بغداد اليوم – بغداد  

تحوّلت فاجعة حزيران عام 2014 إلى أشبه ما تكون بـ"لعنة سوداء" على الكثير من المواطنين في محافظة ديالى، لا سيما في المناطق الزراعية، بسبب ما خلّفه تنظيم داعش الارهابي على المستويات الأمنية والسياسية والاقتصادية التي تسببت بما يُطلق عليه محليًا بـ"هجرة الأرزاق" لتكون العاصمة بغداد وكردستان أبرز المنقذين.

ورغم أن القوات الأمنية استطاعت "سحق" تنظيم داعش الارهابي وتحرير المناطق التي كانت تحت سيطرته عام 2017 إلا أن الكثير من العوائل مازالت تعاني من صعوبة تأمين لقمة العيش بسبب تراجع فرص العمل في تلك المناطق، خاصة وأن معدلات الأسر التي تعيش تحت خطّ الفقر تصل إلى 60 بالمائة، وفقًا لاحصائيات وتقارير سابقة. 

الفقر ميزة المناطق المحررة

لا ينفي عضو مجلس ديالى السابق حقي الجبوري، أن "تداعيات أحداث حزيران/يونيو 2014  المؤلمة لاتزال قائمة حتى الآن، لا سيما وإن الفقر بات ميزة في المناطق المحررة بسبب ما خلفته الأحداث العسكرية من تدمير وخراب للأراضي والبساتين الزراعية واستنزاف ما لدى الأسر من وفرة مالية في رحلة النزوح القسري التي امتدت بعضها لفترات طويلة". 

ويُشير الجبوري في حديثه لـ"بغداد اليوم" أن "قلة فرص العمل، خاصة في المناطق الزراعية، دفعت شبابها إلى الهجرة صوب بغداد ومحافظات الإقليم من أجل الظفر بفرصة عمل رغم أن مناطقهم كانت لعقود من الزمن مصدر توفير فرص عمل بسبب غزارة الانتاج الزراعي إلا أن الأحوال تغيّرت خلال السنوات الماضية". 

برامج تنموية

أما النائب مضر الكروي، يرى أن أغلب المناطق المحررة تعاني من حجم تداعيات أحداث حزيران خاصة الأضرار الكبيرة التي لحقت بالأسر التي كانت تعتمد بشكل كبير على الانتاج الزراعي.

ويضيف لـ"بغداد اليوم" قائلا: "تم نقل معاناة المناطق المحررة الى رئيس الحكومة محمد شياع السوداني وأمر بالاسراع بصرف التعويضات لتقليل الأعباء على كاهل آلاف الأسر التي تعاني من شغف الحياة".

ويؤكد حاجة المناطق المحررة إلى برامج تنموية ودعم للقطاعات التي توفر فرص عمل ومنها الزراعة من أجل معالجة حالات ارتفاع معدلات الفقر.

حسرة 30 دونمًا

غياب الحلول وفرص العمل دفعت الكثير من سكان تلك المناطق للهجرة إلى محافظات أخرى، منها اقليم كردستان، كما الحال مع المواطن أحمد الجبوري- وهو شاب من سكنة قرى شمال قضاء المقدادية (45/كم شمال شرق بعقوبة).

ويبدو الجبوري متألمًا لانعدام فرص العمل في منطقته المحررة رغم امتلاك أسرته قطعة أرض تصل مساحتها إلى أكثر من 30 دونمًا، لكنها تحوّلت الآن إلى قطعة لا تنفع لأي شيء بسبب الحروب والجفاف والافات الزراعية الأخرى.

ويقول بحسرة، وقد طأطأ رأسه إلى الأرض، في محاولة لمسح دموعه التي تسللت إلى خديه مستسلمًا أمام معاناته بعد النزوح: "كم أتمنى أن تعود مناطقنا كما كانت قبل لعنة داعش الحقيرة".

ما أسباب هجرة الشباب؟

من جانبه، يقرّ السياسي المستقل أحمد الشمري، بأن أربعة أسباب تدفع الشباب الى الهجرة والعمل في مناطق بعيدة عن قراهم ومدنهم المحررة، ويحدّد أبرزها بـ"الفقر والعوز والاضطرابات الأمنية والرغبة في بناء مستقبل واعد لهم".

ويقول لـ"بغداد اليوم"، إن "الزراعة لم تعد مصدر رزق حقيقي في ظل فشل حكومي في دعمها وفتح الأبواب أمام الاستيراد من دول الجوار التي تهيمن على الكثير من مقاليد الأمور في البلاد".

المصدر: وكالة بغداد اليوم

كلمات دلالية: المناطق المحررة بغداد الیوم فی المناطق الکثیر من فرص العمل

إقرأ أيضاً:

على حدود الموت.. ألغام شرق العراق تهدد العائلات في موسم الأعياد

بغداد اليوم - بغداد

بينما تستعد العائلات العراقية لاستقبال عيد الربيع وعيد الفطر بالخروج إلى الطبيعة والاستمتاع بالأجواء الاحتفالية، يبقى خطر الألغام والذخائر غير المنفجرة شبحًا يهدد حياة الأبرياء، خصوصًا في المناطق الحدودية الشرقية.

في هذا السياق، كشف قائممقام قضاء مندلي، علي ضمد الزهيري، عن خارطة المناطق المحرمة شرق العراق، مشيرًا إلى الجهود المبذولة لمنع العوائل من الاقتراب من المناطق الخطرة على الحدود العراقية-الإيرانية.

وقال الزهيري، في حديث خاص لـ"بغداد اليوم"، إنه تم تشكيل لجنة ثلاثية من قبل الجهات المختصة، بهدف تجديد الإشارات التحذيرية على الشريط الحدودي بين العراق وإيران من جهة مندلي، وذلك مع اقتراب موسم الأعياد الذي يشهد تدفق العائلات نحو المناطق الريفية والطبيعية.

وأضاف أن بعض المناطق القريبة من الأراضي الزراعية تشهد إقبالًا واسعًا من العوائل، لكنها تظل محظورة بسبب وجود ألغام وذخائر غير منفجرة، مؤكدًا أن السلطات حددت بين سبع إلى ثماني مناطق محرم الوصول إليها لخطورتها الشديدة.

وأشار الزهيري إلى أن اللجنة الثلاثية، التي تضم قوات حرس الحدود، قامت بوضع إشارات تحذيرية جديدة خلال الأيام الماضية، إلى جانب تكثيف الحملات التوعوية لمنع اقتراب المدنيين من هذه المناطق. كما سيتم نشر نقاط مرابطة أمنية لمنع المواطنين من دخول المناطق الحدودية الخطرة خلال فترة العيدين، تجنبًا لوقوع أي حوادث مأساوية.


خلفيات التهديد: الألغام كإرث دموي يمتد لعقود

يُعد العراق من أكثر الدول تضررًا من تلوث الأراضي بالمتفجرات، نتيجة تعاقب الحروب والصراعات المسلحة. وبحسب تقرير صادر عن منظمة "هيومان تي آند إنكلوجين" الإنسانية، فإن الحرب العراقية-الإيرانية (1980-1988)، وحرب الخليج (1990-1991)، والغزو الأمريكي للعراق (2003)، والحرب ضد داعش (2014-2018)، تركت البلاد مليئة بالذخائر غير المنفجرة، والألغام الأرضية، والقنابل العنقودية، والعبوات البدائية الصنع.

وأوضح التقرير أن الحدود العراقية-الإيرانية من أكثر المناطق تضررًا بالألغام، حيث خلفت الحرب العراقية-الإيرانية أعدادًا هائلة من المتفجرات المدفونة، والتي ما تزال تشكل تهديدًا مستمرًا لحياة المدنيين. كما أن محافظات كركوك وصلاح الدين ونينوى وديالى والأنبار عانت بشدة خلال الحرب ضد داعش، إذ لجأت التنظيمات المسلحة إلى تفخيخ مساحات واسعة بالعبوات الناسفة، مما جعل بعض المناطق غير صالحة للسكن أو الزراعة حتى اليوم.

كما أشار التقرير إلى أن التلوث بالمخلفات الحربية يعوق إعادة الإعمار والتنمية الاقتصادية، إذ أن المزارعين لا يستطيعون العودة إلى أراضيهم بسبب الألغام، كما أن البنية التحتية في العديد من المدن لا تزال غير آمنة بسبب القنابل المدفونة في المباني والطرقات.


جهود بطيئة في إزالة الألغام وسط مخاطر مستمرة

رغم الجهود المبذولة لإزالة الألغام، إلا أن عملية التطهير تسير بوتيرة بطيئة بسبب حجم التلوث الكبير، والمخاوف الأمنية، والتمويل المحدود. فقد كشف التقرير أن فرق إزالة الألغام تمكنت خلال عام 2024 فقط من تطهير أكثر من 1.2 مليون متر مربع من الأراضي، وتفكيك 1,118 عبوة ناسفة مرتجلة و115 ذخيرة غير منفجرة.

ومع ذلك، تبقى المخاطر البيئية والصحية الناجمة عن هذه الذخائر كبيرة، إذ أن بعض المواد المتفجرة المدفونة قد تتسرب إلى التربة والمياه، مما يشكل تهديدًا على الزراعة، وسلاسل الغذاء، وصحة السكان، ويزيد من معدلات الإصابة بأمراض الجهاز التنفسي والسرطان.

ومع استمرار خطر الألغام والمخلفات الحربية في العراق، تبرز تساؤلات حول مدى قدرة الجهات المختصة على تأمين المناطق الحدودية وحماية المدنيين، خصوصًا في المواسم التي تشهد ارتفاعًا في التنقلات والنشاطات العائلية في المناطق الطبيعية. وبينما تؤكد السلطات المحلية جهودها في وضع التحذيرات الأمنية وتعزيز الإجراءات الوقائية، يبقى الرهان الحقيقي على تكثيف عمليات إزالة الألغام، وتوسيع نطاق التوعية المجتمعية، حتى لا يتحول الاحتفال بالأعياد إلى مأساة جديدة يضاف إلى سجل الضحايا الأبرياء الذين سقطوا بسبب هذا الإرث الدموي.

المصدر: بغداد اليوم + وكالات

مقالات مشابهة

  • الضربات تتواصل.. غارات أميركية جديدة على مخازن للحوثيين
  • حملة “جود المناطق 2” تتجاوز 1.4 مليار ريال في إنجاز يعكس روح العطاء والتلاحم في المجتمع السعودي
  • مراسل بغداد اليوم من إسطنبول: هلع وانتشار عسكري عقب اعتقال رئيس البلدية
  • على حدود الموت.. ألغام شرق العراق تهدد العائلات في موسم الأعياد
  • توقف الحركة التجارية ومرور الأشخاص في معبر إبراهيم خليل بين تركيا وكردستان
  • ارتفاع صادرات روسيا الزراعية إلى إفريقيا.. وليبيا من أبرز المستوردين
  • الأمير عبدالعزيز بن سعود يرأس الاجتماع السنوي الثاني والثلاثين لأصحاب السمو أمراء المناطق
  • بعد فاجعة بئر الفيحاء.. العثور على جثامين نساء في سابتنك بـ”شمبات”
  • امانة بغداد تعلن انطلاق حملتها الزراعية الربيعية لتشمل زراعة 100 ألف شجرة
  • بلجيكا ترد بسرعة على قرار رواندا بقطع العلاقات الدبلوماسية