أوراق ضغط ليبية في قضية القذافي
تاريخ النشر: 2nd, February 2025 GMT
كتب طارق أبو زينب في "نداء الوطن": في تطوّرٍ لافت، وجّهت عائشة القذافي، ابنة الرئيس الليبي الراحل معمّر القذافي، نداءً عاجلاً إلى رئيس الجمهورية اللبناني، العماد جوزاف عون. وطالبت بتدخّله للإفراج عن شقيقها هانيبال القذافي، المحتجز في لبنان منذ عام 2015. ولا يزال مصيره، على الرغم من مرور سنواتٍ على وجوده خلف القضبان، معلّقاً وسط اتهامات تتعلّق بإخفاء معلومات عن قضية اختفاء الإمام موسى الصدر ورفيقيه عام 1978.
اطّلعت "نداء الوطن" على رسالة جديدة من عائشة القذافي، دعت فيها الرئيس اللبناني مجدّداً إلى "الاستماع لصوت العدالة والضمير"، وطالبت بإنهاء ما وصفته بـ "الاعتقال التعسّفي" لشقيقها، وأكّدت أن براءته "لا تحتاج إلى أي دليل أو برهان". وكانت عائشة قد وجّهت، في آب الماضي، رسالة عبر حسابها على "إنستغرام" إلى الليبيين، ناشدت فيها "أبناء الوطن الشرفاء"، والقانونيين الذين درّسوها مبادئ العدل، والقبائل العريقة، بالتحرّك لوقف ما وصفته بـ "الظلم والاستهتار بحق ابن وطنهم". وأطلقت عائشة في رسالتها الجديدة انتقادات حادّة تجاه من وصفتهم بـ "خاطفي" شقيقها، واعتبرت أنهم قد يلجأون إلى "مسرحية هزلية" تُحمَّل فيها المسؤولية للرئيس اللبناني في "قضية ظالمة لا تنطلي على عاقل"، وتساءلت: "مَن الظالم الحقيقيّ ومن المظلوم زوراً وبهتاناً؟ أهو من يقبع في السجن منذ عقد دون محاكمة، ولا يطلب سوى حقّه في الحياة؟ فما بالكم كيف تحكمون؟". هل ستكون قضية هانيبال القذافي مجرّد قضية قانونية؟ أم أن الأبعاد السياسية ستظل تسيطر عليها؟ تشير المحامية ريتا بولس إلى أن القضية ليست فقط معركة قانونية، بل هي أيضاً جزء من صراع سياسي أوسع. وعلى الرغم من أن القضايا القانونية تستحقّ اهتماماً خاصاً، إلّا أن الخلفيات السياسية لهذه القضية قد تكون أكثر تعقيداً. ويُعتقد أن توقيف هانيبال قد يكون جزءاً من لعبة ضغط سياسي من بعض القوى السياسية اللبنانية، التي تحاول استخدام القضايا القانونية كورقة مساومة. على الصعيد الدولي، تُعبّر منظمات حقوق الإنسان مثل "هيومن رايتس ووتش" عن قلقها البالغ حيال ما تصفه بالاحتجاز التعسّفي لهانيبال. وتُطالب هذه المنظمات بالإفراج الفوري عنه. واعتبرت أن التهم الموجهة إليه ملفّقة، ولا تستند إلى أي دليل قاطع. وتأتي هذه الضغوط في إطار متزايد من التركيز على القضايا الحقوقية في جميع أنحاء العالم، حيث تتصاعد الدعوات لمحاكمة عادلة والوقوف في وجه الأنظمة التي تنتهك حقوق الإنسان. وكشف مصدر مطّلع ليبي لصحيفة "نداء الوطن" أن هناك عدّة شخصيّات مقرّبة من النظام الليبي السابق، مثل سيف الإسلام القذافي وعبد الله السنوسي، تحتفظ بمفاتيح الحقيقة التي قد تكشف لغز اختفاء الإمام موسى الصدر ورفيقيه. وعلى الرغم من أن السنوسي لا يزال يواجه حكماً بالإعدام، إلّا أن تنفيذ هذا الحكم لم يحدث بعد، ما يجعل هذه الشخصيات ورقة ضغط بيد الحكومة الليبية وأطراف أخرى.ويبقى السؤال الأهم: هل ستستمرّ قضية هانيبال في كونها محطّ تجاذبات سياسية؟ أم سيأتي اليوم الذي تُكشف فيه الحقيقة كاملة؟ إن التوافق بين لبنان وليبيا حول مصير الإمام موسى الصدر ورفيقيه سيظلّ العامل الحاسم في تحديد مسار هذه القضية.
المصدر: لبنان ٢٤
إقرأ أيضاً:
نداء السلام.. فرصة ومسؤولية مشتركة
بقلم: محمد شيخ عثمان
بعد نداء الزعيم الكردي اوجلان واستجابة الحزب له وسط الترحيب التركي والإقليمي والدولي به باعتباره فرصة تاريخية للحل، لاتزال قضية حل حزب العمال الكردستاني وإلقاء السلاح تشكل مسألة معقدة ومتعددة الأبعاد، وهي تتعلق بالعوامل السياسية والتاريخية والعسكرية لكل من الحزب والدولة التركية، فالحل الشامل يتطلب معالجة الجذور العميقة للنزاع، والتي تتعلق بالحقوق الكردية ديمقراطيا وقانونيا، والسياسات القومية التركية، والاعتبارات الإقليمية والدولية، وبالتالي فان أي محاولة لحل حزب العمال الكردستاني وإلقاء سلاحه لا يمكن أن تنجح دون خطوات جادة من الدولة التركية تجاه معالجة القضية الكردية، فالمسؤولية حقا مشتركة ولا تقع فقط على عاتق الحزب، بل على أنقرة أيضاً، التي يجب أن تدرك أن السلام الحقيقي لا يتحقق بالانكار وبالقوة العسكرية وحدها، بل عبر حلول سياسية عادلة وديمقراطية.
المسؤوليات الأساسية التي تقع على عاتق الدولة التركية تشتمل على إيجاد حل سياسي شامل يستند إلى الاعتراف بالحقوق السياسية والثقافية للكرد ضمن إطار الدولة، بدلاً من التعامل مع القضية من منظور أمني بحت. وكذلك مراجعة الدستور والقوانين التي تقيّد الحقوق الثقافية والسياسية للكرد، مثل قوانين حظر اللغات غير التركية في المجال العام، وقيود تأسيس الأحزاب السياسية ذات الهوية الكردية.
اما النهج العسكري المستمر، سواء داخل تركيا أو في العراق وسوريا، فانه يعزز بيئة العداء ويقلل من فرص الحل السلمي وان تجميده أو إعلان هدنة متبادلة يمكن أن يفتح المجال لمفاوضات جادة ونتائج مرجوة وان نداء اوجلان بالقاء السلاح واعلان الحزب بإيقاف القتال ستدفع دفة تلك المفاوضات الى الامام .
اما ما يتعلق بالتنمية الاقتصادية والاستثمار فان المناطق ذات الغالبية الكردية في جنوب شرق تركيا التي تعاني من التهميش الاقتصادي بحاجة الى تحسين البنية التحتية، ودعم الاستثمارات، وخلق فرص عمل.
تحسين مستوى الديمقراطية وحقوق المواطنة في تركيا بشكل عام سينعكس إيجاباً على حل القضية الكردية و يساعد في دمج الكرد في النظام السياسي بفعالية اكثر لذلك فالتعامل مع الملف الكردي في سياق إقليمي يجب ان لا ينحصر على الرؤية التي يقضي بان هذا الوجود في سوريا والعراق تهديد بل يستوجب تبني سياسات أكثر مرونة تجاه القوى الكردية الإقليمية، والتفاعل معها عبر الحوار والتبادل التجاري والاستثماري بدلاً من الشك او المواجهة.
الطريق إلى السلام الدائم محفوف بالتحديات والمخاطر، لكنه ليس مستحيلاً، فبالشجاعة والإرادة الحقيقية، يمكن تجاوز العقبات، وقيادة سفينة الحل نحو بر الأمان، حيث الاستقرار والازدهار وتحقيق حلم الانضمام الى الاتحاد الأوروبي .