة برئيس الوزراء باتريس لومومبا. وشهدت العقود اللاحقة صعود موبوتو سيسى سيكو، الذى أدى حكمه الفاسد إلى إضعاف مؤسسات الدولة.
وأدت الحرب الأهلية فى تسعينيات القرن العشرين إلى المزيد من عدم الاستقرار.. وحتى اليوم، تعمل أكثر من ١٠٠ جماعة مسلحة فى شرق الكونغو مع الإفلات التام تقريبًا من العقاب. تظل الدولة ضعيفة، مع فصل أجزاء كبيرة من البلاد عن السلطة المركزية.
الرئيس الرواندى بول كاجاميمعاناة المدنيين
لقد تعثرت الجهود الدبلوماسية لحل الأزمة مرارًا وتكرارًا. فقد رفض تشيسكيدى مرتين حضور محادثات السلام، فى حين كافحت القوى الإقليمية للتوسط فى التوصل إلى تسوية. وحاول زعماء الكنيسة تنظيم مفاوضات جديدة، لكن تشيسكيدى لا يزال غير راغب فى التفاوض بشكل مباشر مع حركة ٢٣ مارس، وهو الموقف الذى يصر عليه الرئيس الرواندى بول كاجامي.
فى غضون ذلك، تستمر الخسائر الإنسانية فى الارتفاع. فقد قُتل أكثر من ٧٠٠٠ مدنى كونغولى منذ يناير، وفقًا للأمم المتحدة. ودُفنت أكثر من ٢٥٠٠ جثة دون تحديد هويات أصحابها، مما يسلط الضوء على حجم الأزمة. كما نزح أكثر من سبعة ملايين شخص، مما يجعل الأزمة واحدة من أكبر أزمات النزوح فى العالم. وأعلنت مالاوي، التى ساهمت بقوات فى قوة جنوب أفريقيا لمساعدة الكونغو، مؤخرًا عن الانسحاب بعد مقتل ثلاثة من جنودها فى يناير/كانون الثاني. كما هددت أوغندا بالعمل العسكرى فى شرق الكونغو، مما زاد من تعقيد الوضع المتقلب بالفعل.
دعا تشيسكيدى المجتمع الدولى إلى الضغط على رواندا لسحب دعمها لحركة إم٢٣، لكن التحرك العالمى كان محدودًا. عندما هاجمت حركة إم٢٣ آخر مرة فى عام ٢٠١٢، أجبرت الإدانة الدولية رواندا على التراجع، وهُزمت الميليشيا فى النهاية. ولكن هذه المرة، تبدو رواندا أكثر تصميمًا، وكانت القوى الأجنبية مترددة فى التدخل بشكل حاسم.
فى ظل الفوضى التى تعيشها المؤسسة العسكرية، والمشهد السياسى الهش، وملايين المدنيين النازحين، تتفاقم أزمة الكونغو. وإذا استمرت محادثات السلام فى التعثر وظل الدعم الدولى ضعيفًا، فإن البلاد معرضة لخطر المزيد من عدم الاستقرار ومعاناة شعبها المستمرة.
نيويورك تايمز