عملية الخليل.. لماذا تشكل ضربة للمؤسسة الأمنية الإسرائيلية؟
تاريخ النشر: 21st, August 2023 GMT
الخليل ـ بعد نحو عام ساخن وملتهب شمالي الضفة الغربية، شهدت مدينة الخليل جنوبي الضفة اليوم عملية إطلاق نار أدت إلى مقتل مستوطنة إسرائيلية وإصابة مستوطن آخر بجراح.
ومنذ مطلع العام لم يُقتل إسرائيليون في عمليات فلسطينية جنوبي الضفة، وإن وقعت عمليات إطلاق نار متفرقة، وزعم الاحتلال وقوع محاولات دعس أو طعن، واعتقل فلسطينيين بتهمة التخطيط لتنفيذ عمليات.
وتطرح عملية اليوم، تساؤلات عن دلالات اتساع رقعة العمليات ومدى التكامل بين المحافظات الفلسطينية في العمل المقاوم، وفيما إذا كانت العمليات ذات بعد تنظيمي يتولى توزيع الأدوار.
وتعد عملية محمد الجعبري في مستوطنة كريات أربع يوم 29 أكتوبر/ تشرين الأول 2022، أبرز عمليات الخليل في العام الأخير، في حين اتهمت سلطات الاحتلال، فلسطينيين من المدينة بتنفيذ عملية شرقي بيت لحم في 16 يوليو/تموز الماضي.
قوات الاحتلال تمشط منطقة عملية إطلاق النار في الخليل (رويترز) استعداد للانخراطووفقا لأستاذ العلوم السياسية في جامعة الخليل بلال الشوبكي فإن العملية تعكس "وجود استعداد لدى جزء من أبناء مختلف المناطق في الضفة الغربية للانخراط في أعمال نضالية ضد الاحتلال الإسرائيلي".
وأضاف في حديثه للجزيرة نت أن مقدار نجاح هذه الفئات في تنفيذ العمليات مرتبط بالمقدرات والظروف الأمنية لكل منطقة، مشيرا إلى "حالة تفاوت في الإمكانيات والقدرات وخصائص كل مكان في الضفة بحيث لا يمكن المقارنة بين ظرف جنين ونابلس من جهة وظرف الخليل من جهة ثانية".
ويرى المحلل الفلسطيني في عملية الخليل واتساع نطاق العمليات المسلحة ليشمل مختلف محافظات الضفة في غضون عام جملة رسائل بينها أن "كل المناطق لديها الاستعداد، لكن أن تصل الخليل، فهذا يعني تجاوز كل العقبات التي وضعت أمامها من سياسيات اقتصادية وأمنية".
ويضيف الشوبكي أن كثافة النشاط النضالي الفلسطيني شمالي الضفة "أدت إلى تغذية الحالة النضالية وعملية تحفيز نفسي في مناطق أخرى"، مشيرا إلى البعد النفسي في حالة المنافسة بين المناطق الفلسطينية ومَن التي ستسبق الأخرى في النضال".
غياب البديلمن جهة أخرى، يقول الشوبكي إن اتساع رقعة المقاومة يأتي في ظل غياب خطاب بديل ومنافس للخطاب النضالي المقاوم ضد الاحتلال الإسرائيلي، فضلا عن ارتباطها بتصاعد اقتحامات وجرائم جيش الاحتلال وإطلاق يد المستوطنين "كل هذا يحفز الفلسطينيين ليكون لديهم ردة فعل على تلك الاعتداءات".
وفيما إذا كان لِعمليات الضفة بعدٌ تنظيمي يسعى لإحداث تكامل بين المحافظات في العمل المقاوم، لا يرى أستاذ العلوم السياسية "ما يكفي من المؤشرات للقول إن هناك سلسلة تنظيمية تعمل في الضفة"، معتبرا أن غياب السلسلة التنظيمية "نقطة القوة في العمليات حيث لا وجود للنمطية ولا سلسلة تنظيمية يمكن تتبعها".
موقع تنفيذ عملية إطلاق النار في الخليل جنوب الضفة (رويترز) اهتزاز وفشلمن جهة ثانية، يلفت الشوبكي إلى أن الأمن الإسرائيلي يقوم على 3 نقاط: الردع والتحذير والحسم، وجميعها أثبتت فشلها.
وأضاف: "الاحتلال الإسرائيلي فقد الردع منذ مدة طويلة حيث استمرت العمليات، ولم نعد نسمع عن تحذيرات كما في السابق بل نشهد الآن ردود فعل ينتابها الارتباك "ليس من الطبيعي أن يستنفر جيش بأكمله لإغلاق مداخل القرى والمدن، وإعاقة حركة المواطنين، هذا ليس سلوكا أمينا، بل سلوك مرتبك يعكس غياب بُعد التحذير".
أما عن بُعد "الحسم" فيقول إنه يتطلب عمليات واسعة النطاق، وهذا خيار ترفضه الجهات الرسمية والعسكرية في إسرائيل لعدة اعتبارات بينها إمكانية المساس بالبنية المؤسساتية الفلسطينية "التي لا يبدو أن إسرائيل معنية بإنهائها".
تكامل المشهدمن جهته يربط الكاتب المتابع للشأن الإسرائيلي هاني أبو السباع بين ما جرى في الخليل و"الأوضاع الأمنية المتدهورة في عموم الضفة"، مضيفا أن عملية الخليل شكلت تطورا مهما كونها أكبر عملية تنفذ في منطقة جنوب الضفة الغربية منذ اندلاع الأحداث المسلحة خاصة مطلع العام الحالي.
وأضاف أن عملية الخليل "شكلت ضربة للمؤسسة الأمنية الإسرائيلية لعدة أسباب، منها أنها وقعت في منطقة خاضعة لها وقريبة جدا من مركز قيادة الجيش في الخليل ومربع أمني معروف".
وتابع أن العملية أيضا "نفذت في ظل انتشار أمني مكثف، أي في ذروة الاستنفار، وفي المدينة الوحيدة التي يتواجد بداخلها مستوطنون وتفشل المؤسسة الإسرائيلية في حمايتهم".
ويرى أبو السباع أن "العملية تعكس تكامل المشهد المقاوم في الضفة، ودخول الخليل يعني أن الثمن الذي سيدفعه الاحتلال سيكون باهظا"، موضحا أن الاحتلال "أيقن أن الهدوء السابق في المدينة كان خداعا، وكل عمل مقاوم سيربك حسابات العدو أكثر".
وتشهد الضفة الغربية تصعيدا إسرائيليا أسفر منذ مطلع العام عن استشهاد 187 فلسطينيا، بينهم 69 في مدينة جنين و52 بمدينة نابلس، وفق معطيات "مرصد شيرين" الذي أنشأه ويديره إعلاميون فلسطينيون ويرصد الانتهاكات الإسرائيلية.
كما شهد شمال الضفة سلسلة عمليات فلسطينية أدت إلى مقتل عدة إسرائيليين تركزت في محيطة مدينة نابلس، آخرها عملية السبت التي أدت إلى مقتل إسرائيليين، قرب بلدة حوارة جنوبي نابلس.
ووفق معطيات مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية التابع للأمم المتحدة، قتل 23 إسرائيليا في عمليات فلسطينية منذ مطلع العام.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: الضفة الغربیة عملیة الخلیل مطلع العام فی الخلیل فی الضفة أدت إلى من جهة
إقرأ أيضاً:
العدوان الإسرائيلي على فلسطين.. مأساة إنسانية في غزة وخطط ضم بالضفة الغربية
تعيش الأراضي الفلسطينية المحتلة، لا سيما قطاع غزة والضفة الغربية، واقعًا مأساويًا نتيجة العدوان الإسرائيلي المستمر والانتهاكات المتصاعدة لحقوق الإنسان. في غزة، تتفاقم الأزمة الإنسانية وسط حصار خانق ومجازر يومية تُرتكب بحق المدنيين، بينما تشهد الضفة الغربية مخططات ممنهجة لتقسيمها وضمها إلى إسرائيل.
ورغم صمت المجتمع الدولي في كثير من الأحيان، جاءت بعض المواقف الأممية لتؤكد حق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره، ما يعكس حجم التحديات والآمال في ظل مشهد سياسي معقد.
شهر بلا غذاء ومجازر يومية
أعلنت مسؤولة الطوارئ في وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) أن شمال غزة يعيش كارثة إنسانية غير مسبوقة، حيث لم يدخل أي طعام للمنطقة منذ أكثر من شهر. وأوضحت أن جميع طلبات الأونروا لإدخال مساعدات طبية وإنسانية قوبلت بالرفض من قبل الاحتلال الإسرائيلي، مما أدى إلى انهيار النظام الصحي بشكل كامل مع وجود جراح واحد فقط يعمل شمال القطاع.
وزارة الصحة الفلسطينية أفادت بأن الاحتلال الإسرائيلي ارتكب خلال الـ24 ساعة الماضية ثلاث مجازر بحق العائلات الفلسطينية، أسفرت عن استشهاد 28 شخصًا وإصابة 120 آخرين. وارتفعت حصيلة العدوان الإسرائيلي المستمر منذ أكتوبر 2023 إلى أكثر من 43،764 شهيدًا و103،490 جريحًا، مما يعكس حجم الدمار والوحشية التي يتعرض لها سكان القطاع.
تقويض حل الدولتين ومخططات ضم الضفةفي الضفة الغربية، حذرت وزارة الخارجية الفلسطينية من خطورة السياسات الإسرائيلية التي تستهدف تقسيم الضفة زمانيًا ومكانيًا، واصفةً ذلك بأنه "ضم معلن" يُقوّض أي إمكانية لتحقيق حل الدولتين.
تتواصل إجراءات الاحتلال بفرض نظام فصل عنصري عبر الحواجز والبوابات العسكرية، مما يحوّل الضفة إلى كنتونات معزولة، حيث يُسمح للمستوطنين باستخدام الطرق الرئيسية، بينما يجبر الفلسطينيون على سلوك طرق وعرة تستنزف وقتهم وتهدد حياتهم.
وزارة الخارجية أكدت أن هذه الانتهاكات تأتي ضمن مخطط استعماري يهدف إلى توسيع المستوطنات وتهويد الأراضي الفلسطينية، وفصل القدس عن محيطها، ما يهدد الأمن والاستقرار في المنطقة بأسرها.
موقف دولي داعم لحقوق الفلسطينيينرغم القمع الإسرائيلي، تبنت الجمعية العامة للأمم المتحدة قرارًا جديدًا يؤكد حق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره على أرض دولته، باعتباره حقًا غير قابل للتصرف أو المساومة. وصوّتت 170 دولة لصالح القرار، بينما عارضته 6 دول فقط، من بينها إسرائيل والولايات المتحدة.
القرار الأممي استند إلى الرأي الاستشاري لمحكمة العدل الدولية، الذي أكد عدم قانونية الاحتلال الإسرائيلي، وطالب بإنهائه فورًا كشرط أساسي لتحقيق السلام والاستقرار في المنطقة.
في النهاية يتزامن هذا الواقع المرير مع صمت دولي وتواطؤ في بعض الأحيان، بينما يعاني الفلسطينيون من مجازر يومية وتجريف حقوقهم. يبقى المجتمع الدولي مطالبًا بوقف ازدواجية المعايير، والعمل على حماية الحقوق الفلسطينية، ودعم حل الدولتين الذي يضمن سلامًا عادلًا وشاملًا.