في حال تزاوج اقتصاد السعودية وإسرائيل.. ماذا ينتظر العالم؟
تاريخ النشر: 21st, August 2023 GMT
قال بريان كاتوليس، نائب رئيس السياسة في معهد الشرق الأوسط بواشنطن (MEI)، إن الصفقة التي تعمل عليها إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن لتطبيع العلاقات بين السعودية وإسرائيل "يمكن أن تؤتي ثمارها للاقتصاد العالمي".
كاتوليس اعتبر، في تحليل بموقع مجلة "بارونز" (Barrons) الأمريكية ترجمه "الخليج الجديد"، أن هذه "الصفقة ستكون إنجازا كبيرا للاقتصاد العالمي، إذ ستجمع قوة اقتصادية وتكنولوجية إقليمية (إسرائيل) مع عضو في مجموعة العشرين لعب الدور المهيمن في أسواق الطاقة العالمية لعقود (السعودية أكبر دولة مصدّرة للنفط)".
وتابع أن "الفرصة الكبيرة في لقاء البلدين معا هي أنه يمكن لكليهما المساعدة في تهيئة الظروف لمزيد من التحركات نحو التكامل الاقتصادي والأمني الإقليمي، بما يخلق قيمة ونموا اقتصاديا ووظائف تشتد الحاجة إليها في أنحاء المنطقة. وإذا كانت الولايات المتحدة تشارك بنشاط في الأمر، فيمكن أن يكون مفيدا اقتصاديا وتجاريا".
كاتوليس استدرك: "كما توجد مخاطر كبيرة أيضا، بينها رد فعل سلبي محتمل من قوى رجعية مثل إيران وشبكات إرهابية مختلفة في جميع أنحاء المنطقة".
وتعتبر كل من إسرائيل وإيران الدولة الأخرى العدو الأول لها، بينما استأنفت إيران والسعودية علاقتهما الدبلوماسية، بموجب اتفاق بوساطة الصين في 10 مارس/ آذار الماضي، أنهى قطيعة استمرت 7سنوات بين بلدين يقول مراقبون إن تنافسهما على النفوذ أجج صراعات عديدة في المنطقة.
اقرأ أيضاً
مخاطر على السعودية من احتمال التطبيع مع إسرائيل.. ماذا تعني؟
منافسة الصين
والدافع الرئيسي لتحركات الولايات المتحدة المتصاعدة في ملف التطبيع هو مواجهة نشاط الصين في الشرق الأوسط، إذ أحرزت بكين "تقدما مؤخرا في بناء شبكات التعاون الاقتصادي والطاقة والتكنولوجيا عبر المنطقة"، كما أضاف كاتوليس.
وأوضح أنه بجانب نجاح الصين في الوساطة بين السعودية وإيران، "استضافت السعودية في العام الماضي كبار القادة الصينيين في قمة ومناقشات حول العلاقات الاقتصادية، وورد أن بكين طلبت من الرياض تسعير مبيعاتها النفطية باليوان الصيني وليس فقط بالدولار الأمريكي".
وأردف أن "الولايات المتحدة ردت بمضاعفة التعاون العسكري مع شركائها الإقليميين، بما في ذلك إسرائيل والسعودية، وهم يواجهون تهديدات أمنية من إيران وجماعات إرهابية مثل حزب الله والدولة. بينما لا تلعب الصين هذا الدور الأمني (مقارنة بالولايات المتحدة)".
"كما سعى فريق بايدن إلى إيجاد إطار عمل جديد يتنافس ضمنيا مع الصين من خلال الجمع بين إسرائيل والهند والإمارات والولايات المتحدة للتعاون في قضايا مثل الاقتصاد وتغير المناخ وبناء البنية التحتية الإقليمية"، وفقا لكاتوليس.
وزاد بأن "الولايات المتحدة صممت المشاركة مع الشركاء في جميع أنحاء الشرق الأوسط جزئيا لتقديم بديل لمشاركة الصين في السياسة الاقتصادية والتكنولوجية".
اقرأ أيضاً
واشنطن أم الرياض أم تل أبيب.. أين العقبة الأكبر أمام التطبيع؟
تكامل اقتصادي
كاتوليس قال إنه "إلى جانب المنافسة مع الصين، هناك سبب آخر لتحرك واشنطن بشأن صفقة تطبيع بين إسرائيل والسعودية، إذ يمكن أن يمثل تحولا نحو مزيد من الأمن الإقليمي والتكامل الاقتصادي".
واعتبر أن "هذا التحول من شأنه أن يحرك الشرق الأوسط الكبير بعيدا عن عقود من كونه قوسا من الأزمات وعدم الاستقرار في الاقتصاد العالمي ليصبح جسرا رئيسيا يربط بين آسيا وأوروبا وأفريقيا".
وزاد بأن "الاستقرار الأكبر ربما يعني عددا أقل من صدمات أسعار النفط التي عصفت بالاقتصاد العالمي من قبل، ما يجعل من الأسهل التعامل مع تحول الطاقة العالمي الجاري استجابة لتغير المناخ".
ومضى كاتوليس قائلا إن "اقتصاد السعودية وعدد سكانها أكبر بكثير من إسرائيل، إذ يبلغ ناتجها المحلي الإجمالي السنوي حوالي تريليون دولار ويقترب عدد السكان من 40 مليون نسمة، بينما يبلغ حجم الاقتصاد الإسرائيلي حوالي نصف حجم اقتصاد السعودية، ويبلغ عدد سكانها ربع سكان المملكة".
واستدرك: "لكن إسرائيل قادت القطاعات الاقتصادية المبتكرة الرئيسية، وبينها التكنولوجيا والتمويل، وستفيد هذه الخبرة جهود المملكة لتحويل وتنويع اقتصادها بعيدا عن الاعتماد على الوقود الأحفوري (النفط والغاز الطبيعي)".
واعتبر أنه "إذا فتحت هاتان الدولتان التعاون، فقد يكون لذلك آثار إيجابية غير مباشرة عبر المنطقة، إذ يمكن أن يساعد التكامل الاقتصادي الإقليمي في تعزيز الاستقرار والازدهار في المنطقة وربط الشرق الأوسط بشكل أوثق بقطاعات التجارة العالمية بخلاف صادرات الطاقة والواردات العسكرية".
اقرأ أيضاً
في واشنطن وتل أبيب والرياض.. عقبات أمام التطبيع بين السعودية وإسرائيل
مخاطر وطريق طويل
وعلى الرغم من المناقشات الدبلوماسية الأخيرة والجهود المبذولة لتهدئة التوترات، وفقا لكاتوليس، "إلا أن الشرق الأوسط لا يزال نقطة ساخنة على جبهات عديدة، فلم تكن إيران أقرب من أي وقت مضى للحصول على سلاح نووي، كما تمتلك شبكة من الجماعات قوضت الأمن في جميع أنحاء المنطقة بالإرهاب والهجمات الإلكترونية".
وأضاف أنه "يمكن أن يندلع العنف بين الإسرائيليين والفلسطينيين في أي لحظة ويكون له أصداء أوسع في أنحاء المنطقة، ولذلك فمن الضروري محاولة تحقيق تقدم على الجبهة الفلسطينية".
وتابع أن "جهود الولايات المتحدة لإحراز تقدم بين إسرائيل والسعودية تعرقلها فجوات الثقة بين الدول وقادتها، كما أن ديمقراطية إسرائيل في أزمة (جراء خطة الحكومة لتعديل القضاء المثيرة للجدل) وسياستها مشكوك فيها إلى حد كبير".
وعلاوة على ذلك، فإن الانقسامات الحادة داخل الولايات المتحدة والغموض بشأن نتائج انتخابات الرئاسة العام المقبل "تعزز الأسئلة حول الموثوقية الاستراتيجية الشاملة لواشنطن"، كما أردف كاتوليس.
وختم بأنه "من المرجح أن تستغرق أي صفقة محتملة بين السعودية وإسرائيل وقتا طويلا للوساطة والتنفيذ نظرا للعديد من المخاطر والشكوك، لكن المكاسب المحتملة لمزيد من الاستقرار والازدهار في المنطقة إلى جانب العلاقات الاقتصادية الأوسع بين الولايات المتحدة والمنطقة، تجعلها تستحق العناء".
اقرأ أيضاً
صفقة خداع.. تطبيع السعودية وإسرائيل لا يضمن قيام دولة فلسطين
المصدر | بريان كاتوليس/ بارونز- ترجمة وتحرير الخليج الجديدالمصدر: الخليج الجديد
كلمات دلالية: السعودية إسرائيل تطبيع اقتصاد العالم الولايات المتحدة السعودیة وإسرائیل الولایات المتحدة الشرق الأوسط بین السعودیة اقرأ أیضا الصین فی یمکن أن
إقرأ أيضاً:
كيف أثر وقف إطلاق النار في غزة على اقتصاد إسرائيل؟
القدس المحتلة- ما إن دخل اتفاق وقف إطلاق النار في غزة بين المقاومة الفلسطينية والاحتلال الإسرائيلي حيز التنفيذ، حتى ظهرت ردود أفعال الأوساط الاقتصادية حيال ما يبدو وكأنه مقدمة استقرار.
وسارعت الأوساط الاقتصادية الإسرائيلية باستعراض كُلفة الحرب وتداعياتها على الاقتصاد الإسرائيلي والعجز في الموازنة، فقال المحاسب العام لوزارة المالية، ياهلي روتنبرغ، إن نسبة الدين العام بالنسبة للناتج المحلي الإجمالي زادت بـ7.7 نقاط لتبلغ 69% العام الماضي مقارنة بـ 61.3% في عام 2023.
وهذا يشير -بحسب المحاسب العام- إلى أن الإنجازات الاقتصادية لمعظم العقد الماضي، باستثناء عامي 2020-2021 مع تفشي جائحة كورونا، تبخرت بفعل الحرب.
وحيال هذه الإحصائيات الرسمية والصورة السوداوية الأولية لواقع اقتصاد إسرائيل، والتي تكشفت مع ردود الفعل الأولية لوزارة المالية وبنك إسرائيل والبورصة في تل أبيب، رجّحت التقديرات الإسرائيلية أن الانتعاش المحدود في مختلف القطاعات الاقتصادية الإسرائيلية -الذي سجل بالأيام الأولى للهدنة- سيبقى رهينا بالاستقرار الأمني وبمدى الالتزام باتفاق وقف إطلاق النار.
وحسب تقديرات الخبراء الماليين والمختصين بالاقتصاد، فإن استقرار الأوضاع الأمنية، وتحسن أداء السوق قد يدفعان بنك إسرائيل (المركزي) إلى خفض سعر الفائدة لتعزيز الاستثمارات في مختلف القطاعات.
إعلان تذبذب أداء أسواق المالواستعرض الخبير الاقتصادي، نبيل أرملي تداعيات سريان وقف إطلاق النار على عجلة الاقتصاد الإسرائيلي، مشيرا إلى أنه بدا للوهلة الأولى ذا تأثير إيجابي مع تنفيذ المرحلة الأولى لصفقة التبادل، لكنه لم يعكس حصول تحول أو تغيير جوهري في اتجاه المؤشرات الاقتصادية الإسرائيلية.
وقال أرملي في تعليق للجزيرة نت إن التحولات الأمنية الأخيرة أنعشت مؤشر بورصة تل أبيب الرئيسي، وأضاف أن "استمرار الاستقرار الأمني والالتزام بوقف إطلاق النار من قبل إسرائيل سيعزز أداء أسواق المال، وسيدعم قوة الشيكل مقابل العملات الأجنبية".
وأوضح أن الأوضاع الأمنية المتوترة وهشاشة اتفاق وقف إطلاق النار-وفق وصفه- "من شأنها أن تؤدي إلى حالة من التذبذب والتقلبات في أسواق المال الإسرائيلية، وفي جذب وتدفق الاستثمارات الأجنبية نحو مختلف القطاعات الاقتصادية بإسرائيل".
الطيران والسياحةرأى أرملي أن حالة الاستقرار الأمني ستعجل -بداية- بعودة شركات الطيران العالمية إلى إسرائيل وبخفض تكاليف السفر التي ارتفعت بصورة حادة خلال السنة الأخيرة مع حالة تقترب من الاحتكار لسوق الطيران من قبل الشركات الإسرائيلية مثل (العال) و(أركيع)، وبالتالي فرض أسعار باهظة على تذاكر السفر.
وأوضح أن استئناف شركات الطيران العالمية إلى إسرائيل من شأنه أن يساهم بشكل مباشر في انتعاش قطاع السياحة المحلية الذي تعرض لحالة شلل تام لشهور طويلة بسبب حالة الحرب وعواقبها المختلفة.
ويعني وقف حرب إسرائيل على غزة، كذلك، وقف هجمات الحوثيين على خطوط الملاحة في البحر الأحمر، وعودة حركة الملاحة البحرية، وتعزيز حركة الاستيراد، والتصدير من وإلى الأسواق الإسرائيلية، مما سيكون له انعكاسات اقتصادية إيجابية على المدى القريب والمتوسط، وفق الخبير الاقتصادي.
تباطؤ النمويقول مراسل الشؤون الاقتصادية لصحيفة يديعوت أحرونوت الإسرائيلية، غاد ليئور إن خفض الفائدة في إسرائيل وعودة التعاملات المالية وتدفق الاستثمارات الأجنبية سيكون ذا تأثير متوسط الأجل، ويضيف أن "الحرب التي اندلعت في أكتوبر/تشرين الأول 2023 أجبرت الحكومة على الاقتراض بشكل كبير في إسرائيل والخارج لتمويل هذه الحرب".
إعلانويتابع "ارتفعت ديون إسرائيل بشكل هائل، مع زيادة الفائدة على القروض أيضا، وذلك بسبب خفض التصنيف الائتماني لإسرائيل من قبل وكالات التصنيف العالمية خلال عام 2024″، معبرا عن اعتقاده أنّ هذه العوامل ستسهم في تباطؤ النمو الاقتصادي حتى وإن ساد الاستقرار الأمني.
وأشار مراسل الشؤون الاقتصادية إلى أن "نسبة الدين إلى الناتج المحلي الإجمالي هي مؤشر رئيسي على القوة المالية لأي بلد، وبالتأكيد لإسرائيل، التي تعيش منذ تأسيسها ظروفًا أمنية حساسة وحروبًا"، ويقول "مؤشر الدين العام يكتسي أهمية قصوى في تحديد التصنيف الائتماني، وبالتالي إمكانات عودة عجلة الاقتصاد (إلى الدوران من جديد) بعد الحرب".
تَعاف وتضخميراهن بنك إسرائيل على استقرار الأوضاع الأمنية والإبقاء على وقف إطلاق النار من أجل إنعاش القطاعات الاقتصادية الإسرائيلية؛ فقد تحدث محافظ بنك إسرائيل، أمير يارون عن إمكانية لخفض أسعار الفائدة مرة أو مرتين في النصف الثاني من عام 2025، في ضوء توقعاته للتضخم، الذي قال إنه من المنتظر أن ينخفض في الأشهر المقبلة.
وحسب البيانات الرسمية الصادرة عن بنك إسرائيل، فإن التضخم الذي يبلغ حاليا 3.2% لا يزال أعلى من الهدف المحدد الذي يتراوح بين 1% إلى 3%.
ويتوقع البنك أن يرتفع التضخم في النصف الأول من العام الحالي، نتيجة زيادات الضرائب، والتعافي الاقتصادي الذي يؤدي إلى تسارع الطلب وخاصة في سوق العمل.
بالمقابل أعرب يارون عن تفاؤله بشأن النصف الثاني من العام الحالي، مشيرا إلى أنه يتوقع أن يستقر التضخم ويعتدل، وهو ما قد يسمح لبنك إسرائيل بإجراء عدة تخفيضات على أسعار الفائدة.
وقال "نرى أنه قد تكون ثمة فرص لخفض أسعار الفائدة"، بحسب ما نقل عنه الموقع الإلكتروني "والا".
وفيما يتعلق بالوضع الاقتصادي العام، توقع يارون أن ينمو اقتصاد إسرائيل بنسبة 4% في عام 2025 و4.5% في عام 2026، وهي زيادة كبيرة عن التوقعات الأكثر تواضعا بنمو 0.6% في عام 2024، وذلك ما لم تحدث تصعيدات أخرى في الوضع الأمني أو تجدد للحرب.
إعلانوقال محافظ بنك إسرائيل إن "وقف إطلاق النار الذي نحن فيه اليوم منذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023 يشكل نقطة تحول، سيكون تأثيرها طويل الأمد".
وأضاف أن "الهدنة تمهد الطريق لترتيبات إقليمية من شأنها أن تؤدي إلى إعادة الإعمار والأمن المستدامين، الأمر الذي من شأنه أن يؤدي أيضا إلى النمو الاقتصادي ليس فقط في إسرائيل، بل وأيضا في المنطقة بأكملها".