أتذكر أيام دراستي بكلية الصيدلة.. نص كلمة البابا تواضروس أثناء تسلمه الدكتوراه الفخرية بالمجر
تاريخ النشر: 21st, August 2023 GMT
كتب- إسلام لطفي:
تسلم البابا تواضروس الثاني، بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية، اليوم الإثنين، درجة الدكتوراه الفخرية من جامعة بازمان بيتر الكاثوليكية، وذلك في احتفالية كبرى في مقر الجامعة بالعاصمة بودابست.
وألقى البابا تواضروس كلمة، نصت على: أعتز أن أتسلم هذه الدكتوراه الفخرية في رحاب جامعة عريقة مرموقة، أنشئت منذ مئات السنين، لها هذا التاريخ الطويل في الدراسة، والعلوم، واللاهوت، والحقوق والإنسانيات، وتؤدى دورًا عظيمًا في الارتقاء بالطلبة الشباب من كل العالم وتبحث في التطور على كل المستويات.
وأضاف: حينما أسير في ردهات الجامعة أتذكر أيام دراستي الجامعية في كلية الصيدلة جامعة الإسكندرية، وكيف تعلمنا من كل الأساتذة الذين زرعوا فينا الأمل والنظرة المتفائلة وحب المعرفة وحكمة الحياة، وكيف نعمل في خدمة الإنسانية، وأتذكر أنهم قالوا لنا أن الصيدلة علم وفن وإنسانية وهكذا أحببنا التعليم وتبحرنا فيه.
وتابع: وهو ما وجدناه أيضًا في كنيستنا القبطية الأرثوذكسية التي تهتم بالتعليم، وترى أن التعليم والتنمية هما قدمان تسير بهما من جيل إلى جيل، فقد ساهمت الكنيسة مع الدولة المصرية في إنشاء العديد من المدارس العامة، ولنا دور أيضًا في التعليم الروحي من خلال الكليات اللاهوتية ومدارس الأحد التي مر على تأسيسها ١٠٥ عام، وذكرها البابا شنودة الثالث سلفي في استلامه شهادة الدكتوراه من جامعتكم الموقرة في نفس اليوم منذ ١٢ عام.
واستطرد: ووجودي هنا اليوم يعبر عن استمرارية التزام الكنيسة القبطية الأرثوذكسية بالعلم والتعليم، ويرسخ الرسالة التي نحملها في دعم التعليم والارتقاء بالمجتمع على مستوى العالم، أما التنمية فهي من أجل المجتمع، وتقدمها الكنيسة من خلال المكرسين والمكرسات في خدمات الرعاية والتنمية الروحية والاجتماعية والترجمات والمكتبات والمدارس والمستشفيات وبيوت الطلبة وخدمة اللاجئين والنازحين ودور النشر المختلفة الورقية الإليكترونية التي بها نستطيع أن نخدم كل إنسان وكل الإنسان.
واستكمل: هذا ما قاله القديس فرانسيس الأسيزي، "أيها الرب، اجعلني أداة لسلامك، حيث يكون البغضاء أنشر حب، حيث يكون الظلم أعمل العدل، حيث يكون الشك أجلب الإيمان، حيث يكون اليأس أحضر الأمل، حيث يكون الظلام أكون النور".. ومن خلال التعليم والتنمية نقدم المحبة التي نصل بها إلى قلب كل إنسان لأنها قمة الفضائل، وأود أن أشرح منهج المحبة في التعليم المسيحي لأجل تنمية المجتمع، وسأستخدم أصابع اليد الخمسة كمثال توضيحي لما فيها من تنوع وتعاون وتكامل، كما أنها حاضرة في الاستخدامات اليومية لكل إنسان.
يقول القديس المصري الأنبا أنطونيوس مؤسس الرهبنة "كل موضع تمضى إليه اجعل الله بين عينيك" ، والوصية الأولى في الكتاب المقدس "تُحِبُّ الرَّبَّ إِلهَكَ مِنْ كُلِّ قَلْبِكَ" (تث ٦: ٥) ، أما تنفيذها العملي فهو من خلال الفهم الأعمق لله الذى أحبنا أولًا، وفي محبته تتشارك الكنائس على مستوى منظمات العمل المسكوني والهيئات الدولية، مثل مجلس الكنائس العالمي، ومجلس كنائس الشرق الأوسط، ومجلس كنائس مصر، وفي الحوارات التي تعطي فهمًا أعمق لله، وفهمًا لبعضنا البعض، لنصل إلى تنفيذ وصيته "لِيَكُونَ الْجَمِيعُ وَاحِدًا، كَمَا أَنَّكَ أَنْتَ أَيُّهَا الآبُ فِيَّ وَأَنَا فِيكَ، لِيَكُونُوا هُمْ أَيْضًا وَاحِدًا فِينَا، لِيُؤْمِنَ الْعَالَمُ أَنَّكَ أَرْسَلْتَنِي" (يو ١٧: ٢١)
ثانيًا: محبة الطبيعة وكل ما فيها:
"فِي الْبَدْءِ خَلَقَ اللهُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ" (تكوين ١: ١)، ثم خلق الإنسان وأعطاه سلطانًا على الطبيعة ليرعاها ويحافظ عليها. لكن تواجه عالمنا الآن تحديات جديدة على رأسها تغير المناخ والاحتباس الحراري وندرة المياه والتصحر والجفاف وغيرها.. وهي القضايا التي تهم المجتمعات الدولية والإنسانية عامةً، وقد استضافت بلادي مصر مؤتمر المناخ العالمي العام الماضي وكان لها دور مميز فيه.. وهنا أذكر اهتمام بلادكم المحبوبة بمصادر الطاقة المتجددة كالطاقة الشمسية والرياح وما نفذته من أنظمة لإدارة النفايات والتحول الحيوي وبرامج الزراعة المستدامة وإنشاء مناطق محمية للغابات والموارد المائية، كما تدعم التعليم والعلم وتقدمه للطلاب في كل العالم، وفي هذا الصدد أود أن أشكركم على المنح الدراسية التي تقدم للطلبة المصريين، ليتعلم الإنسان ويدير مسؤوليته بفهم ووعى ودراسة.
ثالثًا: محبة الآخر (الإنسان):
بسبب انتشار المادية في العالم صار العالم جائعًا للحب ولا يجد مصدرً حقيقيًا للارتواء، وقد ذكرت في لقائي مع البابا فرانسيس في مايو الماضي خلال اجتماعه بساحة القديس بطرس "لقد اخترنا المحبة حتى لو كنا نسير عكس تيار العالم الطامع والذاتي، لقد قبلنا تحدي المحبة التي يطلبها منا المسيح، لنكون مسيحيين حقيقيين"، هذه هي رسالتنا، لذا نحتفل مع الكنيسة الكاثوليكية كل يوم ١٠ مايو بيوم المحبة الأخوية وهو ما يظهر اهتمام الكنيستين بالعلاقة بينهما.
كما أننا نعيش في بلادنا مصر مع أخوتنا المسلمين، وهم الأغلبية، في محبة وانسجام ووحدة وطنية ينظر كلٌ منا للآخر باحترام، ونعمل معًا من أجل بناء وتنمية وخدمة كل إنسان.
لقد امتلأ عالمنا بالحروب والنزاعات والعنف والإرهاب، وتزايدت أعداد اللاجئين والنازحين والمشردين والمتعبين وهذا يزيد مسؤوليتنا نحو الإنسانية، كما يقول الكتاب المقدس "أَسْنِدُوا الضُّعَفَاءَ." (١تس ٥: ١٤).
رابعًا: محبة الوطن:
أود أن أتحدث عن وطني مصر، فهو وطن فريد، له حضارة تمتد إلى سبعة آلاف عام، ويقولون أن مصر جاءت، ثم جاء بعدها التاريخ، كما أن له مستقبل يبنيه كل المصريين وراء قيادة سياسية حكيمة، لها رؤية وعلم، وامتزاجهما معًا أعطى شعبنا مذاقًا خاصًا. الكتاب المقدس يقول "مُبَارَكٌ شَعْبِي مِصْرُ" (إش ١٩: ٢٥)، وقد تباركت مصر بزيارة العائلة المقدسة منذ أكثر من ألفي عام، وفيها أقدم كنائس وأديرة العالم منها الكنيسة المعلقة التي تأسست في القرن الرابع الميلادي، وفيها أيضًا كاتدرائية ميلاد المسيح والتي تعد أكبر كاتدرائية في الشرق الأوسط، تم افتتاحها عام ٢٠١٩.
وحاليًا نبني عاصمة إدارية جديدة لتصير أرقى مدينة ذكية، وفى نفس الوقت نبني المتحف المصري الكبير الذي يعد أكبر متحف حضاري لعرض الحضارة المصرية القديمة فيه، وأدعوكم جميعًا لزيارته بعد الافتتاح خلال الشهور القليلة القادمة.
خامسًا: محبة السماء والأبدية:
نحن نعيش بأقدامنا على الأرض لكي نعمرها ونبنيها ونخدم بعضنا البعض فيها، ولكن عقولنا وأشواقنا دائما نحو السماء التي هي "هُوَذَا مَسْكَنُ اللهِ مَعَ النَّاسِ" (رؤ ٢١: ٣)، لذا يجب أن نلتزم بالوصايا الإلهية التي تعلي من قيمة الإنسان والأسرة كما أرادها الله. إن كلمة FAMILY بحروفها تعنى أن الاسرة هي كيان الحب:
Father and Mather I love you.
واستكمل: وهنا أوكد ما قاله فيكتور أوربان "يجب أن نبني سور حول أطفالنا لحمايتهم من الأيدلوجية الجنسية التي تستهدفهم، الأم هي المرأة والأب هو الرجل، اتركوا أطفالنا وشأنهم"، لنقاوم جميعًا الضعفات البشرية من خلال إظهار مواقفنا الحاسمة أمام التحديات الأخلاقية التي تشوه الطبيعة الإنسانية التي خلقها الله، فرسالتنا الرئيسية أن نكون نورًا للعالم وملحً للأرض.
المصدر: مصراوي
كلمات دلالية: تنسيق الجامعات فانتازي الموجة الحارة انقطاع الكهرباء سعر الذهب أمازون الطقس سعر الدولار الحوار الوطني تمرد فاجنر أحداث السودان سعر الفائدة البابا تواضروس الدكتوراه الفخرية المجر حیث یکون من خلال
إقرأ أيضاً:
ترك فراغا كبيرا.. 3 مواقف للبابا تواضروس مع البابا فرنسيس لا تنسى
استقبل قداسة البابا تواضروس الثاني في كنيسة الشهيدين مار يوحنا المعمدان وأبي سيفين بمدينة وارسو ببولندا السيد أركاديوس كوشينسكي، عمدة بلدة برفينوف، والوفد المرافق له، وذلك في إطار زيارته الرعوية إلى بولندا ضمن جولته بإيبارشية وسط أوروبا.
لمحة عن الكنيسة القبطيةفي بداية اللقاء، عبر قداسة البابا عن تقديره العميق للدعم الذي تقدمه السلطات المحلية للكنيسة القبطية في بولندا، لافتًا إلى أن الكنيسة القبطية تحرص على خدمة أبنائها في كل مكان، وأضاف: "اليوم صلينا مع شعبنا هنا ولمسنا محبتهم العميقة مع انتماءهم للكنيسة الأم".
وقدم قداسته لمحة عن تاريخ الكنيسة القبطية، الذي بدأ إثر كرازة القديس مرقس الرسول في الإسكندرية، وفكرة الرهبنة التي بدأت على يد القديس الأنبا أنطونيوس الذي صار أبًا للرهبان في العالم كله. كما ألقى الضوء على رحلة العائلة المقدسة إلى أرض مصر، وما تركته هذه الزيارة من بركة عميقة وجعلت لمصر مكانة روحية خاصة، وخلال الحديث، وأوضح أن الكنيسة القبطية اليوم تخدم أبناءها في جميع قارات العالم، الذين يتواجدون بشكل أكبر في الولايات المتحدة وفرنسا وأستراليا، مشيرًا إلى أن الخدمة في بولندا تحتاج إلى جهد كبير بسبب تواجد الأقباط في عدة مدن وبلدات صغيرة، ورغم التحديات، تستمر خدمة الكنيسة القبطية هنا بانتظام ونشجع أبناءنا على التمسك بالكنيسة، لكونها حصنهم الروحي أينما كانوا.
البابا تواضروس والبابا فرانسيسوعن المشهد العام في العالم قال قداسة البابا: "إن العالم اليوم مضطرب ويفقد الكثير من الحب والسلام، لكننا نشكر الله أن مصر رغم التحديات الإقليمية المحيطة، تنعم بالسلام والاستقرار، ونصلي دومًا لسلام العالم كله"
وتحدث قداسته بتقدير كبير عن علاقته العميقة مع الراحل قداسة البابا فرنسيس، واستعرض تاريخ العلاقة بينهما، مضيفًا: "أرى أنه كان علامة فارقة في تاريخ الكنيسة وتاريخ الإنسانية، ورحيله سيترك فراغًا كبيرًا، لكنه صار لنا صديقًا في السماء يصلي من أجل الكنيسة والعالم" مشيرًا إلى أبرز اللقاءات التي جمعته بالبابا فرنسيس، خاصة خلال زيارته الأخيرة للڤاتيكان في مايو ٢٠٢٣ بمناسبة مرور خمسين عامًا على عودة العلاقات بين الكنيستين، حيث قدم جزءًا من متعلقات شهداء ليبيا الأقباط الذين استشهدوا عام ٢٠١٥، وقد أبدى البابا فرنسيس تأثرًا بالغًا، وقرر تخصيص مذبح خاص باسمهم في الڤاتيكان.
ومن جهته أبدى السيد كوشينسكي إعجابه العميق بالكنيسة القبطية الأرثوذكسية وبشكل خاص الفن القبطي، واستفسر عن تفاصيل حامل الأيقونات داخل الكنيسة، مشيدًا بجمال ودقة الأخشاب المستخدمة، ومُعبرًا عن رغبته في التعرف أكثر على الثقافة القبطية الغنية. معبرًا عن شكره وسعادته بلقاء قداسة البابا، متمنيًا لو امتدت الزيارة لأيام أطول لإتاحة فرصة أكبر للتعرف على الكنيسة القبطية والمجتمع القبطي ببولندا. كما أبدى استعداده لدعم أي احتياجات أو تسهيلات مستقبلية للكنيسة.
وقدم قداسة البابا في نهاية اللقاء هدية تذكارية رمزية تحمل صورة العائلة المقدسة، داعيًا سيادته لزيارة مصر والتعرف على حضارتها العريقة وأديرتها المباركة؛ وبدوره، قدم عمدة برفينوف هدية تذكارية إلى قداسة البابا، تعبيرًا عن تقديره وسعادته بهذه الزيارة المباركة.