موقع 24:
2025-01-22@08:16:01 GMT

المواطنة الثقافية تأصيل للمواطنة الصالحة

تاريخ النشر: 21st, August 2023 GMT

المواطنة الثقافية تأصيل للمواطنة الصالحة

تمثل الثقافة والفكر والفن والآداب روافد متنوعة تصب في نهر المعرفة، والثقافة هي القوة الناعمة التي ترفع راية الوطن في المحافل الدولية، والمواطنة المثقفة هي الذوق الرفيع والفكر المتطور والإدراك الحسي الواعي، والعلاقة طردية بين المواطنة الصالحة والمواطنة الثقافية.

الاستثمار في الإنسان بمكوناته الفكرية والثقافية هو إدراك لهويته الوطنية

إن الاستثمار في الإنسان بمكوناته الفكرية والثقافية هو إدراك لهويته الوطنية، بل ذاكرة خصبة لكل الثقافة العربية: التاريخ واللغة والآداب والفنون والمعتقدات، هذا لأننا- وبكل اعتداد وفخر- نمثل مهد الحضارات المتجذرة إلى ما قبل التاريخ الإنساني، حيث قدمنا للإنسانية نموذجنا العربي الحامل لموروثه وحضاراته المتعاقبة.

لا ننكر أن هناك تشوهات علقت بالوعي الثقافي، سواء من آليات الاتصال الدولي والتدفق الحر والإمبريالية الثقافية ومجتمع الشبكات، تشوهات هددت قيم المواطنة الصالحة والهوية الوطنية.. وهناك أزمة ثقافة، فما زال الشباب يعاني من ثقافة هشة ومن لغة خطاب ضعيفة، ونمط تفكير ضحل يفتقر إلى التحليل والعمق، وتدن لغوي يشوب غالبية شبابنا.

لذا فإنه لا بد من مفهوم الثقافة كرافعة للمواطنة الصالحة، وترسيخ قيم الثقافة الإسلامية والعربية المعتدلة والواعية، من أجل صناعة المعنى والحياة والحضارة، فهي على صلة متينة بالهوية والتاريخ وبالمستقبل.

هل من شك في أن الثقافة النيرة السليمة هي حائط الصد الأول في وجه أي انحراف في وعي المجتمع.. نحن لا نقف ضد التجديد، لكن في غير الثوابت، بل نسعى لخلق ثقافة دينية تتسم بالتسامح والتعايش، بعيداً عن أي محاولات لتشويه ثوابت الدين ذات النصوص القطعية.

المواطنة الصالحة هي تلك المواطنة المثقفة المؤمنة بقيم العمران والتقدم والإنتاج واحترام دولة القانون، وتعزيز دور القيم المدنية والسلوك والحضاري، فضلًا عن قيم العروبة والإسلام والقيم الإنسانيّة العامة.

لا تجدي المراكز الثقافية والمسارح والمتاحف والقاعات الفنون، ما لم يكن هناك مثقف وطني حقيقي ومتذوق ومبدع، يمتلك حساً مرهفاً يستلهم مفردات تاريخ المنطقة وتراثها وثقافتها الشعبية الأصيلة.

لن نكفَّ هنا عن المطالبة بالخصوبة في الأفكار والإنتاج والإبداع، لمواجهة موجات الأمية الثقافية، وانتشال واقع النشر العربي، الذي لم يستقر كصناعة ثابتة، وقلة فاعلية السياسات اللغوية، وتراجع الفائدة الاقتصادية للغة، وعدم إقامة تكتل عربي من المدخل الثقافي ليحل لنا هذه الـمعضلة.

لا يخفى أن ثمة مشكلات كبرى تواجه أمتنا، منها فقدان الهوية العربية أو تلاشي ملامح هذه الهوية، ما يدعونا جميعاً -كل في موقعه- إلى إحياء الفصحى، أو تفعيل التراث الثقافي العربي، أو التمكين للمعرفة الأصيلة، لمواجهة تلك الغربة الوجودية، التي لا بد من تجاوزها بما تيسر من سبل، من خلال التصدي لكل أدوات البيئة الرقمية والعولمة والطغيان التكنولوجي.

فإذا أردنا ثقافة وطنية صالحة وعميقة ومترسخة، علينا تأسيس مفهوم المواطنة الثقافية، فالعلاقة جد مترابطة ومتفاعلة بين هذين المفهومين، فلن نخلق ثقافة وطنية أصيلة في الشعوب، قادرة على الحفاظ على الأصالة والتراث، أو مواجهة التحديات التاريخية إلا بالمواطنة الثقافية الصالحة.

لا بد في هذا الصدد من بناء المؤسسات والمراكز الثقافية التي توظف الكفاءات المؤهلة، وتعنى بالمثقف الوطني وبمنجزاته الإبداعية.

ومن هنا تأتي أهمية الدور الذي يمكن أن يقوم به رجال الوطن المثقفون من المؤمنين بالقيم المواطنة الصالحة في تدعيم اللحمة الوطنية أولًا، وتقديم ما يمثل الوطن من قيم إيجابية بناءة تعزز الأمن والاستقرار والتنمية، من أجل فضاء ثقافي يقود لواقع أفضل، بوصفه سلاحاً فعالًا في مواجهة المخاطر والأزمات، سلاحاً يهب المجتمعات القدرة على التميز والابداع والابتكار.

إن موطن المعجزة هو الثقافة الوطنية الواعية، بكل آفاقها العربية الأصيلة المعبرة عن الشعوب على مر اﻷجيال.

على سبيل المثال تمثل السياسة المتزنة تلك السياسة المثقفة، القادرة على انتشال الأوطان من ثقافة الفوضى والغوغاء، في ظل تعقيدات الواقع السياسي.

هناك الكثير من الظواهر السياسية المثقفة، القادره على تعميق الفكر، لا سيما ما تقوم به الإمارات من تحرك ملموس في صياغة المشهد السلمي وصياغة ثقافة تتسم بالحرية والتعايش وقبول الآخر، وكل تلك الإنجازات تحركها قيم الثقافة العربية.

من الجميل أن نذكر بأن هناك ثمة إنجازات ثقافية أحدثت فرقاً جوهرياً في العمل الثقافي في الإمارات، ومنها المهرجانات والأنشطة الثقافية، والمؤتمرات الفكرية، وإشاعة ثقافة السلم، وإحياء كل المناسبات التراثية والوطنية.

علينا -من أجل ذلك- أن نحيي في شبابنا ثقافة القراءة، وأن نخطط لذلك تخطيطًا مؤسسياً، مستفيدين من التجربة الغربية التي يسّرت أمر القراءة أمام الشباب المتطلع إلى الفهم، فجمعت لهم الكتب النوعية في تراثهم في ستين مجلداً، ضمن سلسلة "الكتب العظيمة في الحضارة الغربية".

فهكذا يكون التأثر المفيد.. وهكذا نستلهم خطاهم التي سبقتنا إلى ما يفيد أمتنا، ويرتقي بشبابنا.

المصدر: موقع 24

كلمات دلالية: التغير المناخي محاكمة ترامب أحداث السودان النيجر مانشستر سيتي الحرب الأوكرانية عام الاستدامة الملف النووي الإيراني

إقرأ أيضاً:

وزير الثقافة يلتقي رئيس لجنة حقوق الإنسان بمجلس النواب لمناقشة تعزيز الحقوق الثقافية

التقى الدكتور أحمد فؤاد هنو، وزير الثقافة، النائب طارق رضوان، رئيس لجنة حقوق الإنسان بمجلس النواب، لمناقشة تعزيز الجهود الوطنية في مجال الحقوق الثقافية، في إطار الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان التي أطلقها فخامة الرئيس عبد الفتاح السيسي.

وقال الدكتور أحمد فؤاد هنو: «إن هذا اللقاء جاء تنفيذًا لمحاور الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان، والتي تهدف إلى تعزيز حقوق الإنسان بمفهومها الشامل، بما يشمل الحقوق الثقافية، حيث إن وزارة الثقافة تعمل على تعزيز التعاون مع مختلف المؤسسات الوطنية لتنفيذ هذه الاستراتيجية، وتسعى لتفعيل البرامج الثقافية التي تعزز الوعي المجتمعي بأهمية حقوق الإنسان، مع التركيز على تحقيق التكامل بين الجوانب الثقافية والحقوقية بما يسهم في بناء مجتمع أكثر إدراكًا لحقوقه وواجباته».

وأوضح النائب طارق رضوان، أن هذه الجهود تستند إلى مرتكزات دستورية تتعلق بالمواد الدستورية المرتبطة بالحقوق الثقافية، بالإضافة إلى الالتزامات الدولية لمصر التي تتعلق بالاتفاقيات والمواثيق الدولية الخاصة بحقوق الإنسان، بما فيها الحقوق الثقافية.

ولفت رئيس لجنة حقوق الإنسان بمجلس النواب، إلى أنه تم خلال اللقاء مناقشة خطط وزارة الثقافة لإنشاء وحدة حقوق الإنسان بالوزارة، بما يتماشى مع قرار رئيس الوزراء رقم 96 لسنة 2017، وأضاف أن النقاش تطرق أيضًا إلى خطط الوزارة لتأهيل العاملين بالوحدة الجديدة، من خلال تنظيم برامج تدريبية تهدف إلى تعزيز وعيهم بمفاهيم حقوق الإنسان، وضمان قدرتهم على تنفيذ المهام الموكلة إليهم بكفاءة.

اقرأ أيضاًمن بينهم حسن يوسف.. وزير الثقافة يكرم رموز الفن

مدبولي يُتابع مع وزير الثقافة استراتيجية عمل الوزارة وأهم الأنشطة والفعاليات المُنفذة

وزير الثقافة يفتتح مؤتمر «الرواية والدراما» الأربعاء المقبل

مقالات مشابهة

  • محافظ سوهاج يستقبل وفد وزارة الثقافة لمتابعة تطوير قصر ثقافة سوهاج
  • محافظ سوهاج يوجه بتطوير قصر ثقافة سوهاج مع الحفاظ على هويته
  • بحث مستجدات أعمال الإحلال والتجديد بقصر ثقافة سوهاج
  • وزير الثقافة يتابع الاستعدادات "لفعاليات الأيام الثقافية المصرية في قطر"
  • وزير الثقافة يعقد اجتماعًا لمتابعة استعدادات فعاليات الأيام الثقافية المصرية في قطر
  • هنو يعقد اجتماعا لمتابعة استعدادات فعاليات «الأيام الثقافية المصرية في قطر»
  • الأيام الثقافية المصرية في قطر .. "هنو" يؤكد ضرورة أن تعبر المعروضات عن الهوية المصرية الأصيلة
  • وزير الثقافة يلتقي رئيس لجنة حقوق الإنسان بالنواب لمناقشة تعزيز الحقوق الثقافية
  • الثقافة تدعم الموهوبين وتُعزز قيم المواطنة فيصيد البشر بقصر الأمير طاز
  • وزير الثقافة يلتقي رئيس لجنة حقوق الإنسان بمجلس النواب لمناقشة تعزيز الحقوق الثقافية