يشدو صوت "الربابة" وعازفها الحزين في أرجاء المكان في زاوية هادئة وفي منطقة وضعتها بلدية مسقط في مهرجان ليالي مسقط لتحاكي حياة الصحراء بمتنزه العامرات وفي أجواء باردة التقيت بعازف الربابة راشد المشايخي، الذي استقبلنا بحفاوة أهل الصحراء وبابتسامة دافئة تحمل ملامح البداوة الأصيلة، ليروي لنا حكايته مع وترية عربية جاءت من عمق الصحراء، وهي آلة موسيقية بسيطة في مظهرها، لكنها غنية بالإحساس والتعبير وتعرف بالربابة وهي آلة وترية تعزف على وتر وحيد.

وأوضح المشايخي قائلاً: ما جذبني للربابة هو انني عشت في بيئة بدوية وتجذبني أحاسيس البداوة ومنذ كنت صغيرا كنت أشاهد المسلسلات البدوية في القنوات التلفزيونية المختلفة وأهلنا كانوا يتغنون بالتغرود والونة والطارج في مجالس السمر او وهم يؤدونه على ظهور (البوش) الجمال، ومنطقتنا في تلك الفترة كانت مليئة بالطرب ولكن وهذه الطربيات البدوية بدأت تنقرض ولم تعد موجودة كالسابق وانا كنت استمع اليهم واهوى الربابة والعزف عليها فجمعت بينهم.

مشيراً الى ان رحلته مع الربابة بدأت في التسعينات، عندما كان في العشرينات من عمره، حيث اشترى أول ربابة من دبي لعدم توافرها في السوق المحلي، لكن قبل ذلك صنع المشايخي نماذج بسيطة باستخدام صندوق الزيت وشعر ذيل الخيل ليجرب العزف على الربابة، فقد كان الشغف يسبق الإمكانيات، عازفاً إياها لنفسه في منأى بعيدًا عن الناس، محاولاً صقل موهبته ذاتيًا.

فلقد كانت مهمة صعبة فتعلم العزف على الربابة ليس بالأمر السهل، فهي تعتمد على وتر واحد، وكل نغمة تصدرها تأتي من حركة دقيقة للأصابع، قد يبدو الأمر بسيطًا، موضحاً انه فن يتقنه القليلون في عُمان فعدد العازفين المحترفين لا يتجاوز عدد ثلاثة أو أربعة عازفين، وهذا يجعل تعلمها تحديًا لمن يريد إتقانها.

وأكد المشايخي على ان الربابة قادرة على التعبير عن كل ما يختلج في النفس، مثلما يعبر عازفو الجيتار أو العود عن مشاعرهم، فإن الربابة توصل إحساس العازف، مؤكداً ان أكثر لحظاته إبداعًا تكون في البر، عندما يكون بعيدًا عن صخب الناس، حيث يمتزج صوت الربابة بصدى الطبيعة.

وعن مكونات الربابة يوضح المشايخي ان الربابة بسيطة في تكوينها لكنها غنية بمحتواها الفني فهي تصنع من خشب البراندي المجوف، ويغطى جسدها بجلد الماعز أو الغزال بالإضافة الى وجود وتر وحيد يتوسط الآلة عمودياً وقد يكون هذا الوتر سلك معدني وهو ذاته المستخدم في الجيتار والعود، واحياناً أخرى قد يكون الوتر من شعر ذيل الخيل لقوته وللصوت الصادر منه بعد شده وهو كذلك في القوس الذي يعزف به على ظهر الربابة .

وعن مستقبل الربابة يوضح المشايخي الى انه بالرغم من تطور الموسيقى وظهور الآلات الحديثة، لا تزال الربابة تحتفظ بمكانتها في المهرجانات والاحتفالات التراثية، مشيراً الى انه بالرغم من قلة العازفين اليوم، إلا أنه متفائل بأن الربابة لن تنقرض، فهناك شباب يطمحون لتعلمها، موضحاً بأنهم بحاجة لدعم حكومي، كتوفير تراخيص رسمية للعازفين على هذه الآله، وتشجيع تعلمها من خلال حلقات تدريبية عملية وبدعوتهم للفعاليات المختلفة، معرباً عن تمنياته أن يكون لكل عازف ربابة بطاقة تعريفية كالتي يمتلكها باقي عازفي الآلات الاخرى، تُمكنهم من المشاركة في المحافل المحلية والدولية.

فالربابة آلة ليس لها كارهين تُحب من الجميع؛ الشباب، النساء، وحتى الأجانب في المهرجانات وهم الذين لايفقهون في لغتنا العربية تجد منهم من يتأثر بسماعه لنغماتها دون أن يفهم الكلمات فصوتها يخاطب الروح قبل العقل.

وبابتسامة يختتم راشد حديثه، قائلاً: "الربابة ليست مجرد آلة موسيقية، إنها رفيقة درب تحمل تراث البادية، وسأبقى عاشقاً لها عازفاً على وترها الحزين ناقلاً لهذا الإرث العربي الجميل."

المصدر: لجريدة عمان

إقرأ أيضاً:

كيف يمكن لترامب أن يكون صانع سلام؟

يستقبل الرئيس الأمريكي دونالد ترمب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو في البيت الأبيض هذا الأسبوع، في أول زيارة لزعيم أجنبي إلى واشنطن في ولاية ترامب الثانية، وفي أعقاب وقف إطلاق النار بين إسرائيل وحماس في غزة.

وتقول مجلة "تايم" الأمريكية إن من غير المرجح أن يصمد وقف إطلاق النار إذا اعتقد نتانياهو أنه قادر على استئناف الحرب بدعم من الولايات المتحدة، ولهذا على ترامب أن يبذل قصارى جهده لإنهاء الحرب بشكل دائم، وأن يوضح لضيفه أنه إذا انهار وقف إطلاق النار واستؤنفت الحرب، فلن تتدخل الولايات المتحدة.
وترى المجلة أن الفرصة المتاحة أمام ترامب لهذا التضيق بالفعل. وهناك أدلة تشير إلى أن نتانياهو وشركاءه في الائتلاف لا يريدون انتهاء الحرب. فقد استقال وزير الأمن القومي الإسرائيلي إيتامار بن غفير بالفعل بسبب وقف إطلاق النار، وهدد وزير المالية المتشدد بتسلئيل سموتريتش بإسقاط الحكومة إذا لم تستأنف إسرائيل الحرب بعد المرحلة الأولى التي تستمر 42 يوما من الاتفاق، وإذا رفض نتنياهو إعادة احتلال غزة.

Column: How Trump can be a Middle East peacemakerhttps://t.co/ljNnAuBLO9

— TIME (@TIME) February 1, 2025

وفي الأسابيع الأخيرة، كان نتانياهو يطمئن أعضاء ائتلافه المتطرفين على أن الحرب ستستأنف بدعم من الولايات المتحدة، إذا فشلت مفاوضات المرحلة الثانية  لإنهاء الحرب بشكل دائم. لكن العودة إلى القتال في غزة ستصبح عبئًا ثقيلًا على ترامب، تمامًا كما كانت على جو بايدن، وستتعارض بشكل أساسي مع المصالح الأمريكية.

الغايات المعلنة

والسبب الأول في ذلك حسب "تايم" هو أن هناك القليل من الأدلة على أن الحرب ستحقق الغايات المعلنة لنتانياهو، بما فيها تدمير حكم حماس في غزة وإطلاق سراح جميع الرهائن. لم يفض تدمير غزة وقتل الكثير من قادة حماس حتى الآن أيًا من الهدفين. وتظل حماس القوة السياسية والعسكرية المهيمنة داخل القطاع.
وقال وزير الخارجية السابق أنتوني بلينكن أخيراً إن حماس جندت عدداً من المقاتلين يقارب عدد الذين خسرتهم في 15 شهراً من الحرب.
وذكرت صحيفة "جيروزالم بوست" أن الجهاد وحماس مجتمعتان تضمان أكثر من 20 ألف مقاتل. أما الرهائن، فقد أنقذ جنود إسرائيليون 8 منهم، لكن حماس أطلقت سراح أكثر من 100، بفضل الجهود الدبلوماسية.

How Trump Can Be a Middle East Peacemaker https://t.co/Ia8V4CBl0d

— #TuckFrump (@realTuckFrumper) February 1, 2025

إلى ذلك، من شأن تجدد القتال أن يصرف انتباه إدارة ترامب عن التركيز على الصين، أكبر تهديد جيوسياسي للولايات المتحدة. كما يمكن أن يساعد الصراع في غزة في جر الولايات المتحدة إلى حرب ضد إيران، والتي أوضح نتانياهو أنه يريدها، والتي ستكون خطأ استراتيجياً للمنطقة وتستنزف الأكسجين من جهاز السياسة الخارجية الأمريكية. وأخيراً، فإن الحروب في أوكرانيا وإسرائيل فرضت بالفعل ضغوطا على مخزونات الأسلحة الأمريكية الحيوية، واستخدامها قد يؤدي إلى تآكل الردع والاستعداد في مسارح أخرى.

مثل أي رئيس أمريكي

وتلفت المجلة إلى أن لترامب، مثله مثل أي رئيس أمريكي، نفوذ إذا كان على استعداد لاستخدامه. لقد رأت إدارة ترامب بالفعل فائدة النفوذ الأمريكي، حيث تشير التقارير إلى أنه وفريقه لعبا دوراً حاسماً في الضغط على نتانياهو لقبول صفقة كانت على الطاولة منذ أشهر. ولا تريد الولايات المتحدة أن تتخلى عن دعمها للحرب في الشرق الأوسط. بل عليها أن تشير بوضوح إلى نتانياهو أن الدعم الأميركي لهذه الحرب قد انتهى؛ وإذا قرر نتانياهو أن الحرب حيوية رغم ذلك، فعلى الولايات المتحدة أن تتوقف عن دفع ثمنها.
ولا شك أن صقور نتانياهو سيصورون هذا على أنه خيانة. ولكن ترامب، وأمريكا، ليس لديهما مصلحة كبيرة في العودة إلى حملة إسرائيلية مكلفة سياسياً ومشكوك فيها عسكرياً.

إن وقف إطلاق النار يحظى بشعبية هائلة بين الأمريكيين، ولا يسبب يذكر للاعتقاد أن إسرائيل اكتشفت الصيغة السرية لهزيمة حماس في النهاية، ولتحرير الرهائن.
لفترة طويلة، أغرقت الولايات المتحدة الشرق الأوسط بالأموال والبنادق، وحلت القليل من المشاكل بينما خلقت مشاكل جديدة. ولم تكن الأشهر الخمسة عشر الماضية مختلفة. ولدى ترامب الفرصة لتغيير هذا. وكما قال في خطاب تنصيبه: "سنقيس نجاحنا ليس فقط بالمعارك التي نفوز بها، بل وأيضا بالحروب التي ننهيها، وربما الأهم من ذلك، الحروب التي لا ندخل فيها أبداً. وسيكون إرثي الأكثر فخراً هو إرث صانع السلام والموحد".
وقد ينهار كل ذلك لم يوضح ترامب الآن أن الولايات المتحدة لن تدعم تجديد هذه الحرب المدمرة.

مقالات مشابهة

  • كيف يمكن لترامب أن يكون صانع سلام؟
  • بخطوات بسيطة.. طريقة عمل الآيس كريم
  • برج الأسد .. حظك اليوم الأحد 2 فبراير 2025: خلافات بسيطة
  • برج الجوزاء .. حظك اليوم الأحد 2 فبراير 2025: مشكلة بسيطة
  • بخطوات بسيطة.. طريقة عمل الميني بيتزا
  • طريقة بسيطة لتناول الحلويات دون خطر زيادة الوزن
  • كيف تحضر قلبك لاستقبال رمضان.. خطوات بسيطة
  • ماسكات طبيعية لتقشير البشرة بمكونات بسيطة وآمنة
  • نصائح بسيطة للتخلص من آلام الظهر بسرعة