موقع 24:
2024-12-21@08:15:34 GMT

المواطنة الثقافية تأصيل للمواطنة الصالحة

تاريخ النشر: 21st, August 2023 GMT

المواطنة الثقافية تأصيل للمواطنة الصالحة

تمثل الثقافة والفكر والفن والآداب روافد متنوعة تصب في نهر المعرفة، والثقافة هي القوة الناعمة التي ترفع راية الوطن في المحافل الدولية، والمواطنة المثقفة هي الذوق الرفيع والفكر المتطور والإدراك الحسي الواعي، والعلاقة طردية بين المواطنة الصالحة والمواطنة الثقافية.

الاستثمار في الإنسان بمكوناته الفكرية والثقافية هو إدراك لهويته الوطنية

إن الاستثمار في الإنسان بمكوناته الفكرية والثقافية هو إدراك لهويته الوطنية، بل ذاكرة خصبة لكل الثقافة العربية: التاريخ واللغة والآداب والفنون والمعتقدات، هذا لأننا- وبكل اعتداد وفخر- نمثل مهد الحضارات المتجذرة إلى ما قبل التاريخ الإنساني، حيث قدمنا للإنسانية نموذجنا العربي الحامل لموروثه وحضاراته المتعاقبة.

لا ننكر أن هناك تشوهات علقت بالوعي الثقافي، سواء من آليات الاتصال الدولي والتدفق الحر والإمبريالية الثقافية ومجتمع الشبكات، تشوهات هددت قيم المواطنة الصالحة والهوية الوطنية.. وهناك أزمة ثقافة، فما زال الشباب يعاني من ثقافة هشة ومن لغة خطاب ضعيفة، ونمط تفكير ضحل يفتقر إلى التحليل والعمق، وتدن لغوي يشوب غالبية شبابنا.

لذا فإنه لا بد من مفهوم الثقافة كرافعة للمواطنة الصالحة، وترسيخ قيم الثقافة الإسلامية والعربية المعتدلة والواعية، من أجل صناعة المعنى والحياة والحضارة، فهي على صلة متينة بالهوية والتاريخ وبالمستقبل.

هل من شك في أن الثقافة النيرة السليمة هي حائط الصد الأول في وجه أي انحراف في وعي المجتمع.. نحن لا نقف ضد التجديد، لكن في غير الثوابت، بل نسعى لخلق ثقافة دينية تتسم بالتسامح والتعايش، بعيداً عن أي محاولات لتشويه ثوابت الدين ذات النصوص القطعية.

المواطنة الصالحة هي تلك المواطنة المثقفة المؤمنة بقيم العمران والتقدم والإنتاج واحترام دولة القانون، وتعزيز دور القيم المدنية والسلوك والحضاري، فضلًا عن قيم العروبة والإسلام والقيم الإنسانيّة العامة.

لا تجدي المراكز الثقافية والمسارح والمتاحف والقاعات الفنون، ما لم يكن هناك مثقف وطني حقيقي ومتذوق ومبدع، يمتلك حساً مرهفاً يستلهم مفردات تاريخ المنطقة وتراثها وثقافتها الشعبية الأصيلة.

لن نكفَّ هنا عن المطالبة بالخصوبة في الأفكار والإنتاج والإبداع، لمواجهة موجات الأمية الثقافية، وانتشال واقع النشر العربي، الذي لم يستقر كصناعة ثابتة، وقلة فاعلية السياسات اللغوية، وتراجع الفائدة الاقتصادية للغة، وعدم إقامة تكتل عربي من المدخل الثقافي ليحل لنا هذه الـمعضلة.

لا يخفى أن ثمة مشكلات كبرى تواجه أمتنا، منها فقدان الهوية العربية أو تلاشي ملامح هذه الهوية، ما يدعونا جميعاً -كل في موقعه- إلى إحياء الفصحى، أو تفعيل التراث الثقافي العربي، أو التمكين للمعرفة الأصيلة، لمواجهة تلك الغربة الوجودية، التي لا بد من تجاوزها بما تيسر من سبل، من خلال التصدي لكل أدوات البيئة الرقمية والعولمة والطغيان التكنولوجي.

فإذا أردنا ثقافة وطنية صالحة وعميقة ومترسخة، علينا تأسيس مفهوم المواطنة الثقافية، فالعلاقة جد مترابطة ومتفاعلة بين هذين المفهومين، فلن نخلق ثقافة وطنية أصيلة في الشعوب، قادرة على الحفاظ على الأصالة والتراث، أو مواجهة التحديات التاريخية إلا بالمواطنة الثقافية الصالحة.

لا بد في هذا الصدد من بناء المؤسسات والمراكز الثقافية التي توظف الكفاءات المؤهلة، وتعنى بالمثقف الوطني وبمنجزاته الإبداعية.

ومن هنا تأتي أهمية الدور الذي يمكن أن يقوم به رجال الوطن المثقفون من المؤمنين بالقيم المواطنة الصالحة في تدعيم اللحمة الوطنية أولًا، وتقديم ما يمثل الوطن من قيم إيجابية بناءة تعزز الأمن والاستقرار والتنمية، من أجل فضاء ثقافي يقود لواقع أفضل، بوصفه سلاحاً فعالًا في مواجهة المخاطر والأزمات، سلاحاً يهب المجتمعات القدرة على التميز والابداع والابتكار.

إن موطن المعجزة هو الثقافة الوطنية الواعية، بكل آفاقها العربية الأصيلة المعبرة عن الشعوب على مر اﻷجيال.

على سبيل المثال تمثل السياسة المتزنة تلك السياسة المثقفة، القادرة على انتشال الأوطان من ثقافة الفوضى والغوغاء، في ظل تعقيدات الواقع السياسي.

هناك الكثير من الظواهر السياسية المثقفة، القادره على تعميق الفكر، لا سيما ما تقوم به الإمارات من تحرك ملموس في صياغة المشهد السلمي وصياغة ثقافة تتسم بالحرية والتعايش وقبول الآخر، وكل تلك الإنجازات تحركها قيم الثقافة العربية.

من الجميل أن نذكر بأن هناك ثمة إنجازات ثقافية أحدثت فرقاً جوهرياً في العمل الثقافي في الإمارات، ومنها المهرجانات والأنشطة الثقافية، والمؤتمرات الفكرية، وإشاعة ثقافة السلم، وإحياء كل المناسبات التراثية والوطنية.

علينا -من أجل ذلك- أن نحيي في شبابنا ثقافة القراءة، وأن نخطط لذلك تخطيطًا مؤسسياً، مستفيدين من التجربة الغربية التي يسّرت أمر القراءة أمام الشباب المتطلع إلى الفهم، فجمعت لهم الكتب النوعية في تراثهم في ستين مجلداً، ضمن سلسلة "الكتب العظيمة في الحضارة الغربية".

فهكذا يكون التأثر المفيد.. وهكذا نستلهم خطاهم التي سبقتنا إلى ما يفيد أمتنا، ويرتقي بشبابنا.

المصدر: موقع 24

كلمات دلالية: التغير المناخي محاكمة ترامب أحداث السودان النيجر مانشستر سيتي الحرب الأوكرانية عام الاستدامة الملف النووي الإيراني

إقرأ أيضاً:

محافظ القليوبية يفتتح معرض للكتاب والخزف ويشهد حفل فني بقصر ثقافة القناطر الخيرية

شهد قصر ثقافة القناطر الخيرية، أحد المعالم الثقافية البارزة في محافظة القليوبية، احتفالًا ثقافيًا كبيرًا تضمن افتتاح معرض للكتاب ومعرض للخزف، بالإضافة إلى حفل فني وفقرات شعرية، بحضور المهندس أيمن عطية محافظ القليوبية، والدكتور محمد عبد الحافظ نائب رئيس الهيئة العامة للثقافة، وعادل عامر ومجاهد نصار أعضاء مجلس النواب، واللواء طارق ماهر رئيس مركز ومدينة بنها والمشرف على مدينة القناطر الخيرية وياسر محمد مدير عام الثقافة بالقليوبية وسط حضور كبير من المثقفين والأدباء والفنانين وأهالي المدينة.

وبدأت مراسم الاحتفالية بتفقد المحافظ ونائب رئيس الهيئة معرضا للفنون التشكيلية والاركت التي يشارك به أكثر من 50 طفل يقومون بأعمال فنيه والنحت على الخشب، حيث أثنى المحافظ علي المعرض وما يقدمه الاطفال من تحف فنيه كما افتتح المحافظ معرضا للكتب التي نظمته الهيئة حيث تم عرض أكتر من ثلاثة آلاف كتاب في المجالات المختلفة، كما تفقد محافظ القليوبية ونائب رئيس الهيئة معرض الفخار والذي يضم مئات القطع الفنيه من الفخار حول الحضارة المصرية والريف المصري علي مدار العصور.

وفي كلمته خلال الحفل، أكد محافظ القليوبية على الدور المحوري الذي يلعبه قصر الثقافة في التوعية، خاصة بين الشباب، مشيراً إلى أنه المكان الأمثل لتقديم المعلومات الصحيحة وبناء الوعي، وذلك بفضل ما يضمه من مكتبات ومعارض تضم تراثنا العريق. وأضاف المحافظ أن قصر الثقافة هو البذرة التي تنبت منها الوعي لدى أبناء الوطن.

من جانبه، أشاد نائب رئيس الهيئة العامة للثقافة بأهمية هذه الاحتفالية، مؤكداً على اهتمام الدولة بالثقافة والفنون، واستثمارها الكبير في إنشاء وتطوير القصور الثقافية في مختلف المحافظات، ولفت إلى أن مدينة القناطر الخيرية، بصفتها مدينة تاريخية عريقة، تستحق هذا الاهتمام، وأن قصر ثقافتها يعد منارة للثقافة والفنون.

وقد لاقى المعرضان إقبالاً واسعاً من الحضور، حيث استمتع الزوار بتصفح الكتب المتنوعة في مختلف المجالات، وتأمل الأعمال الفنية الخزفية المعروضة، والتي عكست إبداع الفنانين المصريين، كما قدم الحفل الفني فقرات متنوعة من الموسيقى والغناء والشعر، مما أضفى على الاحتفال جواً من البهجة والفرح.

مقالات مشابهة

  • محافظ القليوبية يفتتح معرض للكتاب والخزف ويشهد حفل فني بقصر ثقافة القناطر الخيرية
  • الثقافة بدمياط تحتفي باليوم العالمي للغة العربية
  • وزارة الثقافة تُطلق برنامج المنح الثقافية البحثية والأولويات البحثية للقطاع الثقافي
  • شراكة بين "ثقافة وسياحة أبوظبي" و"تريب دوت كوم" لتعزيز السياحة الآسيوية
  • هل تعيد الدبلوماسية الثقافية البديلة تأسيس الهوية العربية؟ قراءة في كتاب
  • ثقافة المنيا تختتم أسبوع "حياة كريمة"
  • الثقافة تنظم عددًا من الفعاليات التثقيفية والتوعوية بالغربية
  • الثقافة بالإسماعيلية تحتفي بذكرى ميلاد نجيب محفوظ.. صور
  • غداً.. ثقافة القليوبية تطلق مهرجان «فنون القناطر الخيرية»
  • 31 عرضاً لنوادي مسرح قصور الثقافة بشرق الدلتا